مجموعة تصميمات عبد محفوظ للعروس الرومانسية خلال الربيع

بمجرد أن تقع عيناك على مجموعة المصمم اللبناني، عبد محفوظ، يغمرك شعور بالسعادة، لأنها تؤكد أن الربيع قد حل فعلا، وأن الصيف بكل افراحه وأمسياته السعيدة على الأبواب. فمجموعته «حالمة» بكل ما تحمله الكلمة، استوحاها من الطبيعة المتفتحة، بنبضها وانسيابها، كما بجنونها ورقتها.


مجموعة لا تترك أدنى شك بأن محفوظ نجح في التقاط كل إيقاعاتها وتشعباتها وأيضا بساطتها، ومن هنا جاءت الفساتين تتنفس بعفوية وتلقائية، لا تقيّد المرأة بالقصّات الضيقة، أو تكبّلها بأقمشة ملتصقة، انما تبرز جمالها بتصميمات مريحة تنساب بفنية، بعيدة عن التعقيدات والتفاصيل المبالغ فيها. هذا في ما يتعلق بالتصميم نفسه، لأنه كما أكد ليس مصمّما «زاهدا»، وبالتالي لم يمتنع عن استخدام التطريز أو الكشاكش الصغيرة أو الأزهار أو حتى بقع الالوان.

كل ما في الأمر أنه راعى ان يظهر كلّ تفصيل بشكل «خجول» لا يغطي على التصميم أو على جمال المرأة، فالأزياء عموما حسب رأيه يجب ان تكمل المرأة لا ان تغطي عليها، فقط لأن المصمم يريد ان يستعرض مهاراته، الأمر الذي يكون احيانا على حساب المرأة.

أوّل ما يلفت الانتباه في المجموعة هو انسيابية بعض التصميمات من الأكتاف إلى أخمص القدمين، بأقمشة ناعمة ورقيقة تتمايل مع كل خطوة وكل حركة تقوم بها المرأة.

فمحفوظ، باستغنائه عن التفاصيل الضيقة، كان يريد ابراز هذه الحركة، من خلال فساتين تليق برشاقة الأميرات وخفة الفراشات، و«لا تناسب المرأة المتكلّفة»، كما يقول.

فامرأة محفوظ يجب ان تكون واثقة بنفسها ومقتنعة بأن البساطة هي طريق الأناقة والجمال. البساطة بالنسبة لمحفوظ أيضا لا تعني تكرار التصميمات، او رتابة الالوان، بدليل أن هذه الأخيرة كانت متفاعلة مع ألوان الطبيعة الحية، بدءا من أزهارها المتفتحة إلى اشعتها الساطعة. فكان الاخضر والاصفر والاحمر المائل الى الفوشيا أسياد المجموعة، فضلا عن البنفسجي والازرق والبرونزي من دون أن يغيب البنّي.

اما الاسود، الذي لا يبدو ان محفوظ يحبه كثيرا، وهو ما يبدو واضحا في محاولاته الكثيرة للتقليل منه، فجاء يتيما في أغلب الأحيان، مطبوعا بزهرة كبيرة تعانقها أوراق خضراء.

وعلى ذكر الأخضر، فقد كان له نصيب كبير في هذه التشكيلة، على اختلاف درجاته، بدءا من الفاتحة حتى الاكثر دكانة، وجاء يتراقص على قصّات متنوعة انما مستوية عند منطقة الصدر ومن دون اكمام بشكل عام، وإن كانت هناك استثناءات تمثلت في فساتين بكم واحد وواسعة، كما هو الحال بالنسبة لفستان بنّي زيّنه محفوظ عند منطقة الصدر بثلاث مساحات من الثنيات متراصة بعضها فوق بعض، لينساب بعدها الفستان إلى أخمص القدمين.

كانت هناك تصاميم مستوحاة من الأسلوب الفينيقي، حيث ينطلق القماش بعد الحزام الرفيع عند الخصر لينسدل بحرية بشكل لا يتقنه سوى مايسترو متمكن.

وهنا برزت تقنية لافتة اعتمدها محفوظ في اكثر من تصميم وهي الاقمشة ذات الوجهين بلونين متناقضين، البنّي مع الاخضر، مثلا. وفي تصميم آخر، كان اللونان متقاربين هما البيج مع الاصفر.

وفي الحالتين، بدت النتيجة مزيجا متناغما جدا، يليق بذوات البشرة السمراء أو بشرات اللواتي لوحتهن أشعة الشمس فأكسبتهن لونا برونزيا. بالعودة الى نبض الربيع الجليّ في المجموعة، بدا لافتا كسر محفوظ قاعدة اللون الواحد للقماش ولو بواسطة وردة مطبوعة أو منثورة البتلات، كما حصل على قماش أبيض يلتف حول الجسم بعفوية.

وإضافة الى لعبة الالوان التي اتقنها في هذا الزيّ، أجاد انتقاء القماش الناعم الذي يماشي فكرة الربيع بتطايره. فقدّم فساتين من الاورغانزا والساتان والجيرسيه والشيفون والدانتيل، فضلا عن التول المطرّز او المرصّع. هذه «اللعبة» لجأ اليها في أكثر من تصميم حيث «لطّف» الالوان الحادة او الجريئة بتول شفاف أو دانتيل جعله لوحة تشكيلية جذابة.

ولم يفت محفوظ تقديم أعمال تمنح السيدة إطلالة ملوكية، لا سيما اذا كانت تتمتع بقامة طويلة. فقد برع هنا في الجمع بين مفهومين، أو بالأحرى اسلوبين، الاوّل يحاكي المرأة التلقائية والثاني أسلوب الاناقة الراقية.

وهنا لعب على الالوان والقماش، فاختار في احد تصميماته اللون البيج مع «ضربات ريشة» ذهبية، أي بشكل خفيف جدا، وفي اسفله ورود زاهية. وفي تصميم آخر برونزي، برع في تقديم ياقة مرصّعة ومرفقة بحزام أسفل الصدر.

قد يكون السؤال المتكرر الذي يطرح دائما على أي مصمّم هو كيف استوحى مجموعته؟، وهو ما رد عليه محفوظ بطريقة بعيدة عن الكليشيهات المعهودة، بقوله انه يدين بالكثير لفريق عمله الذي أصبح يدرك قواعد اسلوبه وما يريده بعد سنوات من العمل معه.

ولأن فستان الزفاف هو أهم فستان يمكن لأي امرأة ان تلبسه طوال حياتها، ويشكل حلما بالنسبة لاي فتاة، فإنه اختار لمجموعته الأخيرة الخاصة بفساتين العمر عنوان «حالمة» وهي فعلا كذلك، يمكن ان تبدو فيها أي امرأة وكأنها اميرة من قصص الف ليلة وليلة، بفضل لمساته وتقنياته وفهمه لأهمية هذا الفستان.

يقول:«بعد 25 عاما من الخبرة في هذا المجال تشكّلت لدي شبكة من العلاقات في الدول المختلفة من اوروبا وآسيا واميركا. لكنّ الاهم من ذلك هو التواصل المباشر مع المرأة، هذا امر مهم جدا لانه يقرّب المصمّم من الزبونة، وهذا هو لب المسألة في النهاية وهو ما يمكن ان يعطي تصميما ناجحا أو العكس. هذا التواصل جوهري، لا سيما مع العروس وذويها، فهذا يجعلني أدرك مفهومهم لفستان الاحلام».

وهو هنا يؤكد على نقطة مهمة جدا، وهي ان الفستان يجب ان يتماشى مع شخصية لابسته، لأنه في هذه الحالة فقط يشعرها بالثقة بالنفس، والثقة، كما نعرف، هي اجمل وأقوى اكسسوار يمكن ان تتمتع به أي واحدة منا، ومن دون هذا الاكسسوار لا يمكن ان تتألق الواحدة مهما كان التصميم رائعا. وهنا لا بدّ من الاشارة أيضا الى ان مجموعة محفوظ السادسة لفساتين الاعراس هاته، عرضها اخيرا في العاصمة التي يعشقها ويستلهم من رومانسيتها، روما.

فلبستها العارضات واختلن بها وسط الطبيعة والآثار، يغلب عليها الأبيض العاجي والسكري المطعّم بالذهبي، وطبع بعضها الآخر بأوراق فضية وذهبية، أو نثر عليها براعم الازهار، كما جعل حزاما عريضا أسفل الصدر مربوطا بشريط معقود على شكل فراشة... إنها البساطة بجوهرها، ومن سيسعفها الحظ وتلبسها، ستحصل على اطلالة فريدة تجمع بين الرومانسية والكلاسيكية.

عبد محفوظ هذا المصمم المسكون بجمال المرأة، يفكر في إطلاق مجموعته الأولى من أزياء الملابس الجاهزة، لتتمتع بفنيته وإبداعه شرائح اكبر من نساء العالم، خصوصا انه يتوسع بثقة خارج البلدان العربية مثل لبنان ودبي إلى جنيف قريبا.