لماذا لا يجب أهمال خطورة الأمراض غير المعدية؟

من الخطأ أن تولي معظم دول العالم جل اهتمامها لمحاربة الأمراض المعدية، وتخصص لها الجزء الأكبر من ميزانيتها السنوية، في حين أن الأمراض غير المعدية تشكل خطرا أكبر على صحة الشعوب، ومنها الأمراض الناجمة عن تلوث البيئة وعدم إصحاحها، حيث يقدر عدد الوفيات التي تعزى إلى بيئات غير صحية بنحو 12.6 مليون حالة وفاة سنويا، وفقا لتقرير حديث صادر عن منظمة الصحة العالمية «WHO»، تم تقديمه مؤخرا في جنيف.


وتمثل الأرقام التي تم عرضها مؤخرا، جزءا من الطبعة الثانية من التقرير الذي حمل عنوان: «منع المرض من خلال البيئات الصحية: تقييم عالمي عن عبء المرض الناجم عن المخاطر البيئية Preventing disease through healthy environments: a global assessment of the burden of disease from environmental risks».

والجدير بذكره في هذا التقرير أن الكثير من هذه الوفيات يمكن منعها، إذا ما تم اتباع عدد من التدابير، وأنه يتبين منذ صدور التقرير الذي نشر لأول مرة منذ عقد من الزمان، أن الوفيات الناجمة عن أمراض غير سارية «الأمراض غير المعدية (noncommunicable diseases (NCDs» تقدر بنحو 8.2 مليون من هذه الوفيات.

ومن أمثلة الأمراض غير المعدية NCDs: السكتة الدماغية، وأمراض القلب، والسرطان، والأمراض التنفسية المزمنة، وهي تمثل ما يقرب من ثلثي مجموع الوفيات الناجمة عن البيئات غير الصحية.

ومن المعروف أن الملوثات والمواد الكيميائية، وتغير المناخ، وانتشار الأشعة فوق البنفسجية، مسؤولة عن أكثر من 100 مرض، في حين أن الوفيات الناجمة عن الأمراض المعدية communicable diseases، هي في تراجع حاليا، بسبب توفر المياه الصالحة للشرب، وتطور الصرف الصحي على نحو أفضل، والتحسن الواضح في نسبة التغطية باللقاحات، وتوفر الأدوية، واستخدام الناموسيات.

ويتضح من تقرير منظمة الصحة العالمية أن الأطفال الصغار وكبار السن، هم من يتحملون العبء الأكبر من المخاطر البيئية، حيث وجد أن الأطفال من الفئة العمرية دون سن الخامسة، وكذلك البالغين الذين تتراوح أعمارهم بين 50 - 75 هم الأكثر تأثرا.

ووجد في التقرير أيضا أن التهابات الجهاز التنفسي السفلي، وأمراض الإسهال تؤثر بشكل كبير على الأطفال دون سن الخامسة، في حين أن كبار السن يتأثرون أكثر من الإصابة بالأمراض غير المعدية NCDs.

ومن تقرير المنظمة لعام 2012. يتضح بشكل خاص أن الطبقات الاجتماعية من ذوي الدخل المنخفض والمتوسط، في البلدان بمنطقتي جنوب شرقي آسيا، وغرب المحيط الهادي، تعاني عبئا كبيرا من الأمراض المرتبطة بالبيئة، والتي تسببت في وفاة أربعة ملايين سنويا في جنوب شرقي آسيا و3.5 مليون حالة وفاة سنويا في غرب المحيط الهادي. وتشمل الوفيات الناجمة عن البيئات غير الصحية 2.2 مليون في أفريقيا، و1.5 مليون في أوروبا، وتقريبا 850. 000 في أميركا والشرق الأوسط، على التوالي.

وعلقت المديرة العامة لمنظمة الصحة العالمية، مارغريت تشان Margaret Chan، بأن من الضروري أن تبادر الدول لاتخاذ إجراءات جادة لجعل البيئات التي يعيش فيها الناس ويعملون بها أكثر صحية وسلامة، وإلا فإن الملايين سيمرضون ويموتون في أعمار مبكرة. وأكدت على أنه يمكن منع وفاة 1.7 مليون طفل دون سن 5، و4.9 مليون بالغ من خلال تحسين إدارة البيئة، ومن ذلك العمل على خفض انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون CO2، وتحسين فرص الحصول على المياه الصالحة للشرب، والإقلاع عن التدخين، إلخ.