بعد سنوات الرواج .. الأزمة الاقتصادية تؤثرعلي جراحات التجميل

لقد كانت دائما لحظات رائعة في حياة جولدي أنتوني. فكل ستة أسابيع أو ما يقارب ذلك، وكنوع من التشجيع الشخصي، اعتادت هي ومجموعة من صديقاتها الذهاب إلى جراح التجميل في بيفيرلي هيلز لعمل القليل من التعديلات ـ تكبير الشفتين وإزالة تجاعيد الجبهة. وقد قالت عنه إنه «فنان». وبعد ذلك، وفي مزاج خال من الهموم، تذهب السيدات للعشاء في مطعم شهير. فأزمة القروض والعقارات والانحدار العام للاقتصاد قد أوقعت مجموعة أخرى من الضحايا.


تعمل أنتوني في مجال العقارات وهي عرضة للظروف الحالية ولا يمكن لعمليات التجميل ـ التي تتكلف 1800 دولار أو أكثر ـ أن تظل في حدود ميزانيتها. والأمر نفسه يسري على الأخريات في مجموعتها. تقول أنتوني التي تبلغ من العمر 41 عاما وتبحث عن وظيفة جديدة لأن عملها في مجال الرهن العقاري قد قل: «لقد اعتدنا على الذهاب سويا. ثم بدأنا نقول: «لا أستطيع الذهاب الأسبوع المقبل» لم يكن معنا نقود ولكننا كنا نخجل من قول ذلك. لقد كنت أفضل الذهاب على الخروج للعشاء، ولكن الأمر قد ساء تماما».

وما كان يحدث في بيفرلي هيلز كان يحدث في معظم البلاد. وبعد أعوام من النمو المستمر، يبدو أن العمل في مجال جراحات التجميل ينحسر. ولا يحب الأطباء الحديث في ذلك إلى الجمهور، ولكن الجراحين من ساوث لاند إلى ساوث كاليفورنيا يقولون إن زملاءهم يكافحون من أجل الاستمرار في العمل. وقد أوضح أحد العاملين الرواد في مجال زراعة الصدر أن العمليات الجراحية قد انخفضت بشكل كبير خلال نهاية العام السابق.

يقول الدكتور ريتشارد داميكو رئيس الجمعية الأميركية لجراحات التجميل والذي يعمل في نيو جيرسي ويدرس في كلية الطب بنيويورك: «أعتقد أننا سوف نشعر بذلك. عندما يقلق الأفراد بشأن الاقتصاد، فإنهم يميلون إلى اقتطاع نفقات الأشياء غير الضرورية». في الوقت الذي تواجه فيه ملايين الأسر فقدان منازلها وإمكانية مواجهة الخراب الاقتصادي، يكون عمل النساء والرجال هو الأولوية دائما.

ولكن جراحات التجميل كانت هي الصناعة التي تدر مليارات الدولارات في العام الماضي، ولذلك فإن انحسار هذه الصناعة يعتبر خسارة في أكثر من اتجاه. لقد جمع الأطباء وحدهم أكثر من 12 مليارا كأتعاب لهم، وأكثر من ذلك للممرضين وأطباء التخدير وحجر العمليات والمواد وغير ذلك من التكاليف.

ويتعاظم التأثير الاقتصادي عندما يتدخل عامل الانحدار المتوقع في بقية «قطاع العناية الصحية الترفيهية» بما في ذلك عمليات جراحة تصحيح مشكلات الرؤية. يقول جيف فيكسو وهو محلل في مورنينج ستار: «في الوقت الذي كان الإنفاق على الرعاية الصحية بصورة كلية يتحرك بشكل مستقل عن الاقتصاد ـ في الجانب الآمن ـ ولكن الحال ليست هذه مع جراحات التجميل. فثقة العملاء تنخفض، ومن الواضح لنا جميعا أن عدد العملاء سوف ينخفض».

يقول داميكو: «لا تقوم هيئة جراحات التجميل الأميركية بعمل إحصاءات شهرية. وقد شهد العام الماضي انخفاضا ملحوظا في أكثر من نوع من العمليات مثل شد الوجه، في الوقت الذي زادت فيه العمليات الأقل تكلفة. وقد زاد عدد العمليات الإجمالي بنسبة 7% ولذلك يظل عام 2007 عاما جيدا لمعظم الزملاء».

وبعيدا عن الناحية الاقتصادية، فإن هناك بعدا آخر: لقد كانت جراحات التجميل مقتصرة على المشاهير والأثرياء فقط، ولكنها الآن أصبحت شائعة ـ ويرجع الفضل في ذلك جزئيا إلى عروض التلفزيون والازدهار الذي جعل مثل هذه العمليات في متناول عدد كبير من الأفراد. وقد لحقت عمليات التجميل و«شد الجسم» بالملابس والسيارات الفاخرة والمطابخ والحمامات الحديثة، كرمز على الحياة الرائعة والنجاح الذي يطمح إليه الجميع.

يقول الدكتور روبرت كوتلر وهو جراح في بيفرلي هيلز تخصص في جراحات الوجه: «لا يمكن لأحد أن يعتمد على عمل يعتمد على الثروة، لأنه ليس هناك العديد من الأغنياء دائما.

والحقيقة هي أن جراحات التجميل أصبحت شائعة عندما جذبت إليها أصحاب الطبقة المتوسطة: مضيفي الطيران وأصحاب المهن وسيدات الأعمال ـ ممن يكون المظهر هاما بالنسبة إليهم».

وفي لوس أنجليس وهي عاصمة العالم في جراحات التجميل، يأمل الأطباء في أن توفر العولمة المزيد من العمل. وبعضهم ينظر إلى العملاء الأوروبيين الذين يمكن أن يشجعهم ضعف الدولار وأن يجمعوا بين إجراء جراحات التجميل وقضاء إجازة في هوليوود.

يقول الدكتور ستيوارت لندر المتخصص في جراحات زيادة الصدر: «هذه هي قبلتهم. أعرف سيدات يسافرن من جميع أنحاء العالم ليأتين إلى بيفرلي هيلز».

ولكن لندر يقول إن عملياته قد انخفضت بنسبة 5% خلال يناير وفبراير (كانون الثاني وشباط) الماضيين. وقد سمع أن بعض الأطباء قد انخفضت عملياتهم بنسبة 30% إلى 40%.

ويحاول العديد من الأطباء التحول إلى عمليات أقل تكلفة أو إلى عمليات إعادة التأهيل لمرضى السرطان وغيرهم وهي العمليات التي يغطيها التأمين. وقد أفاد كوتلر الذي ساعد في نشر عمليات التجميل على التلفزيون وعن طريق كتاب قام بتأليفه، بأن أعماله قد انخفضت كذلك. وقد أفاد بقوله: «ما نقوم به هو اختيار يحدده المريض. وليست هناك حاجة طبية عاجلة».

وفضلا عن ذلك، فبالنسبة للمرضى، قد يكون الحافز العاطفي كبيرا. فجودي ويد التي طلقت عام 2005 بعد 35 سنة من الزواج، قامت بعملية شد وجه حيث تأمل أن تعيد لها الحياة الاجتماعية. وتبلغ ويد من العمر 66 عاما وهي سيدة أعمال من لاس فيجاس وتمتلك منزلين للإيجار في هذه المدينة وفي فلوريدا بانهاندل.

ومنذ بضع سنوات، بدا أن الاستثمار في فلوريدا مثمرا للغاية، وكانت العقارات في بنما سيتي ترتفع سريعا. ولكن الإيجارات انخفضت منذ ذلك الحين، ولم تنخفض تكلفتها. وقد قالت عن العملية التي كانت تخطط لها والتي تكلف 29000 دولار: «لا أستطيع أن أتحمل شيئا ليس في مقدوري. إن الأمر لا يعدو كونه رغبة عاطفية، ولا أستطيع أن أسمح لنفسي بعمل ذلك».

أما كاثي هولنجزورث فهي لا تعمل في مجال العقارات ولكنها تدير محلا للملابس. ولكنها تقول وهي الأم التي تبلغ 42 عاما ولها طفلان وتعيش في سان جاسينتو أنها كانت تدخر 20.000 دولار للعملية ولكنها لا تعتقد أن ذلك سيكون فكرة جيدة لعائلتها في ظل الأوضاع الاقتصادية القائمة. وقد قالت هولنجزورث التي كانت تزن 300 رطل وقامت بإجراء جراحة فقدت بعدها 170 رطلا: «لسوء الحظ، لقد تركوا معي كل الجلد».

لقد كان من الممكن إجراء جراحة تدبيس للمعدة وزيادة في حجم الصدرين، ولكن ذلك مؤجل في الوقت الحالي. ويبدو أن عمل زوجها في شركة هندسية يوفر لها الأمان ولكن المنزل الذي اشترته الأسرة منذ سنتين ونصف قد فقد قيمته. وفي الشارع الجديد الذي يسكنون فيه ترك نحو أربع أو خمس عائلات منازلهم. وتقول: «إذا لم نكن قد تعرضنا للخسارة في هذا المنزل، فربما كنت قد أخذت المال وقمت بإجراء العملية. ولكن عائلتي تحتاج إليه. سوف أرى إلى أي مدى يمكنني ارتداء حزام الوسط».