ما العلاقة بين فقدان الشهية والأسباب العصبية؟

اضطرابات الطعام قد تنتج عن أسباب نفسية أو اجتماعية
اضطرابات الطعام قد تنتج عن أسباب نفسية أو اجتماعية

تعد اضطرابات التغذية من الأمراض النفسية الشهيرة التي يمكن أن تحدث للأطفال والمراهقين، سواء عند الإحجام عن تناول الطعام وفقدان الشهية نتيجة لسبب عصبي (Anorexia nervosa)، أو العكس تماما، أي الإفراط في تناول الطعام بشكل مبالغ فيه (bulimia nervosa). وتعد الحالتان انعكاسا لوجهي عملة واحدة. وللأسف، فإن هذه الأمراض يمكن أن تكون من الخطورة بشكل يؤدي للوفاة.
 
والدافع في كلتا الحالتين واحد وهو الخوف من شبح البدانة، خاصة عند الإحجام عن الأكل، إذ إن مرض الشره أو زيادة الشهية في الأغلب ينتج من برامج التخسيس الغذائية الشديدة التي يعاني فيها المراهق من الحرمان الشديد، مما يتبعه في فترات الراحة من هذا النظام زيادة الشهية وتناول الطعام بشكل مبالغ فيه.
 
فقدان الشهية
وفي الأغلب تتأثر الفتيات في سن المراهقة بمرض فقدان الشهية، وتبلغ نسبة حدوثه في الفتيات نحو ثمانية أضعاف أكثر من الفتيان. وفي الولايات المتحدة تعاني واحدة من كل 100 فتاة من فقدان الشهية في المرحلة العمرية من 16 إلى 18 سنة. ويعاني منه نحو 25 في المائة من الفتيات اللاتي قد تقل أعمارهن عن 13 عاما، ونادرا ما يصيب الأطفال في عمر الدراسة.
 
ويصيب المرض في الأغلب الفئات الاجتماعية المتوسطة والمرتفعة، وتكون الفتاة قلقة بشدة من شكل مظهرها الخارجي وهو ما يجعلها تخاف من تناول الطعام بشكل مرضي.
 
وبطبيعة الحال فإن أعداد المرضى تضاعفت في العقدين الأخيرين نتيجة هوس النحافة الذي يسيطر على الفتيات. وتتساوى في ذلك مجتمعات الدول المتقدمة والبلدان النامية.
 
هناك الكثير من الأسباب لحدوث اضطرابات الطعام وأهمها هو الاهتمام المبالغ فيه بالمظهر الشخصي والتمركز حول الذات الذي قد ينتج عن أسباب نفسية أو اجتماعية.
 
كما أن هناك عددا من حالات اضطرابات الطعام جرى رصدها في أقارب الدرجة الأولى من نفس العائلة، وهو ما يعني أنه يمكن أن يكون هناك سبب جيني وراء الإصابة.
 
وتكمن المشكلة في أنه لا يمكن لكل الأشخاص، وعلى درجة واحدة، من التواؤم مع الأنظمة الغذائية القاسية التي يتبعها نقص في مادة السيرتونين (serotonin) في الجسم. وتعد هذه المادة موصلا عصبيا (neurotransmitter) وترتبط ارتباطا وثيقا بالتحكم في المزاج العام وكمية النوم وتناول الطعام.
 
الحالة المرضية
في الأغلب يحدث فقدان الشهية للمراهق أو المراهقة الذي يعاني من عدم الاستقلالية والانطواء والاعتماد بشكل كبير على أسرته، كما أن الأسرة في الغالب تمارس نوعا من الوصاية القوية على المراهق بغرض حمايته.
 
ويمكن أن يعاني من خلل في نظام النقل العصبي أيضا، فضلا عن تأثره بالثقافة المحيطة به.
 
يجري التشخيص في حالة وجود خوف شديد من السمنة على الرغم من الفقدان المستمر للوزن، وأيضا تكون المراهقة في حالة شكوى دائمة من أن شكل جسمها يبدو بدينا أو أن مناطق منه بدينة على الرغم من فقدان الوزن الواضح.
 
ويجب الشك في الإصابة بفقدان الشهية في حالة انقطاع الدورة الشهرية للفتيات لمدة ثلاثة أشهر متصلة في غياب بقية الأسباب المؤدية لذلك، وكذلك إذا قلت مساحة كتلة الجسم عن 17.5 في المائة، كما يمكن أن تظهر حالة إنكار للجوع، حيث يكون السبب لعدم الأكل هو أن المراهقة لا تشعر بالجوع. 
 
وتكمن المشكلة الحقيقية في أن المراهقة التي تعاني من فقدان الشهية ترفض الذهاب إلي الطبيب النفسي على اعتبار أنها لا تعاني من مشكلة نفسية، كما أن الآباء لا يلتفتون إلا إلى النحافة أكثر من العامل النفسي، بينما يكون طبيب الأطفال أو طبيب المدرسة وفي الأغلب هو أول من يباشر برصد الحالة.
 
وتحمل الإصابة بالمرض أعلى معدل وفيات كنتيجة لمرض نفسي بين كل الأمراض النفسية إذا لم يجرِ التشخيص المبكر والتعامل الجيد مع الحالة. وفي الأغلب تحدث الوفاة نتيجة للخلل الشديد للأملاح والمعادن في الجسم، وكذلك يمكن حدوث خلل في ضربات القلب. 
 
وتقريبا يحدث خلل في معظم وظائف الجسم نتيجة لسوء التغذية ويحدث خفقان في القلب وضعف عام وسرعة للتنفس وهبوط في الضغط ويصبح النبض ضعيفا وغير منتظم، ويمكن أن يبلغ عدد النبضات نحو 20 نبضة في الدقيقة، وتحدث الوفاة نتيجة لاحتقان القلب ولكن ذلك يقع لحسن الحظ بعد فترة طويلة.
 
التشخيص والعلاج
ويحدث أيضا خلل هرموني نتيجة لاختلال عمل الغدة النخامية التي تتحكم في عمل المبيضين، وبالتالي يحدث فشل في النمو النفسي والجنسي (psychosexual) للفتاة، وتفقد المراهقة الرغبة الجنسية وتنقطع الدورة الشهرية لفترات طويلة (سبب انقطاع الدورة الشهرية يكون هرمونيا أكثر منه كنتيجة للنحافة الشديدة، حيث إن شدة النحافة يمكنها أن تسبب انقطاع الطمث).
 
وعند إجراء التحاليل الطبية تكون هناك زيادة واضحة في إفراز الكورتيزول في الجسم.
 
وتقل كثافة العظام ويحدث الألم في العظام أثناء ممارسة الرياضة مما يمكن أن يحدث عنه بعض الكسور ويحدث ذلك نتيجة لنقص الكالسيوم وهرمون الأنوثة (الأستروجين) الذي يحافظ على سلامة العظام ولكن مشكلات العظام تكون مؤقتة وتتحسن تدريجيا مع زيادة الوزن.
 
وتعاني المراهقة من أعراض نفسية مثل الاكتئاب والعزلة وفشل العلاقات الاجتماعية مع أصدقاء الدراسة وعدم الاستمتاع بالوقت حتى بين التجمعات أو المتنزهات وتقل ثقتها بنفسها وتتعامل بعدوانية مع محاولات تغيير نظامها الغذائي أو حثها على تناول الطعام، ويجب أن يجري العلاج بواسطة طبيب نفسي، حيث إن المشكلة نفسية في الأساس حتى وإن كانت متعلقة بالنظم الغذائية والبدانة على سبيل المثال لا تعد من الأمراض النفسية. ويقوم الطبيب النفسي بمحاولة تشجيع المريض على تناول الطعام وإزالة مخاوفه من البدانة وبقية المشكلات النفسية الأخرى، وأيضا يجري اتباع نظام غذائي لإعادة الوزن.