الموجات الراديوية .. فعالة في القضاء على بدايات سرطان المريء

ارتجاع أحماض المعدة يلعب دورا في ظهور سرطان المريء
ارتجاع أحماض المعدة يلعب دورا في ظهور سرطان المريء

مريء «باريت» Barrett"s esophagus هو حالة مرضية تحدث فيها أضرار في بطانة أسفل المريء، قد تؤدي إلى تغيرات تقود إلى السرطان. وهي تنجم عادة عن حدوث ارتجاع عصارة المعدةgastroesophageal reflux disease (GERD)، وهو اضطراب مزمن يتسبب في ارتجاع محتويات المعدة المشبعة بالأحماض نحو الأعلى، أي إلى منطقة أسفل المريء.


ومن بين 10 ملايين أميركي يعانون من ارتجاع عصارة المعدة GERD، يوجد مليون مصاب بـ«مريء باريت».

ومن بين أولئك المصابين بـ«مريء باريت» لا توجد سوى نسبة ضئيلة يظهر لديهم سرطان بطانة المريء esophageal adenocarcinoma، وهو أحد أنواع السرطان القاتلة.

ويرصد الأطباء «مريء باريت» بالكشف عن التغيرات التي تحصل قبل ظهور الأورام السرطانية، بواسطة الناظور (الذي يتم بواسطته فحص المريء بأنبوب، له مصدر ضوئي، يتم إدخاله عبر البلعوم)، وأيضا باستخلاص خزعة من المريء.

وعندما يتم العثور على خلايا مشتبه بها، فإن العلاج المعتاد هو إجراء جراحة لإزالة الجزء المتضرر من المريء.

علاج بالموجات الراديوية
إلا أن الجراحة عملية تدخلية ولها مخاطرها، ولذلك فقد طورت طرق غير تدخلية عديدة. ووفقا لدراسة نشرت في 28 مايو 2009 في مجلة «نيو إنجلاند جورنال أوف ميديسن» فإن أحد العلاجات المسمى «الإزالة بالموجات الراديوية» radiofrequency ablation (RFA) بمقدورها القضاء على «مريء باريت»، وبالتالي تقليل خطر حدوث السرطان، ولا تصاحب إلا بأعراض جانبية بسيطة.

وتعمل هذه الطريقة على تدمير الخلايا غير الطبيعية بطاقة الموجات الراديوية.

وفي تجارب أجريت في عدد من المراكز تحت إشراف باحثين من كلية الطب بجامعة كارولينا الشمالية، تم تعريض 127 شخصا مصابين بـ«مريء باريت» بطريقة عشوائية، إما إلى موجات راديوية أو إلى «موجات وهمية».

وتنفذ طريقة العلاج بالموجات الراديوية بعد إجراء تخدير خفيف للمريض في العيادة.

وقد طورت هذه الطريقة شركة «باركس ميديكال كورب» التي قامت نفسها بتمويل الدراسة.

وفي هذه الطريقة، تدخل إلى المريء قسطرة تحتوي على ملفات كهرومغناطيسية يتم نفخها قرب المناطق التي عثر فيها على خلايا غير طبيعية.

وتقوم طاقة الموجات الراديوية المتدفقة عبر الملفات بحرق تلك الخلايا تماما، من دون المساس بخلايا الأنسجة السليمة. أما في حالة «الموجات الوهمية» فلم ترسل أي موجات راديوية بعد إدخال القسطرة إلى المريء.

وتمت متابعة المشاركين بعد علاجهم لمدة سنة، أخذت خلالها خزعات منهم لدراستها. وظهر أن «مريء باريت» قد زال تماما بعد استخدام طريقة الإزالة بالموجات الراديوية لدى 97.5 في المائة من الذين كانوا مصابين بحالات خفيفة من المرض أي لديهم تغيرات خفيفة في خلايا المريء، مقابل 22.7 في المائة من الذين تعرضوا إلى «موجات وهمية».

أما المشاركين المصابين بتشوهات خلوية شديدة ـ وهي التغيرات التي تقود على الأكثر إلى حدوث السرطان ـ فإن «مريء باريت» زال تماما لدى 81 في المائة من المتعرضين للموجات الراديوية، مقابل 19 في المائة للذين تعرضوا إلى «موجات وهمية».

وكانت الأعراض الجانبية لطريقة الإزالة بالموجات الراديوية خفيفة، منها أوجاع في الصدر تم علاجها بالأدوية. وظهر لدى خمسة من المشاركين ضيق في المريء، وتمت معالجتهم بنجاح بعد استخدامهم أدوية لتوسيع المريء بالناظور.

وكما لاحظ المشرفون على الدراسة، فإنها كانت صغيرة وكانت فترة المتابعة قصيرة (سنة واحدة).

كما إنها لم تقارن بين طريقة الإزالة بالموجات المغناطيسية وبين الطرق غير الجراحية الأخرى، مثل العلاج الديناميكي الضوئي (علاج الأنسجة بأدوية حساسة للضوء ثم تعريضها له)، والعلاج بالتجميد cryotherapy، والطرق الأخرى التي يوظف فيها الليزر.

وقد افترضت دراسات أخرى أن تلك الطرق قد تكون أقل فاعلية، وفي بعض الأحيان فإنها تتسبب في حدوث أعراض جانبية قوية.

إلا أن إجراء دراسات لاحقة يبدو مهما لتحديد ما إذا كان بمقدور طريقة الإزالة بالموجات الراديوية أن تصبح الطريقة القياسية الجديدة لعلاج «مريء باريت».

إن الأشخاص المصابين بـ«مريء باريت» مهددون أكثر بـ30 إلى 40 مرة بخطر حدوث سرطان بطانة المريء.

ومع هذا فإن من المهم التذكير بأن السرطان لا يظهر لدى 98 في المائة منهم.

«مريء باريت» .. تغيرات في خلايا البطانة
في مرض «مريء باريت»، تقوم خلايا من نوع شبيهة بالخلايا المعوية ـ في ظاهرة تسمى «التنسّج المعوي» intestinal metaplasia (تحول نوع من النسيج إلى نسيج آخر ـ المحرر) ـ بالحلول محل الخلايا الطبيعية التي تبطن الجزء الأسفل من المريء.

وتحدث هذه المشكلة عادة في منطقة التقاء المعدة بالمريء، ثم تمتد المنطقة إلى الأعلى مسافة قد تصل في بعض الأحيان إلى 3 بوصات (7.5 سم تقريبا).

ويتم الكشف عن الحالة بالناظور بعد إدخاله عن طريق الفم. وتبدو الأنسجة المتضررة حمراء، مشابهة للون بطانة المعدة، بينما يكون لون بطانة المريء الاعتيادي إما ورديا باهتا أو أبيض.

وبما أنه يمكن لأنسجة المعدة الطبيعية النمو في أسفل المريء ويكون لونها أحمر، فإن أخذ خزعة من الأنسجة ضروري أيضا لتأكيد التشخيص.

وفي عملية الإزالة بالموجات الراديوية يتم تدمير الأنسجة المتضررة بسبب مرض «مريء باريت» نتيجة الدفقات القصيرة للطاقة المركزة للموجات الراديوية عبر الجهاز المغلف بملفات كهرومغناطيسية الذي تم إدخاله إلى المريء.

ولا تؤذي عملية الإزالة بالموجات الراديوية طبقات الأنسجة الطبيعية.