خلق خلايا من البشرة والشعر لمعالجة الأمراض الوراثية

في قفزة طبية عملاقة تجاه التوصل لطرق علاجية مبتكرة من شأنها أن تضع حداً لمآسي ضحايا الأمراض الوراثية، أعلن باحثون أميركيون عن تمكنهم وللمرة الاولى من إظهار حقيقة أنه قد بات من الممكن إصلاح الأخطاء الجينية التي قد توجد ببعض الخلايا البشرية، كما كشفوا عن تمكنهم من توفير مجموعات من البدائل الصحية التي يمكن الاستعانة بها بصورة فاعلة في معالجة المرض.


 وفي هذا الشأن، كشف الباحثون عن أنهم نجحوا في خلق خلايا بشرية سليمة من رقائق البشرة وخُصل الشعر التي يتم أخذها من الأشخاص الذين يعانون من إحدى الاضطرابات النادرة في الدم.

وفي تقرير طبي مثير تم نشره بمجلة "الطبيعة" حول نتائج تلك الدراسة المحورية التي أجراها فريق من الباحثين بمعهد سالك للدراسات البيولوجية في لا جولا بكاليفورنيا، قدم الباحثون وصفاً للطريقة التي قاموا من خلالها بأخذ خلايا خاصة بالبشرة والشعر من ستة أشخاص مصابين بأحد الأمراض الوراثية النادرة في الدم، هو ذلك المرض الذي يُطلق عليه مرض "فقر دم فانكوني" أو فقر الدم اللامصنع الخلقي الوراثي.

ويصاب الأشخاص بهذا المرض نتيجة حدوث خلل جيني يؤدي إلى حدوث فشل في نخاع العظام وتتزايد معه أخطار الإصابة بالأمراض السرطانية، مثل اللوكيميا أو ابيضاض الدم.

وعادة ً ما تُشخص حالة الأشخاص الذين يولدوا بعرض فقر دم فانكوني في مراحل طفولتهم المبكرة، ونادرا ً ما يعيشون أكثر من حاجز الثلاثين عاماً.

وعبر إجراء ثلاثي المراحل، استعان الباحثون في دراستهم بأسلوب معالجة جينية لإصلاح الحامض النووي المصاب بخلل في الخلايا التي قاموا بأخذها من المرضى.

 ثم قاموا باستخدام تقنية أطلق عليها "إعادة برمجة الخلايا" لتحويل هذه الخلايا إلى خلايا جذعية سليمة، التي تنفرد بقدرتها على النمو إلى أي نوع من أنواع الأنسجة في جسم الإنسان.

وفي المرحلة الأخيرة من العملية، قام الباحثون بإنماء الخلايا الجذعية داخل أطباق بتري Petri إلى المرحلة الأولى من خلايا نخاع العظام، التي قد يتم حقنها بشكل مبدئي في المرضى من أجل معالجة حالتهم المرضية.

ونقلت صحيفة الغارديان البريطانية عن خوان- كارلوس إيزبيسوا بيلمونت، الباحث الرئيسي في الدراسة، قوله :" لم نقم بمعالجة الإنسان، بل قدمنا الشفاء لأحد الخلايا.

لكن من الناحية النظرية، نستطيع أن نقوم بزراعتها في جسم الإنسان ومن ثم معالجته من المرض".

وأكدت الصحيفة من جانبها على أن هذا العمل الطبي الفذ سوف يعزز من آمال العلماء المتخصصين في أبحاث الخلايا الجذعية حول العالم ويعملون من خلال تقنيات علاجية مشابهة لمعالجة باقي الأمراض الوراثية.

وسوف يلاقي هذا الأسلوب العلاجي الجديد – بحسب الصحيفة – قدر كبير من الاستحسان لأنه يستخدم خلايا المريض الشخصية، ما يضمن عدم قيام الجهاز المناعي بنبذها.

وقد قام الفريق البحثي بالحد من عمليات حقن الخلايا السليمة مرة أخرى إلى المرضى الستة لعدم اعتبارهم آمنين بالشكل الكاف كي تُعاد زراعتهم.

ويرجع السبب في ذلك إلى استخدام الفيروسات غير الضارة في الإجراء الطبي الجديد، الذي قد يتسبب في تحويل الخلايا إلى أورام خبيثة.

ويقوم الباحثون الآن بتطوير بدائل لا تعتمد على الفيروسات. وفي تعقيب له على هذا الكشف المثير، قال البروفيسور الإنكليزي كريس ماتيوس، أستاذ علم الوراثة الجزيئي في جامعة كينجز كوليدج بلندن :" يُظهر هذا البحث الجديد أنه قد بات من الممكن إعادة برمجة خلايا البشرة التي تُؤخذ من هؤلاء المرضي ويتم تحويلها إلى خلايا جذعية تُصحح بها النواقص الجينية.

وقد يُصبح من الممكن مستقبلا ً تحويل الخلايا الجذعية المصححة مرة أخرى إلى المرضى، لكن يجب إجراء المزيد من الأبحاث قبل أن يتم تحويل ذلك الأمر من المعمل إلى فراش المريض".