تعديل وجبات الغداء في مدارس نيويورك لمقاومة البدانة

21% من طلبة المرحلة الابتدائية والإعدادية يعانون السمنة وتمكنت سلطات مدينة نيويورك من خفض السعرات الحرارية بنحو 200 سعرة
21% من طلبة المرحلة الابتدائية والإعدادية يعانون السمنة وتمكنت سلطات مدينة نيويورك من خفض السعرات الحرارية بنحو 200 سعرة

مدفوعة بالخوف من أن يخسر الأطفال معركتهم ضد البدانة، بدأت مدينة نيويورك خفض السعرات الحرارية التي تشتمل عليها وجبات الغداء المقدمة في المدارس منذ عدة أعوام، من خلال الاستعاضة عن البطاطس المقلية بشرائح البطاطس المطبوخة وتقديم شوكولاته باللبن خالية من الدهون ومعكرونة من الحبوب الكاملة وسلاطات، إلى جانب أطعمة أخرى منخفضة السعرات.
ومن خلال تلك العملية، تمكنت المدينة من تقليل السعرات الحرارية. ويقر مسؤولو المدينة الآن بأنها عادة ما تقدم للأطفال سعرات أقل من تلك التي تلزم بها الحكومة الفيدرالية. 
كثيرا ما وجدت إدارة عمدة نيويورك مايكل بلومبيرغ نفسها في موقف حرج بسبب سلطات مدينة أولباني (عاصمة ولاية نيويورك) أو واشنطن في أهداف سياستها، من بينها إنشاء استاد على الجانب الغربي من مانهاتن وفرض ضرائب على مشروب الصودا أو حظر استخدام بطاقات الأطعمة مع المشروبات المحلاة بالسكر. 
لكن في حالة الوجبات المدرسية البالغ عددها 860 ألف وجبة تقدم يوميا، تجاهلت مجموعة من شروط وزارة الزراعة الأميركية المكتوبة في عام 1994، من دون السعي للحصول على تصريح.
وقال مسؤولو الصحة والتعليم بالمدينة إن هدفهم لم يكن تقليل السعرات الحرارية، بل رفع القيمة الغذائية للأطعمة التي يتناولها الأطفال.
ولكن مع بدئها تعديل تلك المواد الغذائية، كان هناك «رد فعل ثانوي»، على حد قول كاثي نوناس، المستشارة رفيعة المستوى في إدارة الصحة بالمدينة. فقد أوضحت أن ذلك أدى إلى «خفض السعرات الحرارية. وفي بعض الأحيان، لأقل مما اعتبرته وزارة الزراعة الأميركية حدا أدنى». 
على سبيل المثال، من خلال استخدام المسؤولين شرائح الديك الرومي بدلا من شرائح لحم الخنزير المملح، قللوا عدد السعرات الحرارية في كل حصة بمقدار 64 سعرا. فضلا عن ذلك، فإنهم لم يجدوا حاجة لزيادة كمية الأطعمة في صينية الطعام مجددا. 
وقال إريك غولدشتاين، المدير التنفيذي لخدمات الدعم المدرسي لإدارة التعليم في مدينة نيويورك: «هدفنا هو تقديم أطعمة لأطفال لامواد مغذية لرواد الفضاء». 
وأوضح مسؤولو المدينة أن التوجيهات الفيدرالية الجديدة، التي تسري في العام الدراسي الحالي، أثبتت أنهم كانوا محقين تماما.
فالقواعد الجديدة تقلل الحد الأدنى لعدد السعرات الحرارية بقيمة أكثر من 200 سعر حراري في بعض الصفوف الدراسية.
وللمرة الأولى، تضع حدا أقصى للسعرات الحرارية بالمثل. لكن المسؤولين أقروا بأنه بالنسبة للطلاب الأكبر سنا، ما زالت القواعد الجديدة تتطلب إضافة عدد من السعرات إلى صينية الطعام يفوق ما توفره المدارس في المدينة. 
ونظرا لأن المدينة تتوقع من حكومات الولايات والحكومة الفيدرالية مراجعة الوجبات المدرسية بشكل أكثر صرامة، انشغل الطهاة في مطبخ اختبار في لونغ أيلاند سيتي - كونيز بإدخال تعديلات على قوائم الأطعمة بحيث تفي بالمعايير الغذائية الجديدة، التي تتضمن وضع قيود على الصوديوم وزيادة استخدام الفواكه والخضراوات والحبوب الكاملة.
وأضاف مسؤولو المدينة أنهم يتحققون أيضا من أن الوجبات تتضمن عددا كافيا من السعرات الحرارية. 
وقد أشاد الكثير من اختصاصيي التغذية والأكاديميين بقرار المدينة المتمثل في تقليل عدد السعرات الحرارية في الأعوام الأخيرة، حتى وإن لم تف بالقواعد الفيدرالية.
قالت كلير وانغ، الأستاذ المساعد بقسم سياسة الصحة والإدارة بكلية ميلمان للصحة العامة بجامعة كولومبيا، التي أشارت إلى أنها لم تشعر بأن المدينة لم تعد تقدم الغذاء الكافي للطلاب. 
بينما ذكر ويليام ماكارثي، أستاذ الصحة العامة وعلم النفس بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس، أن المدرسة كانت رائدة في حمل الأطفال على تناول المزيد من الأطعمة الصحية.
وقال الدكتور ماكارثي: «كانت هناك زيادة في التركيز على محاولة توفير العدد المطلوب من السعرات الحرارية». وأضاف: «ستؤدي السعرات الحرارية مهمتها إذا ما دفعنا الأطفال إلى انتقاء اختيارات غذائية أفضل مثل ملء نصف أطباقهم بالخضراوات». 
غير أن جويل بيرغ، المدير التنفيذي لائتلاف مدينة نيويورك لمكافحة الجوع، وصف مبادرة المدينة بأنها «طائشة». 
إذ أشار إلى أن القرار «يستند إلى عوامل سياسية وأهواء شخصية، لا إلى علم التغذية».
إنه يرتكز على اعتقاد غريب لدى مسؤولي المدينة مفاده أنه لم تعد هناك حالات جوع بين الأطفال، على الرغم من البيانات الفيدرالية التي تشير إلى أن هناك طفلا واحدا من بين كل أربعة أطفال في مدينة نيويورك يعيش في منازل لا يتوافر فيها غذاء آمن. ويتمثل رد الفعل الوحيد تجاه شعور الأطفال بالجوع في سحب الطعام من أمامهم». 
ولم يتسن للمدينة تحديد الفترة التي ظل فيها الطلاب يحصلون على وجبات لا تطابق عدد السعرات الحرارية بها المعايير التي وضعتها الحكومة الفيدرالية، أو عدد السعرات الناقصة في الوجبات على وجه التحديد. 
وبموجب التوجيهات القديمة، كان لزاما على السواد الأعظم من الطلاب الحصول على 785 سعرا حراريا في الوجبة. وتقضي القوانين الجديدة بحصول الطلاب على 550 سعرا حراريا حتى الصف الخامس و600 لطلاب المدارس المتوسطين و750 لطلاب المرحلة الثانوية. ويعتبر الحد الأقصى أكبر بقيمة 100 سعر حراري من الحد الأدنى. 
وقد أشارت إدارة التعليم بالمدينة إلى أنها بدأت خدمة تقديم السلاطات في المدارس عام 2005. لا يصل عدد السعرات الحرارية، التي يحصل عليها الطلبة من السلطة، إلى الحد الأدنى، بموجب القوانين الفيدرالية، لكنها تعد غذاء صحيا.
ويجب أن تتبع الإدارات التعليمية إرشادات وزارة الزراعة حتى تستحق الحصول على تمويل الحكومة الفيدرالية لوجبات الغداء في المدارس، الذي يزيد في مدينة نيويورك على 400 مليون دولار سنويا.
مع ذلك، لا يبدو أن هيئات الإشراف تدرك النقص في عدد السعرات الحرارية، ومن غير المرجح أن تتلقى المدينة الجزاء على ما فعلته السنوات الماضية. 
أحال مسؤولون في وزارة الزراعة كل القضايا إلى إدارة التعليم في الولاية فهي مسؤولة عن تقييم التزام المدارس بمعايير التغذية في الوجبات التي تقدمها. مع ذلك، اعترف مسؤولون فيدراليون بأن بعض المدارس تواجه صعوبة في تقديم وجبات مطابقة لكافة المعايير السابقة للحكومة الفيدرالية الخاصة بكل نوع وجبة.
وشعر مسؤولو الولاية بالارتباك نتيجة اعتراف المدينة بذلك، حيث كانوا يعتقدون أن وجبات الغداء، التي كانت تقدمها المدينة، كانت تحتوي على القدر الصحيح من السعرات الحرارية. 
وفي آخر تحليل لبرنامج المدينة في مايو (أيار) 2010، اكتشفوا الدليل على وجود «نقص في السعرات الحرارية»، لكن السبب وراء ذلك كان تناول الأطفال لكمية من الطعام أقل مما يقدم لهم على حد قول ساندي شيدي، اختصاصية برامج التغذية في المدارس بالولاية.
وأوضحت قائلة: «أعتقد أنه إذا تناول الطفل كل صنف من أصناف الطعام التي تقدم إليه في الوجبة، لكان عدد السعرات الحرارية التي يتناولونها وصل إلى المستوى المعياري الذي حدده القانون». وقالت ساندي إنه تم إخبار المدينة بطرق معالجة هذا النقص. 
كان إدخال تغييرات على قائمة الطعام الذي يقدم للطلبة جزءا من حملة طموحة تقوم بها المدينة من أجل مكافحة بدانة الأطفال التي تعود إلى نحو عقد من الزمان.
وتضمنت الحملة أيضا عدم تقديم المشروبات الغازية التي توجد في كافة ماكينات البيع بكافة المدارس، ومنع تقديم خضراوات معلبة، وتقديم خضراوات طازجة أو مجمدة بدلا منها، وكذلك منع تقديم كافة الأغذية التي تحتوي على دهون غير مشبعة صناعية، وتقليل الصوديوم وزيادة الألياف ومنع تقديم كل أصناف الطعام المقلي بكثرة. 
وقررت إدارة بلومبيرغ عدم جعل تقديم المدارس لوجبات إفطار في الحجرات الدراسية أمرا إجباريا، حيث ترى أن هذا يشجع الأطفال على الإفراط في تناول الطعام.
وانتقد مجلس المدينة القرار، حيث قال إنه يحرم الأطفال الجوعى من الطعام. ويمكن للطلبة الحصول على إفطار مجاني في الكافتيريا قبل بدء اليوم الدراسي.
أشارت المدينة العام الماضي إلى انخفاض عدد الأطفال، الذين يتسمون بالبدانة منذ الحضانة إلى الصف الثامن، بنسبة 5.5 في المائة على مدى السنوات الخمس الماضية استنادا إلى نتائج اختبارات لياقة سنوية.
ويعد هذا أكبر تراجع سجل في أي مدينة كبيرة، لكن لا يزال هناك 21 في المائة من طلبة المرحلة الابتدائية والإعدادية يعانون البدانة.