شم النسيم فلسفة خاصة بالمصريين دون غيرهم

مع شروق يوم الاثنين (شم النسيم) يتحول هذا العيد إلى مهرجان شعبي يختلط به المرح وأشياء أخرى فيعبر كل شخص عن فرحته بهذا اليوم على طريقته الخاصة
مع شروق يوم الاثنين (شم النسيم) يتحول هذا العيد إلى مهرجان شعبي يختلط به المرح وأشياء أخرى فيعبر كل شخص عن فرحته بهذا اليوم على طريقته الخاصة

يتميز الربيع بجمال مظهره الذي يظلل علينا بألوانه الجميلة وروائحه العطرة في كل شيء محيط بنا، فهو لمسة أمل تعبر عن التجدد إلى الأفضل، مثل شجرة ظلت شهورا محرومة من الأوراق وعندما مر عليها الربيع ظهرت أوراقها الخضراء وملأت الجو سعادة وبهجة، وزهرة ذابلة وأتى إليها الربيع ليعيد لها لونها وعطرها لتسعد من حولها، فهذا هو الربيع وهذا هو شم النسيم المصري.


هل تعلم من أين نشأ الاحتفال بشم النسيم؟
شم النسيم أحد أعياد مصر الفرعونية، ترجع بداية الاحتفال به إلى ما يقرب من خمسة آلاف عام أي نحو عام (2700 ق.م ) بالتحديد إلى آواخر الأسرة الثالثة الفرعونية ومازال الشعب المصري متمسكاً بالاحتفال به حتى الآن كما يعتبر أجازة رسمية لجميع العاملين بالدولة.

يري بعض المؤرخين أن بداية الاحتفال بهذا العيد ترجع إلى عصر ما قبل الأسرات ويعتقدون أنه كان معروفا في مدينة (هليوبوليس) ومدينة (أون) وترجع تسمية شم النسيم بهذا الاسم إلى الكمة الفرعونية (شمو) وهي كلمة مصرية قديمة لها صورتان.

يرمز هذا العيد لدى القدماء المصريين إلى بعث الحياة وكانوا يعتقدون أن ذلك اليوم هو أول الزمان أو بدء خلق العالم.

وقد تعرض هذا الاسم للتحريف على مر العصور وأضيفت له كلمة ( النسيم) لارتباطه باعتدال الجو وطيب النسيم وما يصاحب الاحتفال بالخروج إلى الحدائق والاستمتاع بجمال الطبيعة.

ما هي مراسم الاحتفال به عند الفراعنة؟
كان يحتفل المصريوين بذلك اليوم في حفل رسمي كبير عرف باسم الانقلاب الربيعي وهو اليوم الذي يتساوى فيه الليل والنهار وقت حلول الشمس في برج الحمل، حيث كانوا يجتمعون أمام الواجهة الشمالية للهرم قبل الغروب ليشهدوا غروب الشمس فيظهر قرص الشمس وهو يميل نحو الغروب مقتربا تدريجيا من قمة الهرم حتى يبدو للناظرين وكأنه يجلس فوق قمة الهرم.

وفي هذه اللحظة يحدث شيء عجيب حيث تخترق أشعة الشمس قمة الهرم فتبدو واجهة الهرم أمام أعين الناس وكأنها انقسمت إلى نصفين ومازالت هذه الظاهرة العجيبة تحدث مع قدوم الربيع في الحادي والعشرين من مارس كل عام في الدقائق الأخيرة من الساعة السادسة مساء بسبب سقوط أشعة الشمس بزاوية معينة على الواجهة الجنوبية للهرم لتكشف أشعتها الخافتة الخط الفاصل بين مثلثي الواجهة اللذين يتبادلان الضوء والظلال فتبدو وكأنها شطران.

مالذ وطاب في شم النسيم؟
مع شروق يوم الاثنين (شم النسيم) يتحول هذا العيد إلى مهرجان شعبي يختلط به المرح وأشياء أخرى فيعبر كل شخص عن فرحته بهذا اليوم على طريقته الخاصة فنجد الناس يذهبون إلى الحدائق العامة والخاصة حاملين معهم ما لذ وطاب من الأكلات المخصوصة بهذا اليوم وهي:

- البيض.

- الفسيخ وهو نوع من السمك المملح من سمك البوري.

- الملوحة وهي سمك مملح من نوع سمك الصير.

- الخس.

- البصل.

- الملانة وهي نوع من الحمص الأخضر.

هل تعلم لماذا يتناول المصريون هذه الأطعمة بعينها دون غيرها؟
اعتاد المصريون تناول هذه الأطعمة بعينها لمدلول خاص، وهو أنها تمثل بالنسبة لهم ثلاث كلمات هى: الخلق .. الخصب .. الحياة.

لماذا البيض الملون؟
البيض يرمز إلى خلق الحياة من الجماد وقد صورت بعض برديات منف الإله "بتاح" إله الخلق عند الفراعنة وهو يجلس على الأرض على شكل البيضة التي تتخذ  شكل الجماد وكانت لهم طقوساً خاصة بالبيض كالآتي:

- كانوا ينقشون على البيض دعواتهم وأمنياتهم للعام الجديد.

- يضعون البيض في سلال مصنوعة من سعف النخيل ويعلقونها على شرفات المنازل أو أغصان الأشجار لتحظي ببركات نور الإله عند شروقه فيحقق أمنياتهم.

لماذا الفسيخ أو السمك المملح؟
ظهر الفسيخ أو السمك المملح كنوع من الأطعمة التقليدية في الاحتفال بالعيد خلال عهد الأسرة الخامسة مع بدء الاهتمام بتقديس النيل، وقد أظهر المصريون القدماء براعة شديدة في حفظ الأسماك وتجفيفها وصناعة الفسيخ.

لماذا البصل؟
كان البصل من بين الأطعمة التي حرص المصريون القدماء على تناولها في هذه المناسبة فقد ارتبط البصل عندهم بإرادة الحياة وقهر الموت والتغلب على المرض فكانوا:
- يعلقونه على الشرفات.

- يعلقونه حول رقابهم.

- يضعونه تحت الوسائد.

ما سر تناول الخس في شم النسيم؟
الخس كان من النباتات المفضلة في يوم شم النسيم وقد عرف منذ عصر الأسرة الرابعة وكان يسمى بالهيروغليفية "عب" واعتبره المصريون القدماء من النباتات المقدسة فنقشوا صورته تحت أقدام "إله التناسل" عندهم.

وقد لفت أنظار بعض علماء السويد في عصرنا هذا، فقاموا بإجراء التجارب والدراسات على نبات الخس وكشفت تلك البحوث عن حقيقة عجيبة وهي:

- وجود علاقة وثيقة بين الخس والخصوبة.

- يزيد زيت الخس من القوة الجنسية لاحتوائه على فيتامين (ه).

- يحتوي أيضا على بعض هرمونات التناسل.

الحمص (الملانة)؟
حرص المصريون على تناول الحمص الأخضر أو ما يعرف بالملانة حيث جعلوا من نضوج ثمرة الحمص وامتلائها إشارة إلى مقدم الربيع.

مصادفة تلاقي أعياد يهودية ومسيحية بهذا العيد

اليهود يحتفلون به:
أخذ اليهود عن المصريين احتفالهم بهذا العيد، فقد كان يواكب وقت خروجهم من مصر احتفال المصريين به وقد اختاروا هذا اليوم بالذات على حد زعمهم حتى لا يشعر بهم المصريون وهم خارجين منها حاملين معهم ما سلبوه من ذهب المصريين وثرواتهم، واعتبره اليهود رأسا للسنة العبرية وأطلقوا عليه اسم (عيد الفصح) وهو كلمة عبرية تعني الخروج أو العبور تيمنا بنجاتهم واحتفالا ببداية حياة جديدة.

المسيحيون يحتفلون به:
عندما دخلت المسيحية جاء عيد القيامة موافقا لاحتفال المصريين بعيدهم، حيث يحتفل المسيحيون بالقيامة يوم الأحد ويليه يوم شم النسيم يوم الاثنين.

أشهر الأماكن التي يذهب إليها المصريون خلال شم النسيم:
يميل المصريون خلال هذا اليوم إلى قضائه خارج البيت للاستمتاع بجمال الطبيعة المزدهرة مورقة الأشجار وتنفس الهواء الطلق النقي، حيث يذهبون إلى الحدائق العامة ومن بين الأماكن التي يذهبون إليها هي :

- حديقة الحيوان لما بها من حيوانات مختلفة لإمتاع الأطفال على وجه الخصوص.

- القناطر الخيرية باتساعها وجمال طبيعتها حيث يمكن للجميع المرح واللعب.

- الذهاب إلى المناطق الساحلية التي تشتهر بالأسماك مثل الإسكندرية، السويس، بور سعيد وغيرها.

- البعض يقضون هذا العيد في أكثر الفنادق شهرة ليتناولوا الطعام على حمامات السباحة ويستمتعون بالحفلات الليلية.

- قضاء بعض الوقت على كورنيش النيل فهو من أجمل المناظر لدى المصريين، كما يعتبر مكاناً مناسباً للناس من جميع الطبقات الاجتماعية.

- يذهب سكان الريف إلى الحقول راكبين عربات "الكارو" حيث يقضون اليوم بالأراضي الزراعية وسط المساحات الخضراء حاملين معهم الأكلات الخاصة بشم النسيم.

كيف نقضي شم نسيم بدون مخاطر؟
- تناول فسيخة واحدة تكفي لكل فرد.

- شراء الفسيخ والملوحة من محل معروف ومضمون تم التعامل معه مسبقا.

- عند الشعور بأي أعراض غريبة بعد تناول الأسماك المملحة يجب الإسراع في الذهاب إلى المستشفى.

- شراء الأنواع ذات الرائحة الطبيعية.

- الإكثار من تناول الخس.

من غرائب شم النسيم
التهم الفرنسيون ما يقدر بـ 15 مليار بيضة عام 2010 بواقع 230 بيضة لكل مواطن بزيادة نسبتها 2.3 % عن استهلاك الفرنسيين للبيض عام 2009، كما ذكرت صحيفة "ليبراسيون" الفرنسية أن رابطة الدواجن بفرنسا حذرت في بيان صدر عن أن ارتفاع علف الدواجن سيؤدي إلى زيادة أسعار البيض مما يهدد أحد أهم الأطباق التي يعشقها الفرنسيون.