لماذا لاينبغي أبدا أن تطلقي على طفلك كلمة "ذكي"؟

من الطبيعي للوالدين أن يكون لديهما رغبة في مدح طفلهما بكلمات تحفيزية، لكن نعتهم للطفل بكلمة "ذكي" على وجه الخصوص قد يؤتي نتائجًا عكسية وهذا من الناحية العلمية.


لا شيء ينجح مثل النجاح، فكل أب وأم يعلمون ذلك، لكن بمحاولة تعزيز التفوق الأكاديمي من خلال مداومة تكرار إخبار طفلهم أنه ذكي جدا ربما يكون له نتائج عكسية، ويرجع سبب ذلك إلى الآتي:

طبقا لاكتشافات دراسة أجريت عام 2017، كشفت أن الأطفال الذين يعتقدون أن ذكاءهم ثابت هم الأقل ميلا للانتباه وعدم تكرار الأخطاء عن غيرهم من الأطفال الذين يعتقدون أن ذكاءهم ينمو ويتغير، وبإخبار الطفل أنه ذكي يعزز ذلك لديه فكرة أن الذكاء هو منحة وراثية أكثر من كونه مهارة يمكن تقويتها.

وفي الدراسة التي نشرت على الإنترنت في جريدة لعلم الأعصاب الإدراكي التنموي Developmental Cognitive Neuroscience قام الباحثون في جامعة ولاية ميتشيجان بالبحث على 123 طفلًا كانوا تقريبا في السابعة من العمر حيث يواجه الأطفال في هذا العمر تحديًا وهو دخول المدرسة، وقد قام فريق الباحثين بتأهيل الأطفال لتحديد سواء كان لديهم ما يعرف باسم "عقلية نامية" وهو الاعتقاد بأن بإمكان الشخص أن يعمل بجد أكثر ليصبح أكثر ذكاء" أو "عقلية ثابتة" وهو الاعتقاد بأن الذكاء غير قادر على التغير.

وبعد ذلك طلبوا من الأطفال إكمال مهمة على الحاسوب تقيس السرعة والدقة وفي هذه الأثناء يتم تسجيل نشاط المخ لديهم، وفي هذه المهمة يلعب الأطفال لعبة يساعدون بها حارس في حديقة الحيوان على الإمساك بالحيوانات الهاربة ويكون ذلك بالضغط على ذر المسافة عندما يظهر الحيوان على الشاشة، لو لم يكونوا مجموعة من أصدقاء إنسان الغابة.

وخلال التسجيل، دون الباحثون أن نشاط المخ ارتفع خلال نصف ثانية بعد ارتكاب خطأ، لأن الأطفال أصبح لديهم وعي بالخطأ الذي ارتكبوه ولذلك كانوا منتبهين أكثر لما أخطأوا فيه، فكلما كانت استجابة المخ أكبر، كلما ازداد تركيز الأطفال على الخطأ.

وطبقا للبيانات التي جمعوها، توصل الباحثون إلى أن الأطفال أصحاب العقلية النامية أو عقلية النمو كانوا الأكثر في استجابة المخ بعد ارتكاب خطأ ما، وفي المقابل كانوا أكثر قابلية لتحسين أدائهم بمزيد من الانتباه للمهمة التي يقومون بها بعد ارتكاب خطأ.

وبالرغم من أن هناك بحث سابق أوضح أن الأشخاص أصحاب معتقد الذكاء الثابت لا يرغبون في الاعتراف بأنهم ارتكبوا خطأ، إلا أن هذه الدراسة كشفت أن الأطفال أصحاب فكرة الذكاء الثابت كانوا قادرين على التقهقر بعد ارتكاب خطأ، لكن يحدث ذلك فقط لو ركزوا انتباههم الكامل على الخطأ، والمحتوى الأساسي هنا هو أن علينا الانتباه بشكل أكثر لما نرتكب من أخطاء واستخدامها كفرص للتعلم وهذا طبقا لما صرح به مؤلف الدراسة هانز سكرودر لموقع Science Daily.

وبالنسبة للوالدين، فالدروس المستفادة واضحة الآن وهي:
- للمبتدئين لايجب تقديم المجاملات التي توصل للطفل فكرة أن الذكاء شيء ثابت، فلو استطاع الطفل أن يجتاز اختبارًا صعبًا فلا يجب على الوالدين مدحه بحماس مفرط قائلين له أنه ذكي جدا، وبدلا من ذلك يجب أن نقول للطفل أنه حقق نجاحًا باهرًا وأنه قد تمكن من دراسة المادة العلمية بتفوق، وهذه الخطوة الأولى لمزيد من التقدم ليعلم أن التفوق يأتي ببذل الجهد وليس بالذكاء الموروث.

- والأمر الأخر أن التركيز على الاستفادة من الأخطاء للعمل معا والتعلم، وللأسف يخجل بعض الآباء والمعلمين من معالجة أخطاء الأطفال ويخبرونهم بأن الأمر عادي وأنه سوف يحقق النجاح في المرة القادمة دون أن يمنحوهم فرصة لتحديد الخطأ الذي فعلوه، والسبيل الصحيح أن يقوم الآباء والمعلمون بالتأكيد على أن الأخطاء تحدث وعلى الطفل الانتباه والعمل لتحديد أين وكيف ارتكب هذا الخطأ ليستفيد منه بعد ذلك.