وفقا لأختبارات عالية التقنية .. أحذية الركض الغالية ليست أفضل من الرخيصة

حينما يجري الحديث عن اختيار أحذية رياضية للركض والهرولة، فإن على الراغبين في اقتناء الجيد صحياً منها، البحث عما تثبت بشكل جيد فيها أقدامهم وتسهل بها حركتهم، لا ما كانت مرتفعة الثمن أو من ماركات عالمية مشهورة.


ووفق ما تم نشره في 10 أكتوبر (تشرين الأول) للنسخة الإلكترونية من العدد الجديد للمجلة البريطانية للطب الرياضي، قال العلماء من اسكتلندا انهم لم يجدوا فرقاً في توفير الراحة والقدرة على امتصاص الصدمات بين زوج من أحذية الركض التي لا يتجاوز ثمنها ثمانين دولاراً وبين تلك التي تُنتجها نفس الشركة وتوفرها بسعر يتجاوز 150 دولارا.

وقال رامى عبود Rami Abboud ، الباحث الرئيس في الدراسة ومدير مؤسسة تحليل وأبحاث الحركة بجامعة ديندي ان "نصيحتي للمهرولين أن يتأكدوا أولاً من أن الأحذية تثبت وتناسب أقدامهم. وأن بذلهم دفع مبالغ مالية أكبر لا يعني أنهم سيحصلون على ما هو أفضل، من الأحذية".

ومن الملاحظ أنه خلال العقود الماضية، تحول حذاء المشي والهرولة الخفيف Sneaker من نوع متواضع وبسيط إلى أنواع جبارة الهيئة وعلى شكل الخيمة، والتي تصفها الدعايات بأنها صُممت وفق التقنيات العالية لعصر الفضاء، في سبيل توفير الراحة والحماية للقدم. لكن الوجه الآخر للعملة يقول أيضاً ان أسعارها عالية كما هي هيئتها.

والمطلوب من الحذاء المستخدم في الهرولة إعطاء مرتديه دعماً وحمايةً أساسيةً لميكانيكية حركة القدم، كي يتم حفظ مرونة وتوازن واستقامة انتصاب كل أجزاء الجسم أثناء الحركة. ويتميز الحذاء المناسب للهرولة بضمانه توفير توازن مرن للقدمين، من دون الميل إما إلى الداخل أو الى الخارج، وذلك كي يتم امتصاص الصدمة التي يُحدثها تلامس سطح باطن القدم مع الأرضية المختلفة الارتفاع والميل التي تتم الهرولة على مضمارها.

التحقق من الجدوى
قال الباحثون إن ما أرادوا التحقق منه هو: هل تُساوي استفادة الإنسان وقدمه من هذه الأحذية قيمتها المادية الباهظة، أو اننا، كما قال الباحثون، ندفع مجرد فرق في السعر كتعويض لتكلفة تلك الدعايات لتلك الأنواع الفضائية من أحذية الركض؟

وقام الباحثون بمتابعة تجربة ارتداء 43 رجلا، ممن متوسط أعمارهم حوالي 29 سنة، لتسعة أنواع من أزواج أحذية الهرولة. وتحديداً تم اختيار ثلاثة موديلات من إنتاج كل شركة لثلاث من كبريات شركات صناعة الأحذية الرياضية العالمية. وتراوحت مقاسات أقدام المشاركين ما بين مقاس 8 و10 مما يُعرف في منطقتنا العربية بالمقاس الأميركي. وتم التأكد من خلو أقدام المشاركين من أية تشوهات خلقية أو إصابات مؤلمة في القدم أو أي اضطرابات في نوعية المشية Gait ، وهي أمور من المعلوم أنها قد تُؤثر في تقييم نوعية الحذاء وفائدته. وكان اختيار ثلاثة أنواع أحذية، من إنتاج كل شركة، مختلفة السعر. أي ما كان متوسط سعره ما بين 80 و90 دولارا للزوج من النوع الأول، وما كان ما بين 120 و130 دولارا من النوع الثاني، وما كان ما بين 140 و 150 دولارا للزوج من النوع الثالث. ولم تُعطَ للمشاركين أي معلومات عن سعر الحذاء الذي يرتدون في كل مرحلة من الاختبارات.

ومع استخدام كل نوع، طُلب من كل مشارك إبداء رأيه حول تقييم مدى ارتياحه، كما طُلب منهم الركض على جهاز عالي التقنية في قدرة تقييم الضغط على مناطق مختلفة من القدم، خاصة أجزاء باطن القدم والقوة التي ترتطم بها مقدمة باطن القدم بالأرض.

وبتحليل الآراء الشخصية ونتائج تقييم الأجهزة، لم يتبين للباحثين أي فروق في الراحة بين الأنواع الرخيصة نسبياً والباهظة الثمن من أحذية الهرولة للشركات المختلفة. أما بالنسبة لامتصاص الصدمات فلم تكن الأمور أيضاً واضحة في تفضيل الغالي على الرخيص. بل لاحظ الباحثون أن ضغط قوة ارتطام مقدمة باطن القدم هي أقل نسبياً عند ارتداء أحذية من الأنواع الرخيصة.

وقال الباحثون إن مما يُفترض أن المرء حينما يدفع أكثر مالاً في شراء الحذاء، سيحصل على أفضل حماية للقدم، لكن هذا ما لم نجده، في نتائج الدراسة.

مناقشات واعتراضات
لدى صدور الدراسة تباينت آراء المتخصصين في صحة وسلامة القدم Podiatrists، وخبراء ارتداء الأحذية. وقال الدكتور جيمس كريستيان، المتخصص في صحة القدم ومدير القسم العلمي في الرابطة الطبية الأميركية لصحة القدم، انه لا يعتقد أن ما تقوله الدراسة مفاجأة، لأن النوعيات العالية المميزات من أحذية الجري لا يلزم استخدامها بالضرورة لهرولة الشخص العادي. والشركات العالمية تأتي بالجديد في كل عام، والسؤال هل من الحقيقي أنها تُضيف تحسينات إليها؟

وأضاف إن ارتفاع الثمن أحياناً ليس المقصود منه إلا ضمان طول حياة الحذاء وزيادة مقاومته للتلف. وطالب بأن لا تكون الدراسة مقتصرة في تقييمها على فترة زمنية قصيرة، بل أن تكون طويلة الأمد، لأشهر أو سنوات، لمعرفة مدى توفير هذه النوعيات المختلفة من الأحذية للراحة بعد كل هذا الوقت.

وهو تعليق علمي منطقي دقيق، لأن التقييم الوقتي في أول ارتداء الحذاء لا يعني ما يحصل لمكوناته والمواد المستخدمة في صنعه ولا طريقة تصميمه على المدى البعيد. والناس حينما يشترون تلك الأحذية لاستخدامات الهرولة لا ينوون غالباً تغييرها كل فصل أو في كل عام، بل الكثيرون يُفضلون ارتداءها من آن لآخر، ولسنوات.

ومن جانب آخر، علق الدكتور جيرارد فارلوتا، رئيس قسم التأهيل الرياضي لمؤسسة ريسك للتأهيل الطبي التابع للمركز الطبي لجامعة نيويورك، بما يُشير إلى تحفظه حول طريقة إجراء البحث. وقال بأن الدراسة لم تقل لنا ما إذا كانت الأحذية هي ما يحتاجه الراكضون، لأن المهم ليس هو النظر في السعر بقدر النظر إلى الحذاء نفسه، وأي نوعية منه نحتاج. وعلل ذلك بأن ما يحتاجه من يركض أسبوعياً 300 ميل يختلف عما يحتاجه منْ يركض أقل من 3 أميال في نفس الأسبوع.

للراحة وسلامة القدم.. فحص أجزاء حذاء الركض عند الشراء
عند شراء حذاء الركض، ثمة ثلاثة عناصر مهمة يجب تحقيقها، لأن الغاية من الحذاء هي المساعدة على ثبات الجسم، وعلى مرونة حركته وحركة القدم، وعلى توفير راحة للقدم. والحذاء الجيد هو ما يُعطي توازناً وشعوراً بالأمان لدى قيام الإنسان بمدى واسع في حركات الجسم. وما يُعطي أيضاً مجالاً أوسع لاهتزاز أجزاء مشط القدم بحرية ودون تقييد، مع راحة للكعب ومنتصف باطن القدم عند ملامستها للأرض، وما يُوفر احتواء جانبي القدم والإحاطة بها دون شد أو ضغط عليهما، خاصة في أعلى منطقة الوتر العَقبي. ولذا يُنصح بتفحص مكونات الحذاء الرياضي، المواد المستخدمة في صنعه.

ومن المعلوم أن الحذاء مكون من أربعة أجزاء، أولها جزء منطقة الكعب، ويجب أن تكون ذات بنية مُحكمة غير صلبة، ويُشكل سطحها وعاءً مقعراً مريحاً تستقر عليه كعب القدم، وذلك لكي يُمنع نشوء أي ميل في القدم إلى الداخل أو الخارج.

ويُشكل الغلاف الخارجي للحذاء الجزء الأكبر منه، وتتفاوت الشركات في استخدام أنواع مختلفة من الأقمشة أو الجلود له. والمطلوب منه أن يلف القدم بإحكام للدعم والراحة والمرونة المطلوبة، دون التسبب بزيادة التعرق.

وتستقر باطن وراحة القدم على جزء منطقة النعل. وهي ما يجب أن تكون مُصنعة بطريقة وهيئة طبوغرافية تُطابق باطن قدم الإنسان، كي تتمكن من تقليل الاحتكاك ومن زيادة امتصاص صدمات ملامسة القدم لسطح الأرض.

والجزء الأمامي أو صندوق أصابع القدم، يجب أن يُعطي رحابة لأصابع القدم كي تتحرك وتهتز بشكل طبيعي أثناء المشي، وتُعطي أيضاً لتلك الأصابع درجة متوازنة من ثني مفاصلها. كما يجب أن تُوفر مسافة 2 سم تقريباً بين الطرف الأمامي لأصبع القدم الكبير وبين نهاية مقدمة الحذاء.