ضرب الأطفال .. هل هو السلوك الأمثل للتربية ؟

في السنوات الأخيرة، دعا العديد من الأطباء النفسيين وعلماء الاجتماع الآباء والأمهات لدراسة جادة لحظر العقاب البدني للأطفال. ووفقا للدكتور "بيتر نيويل" منسق جمعية إيبوك ( End Punishment of Children) أو وضع حد لعقاب الأطفال، السبب الأكثر أهمية لهذا الحظر هو أن "جميع البشر لهم الحق في أن نوفر لهم الحماية لسلامتهم الجسدية، والأطفال هم أيضا بشر".


الضرب، الصفع، الركل، الحروق، غالبا ما يري بعض الآباء أن العقاب البدني وسيلة طبيعية للتربية والتعليم، ووفقا لمسح أجرته منظمة اليونيسيف، يعترف 61 % من الآباء بضرب أطفالهم، 38 % يعظونهم و27 % يستخدمون عقوبات الحبس. ولكن هل ينبغي لنا أن نضرب أطفالنا أم لا ؟ لا تزال الآراء منقسمة.

شهادات من الآباء:
المشهد يحدث في حافلة، امرأة عمرها 30 عاما توبخ ابنها الذي يبلغ 5 أو 6 سنوات، ويبدأ الطفل في البكاء، ومن أجل "تهدئته" وجهت له صفعة قوية، وبدأ الطفل في الصراخ بصوت أعلى من ذي قبل من الألم وأيضا من الإذلال، أطلق نظرة مناشدة بحثا عن الإغاثة من بين الركاب، أحدهم لم يتحمل ووجه اللوم للأم المبالغة قائلا لها إنها ليست وسيلة للتربية وإنه مجرد طفل ولا يفهم شيئاً حتى الآن، وأجابت بغطرسة معتبرة أنه تدخل في شؤونها : "أنا أضرب طفلي لأعلمه، هذا ما فعله والدي معي وأنا أحترمهما لذلك"، بعض ركاب الحافلة أقروها وآخرون اختلفوا.

تلك المشاهد شائعة في المجتمع المغربي بل أكثر من ذلك، حيث يضرب الآباء أطفالهم "ليعلموهم" ويعتبرون أن هذا دائما حق بل واجب، وأولئك الذين لا يضربون أطفالهم ينظر إليهم أطفالهم كآباء ضعفاء يؤدي تعليمهم اللين بذريتهم إلي مكان مظلم. 

لأقل تمرد أو عصيان، كان الضرب، الصفع، الفلقة (الضرب على باطن القدمين)، فرك الشفاه بالفلفل الأحمر الحار، الحروق، بمثابة وسائل جيدة لتقويم الأطفال العصاة والعقوبة تختلف، بطبيعة الحال، وهذا يتوقف على شدة الحماقة المرتكبة من جانب الطفل.

هل هذه الممارسات عفا عليها الزمن؟ .. على العكس من ذلك: 
 يعترف (أحمد . س) بسهولة بضرب كلا ولديه ولكنه يؤكد أن ذلك يحدث عند الضرورة في حالة منع أي مناقشة، ويري أن صفعة على الأرداف أو علي اليدين لا تضر، ويمكن من خلالها التغلب على الجمود، "أنا أميز بين الضرب والضرب المبرح"، ويري أن ضربة أو ضربتين تختلف عن الضرب المبرح، في الحالة الأولى هي العقوبة، وفي هذه الحالة الأخيرة فهى وحشية.

وفقا للشهادات التي جمعتها La Vie éco، فإن مصطلح " التمرد" غالبا ما يكون في تعليقات الآباء والأمهات الذين يعترفون بضرب أطفالهم.
- تقول (سمية . ن) على سبيل المثال: "أنا لا أضرب ابني أو ابنتي إلا كملاذ أخير"، لكنها تعترف بأن هذا يحدث يوميا، وتقول: "لدي طفلة في الثالثة من العمر وهي عنيدة للغاية، عندما يتعلق الأمر باللباس في الصباح كانت ترفض، كيف يمكنك أن تفعل عندما لا بد لها من مغادرة المنزل للمدرسة الساعة 7:30؟  أريد أن أعرف كيف أتصرف في هذه الحالات؟ هل أبدي الاستياء من الطفل فحسب؟ هل تعتقد أن ذلك يجدي نفعا؟ هل تعتقد أننا لم نحاول ذلك؟.

- جنبا إلى جنب مع نفس الأسباب، يسلط أولياء أمور آخرين الضوء على حقيقة أنهم خلال مرحلة الطفولة تعرضوا للضرب غير أن ذلك لم يسبب لهم أذي، إنها فكرة راسخة أيضا في الثقافة المغربية.

- يتذكر صلاح (60 عاما) - الذي يعمل مهندساً - والده العنيف بشكل خاص: "لقد زرع والدي الرعب في المنزل، كنا سبعة إخوة وأخوات، كان والدي في البداية يفرض علينا حكما حديديا، وإلى جانب ذلك، كان دائما يمسك حزاما من الجلد السميك في يده، وويل لأي شخص يتجرأ وينطق بكلمة غير لائقة، وعندما كان يشم رائحة التبغ تفوح من فم أو ملابس أحد أطفاله، كان هذا يعد أسوأ تدنيس للمقدسات، فينهال ضربا علي المذنب، ولم تكن والدتنا أفضل حالا، بل كانت منصاعة ولا تجرؤ على معارضته، اليوم نحن جميعا كبار وكل منا شق طريقه في الحياة، وعندما نتذكر تلك الضربات التي تلقيناها نضحك من القلب، وإلى جانب ذلك، كل فرد يروي قصته ليذكر من الذي تلقي مزيداً من الضرب أكثر من غيره علي سبيل التندر".

كان هذا ما يحدث في الخمسينيات، ولكن بعد مرور عدة سنوات، لم تتغير التقاليد المغربية في هذا المجال كثيرا:
- عبد الصمد محمد (30 سنة) ويعمل معلما، لم ينس التصويبات التي كان يلقنها له والده عندما كان طفلا، لقد كان الأمر يستحق في كثير من الأحيان، وأضاف: في اليوم التالي لتلك التصويبات، كان والده يسامحه علي ما سبق ويتصرف كما لو أن شيئا لم يحدث، وكان ذلك يسره.
 ويضيف: "أتذكر من حولي الآباء الذين لم يضربوا أطفالهم أبدا، ولكنهم يعبسون في وجوههم لعدة أيام، أعتقد أن ذلك أصعب على الأطفال مما لو تعرضوا للضرب".

الصمت بشأن العنف ضد الأطفال:
اليوم  في عصر حقوق الإنسان، في الوقت الذي يتم فيه الاعتراف رسميا بحقوق الأطفال من قبل الهيئات الدولية، لم يختف العقاب البدني، ووفقا لمسح أجري عام 2005 من قبل كلية الدراسات العليا في علم النفس باسم اليونيسيف ووزارة العدل المغربية، العنف ضد الأطفال في بلدنا يؤثر على كل فئة من فئات المجتمع.. إنه موجود في الشارع، في المؤسسات الخيرية، وبطبيعة الحال في الأسرة.

والعنصر الذي يسبب تفاقم الأمر هو الصمت الذي يغطي هذا العنف، فقليل من الناس يستنكرونه. ويخلص هذا التحقيق في الواقع إلي أن العنف يبدو كطريقة تعليمية وطريقة للتنظيم الاجتماعي مقبولة ثقافيا. 

في نفس الدراسة، يعترف 61% من الآباء بضرب أطفالهم، 38 % يعظونهم و 27 % يلجأون لعقوبات الحبس، ولم يستثنَ المعلمون من هذا الأمر حيث اعترف 73 % منهم بأنه يلجأ إلى العقاب البدني، 54 % كانوا يضربون الأطفال بالمساطر والأنابيب أو العصي، و 29 %باليدين والقدمين .

الجهود المبذولة في أوروبا لتغيير الأفكار:
الآباء والأمهات الذين يواصلون ضرب أطفالهم كثيرون، ليس فقط في المغرب. وتقرر المسوحات المشابهة لسابقتها الحقائق نفسها: "لا يزال الآباء والأمهات في كثير من البلدان يعتبرون أنه من  الطبيعي أن يفرضوا على أبنائهم العقاب البدني والذي يتجاوز في عنفه أحيانا تلك الضربات الردفية البسيطة".

ولازال العقاب البدني منتشراً في مصر والهند وحتى في الولايات المتحدة، ووفقا لمسح أجري في ذلك البلد الأخير في عام 1995، 5 % من الآباء قالوا إنهم يعاقبون أطفالهم بطريقة عنيفة، وهذا يعني الضرب بواسطة أداة، الركل، بل والتهديد بسكين أو مسدس .

وعلاوة على ذلك، إذا كان في أوروبا قد انتهي عصر العقاب البدني لفرض الانضباط في المدرسة، فإنه لا يزال يؤثر على الأطفال في بعض الأسر الذين يدعون الحق في تعليم أطفالهم كما يحلو لهم، ويعتقدون أن الضرب أو الصفع  يصب في مصلحة الطفل.

هل حاولت أي جهة حظر مثل هذه الممارسات؟ 
على أية حال، كانت هناك محاولة في يوليو 2008 قام بها "مود دي بوير بوكيشيو" نائب الأمين العام لمجلس أوروبا من خلال إطلاق حملة توعية بين جميع الدول الأعضاء بحيث تصبح أوروبا قارة خالية من العقوبة البدنية.

ويقول رئيس أوروبا في كلمة بمناسبة هذه الحملة "إن الأمر لا يتعلق بمقاضاة الآباء والأمهات الذين يصفعون أو يضربون أرداف أطفالهم، بل إن الهدف الرئيسي يتمثل في تغيير المفاهيم. لا يزال معظم الآباء يعتقدون في الواقع أن الصفع أو الضرب هو جزء من التعليم، وعلينا أن نفهمهم أن هذا ليس من التعليم  في شيء، بل علي العكس ربما يكون ضارا الطفل".

في المغرب، نحن لم نصل بعد إلى هذا الوعي المؤسسي، حتى لو كان بلدنا من الدول الموقعة على اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل، والاستطلاع أعلاه يظهر بشكل لا لبس فيه، إن الآراء لا تزال منقسمة على المزايا أو الحاجة إلى تصحيح أفعال الأطفال بدنيا.

الآراء المتباينة للأطباء النفسيين وعلماء النفس والمربين:
لم تتفق أراء المتخصصين التعليميون وعلماء النفس والأطباء النفسيين والمربين أنفسهم على هذا الموضوع. ففي بريطانيا، بعض المعلمين ليسوا ضد العقوبة البدنية في المدارس، شريطة أن تخضع لمعايير، ولا تفرض على الأطفال إلا عند الضرورة، وترتكز على أهداف تعليمية.

ويقول الطبيب النفسي للأطفال بوشعيب كارومي: "إننا ذاهبون للعودة في الاتجاه الذي كان سائدا منذ بضع سنوات والذي كان يحظر رسميا جميع أشكال العقوبة البدنية في المدارس" . أما بالنسبة للعنف المنزلي -- الصفع أو الضرب -- فلا يزال المؤيدون له لا يستطيعون تصور ترك الطفل يفعل ما يريد، لأنه يجب أن يعرف حدودا لايتجاوزها.

ولكن  للعنف أيضا خصومه، الذين يعتبرون أن كل أعمال العنف أيا كان شكله، العقاب البدني، أوالإساءة اللفظية أو التهديد بالعنف، لها تأثير نفسي سلبي على تربية الأطفال.

ويوصي السيد "الكروم" الآباء بأن يبدأوا حواراً مع أطفالهم، وأضاف: "إذا لم ينجح هذا، نذهب إلى عقوبة غير بدنية، مثل حظر نشاط يحب الطفل ممارسته (الإنترنت، وألعاب الفيديو ،...)، وأن يكون استخدام الضرب كملاذ أخير للوالدين شريطة أن تكون صغيرة، ولا يشجع العنف مثل الركل والضرب، ولكن هذا ليس كل شيء، فيقول: "إذا كنت تضرب الطفل، يجب أن تجعله يفهم لماذا، بحيث يتعلم أن يعرف حدوده والامتثال للقواعد الاجتماعية ".

- ولكن ليس هذا هو رأي الطبيبة النفسية "آسيا أكاسبي" المناهضة من جانبها لأي شكل من أشكال العنف حتى اللفظي ضد الأطفال. 
وتقول: "إن الآباء والأمهات لا يدركون كيف، إذ إنهم من خلال ضربهم، يدمرون كل ما لدي الأطفال من احترام للذات،  والطفل الذي يضرب هو الطفل الذي يتذكر ذلك الضرب ويخافه طوال حياته". 

ونحن نشهد الكثير من الكبار شديدي الخوف، لا يعرفون كيفية التصرف ويفشلون في التعامل مع الأمور، ولا ينجحون بسبب هذا الخوف.
" لذلك لا ينبغي تكييل الضربات عندما يرتكب الطفل خطأ؟"، والضرب يشكل انتهاكا لحقه في أن يخطيء، وعندما نضرب الطفل نكسر بداخله الشجاعة ليقول لا، وكذلك العصيان، ليتحرر من عبودية الوالدين، وأخيرا فإن ضرب الطفل هو تصرف أقل من المناسب ليحل المشكلة، والطفل الذي لا يعصي، فإنه يزعجني".

ومن المسلم به، أنه إذا كان الخبراء في الموضوع لا يتفقون، فكيف للآباء والأمهات البسطاء الذين لم يتلقوا تدريبا في هذا المجال، والذين غالبا ما يصدرون العنف الذي شهدوه من آبائهم وأمهاتهم، كيف يمكنهم أن يتفقوا؟.

إليك عشرة أسباب لعدم ضرب طفلك:
1- ضرب الأطفال يعلمهم الضرب.. العديد من الدراسات التي أصبحت الآن متاحة تدعم النظرية التي تقول إن هناك علاقة مباشرة بين العقاب البدني في مرحلة الطفولة والسلوك العدواني أو العنيف في سن المراهقة أو النضوج.

فهناك عدة مخاطر جنائية تصدر من ذلك الشخص الذي كان  يتعرض بانتظام  للضرب والتهديد عندما كان طفلا.
ومن المعروف أن الأطفال يتعلمون المواقف والسلوكيات من خلال الملاحظة والتقليد من أفعال آبائهم سواء للأفضل أو للأسوأ، وبالتالي فإن المسئولية تقع علي عاتق الآباء ليكونوا مثالا للتعاطف والحكمة.

2. في كثير من الحالات التي نسميها بـ "السلوك السيئ"، الطفل لا يستجيب إلا بالطريقة الوحيدة التي يتقنها اعتمادا على السن والخبرة، ليشير إلى احتياجاته الأساسية التي لم يتم تلبيتها، من بين متطلباته وهي: النوم والطعام المناسب، العلاج من الحساسية الخفية أحيانا، والهواء النقي، وممارسة ما يكفي من الحرية لاستكشاف العالم من حوله. 

في مجتمعنا الذي يتسم بالضغط، قليل من الأطفال يتلقون ما يكفي من الوقت والاهتمام من والديهم الذين غالبا ما يكونان مشتتين للغاية من المشاكل الخاصة بهما للتعامل مع أطفالهما بالصبر والتعاطف، فمن الخطأ بالتأكيد وغير العدل معاقبة الطفل لأنه يتفاعل بالطريق الطبيعي أمام الشعور بالحاجة الشديدة التي يتم إهمالها. لهذا السبب العقاب ليس فقط غير فعال على المدى الطويل، بل إنه غير عادل.

3. العقوبة تمنع الطفل من أن يتعلم حل النزاع على نحو فعال وحساس، كما يقول "مرب جون هولت" : عندما نفزع  الطفل، فإننا نمنعه من أن يتعلم بنقاء". فعندما نضرب الطفل، فإننا نركز على إحساس الغضب وأوهام الانتقام  لديه، وبالتالي يحرم من فرصة تعلم طرق أكثر فعالية لحل المشكلة التي يواجهها. هكذا الطفل الذي يتعرض للضرب قليلا ما يتعلم الاستجابة لحالات مماثلة بالطريقة المرجوة أو كيفية تجنب هذه المواقف في المستقبل علي النحو صحيح .
 
4. على الرغم من أن جميع الكتب السماوية تنص علي مبدأ الثواب والعقاب، إلا أن العقاب لا ينبغي بالضروررة أن يكون بدنيا، فلقد شددت الرسالات السماوية كلها علي الرحمة ونبذت العنف ودعت إلي اللين في القول والدعوة إلي الصراط السوي باللطف والموعظة الحسنة، وقد أوصي الرسول صلي الله عليه وسلم بالرحمة مع الصغار وقال في حديثه الشريف : "ليس منا من لم يوقر كبيرنا ويرحم صغيرنا"، وقال أيضا: " إن اللين لا يوضع في  شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه"، وقال أيضا: " من لا يرحم لايُرحم"، لذا ينبغي أن نستوصي بأولادنا خيرا وألا نقسو عليهم حتي لا نغرس فيهم القسوة فنذوق من وبالها عندما يكبرون.

وإن دعت الحاجة إلي العقاب فعلينا أن نتدرج في شدة العقاب انطلاقا من النظرة ثم الكلمة ثم منع شيء محبوب إلي الطفل حتي وإن وصلت الحاجة إلي الضرب فينبغي ألا يكون مبرحا، فقد أمر الرسول بالضرب علي الصلاة من عشر ولكن أوصي بالنصيحة لها من سبع وبالطبع ألا يكون ضربا مبرحا.

5. تتداخل العقوبات في العلاقة بين الأباء والطفل؛ لأنه ليس في الطبيعة البشرية أن نشعر بالمحبة تجاه شخص يؤذينا، ولا يمكن للروح الحقيقية للتعاون التي يطمح إليها الآباء أن تنمو إلا من خلال علاقة قوية للغاية وقائمة على المشاعر المتبادلة من الحب والاحترام.
 
والعقاب حتى إن كان يبدو فعالا، يمكن أن ينتج فقط سلوكاً حسنا ظاهريا لأنه ينبع من الخوف، والذي لا يمكن أن يحدث إلا عندما يكون الطفل كبيرا بما يكفي ليقاوم. 
وعلي النقيض، فالتعاون القائم على الاحترام سينشئ الفوائد، وسوف ينتج عنه العديد من سنوات السعادة المتبادلة يعيشها الطفل مع والديه.

6. كثير من الآباء لم يتعلموا خلال طفولتهم أن هناك طرقا إيجابية لبناء علاقة مع الأطفال، فعندما لا تحقق العقوبة أهدافها ولم يجد الوالد لها بديلا، فهناك مخاطر تصعيد للعقاب واتخاذ المزيد من الإجراءات المتكررة والخطيرة ضد الأطفال .

7. عندما لايستطيع  الأطفال أن يعبروا عن الغضب أو الإحباط  دون خوف، يظل ذلك الغضب بداخله، وبالتالي لا ينشأ الغضب لدي المراهق من فراغ . 

ويمكن للغضب الذي تراكم على مر السنين أن يسبب صدمة للوالدين الذين يشعر طفلهما أنه الآن أصبح أقوي بما فيه الكفاية ليعبر عن غضبه. والعقوبة يمكنها أن تحقق "حسن السلوك" في السنوات الأولى، لكن سيكون لها دائما ثمنا باهظا يتكبده الآباء والمجتمع ككل عندما يبلغ الطفل سن المراهقة والبلوغ.

8. الضرب على الأرداف وهي منطقة مثير للشهوة الجنسية للطفل يمكن أن تخلق في ذهنه علاقة بين الألم والمتعة الجنسية، الأمر الذي قد يخلق صعوبات بالنسبة له فى مرحلة البلوغ. وتشهد الإعلانات "عن أبحاث الضرب علي الأرداف" في المجلات المتخصصة عن العواقب المؤسفة لهذا الخلط بين الألم والسرور.

وإذا كان الطفل يتلقى القليل من الاهتمام من والديه، إلا عندما يتلقي الضرب، فإنه قد تخلط لديه أيضا المفاهيم بين الألم والسرور، وهذا الطفل الصغير سيكون قليل الثقة في نفسه وسيعتقد أنه لا يستحق شيئا أفضل. 

حتى الضرب المعتدل نسبيا علي الأرداف يمكن أن يكون له مخاطر جسدية، والضربات التي تلحق النهاية السفلى من العمود الفقري ترسل موجات الصدمة على طول العمود ويمكن أن تصيب الطفل.

ويجوز لأكثرية آلام الكلى عند البالغين في مجتمعنا أن تسبب الشلل، وكذلك الضرب علي الأرداف يسبب تلف الأعصاب بل ويتوفي البعض نتيجة لضربات معتلة علي الردف وذلك بسبب المضاعفات الطبية التي لم يتم تشخيصها.

9. العقوبة البدنية ترسل رسالة خطيرة وخاطئة في آن واحد وهي  أن "القوة تصنع القانون"، وأنه من المقبول أن نضرب شخصاً ما طالما أنه أصغر وأضعف منا، ومن ثم يخلص الطفل أنه من الممكن أن يعتدي علي الأطفال الأصغر سنا أو الأصغر حجما، وعندما يصبح راشدا، قليلا ما يشعر بالرحمة لأولئك الذين هم أقل حظا من نفسه ويخاف ممن هم أكثر قوة، لذلك سوف يعيقه ذلك من إقامة علاقات ذات مغزى والتي لا غنى عنها من أجل حياة ثرية بقيم العواطف.

10. لأن الأطفال يتعلمون من خلال النماذج التي يمثلها والديهم، فالعقاب البدني يرسل رسالة مفادها أن الضرب هو وسيلة مناسبة للتعبير عن المشاعر وحل المشكلات. 

وإذا لم يري الطفل والديه يحلان المشاكل بطريقة خلاقة وحساسة، قد يكون من الصعب أن يتعلم كيفية فعل ذلك بنفسه، لهذا السبب، سوف يكرر كثيرا هذا النموذج الغير الكفء للأبوة والأمومة مع الجيل القادم. 

والخلاصة أن التعليم اللين الذي يدعم بأساس متين من الحب والاحترام هو السبيل الحقيقي الوحيد للحصول على سلوك يستحق الثناء على أساس القيم الشخصية القوية، بدلا من السلوك "الجيد" ظاهريا والذي ينبع من الخوف فقط .