الشنتذل» طبق النمسا الأول .. لذتها ببساطتها

إذا سكنت بجوار مواطن نمساوي، قد لا تسمع مقطوعة لموتزارت او شتراوس، لكنك وحتما ستسمع لأكثر من مرة في الأسبوع، وأحيانا يوميا ما بعد الثامنة صباحا، صوت دق قطع من اللحم، تحضيرا لإعداد طبق الفيينا شنتذل.


والفيينا شنتذل، هي قطع اللحمة المدقوقة المحمرة مكسوة بالدقيق والبقسماط والبيض، وهي عموما لا تختلف كثيرا عن بعض شبيهاتها في كثير من المطابخ تحت مسميات أخرى، مثل الكستليتة والاسكالوب والمدقوقة والبفتيك والكوتلت، مع بعض التعديلات والإضافات هنا وهناك، وان كانت في النمسا طبقا وليس كل الأطباق، خاصة أنها تحمل اسم العاصمة فيينا، فأصبحت بذلك علامة تستحق التمييز والتكريم.

كانت الشنتذل تقليديا، تصنع من اللحم البقري، مع تفضيل لحم العجل الطري، أما أكثرها انتشارا الآن، فتلك التي تصنع من لحم الخنزير، لكونه غير محرم كما انه ارخص اللحوم سعرا، لكنها تتوفر كذلك من الدجاج والديك الرومي، فيما أصبحت التي تعد من اللحم البقري هي الأغلى ثمنا.

وإذا سألت نمساويا عن أحسن الطرق وألذها لإعداد الشنتذل، فسوف يجيبك من دون ان تطرف عينه، بأن (وصفة جدته هي الأروع)، وتلك حقيقة، فجميعهم يجمعون على تفضيلها تقليدية بسيطة، من دون تعقيد، طرية مزينة بحلقتين من الليمون، وبصحبتها كمية من سلطة البطاطس.

لكن الخلاف هو على أصلها.. من أين أتت هذه الشنتذل؟، لتكون سيدة المائدة النمساوية، خاصة عند وجبة الغداء، وأحيانا عند العشاء مبكرا، فالنمساويون يفضلون العشاء الخفيف الذي يتكون من بعض أنواع الأجبان واللحوم المجففة، لكن إن كان عشاء مع أصدقاء او لمناسبة عائلية خاصة، فستحتفظ الشنتذل بموقعها سيدة للمائدة.

يقول البعض إن الشنتذل دخلت النمسا من ميلانو الايطالية مع القائد العسكري غوتسيسكي، الذي بعثه الإمبراطور فرانز جوزيف لتأديب بعض الثوار بالمقاطعة الايطالية، فعاد بتقرير عن حملته الناجحة، ضمنه صفحات يتحدث فيها عن ذلك اللحم الايطالي الشهي، الذي يعرف باسم الكستليتة، ويقال إن الإمبراطور ابدى كثيرا من الاهتمام بتلك الوصفة، وتذوقها، ومنها حورت الشنتذل.

إلا أن البعض يعتقد أن الشنتذل نمساوية المولد، وأنها تحريف عملي، وبمجرد تطوير عادات التهام النمساويين الأباطرة، لكميات مهولة من اللحوم، التي كانت تعد أيام الإمبراطورية، بتقديم الحيوان المذبوح مشويا بأكمله سواء كان خنزيرا او دجاجا او خروفا، ثم وعندما لم يعد ذلك ممكنا، في كثير من الأحيان، مع تطور أسلوب الحياة، وكثرة المنصرفات، ومتطلبات الحياة العصرية من سرعة في تناول الوجبات، تم إخضاع تلك الكميات المهولة من اللحوم للتجزئة في شكل قطع صغيرة سهلة التناول، رخيصة الثمن.

وقد احتفظت قطع الشنتذل من كل تلك الفخامة الإمبراطورية، التي ولت مع مرور الزمن، بالمهارة في توسعتها، بمقدار ما تتوسع مهارة الصانع وإجادته لعمله، سواء في ذلك ان كان طباخا متخصصا أو ربة منزل، بحيث يتمكن من دق وفرد قطعة صغيرة من اللحم، حتى تملأ الصحن، من دون ان تتمزق وان تظل قطعة واحدة متماسكة، تمتاز بالرهافة والرقة، بحيث لا يزيد سمكها عن ربع بوصة بأية حال من الأحوال.

من جهة أخرى، احتفظت الشنتذل كذلك باللون الذهبي، اذ كان الأباطرة يفضلون لون وبريق الذهب، ولذلك تحمر قطع الشنتذل بعد تقليبها في كمية من البقسماط، كطبقة أخيرة تكتسب مع التحمير لونا ذهبيا براقا.

وفي ما يلتهم النمساويون كميات كبيرة من الشنتذل، بالشوكة والسكين، فإنهم يحبونها كذلك كساندويتشات، حيث تقبع قطعة اللحم بين قطعتين من الخبز، وبالطبع فإنها أصبحت واحدة من أهم أنواع الأكل التي يحبها السياح، خاصة أن محلات بيعها تنتشر في كل الأسواق والأحياء، انتشار محلات الأكلات الشعبية، في كثير من البلدان، كالسمك المحمر والبطاطس في بريطانيا، او الفول والطعمية في مصر، او الكسرى والملاح في السودان، على سبيل المثال.

هذا وقد وفر لي بحث عبر موقع الكتروني، 10 وصفات لإعداد الشنتذل من مختلف أنواع اللحوم، لكنني إيمانا بالحكمة النمساوية، أقدم لكم الوصفة التقليدية للجدات باعتبارها أحسن الوصفات

طريقة تحضير الشنتذل على الطريقة النمساوية:

1 ـ قطع من اللحم وفقا للرغبة، يتم دقها بمهارة لفردها ما أمكن ثم تبهيرها بقليل من الملح والفلفل.

2 ـ تخلط جيدا كمية من البيض، فيما يغطى مسطح بكمية من الدقيق، ومسطح آخر بكمية من البقسماط «خبز جاف مدقوق ناعما».

3 ـ تقلب قطع اللحم في مسطح الدقيق بحيث يغطيها تماما من دون زوائد، ثم تغمر في البيض، وأخيرا تغطى بطبقة من البقسماط.

4 ـ تحمر تحميرا عميقا، في كمية كافية من الزيت الساخن بحيث تظل عائمة لمدة لا تزيد على 4 دقائق.

5 ـ تقدم ساخنة، ويفضلها البعض بدرجة الحرارة العادية، في حالة أنها جيدة الصنع مقرمشة ومتماسكة.

ويبلغ وزنها 365 غراما وسعرها 30 دولارا أميركيّا، ويمكن الحصول عليها عبر موقع http://www.usbgeek.com