نظام غذائي خال من الجلوتين

يساعد المصابين بحالات عدم تقبل البروتين الموجود في كثير من الحبوب، وفي الصورة كعك خال من الجلوتين
يساعد المصابين بحالات عدم تقبل البروتين الموجود في كثير من الحبوب، وفي الصورة كعك خال من الجلوتين

يأتي شعار «خال من الجلوتين» كأحدث الشعارات في عالم غني بأنواع الحمية العصرية، هذا هو نمط الأكل الضروري للأفراد المصابين بالمرض الجوفي (الداء البطني أو الداء الزلاقي) celiac disease، وهو عدم تقبل intolerance مادة الجلوتين gluten البروتين الموجود في الحبوب مثل القمح والشوفان، والشعير. 
 
ورغم إصابة 300 ألف أميركي فقط بالمرض الجوفي، فإن أكثر من مليوني أميركي يتبعون نظاما غذائيا خال من الجلوتين. 

ويقول الدكتور دانيال ليفلر، عضو الجمعية الدولية للمرض الجوفي والأستاذ المساعد في كلية هارفارد للطب: «نعم، إنها حمية ذائعة الصيت في الوقت الراهن، لكن الحقيقة أنها لا تقدم سوى بعض التحسن لشريحة من السكان المصابين الذين يعانون مشاكل في الجهاز الهضمي».
 
تأثير الجلوتين
المرض الجوفي حالة تتسبب في تحفيز جهاز المناعة لمهاجمة أغشية الأمعاء الدقيقة، ويعد فحص الأنسجة (إلى جانب اختبارات دم معينة) السبيل الوحيد لتشخيص المرض. وينتج المرض عن الجلوتين. 
 
ولا يتسبب الدمار الذي يولده في ظهور الغازات فقط، بل في الانتفاخ، والإسهال، والإمساك، والصداع، والصعوبة في التركيز، والإجهاد، ويؤدي أيضا إلى فقدان الوزن وسوء التغذية (بسبب عدم القدرة على امتصاص الفيتامينات والمعادن).
 
وحتى وقت قريب للغاية، كان يعتقد أن المرض الجوفي هو الحالة الوحيدة الناتجة عن الجلوتين. لكن، هناك الآن أدلة جيدة لحالة تسمى «التحسس تجاه الغلوتين من دون وجود المرض الجوفي» nonceliac gluten sensitivity. 
 
ويقول الدكتور ليفر: «إنه يسبب أعراضا مشابهة»، لكن من دون ضرر للأمعاء. نحن لا نعرف لماذا يحدث هذا، لكننا نعرف أن الجلوتين والبروتينات ذات الصلة في الحبوب قادرة على سحب الماء من الأمعاء وتغذية البكتيريا في الأمعاء، مما يتسبب في تكون غازات البطن، والانتفاخ، وعسر الهضم.
 
التشخيص
إذا شعرت بأن استجابتك سيئة لمنتجات الغلوتين، فالخطوة الأولى هي التأكد مما إذا كنت مصابا بالمرض الجوفي.
 
تبحث اختبارات الدم عن وجود الأجسام المضادة التي تهاجم الأمعاء الدقيقة. وللتأكد من دقة النتائج ينبغي أن تجرى الاختبارات قبل الشروع في أي نوع من أنواع الحمية الخالية من الغلوتين. إذا كانت النتائج مؤكدة، فأنت بحاجة إلى الخضوع لفحص الأنسجة لتحديد ما إذا كانت هناك أي أضرار قد أصابت أغشية الأمعاء الدقيقة. 
 
إذا كانت النتائج سلبية، لكنك لا تزال تعاني تكرار الأعراض بعد تناول الجلوتين، فربما تكون مصابا بالحساسية من الجلوتين (gluten sensitivity). فكيف ستعرف ذلك؟ لا يوجد اختبار رسمي، وطبيبك هو من يمكنه أن يقرر هذا الأمر في ضوء حالتك الصحية والأعراض التي تعانيها أو يمكنك اتباع نظام غذائي خال من الجلوتين لفترة وجيزة من تلقاء نفسك لمعرفة ما إذا كنت تشعر بتحسن ما، على حد قول الدكتور ليفلر.
 
العلاج بالحمية
يشعر المرضى ممن يعانون المرض الجوفي بحساسيتهم المفرطة من الجلوتين، لدرجة أن تناول مقدار ضئيل من أطعمة تحتوي على عنصر البروتين يمكن أن يؤدي إلى عسر هضم شديد، وإسهال مفاجئ وحاد ربما يسبب حالة من الجفاف تهدد بالوفاة. والعلاج الوحيد لتك الحالة هو تجنب تناول الجلوتين مدى الحياة، وهذا ما سوف يسمح بالتالي لبطانة الأمعاء الدقيقة بالتحسن وزوال الأعراض كافة.
 
إن الاستغناء عن الجلوتين يتخطى بكثير مسألة شراء المنتجات الخالية من الغلوتين من أحد المتاجر، وتجنب أطعمة بعينها تحتوي على الشوفان والشعير والقمح مثل الخبز والحبوب والمعكرونة، والبيتزا.
 
وفي هذا الصدد، يقول الدكتور ليفلر: «يستغرق الأمر وقتا طويلا لتعلم كيفية تناول أطعمة خالية من الغلوتين»، سيكون عليك أن تكتسب قدرة الكشف عن الغلوتين من خلال فحص الملصقات الغذائية والبحث عن الغلوتين المختفي في الأطعمة المصنعة. 
 
وأضاف: «يوجد الغلوتين في كل شيء، بداية من الخضراوات المجمدة إلى صلصة الصويا والعقاقير. فعلى سبيل المثال، فإن الكثير من المكونات التي تحتوي على (النكهات الطبيعية) تستخدم الشعير كقاعدة أساسية في تركيبها».
 
يصاحب النظام الغذائي الخالي من الغلوتين مخاطر تتعلق بسوء التغذية، خاصة أنه عند التخلي عن تناول هذه المنتجات، فإنك تحد من تناول الألياف التي تحصل عليها من الحبوب كافة، أو فقدان الفيتامينات التي قد تحصل عليها عادة من الأغذية المركزة.
 
توصيات لنجاح الحمية
إذا كنت ممن يعانون المرض الجوفي، فربما تعاني بالفعل سوء التغذية، ومن ثم يوصي الدكتور ليفلر بأن تستشير اختصاصي تغذية قبل الشروع في اتباع برنامج غذائي خال من الغلوتين. 
 
إذا كنت تعتقد أنك تعاني، بشكل طفيف، المرض الجوفي وهو مرض عدم تقبل الجلوتين وعدم قدرة الأمعاء الدقيقة على هضمه، هنا يقول الدكتور ليفلر إن بإمكانك اتباع نظام غذائي خال من الغلوتين لفترة كافية لمعرفة ما إذا كان سيجعلك تشعر بتحسن، ولكن يجب عليك الذهاب إلى اختصاصي تغذية للعمل على وضع برنامج غذائي يمنحك كفايتك من الألياف والفيتامينات على المدى الطويل.
 
ويوصي أيضا بضرورة اللجوء إلى بعض مجموعات الدعم طلبا للمساعدة، سواء أكانت المستشفى المحلي المجاورة لك أو شبكة الإنترنت (من خلال مواقع مثل «www.celiacnow.org»)، «سوف يقدمون لك الكثير من المساعدة بالفعل. لا سيما أن لديهم دراية بالمطاعم الآمنة والمتاجر الكبرى التي لديها الكثير من المنتجات الخالية من الغلوتين»، على حد قوله.
 
وبالنسبة للأشخاص الذين لديهم حساسية طفيفة تجاه الغلوتين، ربما يمكنهم تناول وجبات تحتوي على نسب ضئيلة من الجلوتين. ويقول الدكتور ليفلر إن معظم مرضاه الذين يعانون حساسية طفيفة لا يتبعون نظاما للحمية الغذائية بشكل دقيق، وإنهم لا يشعرون بالقلق بشأن الغلوتين «المخفي» في الأطعمة المصنعة. 
 
ومع هذا، يشير إلى أن مستويات الحساسية تجاه الجلوتين تختلف درجاتها، لذلك سوف تنحصر المسألة حول نظرية التجربة والخطأ قبل الإقدام على تناول الجلوتين.
 
ويضيف ليفلر: «الأهم من ذلك كله، حاول التحلي بالصبر، فقد تستغرق الحمية الغذائية وقتا للتأقلم معها».