دييغو ديلا فالي صاحب ماركة «تودز» .. يعيد أسم «إلسا سكابيريلي» الي عالم الموضة من جديد

إلسا سكابيريلي، ليس اسما معروفا للجيل الجديد، مثل اسم «برادا» أو «شانيل» أو «ديور» وغيرها من الأسماء العالمية، وهذا ليس لأنها أقل أهمية أو تأثيرا، بل العكس تماما. فبينما تعتبر ملهمة لميوتشا برادا وجون بول غوتييه وهلم جرا من الأسماء المعاصرة، كانت أيضا منافسة شرسة لكوكو شانيل في العشرينات والثلاثينات من القرن الماضي، بل يمكن القول إنهما كانتا عدوتين لدودتين؛ لأن أسلوبهما في الحياة والفن كان مختلفا تماما. كانت تعشق الفن وتتعامل مع كل قطعة تبدعها على أنها قطعة فنية بحد ذاتها بغض النظر عما إذا كانت ستبيع أم لا؟
أما سبب عدم تمتع اسمها، بنفس الرنة التي يتمتع بها اسم «شانيل» أو «برادا» مثلا، أنها غابت عن ساحة الموضة منذ عقود، ولم يشفع الإرث الغني الذي خلفته في إبقائها في الواجهة إلى أن رد لها متحف الميتروبوليتان بنيويورك هذا العام الاعتبار من خلال معرض أقرب إلى المواجهة بينها وبين ابنة بلدها ميوتشا برادا.
هذا التجاهل، أو الجهل باسم إلسا سكابيريلي، سيتغير قريبا جدا؛ لأن السيد دييغو ديلا فالي، صاحب ماركة «تودز» و«روجيه فيفيه» وغيرها من الماركات العالمية، قرر أن يلعب دور الفارس المغوار، ويعيدها إلى الواجهة.
هدفه أن يحيي دارها على غرار بعض بيوت الأزياء القديمة الي نُفض عنها غبار الزمن والنسيان مثل «كارفن» و«بالنسياجا» وغيرهما. لم يكن خبر شرائه الاسم والدار سرا، بل تردد بهمس منذ بضع سنوات، وتحديدا منذ خمس سنوات، لكن لم تظهر أي دلائل ملموسة على تطوره.
فقد نام ديلا فالي على الأمر، إلى حد أعطى الانطباع بأنه نسيه. ثم كانت المفاجأة السعيدة أن تلقت وسائل الإعلام خلال أسبوع الـ«هوت كوتير» الأخير بباريس، دعوة لزيارة شقتها الواقعة بـ«21 بلاس فاندوم». العنوان الذي تعيش فيه وتبدع تصاميمها الفنية حينا والسريالية حينا آخرا.
وربما كان معرض «مواجهة بين إلسا سكابيريلي وميوتشا برادا» بنيويورك بمثابة الغمزة أو المحفز، لكي يفتح ديلا فالي ملفها والعمل عليه لتعريف جيل جديد بهذه المصممة وبأعمالها ومدى تأثيرها على ساحة الموضة منذ العشرينات إلى اليوم.
بدأ المشروع باقتناء المكان الذي كانت تعمله به وتعيش فيه «21 بلاس فاندوم» ثم تجنيد العارضة الجزائرية الأصل، فريدة خلفه لتكون سفيرة الدار. وفريدة عارضة تعاونت تحديدا مع جون بول غوتييه وعز الدين علايا، وتتمتع بشخصية مستقلة وبحب للفن، مما يجعلها الوجه المثالي للدار، لكن لم يكشف بعد عن اسم المصمم، ربما لأن البحث عنه لا يزال جاريا.
في اليوم الأخير من أسبوع الهوت كوتير الباريسي والذي يخصص عموما للمجوهرات الراقية، فتحت أبواب شقة سكابيريلي المكونة من ثلاثة طوابق للمهتمين من العاملين في مجالات الموضة والفن.
لم تكن هناك أزياء أو مجوهرات؛ لأن الفكرة كانت إدخال الضيوف إلى عالم سكابيريلي والاستمتاع بديكور شقتها المثير المزين بتحف فنية ولوحات نتاج تعاونها مع فنانين من عصرها، فضلا عن صور لأهم إنتاجاتها من أزياء وعطور وغيرها. كل ما في أرشيفها يذكر بأهمية هذه الإيطالية التي غزت باريس وشكلت هاجسا لكوكو شانيل، وظلت عدوتها اللدودة إلى آخر رمق.
حتى الآن لم يكشف الستار عن اسم المصمم، لكن هناك نية بإعلان ذلك في شهر سبتمبر (أيلول) المقبل، أي خلال أسبوع باريس للأزياء الجاهزة. وفي شهر مارس (آذار)؛ حيث الموعد مع أسبوع باريس للأزياء الجاهزة لخريف وشتاء 2013 - 2014 سنشهد أول عرض في دارها ببلاس فاندوم، مما يعني أنه سيكون صغيرا على شكل صالون يستحضر الأسلوب القديم في عرض الأزياء قبل أن تصبح العروض أكبر وأضخم إخراجا.
كما أن السيد ديلا فالي قرر على ما يبدو أن يحافظ على روح الماركة ولا يحولها إلى ماركة تجارية تقدم نحو 8 عروض خلال السنة بل سيقتصر على عرضين فقط في السنة وعلى الإكسسوارات والعطور، وهي نفس الأشياء التي كانت تبدعها المصممة الراحلة وتتخصص فيها. المشكلة أن أسعارها ستكون مرتفعة جدا، أقل من أسعار الـ «هوت كوتير» وأغلى من أسعار الأزياء الجاهزة. 
وكأن هذا لا يكفي للمحافظة على خصوصيتها وتفردها، قرر السيد ديلا فالي أن تتوفر فقط في محلها بـ«بلاس فاندوم» معقل المجوهرات، وكأنه يريد أن يؤكد أنها ستكون بقيمة الأحجار الكريمة. لن يكون هناك أيضا إعلانات للترويج لها حتى لا تتحول إلى سلعة تجارية محضة، لكن هذا لا يعني أنها لن تكون مربحة؛ لأن السيد ديلا فالي رجل أعمال أولا وأخيرا، ولا يمكن أن يدخل أي مغامرة من هذا النوع من دون أن يفكر في استراتيجية تدر عليه الربح. 
ومع ذلك تبقى إستراتيجيته في عدم توفير الماركة في مواقع عالمية، وعدم الترويج لها في المجلات، أمر جديد وغريب في عصر الـ«تويتر» والـ««فيس بوك»»، لكن ما أكدته الأيام والتجارب التي خاضها، أنه رجل يحب «لادولتشي فيتا» أي الزمن الجميل، ويريد أن يذيق كل امرأة تتمتع بجيب عامر ورغبة في التفرد طعمه. فهو يريد أن تأتي الزبونة إلى المصممة وليس العكس حتى تستمتع بالتجربة.
وعلى الرغم من أن البعض لا يتفق معه، خصوصا أن المنافسة شديدة والكثير من البيوت الكبيرة لم تعد تكتفي بافتتاح محلات لها في كل أنحاء العالم، بل تشد الرحال بعد أي عرض أزياء لتقدم عرضا مماثلا وكاملا في الأسواق التي تأمل منها خيرا، مثل الصين، عدا عن توفير خدمات منزلية إن تطلب الأمر.
بمعنى أن بيوت الأزياء ترسل الآن متخصصات لإجراء البروفات للزبونات وهن في بيوتهن، وأينما كن، عوض حضورهن إلى باريس أو غيرها من العواصم لإجراء هذه البروفات كما جرت العادة سابقا.
أما من الناحية الفنية، فكل عشاق الموضة ينتظرون بلهفة تصاميم غير عادية لمصممة غير عادية تعتبر من أهم المصممات في التاريخ المعاصر. وربما استمرت في العطاء من دون أن تتعرض لأي مشاكل مادية بينما لو تنازلت عن مبادئها وقرأت تغيرات المجتمع بعد الحرب العالمية الثانية. فقد كانت ترى تغيير جلدها وركوب موجة ما معناه حاليا: «الجمهور عايز كده» يرخص من أسلوبها وإهانة لفنها.
في عام 1954 أغلقت دارها بالأقفال، مخلفة إرثا لا يزال الكثير من المصممين يغرفون منه، وعلى رأسهم ميوتشا برادا، وجون بول غوتييه، الذي استوحى شكل قارورة عطره الشهير الذي يمثل جسد امرأة من قارورة عطر ابتكرتها منذ نحو قرن. 
زيارة إلى شقتها وأرشيفها تؤكد أن هذا الإرث هو الذي شجع ديلا فالي على شراء الاسم وإعادته إلى الحياة، وأن أي مصمم سيتسلم مقاليد الدار لن يجد شحا في الأفكار لأن كل شيء جاهز تقريبا. كل ما عليه أن يفهم أسلوبها وروحها وطموحاتها لكي ينجح في مهمته. فقد كانت سابقة لعصرها، فهل يستطيع هو أيضا أن يحترم إرثها ويكون سابقا لعصره في الوقت ذاته؟ هذا هو السؤال.
ماذا لو تسلم جون جاليانو مقاليد دار «سكابيريلي»؟
بعد أن عرفنا أن السيد دييغو ديلا فالي ينوي أن تكون ماركة «سكابيريلي» بمثابة «كوتير جاهز» يخاطب شريحة معينة من النساء المقتدرات والمقدرات للقطع الفنية، وعرفنا أيضا أنه سيكتفي بعرضين في العام بدلا من ثمانية عروض، من «كروز» و«بري فول» و«هوت كوتير» وغيرها، يبقى السؤال الأهم: من سيكون المصمم المسؤول عن هذه المهمة الجبارة؟ 
لا شك أن هناك أسماء كثيرة تحلم بهذه المهمة كما تخشاها، أنها كبيرة بحيث يمكن أن تحلق بهم إلى العالمية بسرعة، لكنها أيضا ليست سهلة لأن حجم التوقعات سيكون كبيرا. فالمصممة كانت سابقة لأوانها وكانت لها نظرة مستقبلية وفنية لا تخيب.
سمات جعلت البعض يتمنى أن لو كانت الوظيفة من نصيب جون جاليانو، وهي أمنية تطورت إلى إشاعة سارع السيد ديلا فالي إلى وأدها، مؤكدا أنها مجرد إشاعة لا صحة لها. يذكر أن جون جاليانو طرد من دار «ديور» منذ أكثر من عام بعد أن سبب الكثير من الإحراج للدار الفرنسية نتيجة تفوهه بشتائم معادية للسامية. 
أمر لا يغتفر في كثير من الأوساط، لا سيما في أميركا، التي تعتبر سوقا مهمة للموضة. وهذا وحده سيجعل أي دار أو رئيس تنفيذي يحجم عن توظيفه رغم أنه لا يفتقد إلى الإبداع والخيال ورغم أنه قد يكون أفضل مرشح للوظيفة.