أقصر امرأة على قيد الحياة .. هندية ويجمعها لقاء في لندن مع أقصر رجل في العالم

إنها أقصر امرأة على قيد الحياة. من كان يعرف أن جيوتي آمغي خُلقت لأمور عظيمة؟ فعندما كانت جنينا في بطن أمها، لم تكن تظهر صورتها بوضوح على شاشة جهاز الفحص بالموجات فوق الصوتية، لكن صورها الآن تنتشر على الإنترنت وتتصدر الصحف بعد أن دخلت موسوعة «غينيس» للأرقام القياسية بصفتها أقصر امرأة؛ حيث يبلغ طولها 24.7 بوصة. عندما حملت بها والدتها رانجانا، التي أنجبت أربعة أطفال طبيعيين، كانت تشعر أن هناك خطأ ما، وحتى انتهاء الأشهر التسعة، لم تكن جيوتي تظهر على شاشة الجهاز.
صدم الأطباء عندما ولدت في الشهر العاشر، حيث تجاوز وزنها بالكاد ثلاثة أرطال. لقد ولدت بجراحة قيصرية ولم يكن الأطباء يعتقدون أنها ستعيش أكثر من يومين، لكنها عاشت وبلغت الثامنة عشرة الآن رغم أنها تعاني من الودانة الذي يؤدي إلى الإصابة بمرض التقزم. 
وسبب الودانة هو حدوث تشوه جيني يؤدي إلى حدوث خلل في نمو العظام. ويعاني المصابون بهذا المرض من بطء في التنفس والبدانة وآلام الظهر وصعوبة في المشي بسبب تقوس الأرجل. لقد توقفت عن النمو مثل أي طفل عادي بعد بضعة أشهر من الولادة. ولدى جيوتي ثلاث شقيقات وشقيق؛ وكلهم طبيعيون مثل والديها. 
شهدت بداية شهر أبريل (نيسان) لحظة مميزة بالنسبة لاثنين عندما اختارت موسوعة «غينيس» أقصر رجل وامرأة للمرة الأولى في التاريخ. وقابلت جيوتي أقصر رجل في العالم وهو تشاندرا دانغي ويبلغ من العمر 72 عاما وهو من نيبال ويبلغ طوله 21.5 بوصة.
وقالت: «يشعر الناس بالذهول عندما يرونني، وكانت هذه هي فرصتي لأشعر بالذهول»، وحضرت جيوتي إلى لندن الأسبوع الماضي لتدشين نسخة عام 2013 لموسوعة «غينيس» للأرقام القياسية.
وقالت: «إنه لشرف نادر وأشعر بالفخر والسعادة لحصولي على هذه الفرصة». والتقطت للاثنين صور فوتوغرافية معا. وسوف تنشر الصور في نسخة 2013 من موسوعة «غينيس» التي من المتوقع أن تصدر في سبتمبر (أيلول) من كل عام. 
وتحظى جيوتي بحب أسرتها رغم أنها مستقلة إلى حد كبير في شؤون حياتها اليومية، وتقوم بشؤونها من دون مساعدة أفراد أسرتها.
وتقول الأم رانجانا: «لقد كانت دوما ناضجة، فلم نرها يوما غير سعيدة»، مع ذلك، كثيرا ما يدللها أبواها وأخوتها وسط الحشود مثل طفلة. في منزلها في واردهامان نغار في ناغبور، حيث نجري معها لقاء، تجلس جيوتي على مقعد صغير وترتدي ملابس طفل في الثالثة من العمر.
ولا تشكو جيوتي آمغي إلى الله من هيئتها هذه، بل تتصدى لتحديات الحياة. إنها أقصر من متوسط طول طفلة في الثالثة من العمر، لكن هذا لم يمنعها من أن يكون لها طموحات كبيرة. تُضطر جيوتي بسبب حجمها إلى أن تستعين بحائك لحياكة ملابسها، وتحتاج إلى حلي مصنوعة خصيصا لها، وتنام في سرير صغير، وتستخدم أطباقا وأدوات مائدة خاصة؛ فالأواني العادية كبيرة جدا بالنسبة لها. إن جسدها الصغير يجعل من الممكن وضعها داخل سلة على دراجة شقيقتها عندما ترغب في التنزه. 
ومثل أي فتاة بالغة، تهتم جيوتي بمظهرها، فتقول: «لقد شاركت في عرض أزياء في مدرستي. أحب وضع الحنة على يدي». ويقول أبواها إنها لا تحب ارتداء فستان أكثر من ثلاث مرات، وكذلك تحب ارتداء الساري، وتحتاج إلى مساعدة أمها في ارتدائه.
وتقول بخجل: «أحب أن أساير خطوط الموضة وأحب الزينة (ترتدي خواتم في كل أصابعها). وأحب الاحتفال مع أصدقائي». ويبلغ وزنها 5.25 كغلم. 
وتنتظم جيوتي في الدراسة الجامعية في الآداب، لكن خلال العامين الماضيين منذ أن كثرت أسفارها حول العالم، لم يصبح لديها وقت للذهاب إلى الكلية. لذا تتابع تعليمها لنيل الشهادة في المنزل. كذلك لها حساب على موقع «فيس بوك» وعدد من الأصدقاء.
وتقول: «لن أخبرك بعددهم، فهذا سر». هل يهم حجم جسد الإنسان؟ بالتأكيد يهم في حالة جيوتي، فكل ما حظيت به من شهرة وشرف، هو بسبب هذا الحجم الفريد. 
وتقول بنبرة طفولية تتخللها ابتسامات عريضة: «إذا لم أكن أقصر امرأة في العالم، لم أكن لأحظى بهذه الشهرة». لكن لم يؤثر حجمها الصغير على معنوياتها. وتقول إنها تستمتع بالشهرة التي حصلت عليها بفضل قصرها.
وأوضحت قائلة: «أفخر بحجمي الصغير، فأنا أحب الاهتمام الذي أحظى به. أنا مثل الآخرين، فأنا آكل مثلك وأحلم مثلك.. لا أشعر بأي اختلاف». 
وتضيف بغضب مفاجئ: «من المشكلات التي جلبتها علي الشهرة هي التفاف الناس حولك في أي مكان تذهب إليه». وأصبحت جيوتي من المشاهير في ناغبور عام 2009 عندما أعلنت موسوعة «ليمكا» للأرقام القياسية أنها أقصر مراهقة في الهند، وأعلنت بعدها موسوعة «غينيس» أنها أقصر مراهقة في العالم.
وتقول: «يطرح كثيرون علي أسئلة تثير غيظي»، فالرجل الفضولي يريد أن يعرف ما إذا كانت تستطيع السير والكلام، وما الذي تأكله، وما إذا كان شعرها طبيعيا أم لا. ويقول والدها كيسانجي آمغي إنه استأجر لها حارسين شخصيين حتى يرافقاها عند الخروج.
وتقول جيوتي وعيناها مغرورقتان بالدموع: «لقد كان ذلك اليوم أسعد يوم في حياتي». وحضرت الاحتفال الذي أقيم في ناغبور وهي ترتدي ساريا بلون الخوخ ووقفت على منضدة حتى يتم قياس طولها. ووقفت على كرسي حتى تقطع كعكة عيد ميلادها الثامن عشر. إنها أقصر بـ 7 سم من حاملة اللقب الأميركية السابقة بريدجيت جوردن، التي يبلغ طولها 69 سم. 
وعندما تسلمت جيوتي الشهادة التي تحمل آخر طول وصلت إليه، وعيناها تترقرق بالدموع وصفت هذا التكريم بأنه «هدية عيد ميلاد أخرى». إنها تحب الاستماع إلى الموسيقى ومشاهدة أسطوانات «دي في دي». ولم تعد جيوتي، أقصر امرأة في العالم، تذكر عدد المرات التي ظهرت فيها في أفلام وثائقية ومقاطع مصورة. 
لقد سافرت إلى إسبانيا وإيطاليا واليابان والولايات المتحدة وكثير من الدول الأوروبية في إطار فعاليات موسوعة «غينيس» وللتسجيل في برامج تلفزيونية. تم عرض أحد الأفلام الوثائقية على قناة «ناشيونال جيوغرافيك» مؤخرا.
وقالت وهي ترينا مقطعا مصورا على «يوتيوب» تظهر فيه وهي مرتدية فستانا أبيض ويدفعونها في عربة نحو المنصة وسط عاصفة من التصفيق بينما تتحدث للناس بالإيطالية: «إيطاليا أحب البلاد إلى قلبي». لم تكن جيوتي تعاني من مشكلات صحية أخرى، لكنها تحتاج إلى حماية نفسها من أمراض مثل نزلات البرد العادية.
وأدى سقوطها في الماضي إلى حدوث كسر في رجليها. وازداد طولها بمقدار 0.85 سم بين سبتمبر (أيلول) عام 2009 وديسمبر (كانون الأول) عام 2011. ويبلغ وزنها 5.25 كغلم. 
تعايشت جيوتي مع التقزم ولها أحلام مثل المراهقين. إنها تحب الأفلام الهندية، وترقص وترسم؛ حتى إنها تريد استخدام صوتها في الدبلجة في السينما الهندية. وظهرت في مقطع مصور مع مطرب البوب سينغر ميكا، وثلاثة أفلام؛ اثنان هنديان هما، «بان سوباري» و«ميرا بهارات ماهان»، وفيلم بلغة كارناتاكا هو «مودي». وعملت مع نجم السينما الهندية سلمان خان، وأمامها حاليا بعض مشروعات الأفلام.
كذلك انضمت إلى حزب سياسي في ولاية مهاراشترا في غرب الهند وعملت على حشد أصوات الناخبين في بداية العام الحالي للحزب في انتخابات المجالس البلدية. وأكدت، وهي تقف على كتف واحد من حارسيها الشخصيين، اللذين يبلغ طولهما سبعة أقدام، أنه رغم حجمها الصغير وضعفها، فإنها شاركت في كل الأحداث السياسية، كذلك لم يفوت أحد من الجموع فرصة لمح المرأة المبتسمة التي يبلغ طولها طول دمية. لقد أثبتت أنها مصدر جذب كبير للانتباه، وساعدت مرشح الحزب في الحصول على مقعد في مجلس البلدية. 
مع ذلك، لم تتمكن جيوتي من إحراز لقب أقصر امرأة في التاريخ، حيث لم يفصلها عنه سوى 1.8 سم، فبحسب موسوعة «غينيس» للأرقام القياسية، أقصر امرأة في التاريخ هي بولين ماسترز (1876 - 1985) وكان طولها 61 سم.
مع ذلك لم تحرم الهند من دخول موسوعة «غينيس» في بند أقصر رجل في التاريخ، حيث تذكر الموسوعة غول محمد (1957 - 1997) الذي تم قياس طوله في يوليو (تموز) عام 1990 في نيودلهي وكان طوله 57 سم، مما جعله أقصر رجل بالغ في التاريخ. 
ألم تملّ جيوتي أضواء الشهرة؟ 
تجيب جيوتي عن هذا السؤال بالنفي، حيث تقول: «يبدو الأمر مكررا، لكن الناس مختلفة، وأتعلم الكثير من الأمور الجديدة مثل لغتهم وثقافتهم. وأنا أستمتع بالأمر بكل تأكيد».