عارضات الأزياء .. رغم المال هن الأقل حظا في الحياة

عجب أن تعمد بعض النساء إلى "عقص" أنوف بناتهن منذ الرضاعة بواسطة "قراصة" من خشب، رغم أن هذه الحالة أدت إلى إصابة بعضهن وأدت إلى موت عدد منهن، حسب تقارير الأمم المتحدة. و"القراصة" ما هي إلا "تدخل إنساني" لتشكيل "أنف جميل متساوي الأبعاد" تمهيدا لفتيات لهن أنوف دقيقة يتمكنّ بواسطته، إلى جانب طولهن الفارع وبشرتهن النحاسية كما في بعض أجزاء من أفريقيا، من شق عالم الشهرة إلى دور الأزياء، كما حققت العارضة إيمان، رتهن النحاسية،_وما زالت تحقق نعومي كامبل.


فالجمال والطول الفارع ومقاسات الجسم المحددة أصبحت عنوانا لشهرة عشرات الفتيات اللاتي تحولن من الفقر إلى الثروة بين ليلة وضحاها. وما زال العالم يتذكر ما قالته عارضة الأزياء ليندا ايفانغليستا عام 1990 حينما سئلت عن دخلها. ردت حينها "لا يمكن ان أقبل مغادرة غرفة نومي بأقل من 10 آلاف دولار في اليوم". ويقال إن هذه المقولة ما زالت ترن "كالذهب" في آذان عارضات الأزياء من جيزيل بوندشن وكيت موس، إلى هايدي كلوم ونعومي كامبل. عدا عن أن اسعار العمل مع الموديلات قد ارتفعت بشكل مذهل خلال القرن الجاري.

وعارضات الأزياء لسن أكثر نساء العالم جمالا فحسب، وإنما أكثرهن ثراء. وسبق لمجلة "فوربس" الشهيرة أن نشرت قائمة بأعلى الموديلات من ناحية الموارد وكشفت الثروات الكبيرة التي حصلن عليها من خلال توظيف طاقتهن الجمالية. ووضعت " فوربس" جيزيل بوندشن على رأس قائمة عارضات الأزياء الأكثر ثراء في العالم بدخل يبلغ 24 مليون يورو (32 مليون دولار) في السنة.

وتحقق البرازيلية هذه الثروة بفضل عقد أساسي للعمل مع شركة "فكتوريا سيكريت" للملابس الداخلية، إضافة إلى 20 عرضا (المعدل بالنسبة لبقية العارضات هو 3 إلى4 عروض فقط). وقدرت المجلة وجود ثروة أخرى لدى بوندشن تتمثل في ملابسها الغالية و"مجموعة" أحذيتها التي قد تدر عليها مبلغ 4,3 مليون يورو (5.8 مليون دولار) عند بيعها. وتأتي بقية العارضات في مراتب أخرى، وإن جاءت في المرتبة الثانية البريطانية كيت موس، التي لا تحقق سوى ثلث ما تحققه بوندشن من مال في السنة.

وهكذا تبدأ حياتهن في عالم الشهرة، مال وأحلام. لكن حسب دراسة حديثة فإن الشهرة مبعث تعاستهن أيضا، وضررها أكثر من نفعها أحيانا. فعارضات الأزياء الشهيرات يعانين من الكثير من التوتر اليومي بسبب جمالهن والاهتمام الزائد بهن. فالرجال يلاحقونهن بسبب جمالهن وثروتهن، لا بسبب شخصياتهن، ومصورو الأرصفة المتطفلون (الباباراتزي) لا يكفون عن مطاردتهن من شارع إلى ناد ومن سوق إلى شاطئ، حتى وهن في الإجازات. وأكدت دراسة نشرت نتائجها في المانيا يوم 14 من هذا الشهر أن عارضات الازياء لسن أسعد البشر رغم جمالهن الطاغي.

وقالت مجلة "علم النفس اليوم" الألمانية المهتمة بالصحة النفسية إن عارضات الأزياء حصلن على نتائج متواضعة في استطلاع للرأي أجري في الولايات المتحدة حول الشعور بالسعادة في الحياة والصحة النفسية والبدنية.

وأجرى الباحث كريستوفر جي. بيفيرس من جامعة تكساس في أوستين دراستين منفصلتين شملتا نحو 91 عارضة، بالإضافة إلى عدد كبير من الاشخاص الذين لا يعملون في هذا المجال. وأضافت المجلة في التقرير، الذي ستنشره في عدد شهر سبتمبر (أيلول) المقبل إن الفتيات الجميلات اللاتي يشاركن في عروض الازياء والدعاية والأغاني يتمتعن بصحة بدنية مماثلة لباقي المشاركين في الاستطلاع، غير أنهن أقل استقرارا فيما يتعلق بالصحة النفسية.

وأثبتت الدراسة أن العارضات يملن للشعور بعدم الثقة. كما ان ردود أفعالهن أكثر حساسية، علاوة على كونهن أقل قدرة على التكيف، وأكثر تعرضا للضغط النفسي ومن ثم إلى إصابة بعضهن بانهيار عصبي أو بمشاكل نفسية أخرى.

وأضافت الدراسة أنهن، مثل غيرهن من الفتيات، يشعرن بالخجل وإن كانت لديهن الرغبة في لفت الانتباه. ولم تتوصل الدراسة لما إذا كان سبب هذا الاختلاف بين العارضات وغيرهن هو أضواء الشهرة أم أن هناك تركيبات شخصية معينة هي التي تجعل بعض الاشخاص يختار هذه المهنة.

ووفقا للدراسة فإن عارضات الازياء لا يمكنهن الاعتماد على أنفسهن بشكل كامل حيث ان حياتهن تكون مرتبة بشكل مسبق، بداية من الملابس التي يرتدينها، إلى الطريقة التي يقفن بها أمام الكاميرات. كما أن هذه المهنة لا تتطلب التمتع بقدر كبير من الذكاء أو قوة الشخصية. وفوق ذلك فإن عارضات الازياء يتنقلن كثيرا، ولذلك يكون لديهن العديد من العلاقات السطحية.

ويمكن لبرنامج تقدمه عارضة الأزياء الألمانية هايدي كلوم أن يكشف عن بعض حياة الموديلات المرتبة من قبل "الخبراء". اسم البرنامج هو "هايدي كلوم تقدم نجمة الأزياء الألمانية المقبلة"، وتتسابق فيه الألمانيات الشابات على نيل لقب "نجمة المستقبل".

ويتولى خبراء في المشي والابتسام والكلام والحركة صناعة" الموديلات من الفتيات كما يصنع الفنان دمى "باربي". وفي لندن، وخلال مؤتمر صحافي عقد على هامش اسبوع لندن الأخير، قال الدكتور ادرين كي، الرئيس الطبي في قسم مشاكل سوء التغذية في مستشفى «برايوري»، إن هناك أكثر من 40 في المائة من العارضات يعانين من مشاكل سوء التغذية. كما بيّن أن جميع العارضات يعانين من مشاكل التعاطي مع الأكل بصورة أو بأخرى. والاحصائيات التي أجريت حتى الآن كافية لتبين مدى الضغط النفسي الذي تعاني منه العارضات، وما تفرضه عليهن هذه الصناعة عالية المنافسة من اجل النجاح في مهنتهن.

ولهذا جاءت نتائج الدراسة الألمانية لتؤكد مجددا أن عارضات الازياء لسن أسعد البشر رغم ما يتمتعن به من جمال ومال. وقالت مجلة "بسشولوجي هويته" (علم النفس اليوم) الالمانية المهتمة بالصحة النفسية إن عارضات الازياء حصلن على نتائج متواضعة في استطلاع للرأي أجري في الولايات المتحدة حول الشعور بالسعادة في الحياة والصحة النفسية والبدنية. ويشير الاستطلاع إلى ان الضغوط التي تواجهها العارضات تبدأ منذ نعومة أظفارهن، ويلعب الأهل فيها دورا كبيرا، اذ يحاولون خلق ملكات جمال وعارضات فوق العادة من بناتهم. وتستمر هذه الضغوط مع دخول الصغيرات معترك الحياة وهن بعد في بواكير سن المراهقة.

وهذه الحالة ادت الى تدخل عدد من الاخصائيين في المهنة الذين رأوا أنه يجب التوصل الى قانون جديد يضع سنا قانونية لممارسة مهنة عرض الازياء ويمنع العارضات النحيلات جدا (قياس صفر) من المشاركة في عروض الأزياء بعد أن تبين بأن هناك 4 من أصل 10 عارضات يعانين من مشكلة في الأكل ويقمن بتجويع أنفسهن من أجل الحفاظ على نحافتهن الزائدة. وتوفيت العام الماضي عارضتان في عمر الزهور بسبب سوء التغذية.