في مهرجان «كان» الموضة والسينما وجهان لعملة واحدة

يعتبر مهرجان «كان» أطول عرض أزياء في العالم، إذ يمتد طوال 12 يوما، بينما لا تتعدى مدة عروض الموضة العالمية الأسبوع. كما يجعل مناسبة، مثل حفل توزيع جوائز الاوسكار تبدو هادئة مقارنة به، وكأنها حفل توزيع جائزة نوبل، أو مجرد حفل زفاف. هنا أيضا تتحول «لاكروازيت» إلى ما يشبه الأولمب، الذي كانت الآلهة في الاساطير اليونانية القديمة، تجتمع فيه، تستعرض فيه قواها وإمكانياتها. بعبارة أخرى تصبح مزيجا من الحلم والفانتازيا.


لذلك ليس غريبا ان تكون النجمات هن من يجذبن أكبر عدد من الحضور ويشعلن حمى الباباراتزي أكثر مما يمكن ان يحلم به كبار المخرجين، بل إن مهرجان «كان» مع الوقت أصبح مقرونا بهؤلاء النجمات وفساتينهن ومجوهراتهن.

وكل من سولت لها نفسها أن تتمرد على هذا العرف وتريد ان تسبح ضد التيار في ملابس «مريحة»، تجد نفسها خارج اللعبة تماما. فمهما كانت قدرتها التمثيلية ومواهبها الفنية، فإن الفستان المناسب مع ابتسامة براقة، هما ما يجعلانها محط الأنظار، ويحولها من مجرد شخصية سينمائية إلى ايقونة عالمية، بدليل نجمات اوروبيات انطلقن إلى هوليوود من هنا، مثل بريجيت باردو وصوفيا لورين على سبيل المثال لا الحصر.

صوفي مارسولكن رغم ان التصميمات الفخمة والأنيقة هي المطلوبة في هذه المناسبة، إلا انها ليست وحدها التي تحظى بالتغطية الإعلامية، وحسب التجربة، فإن قليلا من الجنون ينجح ايضا في جذب الانتباه، وما علينا إلا ان نتذكر المغنية السويدية، بيورك، عندما حضرت المناسبة في تايور مقلم بألوان صارخة في عام 2000. الجميل في هذه الأيام ان الجدي والهزلي يجتمعان، بل ويتداخلان، ليصبحا وجهين لعملة واحدة.

فإلى جانب نجمات من عيار نيكول كيدمان وسوزان ساراندن وميريل ستريب وغيرهن، تجد المبتدئات من ذوات الشخصيات النرجسية والجريئة، في المهرجان المناسبة المثالية لممارسة فن الاستعراض، على أمل جذب اهتمام الإعلام ومن ثم شخصية سينمائية تفتح لهن أبواب الشهرة، انطلاقا من مقولة إن الغاية تبرر الوسيلة، لذلك فإن الأزياء قد تشمل ايضا ملابس البحر. مارلين مونرو، بريجيت باردو، وإيستر ويليامز، من اللواتي استغللن مفاتنهن للوصول إلى هذه الغاية في بداية مشوارهن، وحققت لهن نتيجة جيدة.

ميلينا جامبانواتقول شارلوت إليس، وهي خبيرة ازياء، ان الأمر طبيعي لأن كاميرات المصورين تترصد الوجوه المعروفة أساسا، مما يدفع المبتدئات والطامحات إلى النجومية للجوء إلى أقدم طريقة في التاريخ لجذب الانتباه، وهي الكشف عن المفاتن، بارتداء ملابس البحر، أو فساتين مثيرة للغاية أو فخمة للغاية، فالحلول الوسطى هنا لا تمشي. البعض يرجع هذه العلاقة المثيرة بين السينما والموضة إلى عام 1953، عندما ظهرت بريجيت باردو في «مايوه» أحدث ضجة كبيرة.

وكانت هذه نقطة التحول في المهرجان، إذ تحول بعدها إلى مزيج بين الاثنين: السينما والموضة، لا يمكن ان تكتمل الأولى بدون الثانية، والعكس صحيح، الأمر الذي يفسر سبب شد معظم المصممين والمسؤولين الإعلاميين في كبريات دور الأزياء والمجوهرات، الرحال إلى «كان» في هذه الفترة محملين بكل ما غلا ثمنه من تصميمات وأحجار كريمة ومنتجات تجميل. دار «كريستيان ديور»، على سبيل المثال، اصبحت تتبع تقليدا لا تحيد عنه كل سنة، يتمثل في إنشاء ركن خاص بها لإعارة النجمات فساتين، بل وأيضا منحهن خدمات تجميلية يشرف عليها كبار فناني ماكياج الدار، صائغ المجوهرات المعروف فواز غريوزي، صاحب ماركة «دي غريزوغونو» أيضا وجه معروف في هذه المناسبة.

هذا العام سيقام حفل كبير يحضره لفيف من النجوم والنجمات، خصوصا أنه سيحتفل فيه ايضا بعيد ميلاد العارضة السمراء، ناعومي كامبل. وطبعا لا يمكن الحديث عن المجوهرات من دون التطرق إلى دار «شوبار»، فهي الدار المسؤولة عن صياغة السعفة الذهبية، وهي ايضا المسؤولة عن بريق أغلبية النجمات. وهذا الوجود المكثف لصناع الموضة والجمال يؤكد أن المهرجان يستمد قوته ليس من السينما فقط، أو بفضل وجود كبار المخرجين والمنتجين، بقدر ما يعود إلى النجمات وبريق مجوهراتهن وأناقة ازيائهن.