متلازمة الموت المفاجيء أثناء النوم .. والخرافات المتداولة بشأنها

يتناول الأطباء المتخصصون متلازمة الموت المفاجيء بالشرح حيث يؤكدون علي أن الموت المفاجئ يعني حدوث الوفاة فجأة بدون أي سبب ظاهري أو خلال ساعة من أي أزمة حادة حدثت للمريض، فكثيرا ما نسمع عن شخص سقط فجأة دون سابق إنذار.. أو لاعب كرة توفي أثناء المباراة وهو يتمتع بكامل صحته.. والمأساة تكون أشد عندما يوقظ الإنسان أحدا من أقاربه صباحا لتناول الإفطار فيجده ميتاً، وعندما نسأله يقول إنه كان لا يشكو من أي مرض وكان في ريعان شبابه، أو أنه استيقظ لصلاة الفجر وأيقظ أهله ثم نام ولم يستيقظ بعدها "وكأنه كان يشعر بقرب أجله!".
ويمثل النوم عدة مراحل. منها مرحلة "حركة العين السريعة – MER" والتي ينشط فيها الجهاز العصبي السمبثاوي وتزيد مادة الأدرينالين ويزداد معدل ضربات القلب وضغط الدم وسرعة التجلط، وتحدث الأحلام في هذه المرحلة، والمراحل الأخري "peels MER – noN" ينشط فيها العصب الحائر والذي قد يؤثر سلبا علي نظام التوصيل الكهربائي للقلب. 
وأثناء الاستيقاظ من النوم في الصباح الباكر يزداد الادرينالين بشكل كبير وتزداد قابلية الصفائح الدموية لتكوين الجلطات في القلب والدماغ، وبالتالي فإن عملية النوم لا تمثل دائما استجماما صحيا للجسد، ولكن هذه الاضطرابات في التوازن بين العصب السمبثاوي والعصب الحائر أثناء النوم والتغيرات في سيولة الدم تمثل خطرا يهدد بالموت المفاجئ لدي المصابين ببعض الأمراض.
يقول الأطباء أن الموت المفاجيئ يحصد حياة نصف مليون أمريكي سنويا، وهو يحدث كثيرا أثناء النوم وفي الصباح الباكر. 
ويعد مرض الشريان التاجي هو أكثر الأمراض المسببة للموت المفاجئ علي مستوي العالم، ولكن هناك أمراض أخري تسبب الوفاة بصفة خاصة لدي صغار السن، فالكثير من هذه الأمراض لا يتم تشخيصه لأنه قد لا يسبب أعراضا، ويتم اكتشافه بالصدفة أثناء الفحص الروتيني لدي من لديهم الوعي الكافي، ولسوء الحظ فغالبية الناس في مصر والعالم لا يراجعون الطبيب إلا عندما تحدث شكوي.

 ويضيف الأطباء: 

لذلك فما نتمكن من تشخيصه من هذه الأمراض يمثل "قمة الجبل الجليدي"، ومن الأمراض المسببة للموت المفاجئ أثناء النوم مرض "بروجادا" ويعد السبب الرئيسي للوفاة الطبيعية في دول شرق آسيا فهو يصيب الرجال أكثر من النساء بين 20 و40 عاما (وهو أقل انتشارا في الدول العربية)، وهو مرض وراثي ينتقل من الآباء للأبناء ويحدث أيضا دون أن يورث نتيجة طفرات جينية، وتحدث الوفاة للرجال أثناء النوم مما دفع بسطاء الناس للاعتقادات الخرافية بوجود أرواح نسائية شريرة تأخذ الرجال من زوجاتهم، لدرجة أن بعض الرجال في شرق آسيا يذهبون للنوم بملابس نسائية خوفا من الموت! وهذا المرض عبارة عن خلل في نظام التوصيل الكهربي داخل عضلة البطين.. ويسبب تذبذباً مفاجئا يؤدي لتوقف نبض القلب، وينشط أثناء النوم بواسطة العصب الحائر.

بداياته 

لوحظت بداية أعراض الموت المفاجئ في عام 1977 عند مجموعة من اللاجئين من دول شرق آسيا بالولايات المتحدة، ولوحظت مجددًا بسنغافورة حينما أظهرت نتائج الاستطلاع أن ٢٣٠ من الرجال الأصحّاء باغتهم الموت بلا أسباب مشروحة بين عامي ١٩٨٢ و ١٩٩٠. 
ويشار لهذا المرض بالعامية في الفلبين إلى" bangungot " ويؤثر في كل سنة على كل مائة ألف شخص وينتشر بين شبابهم حيث إن معظم الضحايا من الشباب الذكور. 

أسباب متلازمة الموت المفاجئ

متلازمة الموت المفاجئ كانت خاضعة للخرافات والاعتقادات المختلفة.. في تايلند مثلاً كانت مرتبطة بتناول كعك الأرز على وجه الخصوص.. أما في الفلبين فكانو يعتقدون أن تناول كمية كبيرة من الكربوهيدرات قبل النوم تسبب مايعرف بلغتهم المحليه بـ " bangungot " والتي تعني الموت لأسباب غير معروفه خلال النوم. 
ومؤخراً بدأ العلماء بفهم هذه المتلازمة وتفسير أسبابها، ولكن لم يتم العثور على أية أمراض عضوية قلبية أو عيوب خَلقية في ضحايا الموت المفاجئ خلال النوم، مع ذلك فإن نشاط القلب خلال متلازمة الموت المفاجئ يشير إلى عدم انتظام ضربات القلب، بالإضافة إلى الرجفان البطيني. 
وينجو بعض الضحايا من الموت المفاجئ عندَ انتظام ضربات القلب من جديد وعودتها إلى وضعها الطبيعي، لذلك يوصي الفلبينيون القدماء بليّ إبهام القدم لأولئك الذين يعانون من المتلازمة، لتحفيز قلوبهم للعودة للوضع الطبيعي. 
وفي الفلبين تم ربط أغلب حالات الموت المفاجئ خلال النوم بالنزيف والالتهاب الحادين في البنكرياس من قبل العاملين في المجال الطبي بالرغم من أن ذلك قد يكون راجعاً للتغيرات الطارئة على البنكرياس بعد الوفاة، أما في تايلند ولاوس فقد كانوا يعتقدون أنها راجعة لمتلازمة (بروجادا) وكانت تعرف بمتلازمة الموت المفاجئ للبالغين. 

في الولايات المتحدة 

وتم الانتباه للحالة للمرة الأولى في الولايات المتحدة في سبعينيات القرن المنصرم جراء حدوث عدة وفيات مفاجئة بين اللاجئين من عرق الهمونج الآسيوي و منذ ذلك الحين سجلت أكثر من مائة حالة وفاة لنفس السبب. 
وفي آسيا الحالة قديمة ومعروفة بين السكان في لاوس والفلبين وخاصة بين الرجال من عرق الهمونج لذلك يعتقد العلماء بأن العوامل الوراثية تلعب دورا كبيرا في حدوثها, ويعتقد بأن الحالة تصيب 43 من بين كل مائة ألف شخص, ويحاول الأطباء إيجاد تفسيرات منطقية للحالة من أهمها تلك المتعلقة بالقلب, فرغم أن الضحايا في الغالب لا يعانون من أي عارض أو مرض قلبي إلا أن العلماء يؤكدون حدوث عدم انتظام في دقات القلب أثناء حدوث المتلازمة، وأن الضحية يمكن أن تنجو من الموت في حالة عادت دقات القلب إلى حالتها الطبيعية, ومن التفسيرات الأخرى حدوث تسمم نتيجة تعاطي المخدرات, أو أمراض الصرع, أو التهاب حاد في البنكرياس, أو اضطرابات النوم, أو الأمراض الجينية.. وغيرها من العلل والأسباب التي رغم تعددها وتنوعها إلا أن السبب الحقيقي لحدوث المتلازمة يظل لغزا مجهولا بالنسبة لأغلب الأطباء والعلماء.
وهناك بعض الباحثين في مجال الفولكلور يعزون متلازمة الموت المفاجئ إلى بعض المعتقدات الخرافية التي يؤمن بها الهمونج بشدة والتي تحفز حدوثها لديهم, فهم يؤمنون بأن هناك مخلوق اسمه "بتي بات" يصورنه على شكل جنية أو ساحرة عجوز تجثم على صدور ضحاياها وترسل لهم كوابيس مرعبة حتى تقتلهم، وبما أن أغلب ضحاياها هم من الرجال، لذلك فأن الكثير من رجال الهمونج يرتدون الملابس النسائية قبل النوم حتى يخفوا أنفسهم عن عيون العجوز الشريرة, وقد ساهمت نظرة الخوف والهلع التي تعلو وجوه أغلب ضحايا متلازمة الموت المفاجئ في تعزيز هذه الخرافة بقوة.
إلا أن هذه النظرية لا تفسر لماذا لا تحدث حالات الوفاة هذه بنفس النسبة والعدد لدى بقية الشعوب التي تؤمن بخرافة الروح أو الجني الشرير الذي يهاجم ضحاياه عند النوم, خاصة أن هذه الخرافة منتشرة منذ القدم وعرفتها مختلف الأعراق والثقافات بأشكال شتى، وهي ترجع بالأساس لما يسمى علميا بحالة شلل النوم
(Sleep paralysis ).
و هو شلل مؤقت يحدث بسبب استيقاظ المخ من النوم دون أن يرافقه استيقاظ لبقية أعضاء الجسم التي يعطلها المخ أثناء النوم، وينتج عن ذلك أن يكون الشخص صاحيا لكنه لا يستطيع تحريك جسمه, ويسمي العرب هذا الحالة بـ "الجاثوم" أو "أبو لبيد" لأنهم يعتقدون بأن جنيا بهذا الاسم يجثم ويلبد على صدر الإنسان.