زيادة الوزن لا تزيد مسببات الوفاة بأمراض القلب والسرطان

توصل باحثون الى ان الزيادة في وزن الجسم تجعل الشخص معرضا للموت بسبب مرض السكري والكلى وليس السرطان او أمراض القلب، كما توصلوا ايضا الى ان بعض الزيادة في الوزن تحمي الشخص ضد مجموعة من مسببات الوفاة. وتؤكد النتائج التي توصلت اليها هذه الدراسة، التي جاءت بعد عمليات تحليل استمرت عقودا لمعلومات جمعتها جهات حكومية حول 39000 اميركي، نتائج سابقة لدراسة أجرتها نفس المجموعة قبل عامين، وتوصلت من خلالها الى ان مخاطر الزيادة في وزن الجسم ربما تكون اقل مما يتصور الخبراء.


وقالت كاثرين فليغال، الباحثة في مركز الوقاية من الأمراض والسيطرة عليها، ان الرسالة من النتائج التي توصل اليها فريق البحوث الذي قادته تتلخص في ان العلاقة بين زيادة وزن الجسم والموت اكثر تعقيدا مما كنا نعتقد، وأوضحت ان الزيادة في الوزن لا تتسبب في كل الحالات في زيادة الأخطار المسببة للوفاة لدى كل الاشخاص.

وقوبلت نتائج الدراسة، التي نشرت امس في مجلة «الرابطة الطبية الاميركية»، بردود افعال متباينة. فالبعض أشاد بالدراسة والأدلة المقنعة على تضخيم مخاطر الدهون. وقال ستيفن بلير، استاذ علم الاوبئة والإحصاء البيولوجي بجامعة ساوث كارولينا، ان نتائج الدراسة التي اجريت اشارت الى ان مخاطر الدهون كان مبالغا فيها، وأضاف معلقا ان المشكلة ليست بالضخامة التي صورت بها. إلا ان هناك من وصف نتائج الدراسة بأنها خاطئة، وقال هؤلاء ان هناك ادلة قوية وكافية على مخاطر زيادة الوزن او السمنة. وقال وولتر ويليت، استاذ علم الاوبئة والتغذية في كلية هارفارد للصحة العامة، ان نتائج هذه الدراسة خاطئة تماما، وأضاف معلقا: «من السخف القول ان زيادة الوزن لا تتسبب في ازدياد المخاطر المسببة للوفاة. زيادة الوزن من وجهة النظر الصحية امر غير مرغوب فيه قطعا».

جدير بالذكر ان نسبة الزيادة في الوزن لدى الاميركيين في صعود مستمر، وصُنف ثلثان في خانة من يعانون من زيادة الوزن، ثلثهم يعاني من زيادة كبيرة على نحو يجعلهم يعانون من السمنة. وأدت هذه الظاهرة الى أطلاق تحذيرات من احتمال انتشار مرض السكري وأمراض القلب والسرطان وأمراض اخرى.

وكانت كاثرين فليغال وزملاؤها قد تحدثوا قبل عامين حول احتمال ان تكون زيادة الوزن أقل خطورة مما هو متصور. وكانت المجموعة قد توصلت من خلال التحليل الى ان معدلات الوفاة بين الأشخاص الذين يعانون من زيادة الوزن، وليس السمنة، اقل من معدلات وفاة أصحاب الوزن العادي، إلا ان الدراسة تعرضت لانتقادات قوية.

وسعى فريق البحث الى تأكيد وتوسيع النتائج التي جرى التوصل اليها مسبقا وفحص المعلومات الاضافية من الاستطلاعات وعمليات المسح ودراسة الاسباب الفردية للوفيات وسط مختلف الأوزان. واعتمد التحليل بصورة عامة على احصاءات صحية جمعها علماء تابعون لمؤسسات فيدرالية خلال الفترة بين 1971 و2004، بما في ذلك معلومات خاصة بأسباب وفاة 2.3 مليون شخص. واستخدم الباحثون بصورة واسعة تعريف المؤسسات الفيدرالية لـ«زيادة الوزن» و«السمنة».

فعلى سبيل المثال يعتبر الشخص الذي يبلغ طوله 5 أقدام و4 بوصات زائد الوزن، اذا تجاوز وزنه 146 رطلا، ويعتبر يعاني من السمنة اذا وصل وزنه الى 175 رطلا. وتوصل الباحثون الى ان السمنة كانت سببا في وفاة 112000 شخص خلال عام 2004 بأمراض القلب و45000 بمرض السكري والكلى. ولم تكن السمنة سببا في زيادة معدلات الوفاة بسبب السرطان، إلا ان هناك 19000 حالة وفاة بسبب السرطان ناجمة عن حالات لها صلة بالدهون، بما في ذلك سرطان الثدي والرحم والمبايض والكلى والقولون والبنكرياس.

وكانت اكثر الاكتشافات اثارة للدهشة هي ان الوزن الزائد وليس السمنة، مرتبطة بزيادة الوفيات من السكري وأمراض الكلى، وليس من السرطان وأمراض القلب. وأكثر من ذلك عثر الباحثون على تأثير للحماية واضح ضد كل اسباب الوفيات الاخرى، مثل السل والتهاب الرئة وانتفاخها، والزهايمر والجروح. والعلاقة بين الوزن الزائد و16 الف وفاة من السكري وأمراض الكلى غطى عليها انخفاض قدره 133 الف وفاة من كل انواع الوفيات الاخرى غير المرتبطة بالسرطان او امراض القلب. وعلى الرغم من ان الدراسة لم تفحص كيف تحمي زيادة الوزن من الوفاة من بعض الامراض، فإن فليغال قالت ان ابحاثا اخرى اشارت الى ان الزيادة الاضافية تقدم للجسد احتياطيا مهما لمحاربة الامراض والمساعدة على الشفاء.

وتجدر الاشارة الى ان النتائج متماشية مع ابحاث اخرى، فقد قال غلين غايزر استاذ التدريب الفيزيولوجي في جامعة فرجينيا «لا يدهشني ذلك. اعتقد اننا بالغنا في القول بأن الوزن الزائد هو امر يمثل خطرا كبيرا على الصحة».

غير ان ويلت وغيره من الباحثين قالوا ان الدراسة صغيرة، بحيث يصعب ذكر وضع عوامل، مثل التدخين والأمراض السابقة التي يمكن ان تؤثر على النتائج.

وذكروا ان الزيادة في الوزن لا تزيد مخاطر الموت من امراض اساسية فقط، ولكنها ذات عواقب سلبية اخرى.

وقالت جو ان مانسون رئيسة الطب الوقائي في مستشفى برغام في بوسطن: «اعتقد ان الزيادة في الوزن مرتبطة بزيادة حوادث الامراض المزمنة الاساسية، مثل السكري والضغط العالي وأمراض القلب. وهي تعطل الوظائف الجسدية وتخفض من نوعية الحياة». وفي الواقع، اكتشف بحث اخر نشر في نفس المجلة ان السمنة تزيد من احتمالات العجز بين كبار السن. وأكدت فليغال ان هذه النتائج يجب ان لا تشجع الناس على زيادة وزنهم او تغيير اية توصيات متعلقة بالصحة العامة. وأضافت «لا يعني ذلك ان زيادة الوزن جيدة لك. ولكنها مرتبطة بوفيات اقل ممن المتوقع عادة».