«مستر بورتر» .. تزايد الإقبال على التسوق الإلكتروني قد يجعله ثالث أكبر سوق في العالم بعد الصين والولايات المتحدة

 يحتفل بخمس سنوات على إطلاقه بمنتجات مترفة
يحتفل بخمس سنوات على إطلاقه بمنتجات مترفة

الكل بات يعرف أن قطاع الأزياء والإكسسوارات الرجالية ينمو بإيقاع أكبر من نمو قطاع الأزياء والإكسسوارات النسائية، مما شجع على تنظيم أسابيع خاصة به في معظم العواصم العالمية، من لندن إلى نيويورك، لتنافس أسبوعي ميلانو وباريس ومعرض «بيتي أومو» بفلورنسا. 


ما اكتشفه هؤلاء أن تعامل الرجل مع الموضة اختلف تمامًا عما كانت عليه في عهد آبائه وأجداده، من حيث إنه يستمتع بها بشكل علني، ولا يرى فيها تعارضًا مع رجولته أو تأثيرًا سلبيًا على مكانته، بل العكس، فنحن في زمن يتغنى بأن الشكل الجميل والمظهر الأنيق في العقل السليم.

فحسب «ذي وول ستريت جورنال» 11 في المائة من الرجال يستعملون مستحضرات للعناية بالبشرة، 6.1 في المائة منهم اعترفوا بأنهم يشترونها بشكل شهري، وهو ما يقارب 7.4 في المائة، هو عدد النساء اللواتي يقمن بالعملية نفسها في الشهر. 

بحث آخر نشره مكتب «يورومونيتور العالمي» للأبحاث لخص هذا التغير بتقرير أطلق عليه عنوان «قرارات الرجل أصبحت تقلد قرارات المرأة»، والمقصود هنا قراراته فيما يتعلق بالتسوق والتعامل مع مظهره.

فبعد أن كان يستعمل هذه المستحضرات والأزياء من باب وظيفي وعملي في الماضي، أصبح اليوم يستعملها ترفًا ويستمتع بها وبمتابعة كل جديد يُطرح في الأسواق. 

هذه الثقافة الجديدة استغلها موقع «مستر بورتر»، الأخ الأصغر لموقع «نيت أبورتيه» الذي تأسس قبله من أجل المرأة. 

خمس سنوات مرت على تأسيسه تؤكد أنه يكبر بسرعة ويقوى بفضل قراءته الجيدة للتغيرات الاجتماعية والثقافية وفهمه لتأثيراتها على الرجل.

كان الهدف منه منذ البداية تسهيل حياة الجنس الخشن، وتقديم كل ما يحتاجه من أزياء وإكسسوارات فاخرة بضغطة زر. 

وبالفعل مرت خمس سنوات بسرعة البرق، حقق فيها النجاح، وتوسع ليحتضن ماركات جديدة، بعضها عالمي معروف، وبعضها الآخر لا يعرفه سوى الخبراء والنخبة. مما ساعد الموقع على استقطاب الرجل أن هذا الأخير لا يستعذب التسوق فحسب بل مهووس بالتكنولوجيا، وبالتالي كان الموقع بالنسبة له مزيج مفيد بالنسبة له.

بضغطة زر واحدة يمكنه أن يحصل على قطعة متميزة قد لا يجدها سوى بمشقة النفس، وبعد أن يجول لساعات بين المحلات. الآن أصبح بإمكانه أن يشتري سترة من مصممه المفضل، أو ساعة فاخرة، تصل إليه في علبة أنيقة خلال يوم الى ثلاثة أيام، وهو في مكتبه أو حتى مسترخيًا في سريره. وفي حال لم ترق له أو لم تكن على مقاسه، يمكنه أن يعيدها دون تكاليف.

بعبارة أخرى، غير الموقع فلسفة التسوق، وجعلها متعة لا سيما أن الزائر له لا يحتاج إلى اتخاذ قرار آنٍ وهو يتجول فيه، بل يمكنه أن يتفرج على المعروضات، ويفكر مليًا أو يسأل خبيرًا في الموقع عن رأيه في المنتجات التي اختارها، قبل أن يدلي ببياناته ويضغط على الزر. 

ويؤكد مدير الوقع توبي بايتمان أن الفكرة من الأساس كانت تغذيه حاجة الرجل إلى قطع مميزة، وهذا يعني أن يكون الموقع بمثابة محل ضخم يوفر كل ما يخطر على البال من أزياء وإكسسوارات. «فمساحة المحلات الكبيرة، تحدد المنتجات التي يقدمونها للزبائن وأيضًا نوعية الماركات، على العكس من الموقع الذي يمكن أن يسع أكثر»، حسب قوله.

ويضيف أنه لا يتوجه بالضرورة لشاب في العشرينات من عمره، كما يعتقد البعض، «إذ إن الكثير من الزبائن هم فوق الأربعينات. فقد يشتري شاب يبلغ 18 عامًا، مثلا، حذاءً رياضيًا من (نايكي)، ورجل في 70 من العمر، ساعة من (ريسونس) بـ37 ألف دولار».

ما نجحت فيه مواقع مثل «مستر بورتر» أنها فتحت الباب على مصراعيه أمام زبائنها لكي تتفاعل معهم، سواء بتوفير ما يحلمون به ليصل إليهم بسهولة، أو لإسداء النصح لهم بشكل شخصي.

فالموقع يتوفر على خبراء متخصصين يجيبون عن أسئلة الرجل حول ما يناسبه وآخر خطوط الموضة وما شابه ذلك من خدمات من شأنها أن تُقربه منها أكثر.

اليوم يتلقى الموقع ما لا يقل عن 19000 طلبية في اليوم، والعدد في تزايد رغم الأزمة الاقتصادية.

غني عن القول إن المصممين وبيوت الأزياء يتسابقون على توفير منتجاتهم على الموقع. ففضلاً أنه وسيلة لبيع منتجاتهم، يُعرف أيضًا بهم لزبون عالمي قد لا يكون سمع بهم من قبل. فتنويع وسائل البيع لا يضر، وليس مجرد ترف أو «بريستيج».

كما أن انتعاش التسوق الإلكتروني وتزايد الإقبال عليه منذ عام 2009، جعلهم يتسابقون لركوب موجته. فالدراسات تشير إلى أن مبيعاته تضاعفت أربع مرات منذ عام 2009 إلى عام 2014، متفوقًا على التسوق الفعلي في المحلات. 

في عام 2014، وصلت أرباحه إلى 14 مليون يورو، أي ارتفعت بنسبة 50 في المائة عن عام 2013 حسب دراسة قامت بها شركة «ماكنزي أند كومباني» العالمية والمتخصصة في دراسة أحوال السوق وتغيراته. 

وتتوقع الشركة أن ترتفع مبيعات المنتجات الفاخرة على المواقع الإلكترونية أكثر في الأعوام الـ10 المقبلة، من 6 في المائة إلى 18 في المائة في عام 2025، وهو ما سيجعل مواقع التسوق الإلكترونية ثالث أكبر سوق في العالم بعد الصين والولايات المتحدة الأميركية.

دراسات أخرى مماثلة تؤكد أن التسوق الإلكتروني قد يشكل 99 في المائة من المبيعات في المستقبل القريب، وأن الرجل سيكون الأكثر استعمالاً له. وحسبما صرح به مايكل جي وولف، مؤسس ورئيس التنفيذي لشركة الاستشارات التكنولوجية والاستراتيجية «أكتيفايت» فإن الشخص الأميركي العادي يقضي وقتًا طويلاً على أجهزة الإعلام الرقمية، أكثر مما يقضيه في النوم أو العمل. 

وثلث المبيعات من المنتجات المترفة تتم حاليًا عبر وسائل تقنية. شركة ماكنزي تقول أيضًا إنه حتى في حال اشترى الرجل أغراضه من المحلات، فإنه يكون قد قام بالبحث والقراءة عنها عبر الإنترنت.

لهذا ليس غريبًا؛ أن تغير الكثير من بيوت الأزياء والشركات العالمية استراتيجياتها الإعلانية، بتخصيص قسط كبير منها إما لمواقع الإنترنت أو للمدونات وأصحاب الحسابات الكبيرة على «إنستجرام» أو «تويتر». وتتراوح النسبة من 15 في المائة إلى 50 في المائة حسب أهمية الموقع وعدد زواره.