مسؤولون سعوديون يتهمون شركات الأدوية بإفساد ضمائر الأطباء

اتهم مسؤولون في قطاعات صحية خاصة وحكومية في السعودية، شركات الأدوية، باختراق أخلاقيات مهنة الطب وإفساد ضمائر الأطباء، وتحويل مسارهم العملي من المهنة الأكثر إنسانية إلى دور مسوّقين وموزعين للأدوية عن طريق المغريات الكثيرة التي يقدمها مندوبو تسويق الأدوية مقابل الترويج لأدويتهم.
وكشف الدكتور مازن فقيه، مدير مستشفى سليمان فقيه الطبي بجدة، عن خطورة تفشي هذه الظاهرة، التي دفعته إلى اتباع سياسة منع الأطباء من مقابلة مندوبي الأدوية، مؤكداً بأن مستشفاه يفرض قواعد مشددة بهذا الخصوص. إلا أن فقيه أشار إلى وجود خروقات، والذي يجبر الإدارة على اتباع هذا الإجراء، كما يقول فقيه، هو إمكانية حدوث تأثير قد يكون فيه مصلحة ذاتية للطبيب، أو مندوب شركة الأدوية، لترويج دواء معين ليس لأنه الأفضل، لكن لأنه مربح أكثر.


وأشار فقيه إلى أن شركات الأدوية تسعى لشراء ولاء الطبيب بكل الطرق الممكنة، ولديها ميزانيات ضخمة مخصصة لذلك، وهي تتبع طرق غاية في الدهاء قد لا يفطن إليها الأطباء، كابتعاث الأطباء لمؤتمرات طبية ودورات تدريبية على حسابها، ومنحه مزايا أخرى كثيرة.

وأضاف أنه يجب على الطبيب ألا يصف الأدوية الأغلى ثمناً رغم توفر البدائل المعقولة لأسباب تجارية وتسويقية، فهذا مخالف لميثاق المهنة وشروطها الإنسانية.

من جانبه أكد مدير إدارة مستشفيات المغربي، معتصم علي رضا، بأنه لا يمكن إسناد مهمة إدخال الأدوية في أي مستشفى للأطباء أو لأي كان، وذلك لحماية نزاهة الأطباء والمسؤولين وإبعادهم من دائرة استهداف شركات الأدوية ومندوبيها. وقال رضا «نحن نتشدد في أن يقابل الطبيب أي مندوب مبيعات من قِبل شركات الأدوية، للحد من هذه الظاهرة ونوجهه إلى الصيدلي الموجود بالمستشفى بدلاً من إضاعة وقت الطبيب، وتأخير المرضى والمراجعين في العيادات».

وأضاف «هناك لجنة يفترض أن تشكل في كافة المستشفيات والمراكز الصحية، تتسم بالحيادية ولا تقتصر على شخص واحد، هي التي يجب أن تنظر في الأدوية وتسمح بدخولها إلى المستشفى وصيدليته، وهي أمور مدرجة ضمن برنامج الجودة المطبق حالياً في منطقة مكة المكرمة، الذي يسعى إلى تحسين الخدمة من الناحية العملية الطبية، ومن ناحية الأسعار ومعقوليتها».

ولا يقتصر الأمر على موظفي المستشفيات الخاصة، بل يشمل اطباء المستشفيات الحكومية، حيث يؤكد مصدر مسؤول في التراخيص الطبية في وزارة الصحة ـ طلب عدم ذكر اسمه ـ بأن هناك إشكالية جدلية في العلاقة ما بين مندوبي شركات الأدوية والأطباء. واعترف المصدر بأنه يوجود تجاوزات تحدث بهذا الخصوص كما في أي مهنة أخرى، إلا أنه اعتبر طريقة التعامل مع المسألة شأنا يخص إدارة كل مستشفى.وتابع المصدر «اللوائح التنظيمية لوزارة الصحة قننت إلى حد ما مسألة التسويق، خاصة في المادة السادسة من النظام، التي اشترطت أن يكون لكل شركة أو مؤسسة لتصنيع المستحضرات الصيدلانية لها مصنع مسجل في المملكة، مكتب علمي، يديره صيدلي سعودي متفرغ مرخص له بمزاولة المهنة، وأن تتوفر في المكتب الشروط واللوائح التي تحددها اللائحة، ومنها توفير المعلومات الدوائية الدقيقة عن مستحضرات الشركة المتداولة في المملكة». وأشار إلى أن المادة تضمنت، التأكد من التزام الشركة التي يمثلها المكتب بما جاء في المدونة السعودية لأخلاقيات ممارسة تسويق المستحضرات الطبية، ودعم النشاطات العلمية في المجالات ذات العلاقة بمستحضرات الشركة المتداولة في المملكة، والمشاركة في أنشطة الجمعيات العلمية والمساهمة في برامج التعليم المستمر.

وعلى الجانب المقابل، يؤكد المدير التنفيذي بإحدى شركات الأدوية ـ آثر عدم ذكر اسمه والشركة التي يعمل فيها ـ بأن زيارة مندوبي التسويق للطبيب أمر مهم جداً لإطلاعه على آخر المستجدات الطبية، وتعريفه بالجديد في ما يتعلق بالعلاجات والأدوية. إلا أنه لا ينكر أن بعض الأدوية التي يسوق لها المندوبون قد تكون أغلى ثمناً من أخرى موجودة في الأسواق لاعتبارات اقتصادية وتجارية.

ويشدد المدير على أن ما تقدمه الشركات للأطباء من دورات تدريبية أو امتيازات أخرى أمر مشروع ومبرر، وهو يخدم المهنة، وتتعاطى مع الشركة من باب الإسهام بدور اجتماعي وتثقيفي وتعليمي.