منزل في فنلندا يتصارع فيه تاريخه القديم بأثاثه وتصميمه الحديث

منزل يتنفس عبق الماضي ويتطلع إلى المستقبل في فنلندا
منزل يتنفس عبق الماضي ويتطلع إلى المستقبل في فنلندا

في جزيرة نائية تتخذ شكل حدوة حصان وسط بحيرة بلون البيرة الذي غيرته المعادن المترسبة، يظهر منزل قاتم صغير من وراء أشجار السرو الكثيفة. يقول صاحب المنزل، باتري نودسن عن المكان: «يمكنك هنا أن تتخيل أنك عدت بالزمن إلى الوراء ثلاثة آلاف عام.. فكل شيء بقي كما هو». 
 
ويقيم نودسن البالغ من العمر 45 عامًا في هلسنكي على بعد 150 ميلا من الجزيرة، ويعمل مدير طبي لفرع شركة «غلاكسو سميث كلاين» للأدوية في فنلندا، ومع ذلك، تعد حياته في المنزل الذي يقضي فيه العطلات نموذجًا للتقشف، حيث يبدو كأنه يعيش في عصر سحيق، فمصدر التدفئة في المنزل هو موقد بشعلتين ولا توجد مياه جارية. 
 
ويضيف نودسن أنه لا يوجد هاتف جوال في المنزل، ولا تزود الألواح الشمسية المنزل إلا بمقدار ضئيل الكهرباء، بينما تعمل من الكهرباء، بينما تعمل أكثر الأجهزة والأدوات الكهربائية مثل المصابيح والراديو بالبطاريات. وعند الاستحمام، يستعمل البحيرة ومرحاضا خارجيا صغيرا قريبا.
 
والغريب أن الانتهاء من بناء المنزل الذي يشغل مساحة 800 قدم مربع لم ينته سوى في عام 2010 وبلغت تكلفته 250 ألف يورو (340 ألف دولار)، حيث بلغ سعر الأرض، التي تبلغ مساحتها 5 فدادين واشتراها عام 2007، 60 ألف دولار. 
 
ويساعد تصميم المنزل الذي قام به فيل هارا، صديق نودسن السابق، وشركة «أنو بوشتنين أوف أفانتو» للعمارة في هلسنكي، على التخفيف من حدة برودة الشتاء، إذ إن المنزل يرتفع عن مستوى الأرض بنحو 3 أقدام على أعمدة خراسانية للحد من الأضرار الناجمة عن الثلوج. 
 
الجدران أيضا معزولة بحشو من القماش، بينما صنع السطح من شجر البيسة ومبطن بطبقة من أوراق الصحف المعاد تصنيعها بسمك قدم ونصف. أما ألواح زجاج النوافذ التي تمتد من السقف إلى الأرض مزدوجة فصُممت لتتمتع بقوة ومتانة إضافية، بينما لا يوجد في الداخل الكثير من الأثاث،الداخل الكثير من الأثاث، فالمنزل مؤثث بعناية فائقة لكنه يرفع شعار القليل كثير.
 
تتوسط الغرفة أريكة رمادية رقيقة من تصميم هاري كوسكينان يقدر سعرها بـ(2750 دولارا)، صنع أيضا منضدة طاقم الجلوس من باب قديم تم تجديده، وكانت السجادة المصنوعة من جلد حيوان الموس هدية من والد هارا، الصياد، وكذلك جمجمة لحيوان الموس المعلقة على المدخل. وفي غرفة السفرة وتحت إضاءة منبعثة من مصباح كروي «لويز بولسن ساتالايت» (715 دولار) منضدة من شركة «نيكاري» الفنلندية، وهو نموذج اشتراه هارا مقابل 1000 دولار، ومقاعد خشبية قال نودسن عنها إنه تم «إنقاذها من القمامة». 
 
وفي ركن قصي يمين المدخل، توجد الغرفتان الوحيدتان التي بهما أبواب وخزانة وسرير متواضع بجانبه مصابيح من محلات «إيكيا» وسرير آخر مستعمل من «هاستينز» ومقعد فراشة بلون الكريمة أو «مقعد الخفاش» كما يطلق عليه في فنلندا.
 
وتعد أكثر الملامح عصرية في المنزل تخليدا لواحدة من أقدم تقاليد فنلندا وهي الساونا، إذ يحتوي البناء المصنوع من الحجارة، على مساحة 258 قدما مربعا، على غرفة بخار وغرفة للضيوف وبلغت تكلفة بنائه 65 ألف دولار. 
 
واعتاد نودسن في أكثر الأيام برودة التمتع بالبخار الدافئ الرطب، ومن ثم يغطس في البحيرة. وأكثر ما يحبه في المنزل الغابات الكثيفة المحيطة به، وخصوصا أن جميع نوافذ المنزل مفتوحة على شرفات صغيرة مطلة على الغابات، مما يتيح الاستمتاع بمنظرها الرائع. يشرح نودسن قائلا: «هنا يتوحد الداخل مع الخارج».