الشيخ خالد القاسمي يتحدى الأوضاع بالفخامة وعارضات «سوبر»

أسبوع لندن لموضة الخريف والشتاء المقبلين يؤكد أن الأزمة ستمر والحياة ستستمر
أسبوع لندن لموضة الخريف والشتاء المقبلين يؤكد أن الأزمة ستمر والحياة ستستمر

«قاسمي» اسم لن تنساه أوساط الموضة اللندنية بسهولة، رغم أنها تعرفت منذ مدة على الثنائي الذي يبدعها، الشيخ خالد بن سلطان القاسمي، ابن حاكم الشارقة، وشريكه إليوت جي فريز. فهذه ثالث مرة يشاركان فيها في الأسبوع.


بعد أيام من حالة من التشاؤم والتفاؤل التي سادت أجواء الموضة، نجحا في حملنا إلى عالم الأحلام من خلال عرض يمكن القول إنه الأول من نوعه إلى الآن، لعدة أسباب، نذكر منها ثلاثة على الأقل: أولا هو أول عرض لم يتنازل عن الترف والفخامة، وثانيا أول عرض تختلط فيه الموسيقى مع تصفيقات وشهقات الإعجاب، الأمر غير المعهود على الإطلاق هنا.

 وثالثا هو أول عرض في لندن هذا الموسم تشارك فيه عارضات «سوبر» من كل الأعمار، من الشابة ليلي كول إلى السبعينية كارمن ديل أورويفيس، مرورا بياسمين لوبون وإيرين أوكونر، وكأن الثنائي يتحدى الأزمة المالية ويريد القول إنه لا يُدخلها ضمن أولوياته.

تشكيلته لخريف وشتاء 2009، كما جاء في الملخص الذي وزع على الحضور، تتناول الجانب المظلم من النفس البشرية، وتحكي قصصا عن وجع القلب، لكنه وجع يقوي ولا يضعف، كما جاء.

أما كيف ترجمت هذه الرؤية فمن خلال الكثير من الأسود، بل إن التشكيلة بأكملها كانت سوداء، بما في ذلك القبعات والأحذية.

وعلى الرغم من الموسيقى الحزينة التي صاحبت العرض، ونظرات الحزن في عيون العارضات اللواتي تقمصن دور مكسورات القلب، بشكل يستحققن عليه جائزة الأوسكار، فإن كل ما فيها يثلج الصدر ويشعر بالسعادة، بل إن سوادها بدا بهيجا، خصوصا أن المجوهرات الماسية من هاري وينستون زادته بريقا وألقا.

التصميمات أيضا جاءت تعكس عدم اعترافه بالأزمة، وتخاطب امرأة مقتدرة تريد التميز مهما كلفها الأمر، بطياتها الفنية في فساتين السهرة والمساء، وبتفصيلها القوي في الجاكيتات المحددة والصارمة عند الأكتاف، فضلا عن سخاء أقمشتها التي غلب عليها الكشمير والحرير وجلود الأفاعي والثعالب، صنعت بتقنيات عالية جعلتها تبدو خفيفة ومتحركة.

وما زاد من تميز عرض «قاسمي» اختلاف الحالة النفسية التي خلقها عما يمكن لمسه في باقي العروض، حيث تشعر بأنه بعد سكرة الحماس التي انتابت أوساط الموضة اللندنية في اليوم الأول، من باب التضامن أو من باب الوطنية، جاءت الفكرة في اليوم الثاني، وبدأ الحضور يشعرون بمدى تأثير الأزمة على العاصمة.

فكرة بدأت تتوضح بعد إدراكهم غياب وجوه مهمة، مثل أماندا وايكلي التي كانت من ضحايا الأزمة، واضطرار البعض الآخر إلى تنظيم معارض عوض عروض، من أمثال «أنتوني أند أليسون»، و«أميناكا ويلمونت»، و«موديرنيست»، و«دورو أولوو» و«ماريا غراشفوغل»، مع العلم أن هذه الأخيرة من المفضلات عند أنجلينا جولي، وسكارلت جونسون وإيما تومسون من زبوناتها، ومع ذلك لم تسلم.

وفي أحسن الحالات كانت هناك عروض لكنها على نطاق صغير جدا بعدد عارضات أقل من المعتاد، لهذا ليس غريبا أن تكون الآمال منصبة على ماركة «توانتي 8 تويلف» للنجمة سيينا ميللر وأختها سافانا، والاسم هو تاريخ ميلاد سيينا في يوم 28 من شهر 12، لتعزز الأسبوع وتضفي عليه بعض الحيوية. إلى جانب مواهب صاعدة مثل ويليام تامبيست، الاسم الذي يثير الكثير من الاهتمام حاليا، وكريستوفر كاين، وغاريث بيو، والوجوه المخضرمة التي أصبحت من ركائز هذا الأسبوع ولا يكتمل من دونها، من أمثال فيفيان ويستوود، وبول سميث، وبيتي جاكسون، وجوليان ماكدونالد، وهلم جرا.

عن لندن، يمكن ذكر الكثير من السلبيات عن اقتصادها وبعض جوانب ثقافتها، لكن لحسن حظها أنها لن تعاني من أزمة مواهب على الإطلاق، فهي تؤكد كل موسم أنه لا يزال في رحمها العديد من المبدعين، وأن شبابها الصاعد لا يزالون يتمتعون بروح المغامرة لكونهم لم يدخلوا غمار العمل بعد، ويتطلعون إلى تحقيق مكانتهم في هذا المجال. والمقصود هنا طلبة «سانترال سانت مارتنز» الذي أقيم لهم عرض تخرّج خاص، مساء أول من أمس، شارك فيه 18 متخرجا.

ويعتبر هذا العرض من أهم العروض التي تحظى بتغطية كبيرة من قبل وسائل الإعلام والباحثين عن المواهب الجديدة. فمن هنا تخرّج جون غاليانو، وألكسندر ماكوين، وستيلا ماكارتني، وماثيو ويليامسون، وحسين تشالايان، وغيرهم.

ولم يخيب هؤلاء الطلبة الآمال في أن يعيدوا إلى لندن بعضا من جنونها اللذيذ، حيث كان هناك شبه إجماع على العودة إلى الألوان الجريئة والقصات المفصلة، مع بعض المبالغة عند الأكتاف بالتحديد، هذا فضلا عن استعمالهم خامات غريبة مثل الحديد والورق والجلد المطاطي والقنب.

خلاصة الأمر أن تصميماتهم كانت تنادي بالعودة إلى التفصيل والابتعاد عن الأساليب البوهيمية والانسيابية التي طغت في المواسم الماضية.

ولحسن الحظ أيضا أنه ليس كل المصممين كانوا متشائمين، فأشيش غوبتا مثلا - وكعادته - قدم تشكيلة تضج بالألوان والبريق، قال إنه اعتمد فيها على «الخرز والإبهار والملابس الرياضية والمزيد من الخرز والبريق»، لأنه كان يريدها أن تكون مرحة في وقت ليس كل ما فيه يفرح.

كان واضحا أيضا أن نجاح تشكيلته في الموسم الماضي في باريس، والتي استوحاها من السيرك، وبالذات من المهرجين، شجعته على العودة إلى هذا الموضوع من خلال ألوان حية وزاهية، فضلا عن نقوش الحيوانات التي طالت حتى جوارب النايلون.

ولأنه أقام عرضه في الـ«هيبودروم بليستر سكواير»، كان لا بد أن تكون هناك موسيقى حية ورقص، وهو ما قامت به على أحسن وجه كل من «لايدي غا غا» و«في في براون»، مما رفع من المعنويات نوعا ما.

أما المخضرم جون روشا، الذي كان يميل إلى الألوان الداكنة والترابية، فهو لم يقدم موسيقى حية أو رقصا، لكنه حاول هذا الموسم أن تتضمن تشكيلته زخات من الألوان المتوهجة، مثل البرتقالي والوردي، في دلالة واضحة أن شتاءنا القادم لن يكون قاتما.

وهكذا توالت العروض التي تصر على أن الحياة ستستمر، حيث كان هناك تشكيلات مبهرة تجمع بين أناقة هوليوود وروح لندن، منها تشكيلة جيني باكام التي تعرف تماما كيف تنسج فساتين حالمة تليق بأجمل النجمات، وتشكيلة الثنائي باسو أند بروك، التي استوحياها من قصور عصور النهضة والباروك بفخامتها وكلاسيكيتها، الأمر الذي تجلى في الماكياج وتسريحات الشعر والإكسسوارات أيضا.

بيد أن التصميمات كانت لا يُعلى عليها وفي غاية العصرية، حيث جمعت بين القوة والنعومة، القوة في الأكتاف والتفصيل، والنعومة في اختيار الألوان والنقوش والأقمشة الخفيفة التي تم شدها بأحزمة تبدو من بعيد أنها منفصلة، لكنها في الحقيقة جزء من الفستان وتعتمد على لون من ألوانه، حيث لم يكن هناك فستان بلون أحادي على الإطلاق، بل كان كل واحد عبارة عن مهرجان طبيعي، أكد أن قوة الثنائي تكمن في مهارتهما في الرسم على القماش واطلاعهما على آخر التقنيات المتاحة في هذا المجال.