لعيد الأم تاريخ رائع .. استمتعوا بمعرفته

يمثل عيد الأم يوما مميزا لنا جميعا، أليس كذلك؟ حيث نتطلع إليه لنعبر من خلاله عن مدى الحب والتقدير الذي نكنه لأمهاتنا وإلى أي حد تعتبر شخصاً فريداً بالنسبة لنا، لكن هل تعرف كيف ولد هذا اليوم، ومتى كانت أول مرة تم الاعتراف به، ومن أول من احتفل به؟ إذا لم تكن على علم به اقرأ لتعرف عن التاريخ المدهش لهذا اليوم.. متأكدة أنك ستستمتع به. 
يرجع تاريخ عيد الأم إلى قرون ماضية حيث كان الأقرب لاحتفالات الربيع في اليونان القديمة على شرف الآلهة اليونانية "ريا" وهي ابنة ما كانوا يعتقدونه إله السماء أورانوس وهي أم الآلهة جميعا.. هذا بناء على الأساطير اليونانية.

أول احتفال تم لعيد الأم عبر التاريخ؟

خلال فترة 1600 حدد المسيحيون الأوائل في إنجلترا يوماً معيناً لتكريم السيدة مريم العذراء أم المسيح عليه السلام واعتبروه احتفالاً، وبأمر ديني تم توسيع نطاق هذا اليوم الذي اعتبروه إجازة رسمية ليشمل كل الأمهات وأطلقوا عليه "أحد الأمومة" وكان التاريخ الرسمي لذلك اليوم الأحد الرابع من يوم الصوم الكبير (خلال فترة الأربعين يوم التي تسبق عيد الفصح) وفي أحد الأمومة كان يتم تكريم كل الأمهات بإنجلترا.

حال الفقراء في تلك الأيام:

خلال ذلك الوقت كان يعمل العديد من فقراء الشعب الإنجليزي كخدم للأثرياء، ولأن معظم الوظائف كانت تبعد كثيرا عن منازلهم كان يضطر الخدم للعيش في بيوت أصحاب العمل.

طريقة احتفال الفقراء بعيد الأم:

وفي أحد الأمومة يأخذ الخدم إجازة ليعودوا إلى منازلهم وقضاء اليوم مع أمهاتهم، يصنعون تورتة يطلقون عليها "تورتة الأمومة" التي دائما كانت تمثل لمسة أساسية للاحتفال.
وبعد انتشار المسيحية في أوروبا تغير الاحتفال ليكرم "الكنيسة الأم" وهي القوى الروحية التي تمدهم بالحياة وتحميهم من الأذى، ومع مرور الوقت ارتبط  الاحتفال بيوم أحد الأمومة بيوم الكنيسة الأم وبدأ الناس يكرمون أمهاتهم كما يفعلون مع الكنيسة.

لماذا تم إلغاء الاحتفال بأحد الأمومة؟

مع مرور الوقت وببطء توقف الاحتفال بهذه المناسبة الخاصة وذلك بسبب المستعمرين الإنجليز الذين استقروا في أمريكا وتوقفوا عن هذه العادة  لضيق الوقت.

كيف نشأ عيد الأم في أمريكا؟

استوحى الأمريكان عيد الأم من يوم الأمومة البريطاني وكانت أول مرة تم اقتراحه بعد الحرب الأهلية الأمريكية بواسطة ناشطة اجتماعية تدعى "جوليا وارد هوي"، وهي التي كتبت كلمات النشيد الوطني الذي تم إنشاده في معركة الجمهورية، حيث كانت تشعر بالخوف والانزعاج من مذبحة الحرب الأهلية والحرب بين فرنسا وروسيا.
وفي عام 1870 حاولت إصدار بيان من أجل السلام في مؤتمرات السلام الدولية في لندن وباريس (وكان يشبه إلى حد كبير الإعلان عن عيد الأم).
وخلال الحرب الفرنسية الروسية عام 1870 بدأت الناشطة "جوليا" حملة صليبية تقودها امرأة واحدة قدمت من خلالها نداء أنثوياً حماسياً عالي الصدى ومناهضاً للحرب في بوسطن وكان نداء في نفس العام تم اعتباره (أول إعلان أو مطالبة بعيد الأم) وترجم ذلك البيان بعدة لغات وتم توزيعه على نطاق واسع.
وفي عام 1872 ذهبت إلى لندن للترويج لفكرة "عيد الأم من أجل السلام" ليتم الاحتفال بها في الثاني من يونية، لتكريم الأمومة والسلام والأنوثة، وأمام جمهور القداس أعلنت يوم الأم والسلام ليكون حدثاً سنوياً وتم الاحتفال به لمدة عشر سنوات على الأقل.
وقد كان الهدف من ذلك اليوم اتحاد النساء جميعهن للوقوف ضد الحرب، ونتيجة لجهودها في عام 1873، عقد النساء من 18 مدينة في أمريكا مسيرة جماعية في ذلك اليوم، ودافعت "جوليا" بقوة عن سبب الاحتفال الرسمي لعيد الأم وإعلانه عطلة رسمية، وكانت تعقد اجتماعات سنوية في ذلك اليوم، ثم انتهى الاحتفال به بعدما حولت جهودها نحو العمل من أجل السلام وحقوق المرأة بطرق أخرى.
وفشلت محاولات "جوليا" في الحصول على اعتراف رسمي بعيد الأم من أجل السلام، ورغم ذلك ظلت مساهماتها الكبيرة في إقامة يوم عيد الأم وحقيقة إنها نظمت يوم الأم من أجل السلام، وهذه كانت علامة بارزة في تاريخ عيد الأم ليكون مقدمة لليوم الذي نحتفل به في عصرنا الحديث.

استلام جارفيس ريفز ماري لاستكمال المسيرة:

للاعتراف بإنجازات جوليا صدر طابع تكريما له عام 1988، من الجيد أن نتذكر أن فكرة هذه المرأة أثرت على غيرها من الناشطات مثل "جارفيس ريفز ماري" وهي ربة منزل بدأت عام 1858 بمحاولة تحسين المرافق الصحية عبر ما أطلقت عليه "يوم صداقة الأمهات".
وفي فترة التسعينات في عصر كرست معظم النساء وقتهن لرعاية الأسرة والبيت فقط، عملت جارفيس في المساعدة على إعادة تعافي المجتمع بعد الحرب الأهلية، وقامت بتنظيم النساء خلال الحرب الأهلية للعمل من أجل تحسين الأحوال الصحية لكلا الجانبين، وفي عام 1868 بدأت تعمل على التوفيق بين الاتحاد والدول الكونفدرالية المجاورة.

الجهود التي تم بذلها في يوم الصداقة والأمومة:

كان لتلك الجهود فوائد عظيمة في إنقاذ آلاف الأرواح عن طريق تعليم النساء خلال يوم الصداقة والأمومة أساسيات التمريض والصرف الصحي، وهذا ما قدمته "آن" ابنة جارفيس وقد تعلمته من أخيها الطبيب، ونجحت آن بالفعل في تقديم يوم الأم بالمعنى الذي نحتفل به هذا اليوم، وبعد تخرجها من الجامعة قضت سنوات عديدة في رعاية أمها المريضة وهذا ما اضطرها للبقاء بدون زواج، وبعد وفاة أمها شعرت مدى إهمال الأبناء لأمهاتهم لذلك عقدت النية على الاحتفال بيوم الأم وقررت تكريس حياتها لتكريم أمها من خلال مساندة يوم الأم لتكريم الأمهات في حياتهن وبعد الممات.

ولتحقيق هدفها قدمت الجهود التالية:

- بدء حملة لجعل يوم الأم مناسبة رسمية.
- كتابة خطابات للوزراء، رجال الأعمال وأعضاء الكونجرس.
- آمنت أن جعل ذلك اليوم مناسبة وإجازة رسمية سيدفع الأبناء لاحترام الوالدين وتقوية الروابط الأسرية.
- نتيجة لجهودها تم الاعتراف بيوم الأم ليكون في 10 من مايو عام 1908، بواسطة الكنيسة التي كرمت السيدة ريس جارفيس في كنيسة جرافتون غرب فرجينيا حيث قضت 20 عاماً في أخذ دروس الأحد ويعتبر جرافتون هو منشأ ومقام اليوم الدولي لعيد الأم.
وبعد ذلك وصل عيد الأم وأصبح له وجود من خلال الرابطة الدولية في 12 ديسمبر عام 1912 لتعزيز وتشجيع الاحتفالات ذات المغزى والأهداف السامية، وأصبح حلم "آن" حقيقة في 9 مايو عام 1914 حين أعلنت الرئاسة أن يوم الأحد 2 مايو هو العيد الرسمي للأم ولتكريم الأمهات.
وأثناء الاحتفال كان يتم تعليق زهور القرنفل ثم تقدم إلى كل حضور الحفل كتذكار من عيد الأم، كل هذا لأن السيدة "جارفيس" كانت تعشق زهور القرنفل.
وتوالت التجديدات في تاريخ الاحتفال به من يوم ليوم ومن عام لعام ومن ناشط اجتماعي لآخر حتى وصل إلينا وتغيرت طرق الاحتفال به من تقديم زهور، بطاقات ثم هدايا، ورغم اختلاف تاريخ احتفال الدول بهذا اليوم، لكن الهدف مازال واحداً وهو تكريم أغلى الناس الأم التي كان لها الدور الأعظم في بناء حياة كل منا.