تعـــــــدد الزوجات .. قضية كل عصر

تعدد الزوجات قضية تنفجر بين الحين والآخر.
التعدد .. ماله وما عليه؟
التعدد بين الجواز الشرعي والتحريم الاجتماعي.

من المعروف أن التعدد كان موجوداً قبل الإسلام، فالثابت تاريخيا أن تعدد الزوجات ظاهرة عرفتها البشرية منذ أقدم العصور .. كانت الظاهرة منتشرة بين الفراعنة، وأشهر الفراعنة على الإطلاق وهو رمسيس الثاني، كان له ثماني زوجات وعشرات المحظيات و الجواري، وأنجب أكثر من مائة وخمسين ولدا وبنتا، وأسماء زوجاته ومحظياته وأولاده منقوش على جدران المعابد حتى اليوم.


رمسيس الثاني.. تزوج بالملكة الجميلة (نفرتارى)، وتليها في الترتيب الملكة ( أيسه نفر ) أو ( إيزيس نفر ) وهى والدة ابنه الملك ( مرنبتاح ) الذي تولى الحكم بعد وفاة أبيه وأخوته الأكبر سنا .

وجمع نبي الله يعقوب بين أختين – ابنتي خاله لابان – هما ( ليا ) و ( راحيل ) وأيضا جاريتين لهما، فكانت له أربع حلائل في وقت واحد، وكان تعدد الزوجات شائعا في الشعوب ذات الأصل السلافى.

وهى التي تسمى الآن بالروس والصرب والتشيك والسلوفاك، وتضم أيضا معظم سكان ليتوانيا وأستونيا ومقدونيا ورومانيا وبلغاريا.
وفي العهد القديم أو التوراة.. فيها نصوص صريحة على إباحة التعدد في دين الخليل إبراهيم وإسحاق ويعقوب، وشريعة داود وسليمان، وغيرهم من أنبياء بنى إسرائيل – على نبينا وعليهم الصلاة والسلام.

بل إن علماء الاجتماع والمؤرخين، ومنهم "وستر مارك" و "هوبهوس" و "هيلير" و "جنربرج" وغيرهم ، يلاحظون أن التعدد لم ينتشر إلا بين الشعوب التي بلغت قدرا معينا من الحضارة.

وهى الشعوب التي استقرت في وديان الأنهار ومناطق الأمطار الغزيرة، وتحولت إلى الزراعة المنظمة والرعي بدلا من الصيد وجمع ثمار الغابات والزراعة البدائية. ففي المرحلة البدائية من عمر المجتمعات كان السائد هو نظام وحدة الأسرة، ووحدة الزوجة.

أما بالنسبة للكنسية فيقول الدكتور محمد فؤاد الهاشمي: إن الكنيسة ظلت تعترف بتعدد الزوجات حتى القرن السابع عشر.
لقد كان تعدد الزوجات إذن معروفا ومنتشرا في سائر أنحاء العالم قبل أن يبعث النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) وكان التعدد مطلقا بلا أية حدود أو ضوابط أو قيود، ولم يكن هناك كما يتضح من الأمثلة السابقة حد أقصى لعدد الزوجات أو المحظيات.

ولم يكن هناك اشتراط على الزوج أن يعدل بين زوجاته، أو يقسم بينهن بالسوية، كما أمر بذلك الإسلام.
وكانت المرأة بالذات هي الضحية والمجني عليها على الدوام، وفى كل المجتمعات كان الزوج يقضى معظم أوقاته في أحضان صاحبات الرايات الحمراء، ولا يعود إلى بيته إلا مكدودا منهك القوى خالي الوفاض من المال والعافية.

وما كانت المرأة تجرؤ على الإنكار أو الاعتراض عليه، وكان الآخر يمضى الشهر تلو الشهر عند الزوجة الجميلة، ويؤثرها على أولاده بالهدايا والأموال الطائلة، ولا تجرؤ الأخرى أو الأخريات ولا أولادهن على النطق بكلمة واحدة إزاء هذا الظلم الفادح.

ومنذ فترة والحديث عن تعدد الزوجات لا ينقطع سواء في جلسات الرجال أو النساء أو في المجالس المشتركة، وفي الغالب يتخذ الرجال موقف المؤيدين مهما اختلفت الثقافات والأعمار فيما بينهم، فمنهم من يتعلل بأنه بذلك يحتذي بالرسول الكريم صلوات الله عليه وسلامه، ويحقق سيرته ويسير على نهجه وينفذ شرع  الله وحديثه، ومنهم من يتذرع بأنه بهذا المسلك يساهم في القضاء على مشكلة العنوسة، وفريق ثالث يعلنها بصراحة أنه يريد زوجة يستعيد معها شبابه.

لأن رفيقة عمره التي أصبحت في مثل سنه أصبحت لا تفي بالغرض وبالطبع ترفض معظم النساء هذه المبررات. ومن ناحية أخرى فإن الممارسة الفعلية لتعدد الزوجات لا تحدث في أغلب الأحيان إلا نادراً. فلمواجهة احتياجات أكثر من زوجة واحدة يتطلب في أغلب الأحيان موارد كبيرة.. وهذا قد يضع تعدد الزوجات صعب المنال للغالبية العظمى من الناس ضمن تلك المجتمعات، فمثل هذه الحالات تظهر في العديد من المجتمعات الإسلامية التقليدية، وفي الإمبراطوريه الصينية.

وفي بعض المجتمعات غالباً ما يكون تعدد الزوجات رمزاً يشير إلى الثروة والسلطة، أما بالنسبة للمجتمعات التي يحظر تعدد الزوجات فإنها تفضل الحفاظ على العشيقة أو الزوجة الواحدة فقط.

وفي تفضيلات اجتماعية للتعدد فقد اكتشف الباحثون أن الزواج بامرأة ثانية يؤدي إلى طول عمر الرجل، وبالاطلاع على إحصائيات أعدتها منظمة الصحة العالمية حول البلدان التي تسمح بتعدد الزوجات والنتائج الإيجابية لذلك ومنها أن عمر الزوج الذي يقترن بأخرى يزداد أكثر من غيره بنسبة 12% ، وذكرت صحيفة الدايلي ميل أن الدراسة التي نشرت في مجلة (نيوساينتست) أشارت إلى أن الرجل الذي يتزوج من أكثر من امرأة يكون لديه عائلة كبيرة يحظى برعاية جيدة من خلالها أثناء فترة الكهولة فيعيش فترة أطول.

يعتبر موضوع تعدد الزوجات من الأمور المثيرة للجدل، والتي ترتبط في الأذهان بكثير من المفاهيم والأفكار والانفعالات النفسية للمرأة والرجل على حد سواء، ولم تعد هناك حاجة إلى المزيد من الدلائل على أن هذا الموضوع قد أصبح في مقدمة اهتمامات الناس في المجتمعات العربية والذي يمكن تصنيفه فنيا بين المسلسلات بوصفه اجتماعي أو كوميدي أو درامي، والذي أثار المناقشات والجدل على نطاق واسع في مختلف الأوساط نظرا لمشاهدته بصورة مكثفة عند عرضه، ونظرا لحساسية الموضوع وهو تعدد الزوجات، وما يتعلق به من حساسيات بالنسبة للزوجات والأزواج أيضا، وذلك بالاضافة إلى جوانب هذا الموضوع الاجتماعية والإنسانية والاقتصادية والشرعية، وكذلك الجوانب النفسية في مسألة تعدد الزوجات فالآراء متضاربة ومختلفة وتولد نقاشات حادة جدا.

هناك بعض النقاط التي يجب معرفتها بخصوص التعدد والتي تعتبر هامة للموضوع:
- الاهتمام بالحديث والجدل الذي يدور حول تعدد الزوجات حاليا، وهو تحريك لقضية قديمة لها أهميتها للرجل والمرأة على حد سواء، وليس مصادفة أن تطفو على السطح حاليا وتمثل مسألة جادة يجب أن تكون موضع اهتمام ومناقشة موضوعية حتى وان ارتبطت في الأذهان بالطرائف والإيماءات والابتسامات.

- من وجهة النظر النفسية فان المشكلات الزوجية أصبحت تشكل عبئا كبيرا على العلاقات الأسرية والاجتماعية في السنوات الأخيرة، وأستطيع تأكيد ذلك ليس فقط في العيادة النفسية لحالات الاضطراب النفسي في الرجال والسيدات التي تنشأ عن الصراعات الزوجية، ولكن أيضا من خلال الملاحظة ورصد الخلل الذي أصاب علاقات الزواج في المجتمع العربي، ومنها بعض من حالات أصدقاء أعرفهم، وحتى حالات الجرائم الأسرية على صفحات الحوادث في الصحف.

-وهنا نقف أمام الرؤية النفسية لظاهرة تعدد الزوجات وهي ليست حكرا على المجتمعات العربية الشرقية وليست مرتبطة فقط بالثقافة الإسلامية رغم أنها – من المنظور الإسلامي – عمل مشروع، وممارسة لها ضوابطها في القرآن والسنة، وتسمح بها بعض المجتمعات البدائية أيضا كما تسمح بها بعض الطوائف المسيحية مثل المورمون، وفي دراسة نفسية منشورة حول بعض الجوانب النفسية لتعدد الزوجات قمت بها على عينة من السيدات وتم مناقشتها في مؤتمر عالمي للطب النفسي، وكذلك تم نشرها في دوريات علمية وفيها تم عرض الحقائق التالية حول تعدد الزوجات.

تشير الأرقام الى أن ظاهرة الزواج المتعدد ليست واسعة الانتشار في البلدان العربية، وطبقا للإحصائيات المتاحة فإن النسبة في مصر هي 4% من حالات الزواج وتزيد قليلا لتصل إلى حوالي 5% في سوريا والعراق، بينما تصل في دول الخليج إلى نحو 8% لكن هذه الأرقام الرسمية لا تعبر عن واقع الحال حيث توجد نسبة أخرى من الحالات تمثل الزواج غير الرسمي أو غير الموثق الذي يطلق عليه أحيانا العرفي أو السري.

يتراوح الاتجاه والقبول الاجتماعي لتعدد الزوجات في المجتمعات العربية بين التسامح مع الظاهرة وقبولها في دول الخليج إلى القبول الجزئي في أماكن أخرى مثل المجتمع المصري أو الرفض التام والمنع بموجب قوانين ومثل ما يحدث في تونس، ولكن في بلد أخر هو السودان، هناك دعوة رسمية وتشجيع لتعدد الزوجات، ولكن الغالب أن وصمة ما ارتبطت بالزواج المتعدد، ونظرة عامة اجتماعية لا ترحب بتكرار الزواج وتنظر لمن يفعل ذلك على أنه قام بعمل غير مقبول.

ومن الطريف جداً ما قابلناه أثناء التحقيق هذا الرأي للكاتبة "نوال السعداوي" و التي قالت: " إن الأديان التي تبيح تعدد الزوجات نشأت في مجتمع طبقي وعبودي".

وقد دعت فى سياق اعتراضها على قضية تعدد الزوجات إلى إلغائه باعتباره لا يمثل حلاً إنسانياً، كما طالبت بمنح المرأة الحق في تعدد علاقاتها الجنسية مثل الرجل، بدعوى أن ذلك يحقق المساواة بين الجنسين.

وقد بررت موقفها هذا بقولها " لماذا نفرق بين الرجل والمرأة، ونسمح للرجل بأن يقيم علاقات مع أخريات، بينما نمنع المرأة من أن تقيم علاقات مع رجال آخرين؟!! ففي الوقت الذي نمنع فيه المرأة من إقامة علاقات، نطلق العنان للرجل ونسمح له بالزواج على زوجته" كما ترى أن تعدد الزواج فيه تقليل من شأن المرأة ويجعلها في مستوى أدنى من الرجل.

ومن هنا ننتقل إلى نقطة أخرى وهى ماذا يحدث لو لجأت المرأة إلى "الخلع" بدلا من إعطائها الحرية بإقامة علاقات جنسية متعددة، وهل حقا أكثر حالات الخلع أو الطلاق تأتى بسبب لجوء الرجل إلى التعدد؟.

كما أيدت "السعداوي" الزواج العرفي بين الشباب والفتيات، مخالفة الآراء التي تحذر من هذا النوع من الزواج، بسبب عدم تقييد الرجل بشروط تضمن للمرأة حقوقها الشرعية، ولا يتحقق في ظله الاستقرار، فضلا عما يترتب عليه من مشاكل قانونية، مثل الاعتراف ببنوة الطفل الذي ينجم عن هذا الزواج.

وبررت تأييدها بأن الزواج العرفي "يعد حلا لمشاكل الزواج الرسمي، ويكفي أنه تم بتراض من الطرفين وبكامل حريتهما وإرادتهما، فهما اختارا هذا الزواج بحرية"، وعلى خلاف الآراء المعارضة، قالت: "أرى أنه يحقق المساواة بين الرجل والمرأة، فلماذا نقف ضده ونلعنه في كل وسائل الإعلام، فعلينا ألا نناقض أنفسنا وأن نعترف بالحقيقة ولا نخبئ رؤوسنا في الرمال كالنعام"!!!!! لا تعليق.

و في ختام تلك النبذة نود طرح بعض الأسئلة التي تأتي على أذهان الجميع وهي:
هل يمثل تعدد الزوجات مشكلة، أم هو حل للمشكلات الأسرية والاجتماعية؟ هل تكفي زوجة واحدة ؟ أم أن التعدد مطروح كحل يجب اللجوء إليه فقط عند الضرورة ؟ لماذا تثار هذه القضية كثيراً في الفترة الأخيرة؟ هل بسبب المشكلات التي يواجهها المجتمع العربي (العنوسة وارتفاع سن الزواج)؟ أم أنها رخصة وأمر مباح يستغله الرجال على حساب النساء؟.

هذا وقد سعينا لمعرفة الآراء حول التعدد من خلال مقابلة بعض الأشخاص الذين تباينت آراؤهم بالفعل حول قضية التعدد.
- تقول "سلمى مدحت " 20 عاما، غير متزوجة: "لا أوافق على فكرة التعدد إطلاقا، لكن هناك سبب لذلك فلم النظر إلى أخرى؟؟!
وإذا كنت أنا قائمة بواجباتى الزوجية وأرعى أولادى رعاية تامة فلم يتوجه إلى تلك الفكرة، أما لو هناك سبب فالطلاق هو الحل الأفضل هنا".

- أما عن "نيفين محمود" 19عاما، غير متزوجة فتقول: "أرفض فكرة تعدد الزوجات لأن الزوج لا يستطيع أن يعدل بينهما، وإذا كان الدين قد شرع تعدد الزوجات فقد وضع له عدة شروط واستثناءات معينة".

والاستثناءات مثل أن تكون الزوجة عاقرا، وهنا يكون التعدد حقاً له وبموافقة زوجته الأولى، وفى حالة عدم موافقتها فاللجوء إلى الطلاق يكون أفضل. وإذا تزوج هو بأخري فهذا حقه وهو غير مذنب فى تلك الحالة ولا يكون ذلك ظلما لزوجته الأولى، فأنا أرى أن هذا هو الاستثناء الوحيد، وغير ذلك فأنا لست مؤيدة لتعدد الزوجات مادمت قائمة بواجباتى الزوجية، وليس لدي أية مشاكل أخرى".

- وعن "شروق محمد" 23عاما: "أنا لست مؤيدة لفكرة التعدد، ولا أحب أن يتزوج زوجى بواحدة أخرى مادمت غير مقصرة فى حقه، ولو تزوج من أخرى فسوف"أقتله" (مع العلم أن خطيبها كان جالسا بجوارها أثناء التحقيق).

- تقول "رحاب محمد" 24 سنة، غير متزوجة: "التعدد هو من الشرع و أنا لا أستطيع أن أقف أمام التعدد بشكل عام، ولكن بشكل خاص فإني أعارض التعدد إطلاقاً وأرفض أن يتزوج زوجي مرة ثانية إلا في حالة واحدة أن أكون مقصرة في حق زوجي في بعض الأشياء مثل عدم الإنجاب، إن القضية من الأساس تعتمد على حكمة الرجل والتي بها يمكن أن يرضي زوجته إن كانت واحدة أو يرضي بها زوجتين أو أكثر ويوفق بينهن، ولكن من رأيي الشخصي أن الرجل الذي يريد أن يعدد في الزواج بدون أي سبب فهو رجل عديم المشاعر".

ومن جهة أخرى قالت رحاب إن التعدد من الممكن أن يكون سبباً من أسباب الطلاق الشائعة. و من ناحية أخرى تقول إنها توافق على الزواج بشخص والده معدد في الزواج مادامت شخصيتها تتوافق مع شخصية هذا الشخص. 

- شهاب 23 سنة غير متزوج يقول: "إن التعدد من أصول الشريعة ولكن التعدد في الوقت الحالي غير منتشر إطلاقا وذلك بسبب سوء الظروف المادية، أما إن كانت هناك ظروف مادية جيدة فلا حرج حتى يستوعب المجتمع أعداداً كبيرة من النساء الغير متزوجات".

أما عن رفض النساء القاطع للتعدد فهو ناتج عن عدم علم بالأحكام الشرعية، والتعدد ليس له علاقة بحالات الطلاق إطلاقاً ولكنه يعمل على الترابط الأسري الجيد، وإن تيسرت لي الامور وساعدتني على التعدد فسأخوض الأمر بدون تردد.

- أحمد سيد 27عاما، غير متزوج، يقول:"لا أوافق على فكرة تعدد الزوجات حيث إنه يؤثر على المعيشة وعلى الحياة ذاتها، وفى مصر هناك نسبة بسيطة جدا من تعدد الزوجات.

وفى زمننا هذا فزوجة واحدة تكفي، أما إذا كانت هناك مشاكل فعلى الزوج أن يطلق الأولى ويتزوج ثانية، والسبب فى ذلك أن الأولى هى سبب التعاسة فى حياته فلماذا تبقى معه، وحتى مع وجود أطفال فالطلاق هو الأولى هنا".

- محمود عوض 22عاما: "أنا لست معارضا لتعدد الزوجات مادام قادراً ماديا على تحمل تلك النفقات، وهذا لأن نسبة البنات قد ازدادت فى زماننا هذا، وأنا قد ألجأ لذلك لحل مشكلة العنوسة، وأهم شىء عندي هو أن أعدل بينهما".

- منى حسن 45عاما: "التعدد هو شرع الله ولا نستطيع نحن تحريمه، لكن أن يكون بشروط، وإذا أراد الزوج أن يعدد فينبغى أن يكون له أسبابه فى ذلك، وكذلك تكون عنده المقدرة المالية التى تفى بمتطلبات جميع الزوجات والأولاد وأيضا المقدرة فى العدل بينهما فى الأمور الظاهرية، وأنا إذا كانت عندي مشكلة ما فأوافق على زواجه من أخري".

- تقول نوال إبراهيم 50 سنة متزوجة: إنها لا تؤيد التعدد إن كانت الزوجة تؤدي مهامها على أكمل وجه، والزوج لا ينقصه أي شيء من ناحية زوجته، فما الداعي للزواج بأخرى خصوصا إن كان هناك اتفاق بين الزوج وزوجته في غالب الأشياء.

لاشك أن التعدد يؤدي إلى مشاكل أسرية حيث من الممكن أن يكون هناك نزاع بين الزوجات وبعضهن. فقد يتزوج الزوج بأخرى إن كانت لديه قدرات مادية وحكمة، وإن لم يكن قادراً فلا حاجة للتعدد وليكتفِ بواحدة فقط.

يعد تعدد الزوجات من الأسباب الرئيسية للطلاق أو الخلع وقد يؤدي إلى مشاكل كبيرة من تفكك أسري وغيره إن كانت الزوجة تغار على زوجها.

في زمننا الحالي لا يوجد أحد قادر على تعدد الزوجات بسبب المشاكل المادية أو الاقتصادية إلا في طبقات معينة من المجتمع كالفئات رفيعة المستوى والفئات الفقيرة أيضاً من حيث الثقافة والمال".

تقول كوثر إبراهيم 47 سنة "متزوجة": إنها لا توافق على التعدد إطلاقاً لأنه يؤدي إلى المشاكل العائلية، ولكن قد يلجأ الزوج إلى التعدد في بعض الظروف مثل تقصير الزوجة في بعض الأشياء.

لا أعتقد أن التعدد سبب رئيسي في الطلاق، ولكنه يؤدي إلى حدوث تفكك في العلاقات الأسرية ولو جاء زوجي ليخبرني أنه سيتزوج بثانية سأتركه ولا أبالي" .

- هانى مصطفى 46عاما "متزوج من واحدة": "أنا لست مع التعدد، وهذا لأنه من أجل النجاح فى الحياة الزوجية فلا بد من التركيز، والتركيز يأتى مع زوجة واحدة، أما مع تعدد الزوجات فتكثر المشاكل مما ينتج عنه تشتيت للذهن وعدم التركيز فى الحياة الواحدة، الأمر الذى سوف يؤثر سلبا على الزوجتين".

- محمد عوض 52عاما "متزوج من واحدة": "إذا كان الرجل يملك المقدرة لأن يتزوج بأكثر من واحدة وأن يعدل بينهما فلا توجد مشكلة فى ذلك. وأنا كان لدي المقدرة على ذلك ولكنى لم أتزوج بأخري لأن زوجتي كانت صغيرة ولم أستطع النظر إلى امرأة غيرها".

- ابراهيم عبد المنعم 56عاما "متزوج من اثنتين": "انا متزوج باثنتين وحكايتى من البداية أن زواجى الأول كان من قريبتى وكانت زميلتى فى الجامعة فتزوجتها من أجل إرضاء الأهل فقط، أما الثانية فتزوجت منها بحثا عن الحب وهى الآن فى الـ35 من عمرها، والعلاقة بين الزوجتين طيبة جدا وكل منهما تتحدث إلى الأخرى بلا ضغينة، وأنا لدي من زوجتى الأولى بنت وولد الأولى دكتورة والثانى مهندس، ولدى من زوجتى الثانية ولدان فى المرحلة الابتدائية، والأخوة الكبار يقومون برعاية أخواتهم وزيارتهم فى منزل زوجتى الثانية، بل ويقوّمونهم ويرشدونهم لما فيه الخير والنجاح فى حياتهم.

وأنا لا أرى أن العلاقة بين الزوجتين يشوبها أى نوع من الغيرة والحقد، بل كل منها تتلقى مني الحنان والحب والرعاية وأنا أعدل بينهما كل العدل. وإن كنت أقضى بعض الوقت مع زوجتى الثانية، فهذا من أجل تربية الأطفال الصغار، أما بيت زوجتى الأول فلا يحتاجنى كثيرا حيث إن الأولاد قد كبروا وشقوا طريقهم بأنفسهم، وزواجى من اثنتين لم يؤثر على البيتين اطلاقا ولا على المودة، أو تربية الأطفال، فالحياة تسير بمنتهى الهدوء والحب".

أما عن رأي علماء الدين:
فقد سألنا الدكتورة سعاد صالح أستاذ الفقه المقارن بجامعة الازهر وقالت: "إن التعدد في الشرع مُباح لمن يحتاج الزواج من أخرى بشرط القدرة على العدل بينهما والعدل بين الأبناء، أما في حالة عدم القدرة على ما سبق فلا يجوز له أن يتزوج بأخرى ولا يمنع الشرع إخبار الزوجة الأولى بنية الزواج بأخرى، بل إن القانون المصري ألزمه بذلك حتى لا يؤدي ذلك بالمرأة إلى انهيار نفسي مما ينتج عنه طلب المراة للطلاق ولكنها قد تبقى لأطفالها فقط ليس إلا.

أما بالنسبة للناحية الاجتماعية فإنه لا يجوز الإفراط و التعدد في الزواج وذلك بسبب سوء الأحوال المادية والاقتصادية، ونحن في هذه الآونة نرى من هو غير قادر على كفاية بيته الأول وينوي تعدد الزوجات بزعم أنها سنة وهذا لا يجوز فالنبي صلى الله عليه و سلم له خصوصية معينة، وقد أمره الله من خلال الوحي بتعدد الزوجات ولكن يمكننا الاقتداء بالنبي في المعاملة والأخلاق الحسنة وحسن معاملة المرأة".

وأضافت الدكتورة سعاد قائلة: "إن التعدد لا شك أنه ينتج عنه طلاق أو خلع فهناك علاقة وثيقة بين التعدد الظالم وبين الطلاق، فالتعدد يؤدي إلى التفكك الأسري فهو يميل إلى زوجة عن الأخرى وهذا يؤدي إلى تقصير، مما يجعل الزوجة الاولى تشعر بظلم بين وكذلك في الأبناء أيضاً.

أما عمن يريد التعدد وهو لا يقدر على التعدد أصلاً فأقول له إن ما تنوي عليه يؤدي إلى الإثم وعصيان الله عزوجل فبما يفكر فيه يتجوز حدود الله في التعدد، فلقد جاء التعدد لرفع الظلم عن المرأة وليس لظلمها، وجاء التعدد لاستقرار المرأة وليس لقلقها واضطرابها نفسياً.

أنا عن نفسي أرى تزايد نسبة تعدد الزوجات وذلك لانتشار موجات التشدد والتعصب في مصر والتي تنادي بالتعدد دون وعي كامل، فهم يدعون للتشبه بالنبي صلى الله عليه وسلم ولكن أين هم وأين النبي صلى الله عليه وسلم ؟ فقد قال الله "إنك لعلى خلق عظيم" فهل نحن مثله؟.

وعن رأى خبراء التنمية البشرية فى تلك القضية:
لقد تحدثنا إلى الأستاذة "رضا السنوسي" المدربة المحترفة ورئيس مدربي المركز الكندي فى التنمية البشرية وكذلك المساعد الأول لدكتور إبراهيم الفقى قائلة: "أنا أوافق بشدة على فكرة التعدد ولا أستطيع أن أعترض عليه، حيث إنه من الشرع ومن منا يقوى أن يعترض على شىء قد حلله الله عز وجل؟؟َ! وأنا متزوجة وزوجي متزوج بأخري وليس بيننا أية مشاكل على الإطلاق، ولا أغار من زوجته الأخري فهى أم أولاده وأنا حبيبته.

ووجهة نظري عن التعدد أنه يحدث بسبب عدم قدرة الزوجة على إعطاء زوجها ما يريده، فالرجل خُلق من أجل إشباع غريزته الجنسية، ومن ثم فهو يبحث عن الزوجة التى تشبع غريزته تلك. وليس كما هو السائد فى مجتمعاتنا عن الزوجة التى تكون"ست بيت شاطرة أو بتربي الولاد كويس"، وإذ لم يجد الرجل هنا ما يريده سوف يلجأ بلاشك إلى امرأة أخري.

وعن تأثير التعدد على نفسية المرأة فأعتقد أن المجتمع هو من قام بفعل ذلك، حيث إنه من المعروف أن تكوين المرأة الإدراكي ينشأ بعد سبع سنين. لذا فيتكون بداخلها فكرة أن الرجل عندما يتزوج بأخرى فهو يخون زوجته، وتبدأ بالتعامل وتكييف حياتها على هذا المفهوم.

أما إذا كانت المرأة كالمرأة السعودية مثلا أو أى من دول الخليج، فستنشأ وتجد نفسها قد ربُيت فى بيت ومعهم زوجة أبيها. ومن هنا ستكون فكرة التعدد بالنسبة لها سمة أساسية، ولا تعتبره خيانة للزوجة.

ومن ناحية أخرى فأنا لا أرى أن الأطفال سوف يتأثرون كثيرا بالتعدد، وهذا لأن الرجل عندما يجد ما يريده عند زوجته الثانية فسيشعر بالراحة النفسية مما سينعكس على أطفاله وكذلك زوجته الأولى.

وكذلك فإن هناك فئات كثيرة من النساء التى ترغب فى أن يكون الرجل متزوجاً بأخري، وذلك نظرا لانشغالهن بأعمالهن أو أن المرأة لا تنجب. وتلك النساء لا تقوى أن تعيش زوجة "full time"، لذا فالتعدد بالنسبة لها هو الحل الأمثل والأفضل على الإطلاق.

وأنا كما ذكرت آنفا زوجي متزوج بأخري وكذلك أخى متزوج بامرأة أخري، ونعيش حياة مستقرة وهادئة جدا والزوجات على علاقة جيدة ببعضهن وكذلك الأطفال. ومن هنا فأنا لا أجد أية مشكلة للتعدد، بل إنه يمكن أن يكون حلا للعديد من المشاكل.

وعلى المرأة أن تتقبله بشكل طبيعي ولا تقوم بنبذه، أما إذا كانت ترفضه كل الرفض فعليها أن تنظر إلى نفسها أولا، فالزوج لا يبدأ فى البحث عن أخري إلا بسبب زوجته، ومن هنا كان واجبا عليها إرضاؤه "كأنثى" وليست كأم أو ست بيت؛ لأن هذا هو كل ما يريده ويفكر به الرجل، وإن فعلت ذلك فستضمن أن يظل بجانبها طيلة حياته".

وعن رأي القانون فقد اتجهنا إلى المحامين لنعرف رأيهم:
يقول "عادل سيد" 53 سنة ويعمل محامياً: "إن تعدد الزوجات من الناحية القانونية غير ممنوع، ولكن القانون يلزم الزوج إخبار زوجته الأولى بزواجه من الثانية، ويعطي هذا الإخطار للمأذون، وللزوجة الأولى الحق الكامل في طلب الطلاق من زوجها ويكون من حقها رفع دعوى طلاق من زوجها في خلال سنة من تاريخ إخطارها بالزواج الثاني، وبعد مرور هذه السنة فيسقط حقها في طلب الطلاق .

أما عن تعدد الزوجات من الناحية الاجتماعية فله آثاره على الحياة الزوجية وفى أغلب الأحوال فإن الزواج الثاني لا يستمر حيث لا يستطيع الرجل أن يعدل بين زوجتين. وأغلب حالات طلب الخلع من الزوجة تكون بسبب الزواج الثاني أو تعدد الزوجات.

جرائم القتل غالبا ما يكون سببها تفكير الرجل في الارتباط بزوجة أخرى فمجرد التفكير فقط يجلب التفكير في القتل.

في النهـــاية نستيطع أن نقول إن التعدد يُعتبر عدواً لمعظم النساء في مصر أو غيرها من البلاد، ولكن إن كانت هناك شروط وظروف معينة فلا مانع لديهن".