اللوبيا أم الفاصوليا .. خليط من الألوان والأنواع

يعود تاريخ اللوبياء إلى أكثر من ستة آلاف سنة في القارة الأميركية اللاتينية وخصوصا جبال الإنديز في البيرو والمكسيك، وعرفت في مصر القديمة وأيام الفراعنة الذين كانوا يحرمون اكلها
يعود تاريخ اللوبياء إلى أكثر من ستة آلاف سنة في القارة الأميركية اللاتينية وخصوصا جبال الإنديز في البيرو والمكسيك، وعرفت في مصر القديمة وأيام الفراعنة الذين كانوا يحرمون اكلها

يمكن القول إن «الفاصوليا» أو الفاصولياء بالعربية الفصحى، هي نوع من أنواع اللوبياء، ومع هذا يفصل الكثير من الناس بينهما على أنهما نوعان مختلفان رغم الشبه بينهما، وتؤكل اللوبياء خضراء أو جافة. وهي من الثمار المحببة والمستغلة كثيرا ومرغوبة عند الكثير من المجتمعات القديمة والحديثة. فمن منا لا يعرف مثلا طبق «اللوبيا بالزيت» في لبنان وفلسطين وسورية أو «الفاصوليا بالرز واللحم».


وطبق اللوبيا بالزيت من أطيب وأسهل الأطباق على الإطلاق، إذ لا يحتاج إلا إلى تقطيع اللوبياء الخضراء وقليها بالزيت مع فصوص الثوم الناعمة على نار خفيفة قبل إضافة البندورة الطازجة. ويؤكل إلى جانب طبق الفجل والبصل الأخضر والحار. وهو عادة من المقبلات أو ما يعرف بـ«المزّات».

يطلق على اللوبياء (Bean) أحيانا اسم «اللوبياء الخضراء» (green beans) على اعتبارها غير ناضجة وتفضل يانعة خضراء في الطعام، على الحبوب التي تضمها وتتحلى بشتى الألوان.

نبتة اللوبياء من القرنيات ومن عائلة «فاباكيا» (Fabaceae) علميا ونباتيا. ويعود أصل الاسم إلى اسم الفول «برود بين» (broad bean) رغم أنه أصبح يشمل الكثير من أنواع «الفاصولياء» والـ«فيغنا». واسم الفول مستوحى من أسماء أميركية لاتينية قديمة وما يعرف بالـ«فافا».

وعادة ما يستخدم اسم «بينز» (beans) للإشارة إلى عدد من أنواع الحبوب كالصويا والبازلاء والعدس وغيره، وعندما يستخدم البريطانيون الكلمة يستخدمونها للإشارة إلى شتى أنواع الحبوب والنباتات التي تشبه حب اللوبياء حتى حب القهوة (coffee beans) وحب الكاكاو (cocoa beans) والفانيليا وغيره.

يعود تاريخ اللوبياء إلى أكثر من ستة آلاف سنة في القارة الأميركية اللاتينية وخصوصا جبال الإنديز في البيرو والمكسيك، وعرفت في مصر القديمة وأيام الفراعنة الذين كانوا يحرمون اكلها واكل حباتها لأسباب دينية أو عقائدية لها علاقة بشكل حبة الفاصوليا جنسيا.

ومع هذا فقد أسهم كريستوفر كولومبوس في العالم الجديد بنشر زراعتها في الباهاماز وإسبانيا في أوروبا ومن ثم انتقل إلى أفريقيا وآسيا. وكانت اللوبياء أيضا جزءا أساسيا من النظام الزراعي المعروف باسم «الأخوات الثلاث» الذي كان يعتمده أهل أميركا اللاتينية القدماء وخصوصا أهل المكسيك. ولأهمية اللوبياء وأنواع حباتها المختلفة في العالم القديم والعالم الحديث ولأنها مصدر مهم من مصادر البروتين.

هناك ما لا يقل عن 4 آلاف مزرعة خاصة بها في الولايات المتحدة وحدها. اللوبياء، تأكل عادة خضراء، ومع هذا تضم أنواعا كثيرة نطلق عليها عامة اسم «الفاصولياء» (Phaseolus)، رغم أن الفاصولياء أحد أصنافها (يضم: tepary bean ـ runner bean ـ lima bean ـ common bean)، وعائلات كثيرة أخرى يصل عددها إلى خمسة عشر. ومن هذه الأنواع، الفول الأخضر (broad bean) و«فيغنا» (Vigna) (يضم: Moth bean ـ mung bean ـ azuki bean) وصنف «اللبلاب» (Lablab).

الفاصولياء (Phaseolus) فصيلة وعائلة نباتية قائمة بحد ذاتها وهي مرغوبة كثيرا في دول حوض المتوسط، إذ يعتبر طبق «الفاصوليا بالأرز» واحدا من أكثر الأطباق شعبية عند الكثير من الناس.

ويضم صنف الفاصولياء أنواعا كثيرة لا تقل عن 30 نوعا، منها: «رنر بين» (Runner bean) و«ليما بين» (Lima bean) و«تيباري بين» (tepary bean) والاهم «كومون بين» (Phaseolus vulgaris ـ common bean) الذي يشمل الأبيض الكبير الذي يستخدم كثيرا في لبنان وسورية وفلسطين واليونان. ويضم «كمون بين» أيضا عدة أنواع منها «بنتو» (pinto bean) و«كيدني» (kidney bean) و«كابارونيس» (caparrones) وغيره من الأنواع مثل «نيفي بين» (Navy bean) المرغوب كثيرا في إيطاليا وأميركا وبريطانيا ودول المشرق العربي، وهو أنواع أيضا.

أما الـ«بنتو» فهو من أنواع الفاصولياء البرتقالية المرقطة والسمينة التي يطلق عليها الإسبان اسم «frijol pinto» الذي يعني حبة «الفاصولياء المرسومة».

ويطلق على «بنتو» أيضا اسم «موتيلد بينز» (mottled beans)، (نسبة إلى حصان البينتو المرقط) وهو من أشهر الأنواع في الولايات المتحدة الأميركية والمكسيك وإيطاليا وقبرص. وعادة ما يتناوله البعض مطحونا بعد السلق أو مقليا، وأحيانا يؤكل أخضر قبل نضوجه لنعومة قشرته.

وتقول الموسوعة الحرة بهذا الخصوص إن الـ«بينتو»، إلى جانب الـ«تشلي» يعتبر شأنا قوميا وتعبيرا عن الهوية لدى الأميركيين من أصول مكسيكية في جنوب غرب البلاد.

ويطلق عليه البعض في ولاية تكساس اسم «فاصوليا الكاوبوي» (Cowboy Beans)، لأنه كان يستهلك بكثرة في المناطق التي ينتشر فيها رجال الكاوبوي من أصول مكسيكية على حدود الولاية. ويستخدمه بعض الأميركيين في عدد من الأطباق حينما يعز اللحم ويصعب توفره كما يستخدم الأميركيون أيضا نوعا من أنواعه الحمراء الداكنة السمينة الذي يطلق عليه اسم «الوبيا بينتو الافيسا» (alubia pinta alavesa) وهو من الأنواع الطيبة والتي تستخدم كثيرا في طبق «التشيلي» الحار جدا.

وهذا النوع من بلدة أنانا في إقليم ألافا في منطقة الباسك شمال إسبانيا. ومن أنواع فاصوليا «كومون» أيضا ما يعرف بـ«الأحمر» (Red) أو بـ«كدني بينز» (kidney beans) التي تعني بكلام آخر «فاصوليا الكلى» لأن شكلها ولونها يشبه شكل ولون الكلية.

وهو من الأنواع المعروفة جدا والمستهلكة بكثرة في أوروبا وأميركا والدول العربية. وهو نحيف أحمر داكن وجميل الشكل وناعم الملمس. وفضلا عن فاصولياء الكلى، هناك نوع آخر أحمر تحت اسم «راجاما « (rajma) يستخدم في شمال الهند ولويزيانا حيث يحبه الناس بكثرة ويطبخونه إلى جانب الأرز. والنوع الصغير منه يستخدم في إسبانيا تحت اسم «كابارونيس» (Caparrones).

ومن أجمل وأطيب أنواع الـ«كومون» ما يعرف بـ«بورلوتي» (Borlotti beans) أو الـ«كرانبري» (Cranberry)، ويمكن تمييزه عن غيره بقشرته الحمراء المرقطة الطويلة مع بعض السواد. وهذا النوع من الفاصولياء الفاخرة التي يحبها الناس كثيرا في تركيا والبرتغال وخصوصا إيطاليا، حيث يعرف هناك أحيانا باسم «الفاصولياء الرومانية».

ورغم أنه يشبه الـ«بينتو» من حيث الشكل واللون فإنه مختلف جدا من ناحية الطعم فهو طري وألذ وسهل الطبخ وفاتح للشهية. ومن الأنواع المعروفة أيضا في إسبانيا وولاية كاليفورنيا أيضا «الزهري» (Pink beans) نسبة إلى لونه الجميل والخلاب. وهو صغير بيضاوي الشكل وأشهر أنواعه «سانتا ماريا» نسبة إلى المنطقة التي يزرع فيها.

أضف إلى ذلك بالطبع، ما يعرف بـ«أناسازي» (Anasazi) نسبة إلى اسم الأقلية الأميركية اللاتينية التي كانت تزرعه منذ قديم الزمان، وينتشر في المناطق الجنوبية الغربية في الولايات المتحدة ويطلق عليه أيضا اسم «فاصوليا الأزتاك».

في أوساط الأميركيين من أصول إسبانية ولاتينية، وفي أميركا اللاتينية تحديدا والبرازيل خصوصا، يحب الناس أيضا النوع الأسود، ويطلق على هذا النوع اسم «الفاصولياء السوداء» (black bean) اللماعة. وهذا نوع مرغوب لطعمه اللحمي المكثف.

ويستخدمه أهل البرازيل في أحد أهم أطباقهم الوطنية التي يطلق عليها اسم «فيغوادا» (feijoada). أما أهل كوبا فيستخدمونه في أحد أشهر أطباقهم أيضا المعروفة بـ «Platillo Moros y Cristianos» كما هو الحال في نيكاراغوا وكوستا ريكا.

لكن أشهر أنواع «الفاصولياء» فهو ما يعرف بـ«الرنر بين» (runner bean ـ Phaseolus coccineus) المعروف أيضا بـ«القرمزي» (Scarlet runner) لأن حباته مختلفة الألوان وأزهاره حمراء وجميلة (بعض الأحيان بيضاء). وهذا النوع من أجمل وأكبر وأطيب الأنواع المعروفة جدا في أوروبا لسهولة زرعه وتحصيله. والكثير من الناس يستخدمون أنواعه لتزيين الحدائق لجمال الزهور وكثافتها.

ويكثر منه ذو الحبات الزهرية المرقطة بالسواد التي يصل حجم حبته حجم حبتين من الفاصولياء العادية. وربما يطلق عليه هذا الاسم لسرعة نموه وتمدده وتعرشه، إذ يمكن أن يصل طول النبتة إلى أكثر من 4 أمتار. ويمكن أكل الـ«رنر» أخضر عندما يكون يانعا وصغيرا وطريا، إذ يتمتع بقشرة حلوة المذاق ولحمية ثخينة.

ومع أن الأخضر لا يحتاج وقتا طويلا حتى يستوي، إلا أنه يفضل طبخ الحبوب الرائعة لمدة طويلة لأنها تحتوي على بعض المواد السامة كبروتين «ليكتين» (Lectin). ويعرفه أهل أميركا الوسطى ذوو الأصول الهندية أيضا، ويأكلون جذوره التي تترك أحيانا لتنمو من جديد مع بداية السنة. وفضلا عن طيب مذاقه وحجمه الكبير، فإنه بالإمكان زرع موسمين منه على الأقل في فصل الصيف.

والـ«رنر» أيضا أنواعا كثيرة تتمتع بأسماء جميلة منها الـ«السيدة المرسومة» (Painted Lady) و«السيدة دي» (Lady Di) و«قزم بيكويك» (Pickwick Dwarf) و«الإمبراطور القرمزي» (Scarlet Emperor) و«السيدة البيضاء» (White Lady) و«الشمس الساطعة» (Sun Bright) و«البجعة البيضاء» (White Swan)، والكثير من الأسماء الأخرى التي تدل على محبة الناس للنبتة الطيبة وإعجابهم بجمالها الفتان. ويمكن القول إنه أجمل حبات الفاصولياء على الإطلاق.

ومن أنواع «الفاصولياء» المعروفة جدا في منطقة جبال الإنديز ـ منذ ألفي عام ـ ومجهولة نسبيا في الكثير من البلدان، هو نوع «ليما بين» (Phaseolus lunatus ـ lima bean) أو حرفيا ما يعني «فاصوليا الزبدة». وقد انتقل من هناك إلى أميركا الشمالية عام 1301 وفي القرن السادس عشر وصل إلى القارة الآسيوية.

وفيما كان أهل المكسيك والأرجنتين يزرعونه في المناطق الواطئة وتحت مستوى سطح البحر بحوالي 1500 متر، يزرعه أهل البيرو في المناطق الجبلية التي يصل ارتفاعها إلى أكثر من 2000 متر فوق سطح البحر.

وقد استفاد الإسبان خلال وجودهم في أميركا اللاتينية من فاصولياء «ليما»، إذ زرعوه على نطاق واسع لغاية التصدير إلى أميركا الشمالية وأوروبا. ويستخدم هذا النوع ويعامل معاملة الخضار، إذ إن لونه أخضر أيضا وحبته متوسطة الحجم وسمينة بيضاوية نسبيا.