جراح أميركي يتحدث عن دور علم الوراثة في علاج السرطان

جينات مسؤولة عن حدوث سرطان الكلى
جينات مسؤولة عن حدوث سرطان الكلى

يعمل مارستون لينهان، رئيس قسم أورام المسالك البولية في معهد السرطان القومي، على تضيق الفجوة بين البحوث الوراثية وطرق علاج مرض السرطان، حيث إنه من الممكن أن يقوم بتحليل شكل من أشكال سرطان الكلى الموروث في صباح أحد الأيام في أحد المختبرات ليقوم في وقت لاحق من ذلك اليوم بإزالة هذا السرطان نفسه من مريض في غرفة العمليات التي لا تبعد سوى بضع مئات من الخطوات عن ذلك المختبر.
 
بحث في الأعماق
وحدد لينهان ورفاقه 4 جينات رئيسية مسؤولة عن حدوث سرطان الكلى، ونتيجة لذلك توجد عدة أدوية ناجعة متاحة الآن. وقد تحسنت تقنيات لينهان الجراحية أيضا بفضل تحسن فهمه لسرطان الكلى المتميز جينيا. وقد رافقنا لينهان أثناء سيرة المسافة القصيرة التي تفصل غرفة العمليات عن مكتبه للحديث معه عن الأبحاث الجينية وأثرها في الحرب على السرطان.
 
كيف يمكن لجراح مسالك بولية الانتقال من عملية جراحية، إلى ميدان دراسة الجينات؟
- عندما جئت إلى المعهد القومي للسرطان عام 1982، كنا نستقبل الكثير من المرضى الذين يعانون من سرطان الكلى، وكانت الغالبية من هؤلاء المرضى يموتون، وعلى الرغم من أننا استخدمنا نحو 300 نوع من الأدوية في علاج مرضى سرطان الكلى، فإن أيا منهم لم يفلح في شفاء المرضى.
 
ولذا قررت أنا وزميلي، بيرت زابر، محاولة العثور على جين مسبب لسرطان الكلى، وكنت أفكر في أننا إذا تمكنا من التعرف على الجين المسبب لسرطان الكلى، فقد يشكل هذا الأساس لتطوير علاج لهذا النوع من السرطان، ولكن لم يكن لدينا فكرة عن حجم الصعوبات التي سنواجهها.
 
لقد استغرق منكم الأمر 10 سنوات لتعثروا على الجين الأول من الجينات الـ4 المرتبطة بسرطان الكلى، فهل عثرتم على الـ 3 جينات الأخرى بسهولة؟
- لقد أمضينا نحو 5 أو 6 سنوات للعثور على الجين الثاني، بينما استغرق منا الثالث نحو 4 أو 5 أعوام، وقد قمنا بذلك من خلال تتبع الجينات في الأسر المختلفة، ولكن الآن مع وجود مشروع الجينوم البشري كان من الممكن أن نقوم بمثل هذا العمل في 6 أو 12 شهرا فقط.
 
كان مشروع الجينوم البشري خطوة مهمة في مجال أبحاث السرطان والمجالات الطبية الأخرى، ولكن المعهد الوطني للصحة لديه مشروع جديد يركز بشكل أكبر على أمراض السرطان ويحمل اسم «أطلس جينوم السرطان»، فما هو هذا الأطلس، وما مدى ارتباطه بعملك؟
- لقد ظللنا نبحث في جينات سرطان الكلى لمدة 30 عاما، وهذا الجهد الرائع المبذول في هذا المشروع الآن، يعد معجزة بكل المقاييس، حيث يقوم مشروع «أطلس جينوم السرطان» بوضع تسلسل لجينات عدة أنواع من السرطان، مثل سرطان الكلى، وسرطان البروستاتا، وسرطان المثانة، وسرطان الثدي، وسرطان القولون. ويتركز عملي في المشروع فقط على سرطان الكلى، وحتى لا أكون مبالغا يكفي أن أقول إننا متفائلون جدا بهذا المشروع.
 
ما هو الهدف العام لهذا الأطلس؟ وهل هذا الهدف ببساطة هو مجرد العثور على جينات معينة حتى نتمكن من وضع طرق أفضل للعلاج؟
- إن هذا المشروع لن يمكننا فقط من وضع طرق أفضل للعلاج، ولكنه سيجعلنا أيضا قادرين على الاكتشاف المبكر للمرضى المعرضين للخطر بشكل أفضل.
 
عندما بدأت البحث في هذا المرض، كان هناك 19000 من الأميركيين يصابون بسرطان الكلى كل عام، ويقدر عدد المرضى الذين سيصابون بسرطان الكلى في عام 2011 بأكثر من 60000 مريض، حيث يعتبر واحدا من أسرع أنواع السرطان انتشارا في البلاد، وإذا حاولنا معرفة السبب في ذلك، فسنكتشف أن الاكتشاف المبكر سيجعلنا قادرين على إبقاء هؤلاء الناس على قيد الحياة.
 
كيف ساعدتك معرفة الجينات المسؤولة عن مرض سرطان الكلى على تغيير طريقة تناولك للعمليات الجراحية؟
- تكون الأورام بطيئة النمو لدى مرضى سرطان الخلايا الصافية - التي يسببها جين «في إتش إل» (VHL) - ونحن لا نوصي بإجراء جراحة حتى تصل تلك الأورام إلى حجم معين، ولكن من ناحية أخرى لدينا مرضى نتج مرضهم عن جين مختلف، وهذا النوع من السرطانات يتصف بالعدوانية الشديدة، ولديه القدرة على الانتشار حتى مع صغر حجمه الشديد، ونحن نقوم بإجراء عملية جراحة فورية لهؤلاء المرضى، ونقوم بتوسيع نطاق الجراحة بدرجة كبيرة، لأن السرطان يمكن أن ينتشر في جميع أنحاء الكلى ويدخل في الأنسجة المجاورة بسهولة بالغة.
 
لقد قررت دراسة الجينات بسبب الإحباط الذي شعرت به وأنت ترى المرضى يموتون بسبب سرطان الكلى، وقد حققت نجاحا الآن، وتمكنت من إنقاذ أرواح بعض المرضى، فهل ما زلت تشعر بالإحباط؟
- ينتابني الشعور بالإحباط بالفعل في كل مرة نفقد فيها مريضا، وهو شعور يدفعني لأن أقول: «دعونا نترك الإجازات ونعمل لفترة أطول»، فأنا أشارك عائلة المريض في حزنها عليه، وكذلك يفعل جميع موظفينا، ولكننا أيضا قد بدأنا في تحقيق المزيد والمزيد من النجاحات، وهذا يحث الناس على بذل المزيد من الجهد، فكلما حققنا نجاحا، أدركنا جميعا أن هذا هو ما نعمل من أجله.