ما علاقة قلة النوم بمخاطر البدانة لدى المراهقين؟

فترات الراحة الكافية تؤدي إلى اختيار أفضل للأطعمة الصحية
فترات الراحة الكافية تؤدي إلى اختيار أفضل للأطعمة الصحية

النوم الكافي ضرورة للحياة الصحية السليمة. وبخلاف دور النوم الكافي في راحة الجسم نفسيا وعصبيا، فإن له الكثير من الفوائد الصحية الأخرى، فمن المعروف أن الأطفال الذين لا ينالون القسط الكافي من النوم قد يعانون من مشكلات دراسية، كما أن هناك الكثير من الآثار النفسية المترتبة على عدم النوم الكافي مثل القلق والتوتر.
 
النوم والطعام
وأشارت دراسة حديثة قام بها باحثون من جامعة ستوني بروك (Stony Brook University) بالولايات المتحدة الأميركية إلى أن المراهقين الذين يحصلون على فترات نوم كافية يقومون باختيار الأطعمة الصحية أكثر من أقرانهم الذين لا ينالون القدر الكافي من النوم. ومن المقرر أن يتم نشر نتائج الدراسة في الاجتماع السنوي لمؤتمر طب النوم.
 
ويرى البعض أن هذه الدراسة قد تؤدي إلى كشف العلاقة بين النوم وازدياد معدلات السمنة بين المراهقين، خصوصا أن الدراسة أوضحت أن المراهقين لا يتناولون طعاما يفوق حاجتهم فقط إنما تكون نوعية غير صحية أيضا حينما لا ينالون قسطا كافيا من النوم.
 
وذكرت الدراسة أنه رغم شيوع معلومة أن النوم الكافي يرتبط بالكثير من جوانب الحياة الصحية السليمة فإن هناك آليات معينة تلعب دورها مثل التغذية وطريقة اختيار الأطعمة الصحية.
 
وكانت الدكتورة لورين هال (Lauren Hale) الأستاذة المساعدة للطب الوقائي بجامعة ستوني بروك، التي قادت فريق البحث لفحص عينة عشوائية من 13284 مراهقا من الولايات المتحدة في دراسة تستهدف صحة المراهقين. وتم تجميع هذه البيانات من المشاركين في عام 1996 حينما كانوا في السادسة عشرة من العمر.
 
ووجدت الدراسة أن المراهقين الذين نالوا قسطا من النوم أقل من 7 ساعات في الليلة ومثلوا نحو 18% من العينة كانوا الأكثر إقبالا على تناول الوجبات السريعة التي تحتوي على الدهون المشبعة مرتين أو أكثر في الأسبوع، بينما تناولوا طعاما صحيا أقل من الفاكهة والخضر.
 
وأخذت الدراسة في اعتبارها الفروق العرقية والجنس والحالة الاجتماعية والمجهود البدني، وتم تقسيم العينة إلى 3 فئات، الأولى من الذين لا يحظون بالقسط الكافي من النوم، وهو ما يعني أقل من 7 ساعات، ثم الذين يتمتعون بقسط متوسط من النوم من 7 إلى 8 ساعات، وأخيرا الذين ينامون القسط الكافي من النوم وهو أكثر من 8 ساعات، حسب توصيات الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال (AAP).
 
وتوصي الدراسة بضرورة أن ينالوا قسطا من النوم يتراوح بين 9 و10 ساعات يوميا، خصوصا أن فترة المراهقة من الفترات الحرجة بين الطفولة والبلوغ.
 
اختيارات غذائية
ونظرا لأن الاختيارات الغذائية الصحيحة هي التي تحدد صحة المراهق، كما أن هذه الاختيارات التي يعتادون عليها في المراهقة تمكنهم من اعتياد هذه الأمور عند البلوغ سواء باعتياد النوم لفترات كافية أو الاعتياد على تناول المأكولات الصحية.
 
والأمر لا يقتصر على المراهقين، حيث إن نحو 26% من الأطفال في الفئة العمرية بين عامين ونصف العام و6 أعوام من الذين ينامون فترة أقل من 10 ساعات يعانون من زيادة في الوزن. 
 
وتقل هذه النسبة لتصل إلى 10% فقط للأطفال الذين ينامون أكثر من 11 ساعة، ويمكن من خلال التحكم في فترات النوم الكافية المتاحة للمراهق أن يتم تفادي زيادة حالات السمنة بين المراهقين. وبطبيعة الحال يحتاج الأمر إلى الكثير من الدراسات لمعرفة الرابط بين النوم وزيادة معدلات الوزن حيث يمكن بهذه الطريقة مقاومة البدانة.
 
في السياق نفسه أكدت دراسة أميركية أخرى حديثة أن الأمر ذاته ينطبق على البالغين، بمعنى أن الأشخاص الذين لا يتمتعون بالقدر الكافي من النوم يميلون أكثر إلى تناول أغذية تحتوي على سعرات حرارية عالية، وهو الأمر الذي يمكن أن يمهد للبدانة. 
 
وكانت هذه الدراسة التي نشرت في بداية العام الحالي في مجلة الغدد الصماء والتمثيل الغذائي (Journal of Clinical Endocrinology& Metabolism)، والتي أوضحت في كشف مثير أن مجرد قضاء ليلة واحدة دون نوم مطلقا كفيلة بأن تحفز مراكز الشهية الموجودة في المخ، ومن ثم زيادة الوزن.
 
وكانت الدراسة قد أجريت على 16 من الشباب البالغين لمعرفة إذا ما كان النوم غير الكافي يؤثر على اختياراتهم في تناول أحجام أكبر من الوجبات السريعة حينما تكون معروضة أمامهم. وكان هؤلاء الرجال من أصحاب الأوزان العادية وطلب منهم تناول الحجم المعتاد لديهم من الوجبات السريعة تبعا لكل قطعة سواء في حالة الجوع أو في حالة الشبع عند تناول وجبة خفيفة. 
 
وتم اختبارهم بعد ليلة من النوم الطبيعي لفترة تزيد على 8 ساعات وليلة أخرى قضوها من غير نوم، وكانت النتيجة أنه بعد قضاء ليلة كاملة دون نوم تناول معظم المشاركين قطعا أكبر حجما من القطع التي يعتادون تناولها سواء على وجبة الإفطار أو في تناول الوجبات الخفيفة بعدها، مما يعنى أن الحرمان من النوم يحفز الشهية بغض النظر عن الجوع.
 
وتعتبر هذه الدراسات بالغة الأهمية، خصوصا أن معظم الأشخاص في الدول الكبرى لا ينامون بالقدر الكافي، الأمر الذي ينعكس على الصحة العامة وارتفاع معدلات البدانة.