حسين بظاظا: المصمم الشاب الذي يحلم بإخراج عمل سينمائي يتولى كل تفاصيله

حسين بظاظا : تتمتع تصاميمي بحبكة درامية وكأنها مشاهد من فيلم طويل
حسين بظاظا : تتمتع تصاميمي بحبكة درامية وكأنها مشاهد من فيلم طويل

منذ صغره، كان حسين بظاظا مولعا بالرسم ولم يكن يخطر بباله أبدا دخول عالم الأزياء. كان الطالب الوحيد بين زملائه في الكلية الذي لا يعرف بماذا يجيب أساتذته عندما يسألونه عن سبب اختياره هذه المهنة، لكنه وجد نفسه متألقا فيها رغم أنه لم يتعد الرابعة والعشرين من عمره.
 
تخرج في معهد إسمود، ببيروت عام 2011. وعمل متدربا في دار ربيع كيروز في باريس ومن ثم مصمما مبتدئا في دار إيلي صعب ببيروت.
 
لكن بعد فترة، فضل الاستقلالية، وافتتح داره الخاصة التي يطبعها بأسلوب سريالي يميزه عن غيره.
 
يقول بتواضع: «ما زال باكرا أن تدرجي اسمي بين أسماء كبار المصممين اللبنانيين».
 
مضيفا: «صحيح أنني تدرجت لدى مصممين عالميين لديهم الخبرة والشهرة الواسعتين في هذا المجال، ولكني أجد أنني ما زلت يافعا لكي أضع نفسي في نفس مكانتهم».
 
لكن بمن تأثر حسين بظاظا في أعماله، يرد: «ليس هناك اسم محدد تأثرت به، فأنا من المعجبين كثيرا بـدار جيفنشي ودار ماكوين، كما أنني تعلمت الكثير من كل من (ربيع كيروز) و(إيلي صعب)، لما لهما من قوة وتأثير. تصاميم (ربيع كيروز)، مثلا، تتمتع بنوع من الغموض الذي يتجلى في الخلط ما بين الأنوثة والذكورة، بينما تصاميم (إيلي صعب) مفعمة بالأنوثة لأنه يعرف كيف يظهر مفاتن المرأة بتصاميم محافظة».
 
لا شيء يثني حسين بظاظا عن ترجمة أفكاره السريالية في تصاميمه المبتكرة.
 
يشرح: «أول مجموعة أزياء قدمتها كانت بعنوان (أنالايز) في عام 2012، وتعرضت فيها للكثير من الانتقاد، لأنها كانت غريبة وجريئة، استوحيتها من فيلم سينمائي بعنوان (إكسورسيزم أوف إيميلي). هذا الموضوع أحببته جدا، وقدمت في التصاميم البطلة إميلي كما تتراءى في خيالي، كيف استعادت إيمانها وسكينتها، وكيف شفيت مما كان يسكنها. كانت هذه التشكيلة هي الوسيلة للتعريف بأسلوبي، ولم يكن هدفي منها تحقيق الربح المادي».
 
ويتابع: «اليوم تغيرت، صرت أبحث عما تحتاج إليه المرأة، عن عناصر الطبيعة والبيولوجيا اللتين تميل إليهما بصورة تلقائية، ونميت أفكاري بطريقة مختلفة تميل إلى الرقي الأنثوي الغامض أكثر».
 
لا يؤمن حسين بظاظا بالقول المأثور (البساطة تصنع الجمال)، إذ يرى أن صناعة الزي تلزمها قصات وأقمشة وألوان وأفكار تتماهى بعضها مع بعض لتؤلف بساطة معقدة تلف المرأة وتجملها.
 
فالمرأة التي يستوحي منها أفكاره ويتوجه إليها أيضا «هي دائما امرأة من وحي قصة خيالية أرويها لنفسي، تكون في الغالب أشبه بأميرة من كتب التاريخ والأساطير. هذا لا يعني أنها (سندريلا) بالضرورة، فأنا أراها جميلة وغامضة في الوقت نفسه، تتميز بإطلالة وحضور أخاذين عندما تقف أمامك».
 
سلاحه في ذلك الأقمشة والألوان، إلى جانب التصاميم المبتكرة. فالأقمشة دائما متنوعة تتباين بين الدانتيل والغيبور والكريب الحريري والجيرسي والرازمير، إضافة إلى الأورغانزا والأقمشة الشفافة التي تظهر في مجمل تصاميمه لما تضفيه عليها من أنوثة.
 
الألوان أيضا تتنوع ما بين الأبيض والأحمر والبيج لأنها تريحه وتنقله إلى عالم الأحلام.
 
أما من ناحية التصاميم، فأكثر ما يحب التركيز عليه هو خصر المرأة، معلقا: «أحب أن يتجلى بقصات ضيقة تبرز مقاساته، كما أنني أحب إبراز الحجم في تقاسيم جسدها، فأنا أحترم جسم المرأة بكل تفاصيله وأعطيه حقه، لذلك ألجأ أحيانا كثيرة إلى تسطير القسمين الأعلى والأسفل منه في تصميم تنورة وقميص أو قصة على الخصر تفصل ما بينهما».
 
أخيرا، قدم تشكيلة خاصة بربيع وصيف عام 2015، تحمل عنوان «448»، يوضح أنها تحكي قصة أميرة ماتت تحت الثلج، علما بأنها كانت تتمتع بشخصية غامضة وعندما ذاب الثلج ظهرت كل أحاسيسها الجميلة التي كانت تخفيها تحت قناعي الغموض والكره في علاقتها مع الناس.
 
ويشرح: «ستلاحظين استعمالي الأقمشة الشفافة التي أردت من خلالها الكشف عن جمال هذه الأميرة، لأن هناك دائما خطا دراميا اتبعه في تصاميمي بمثابة مراحل أو مشاهد من فيلم طويل أنسج حبكته في مخيلتي».
 
أما عندما يتعلق الأمر بنسجها في الواقع، فهو لا يكتفي بلبنان، بل يقصد الهند من أجل تنفيذ رسوماته على الأقمشة، إضافة إلى التطريز والشك وغيرها.
 
«فبلاد الهند غنية بالكثير من الأساطير والتاريخ، لهذأ استلهم منها وتساعدني على الإبداع»، حسبما يقول.
 
أما عن تشكيلته الأولى التي حملت عنوان «335»، التي سادها الأبيض فيقول إنه استلهمها من بشرة المرأة التي وضعها أمام المجهر «فهي من أهم عناصر جاذبيتها برأيي».
 
اهتم أيضا بأن يبرز للمشاهد تصاميمه من منظوره الخاص لهذه المرأة، لأن «هناك أشياء كثيرة لا نراها بالعين المجردة لكن صورتها قوية في خيالنا، لذلك أقوم بأبحاث معمقة حول مواضيع الطبيعة والإنسان والكيمياء بشكل عام لأبرزها».
 
ويتابع: «استخدمت الأحمر، مثلا، لأعبر مجازيا عن الدماء التي تسري تحت البشرة، أما الأبيض فهو للتعبير عن البراءة والطهارة».
 
أما اختياره للأرقام كعناوين لكل تشكيلاته، فهي تشير حسب قوله إلى «الزمن والأيام التي عشتها وأنا أحضر لهذه الأعمال».
 
ويضيف: «عندما أرى تصاميمي بعد أيام وساعات من العمل أسترجع معها كل الوقت الذي أمضيته وأنا أنفذها».
 
بالنسبة للخطوط العريضة لمجموعته الجديدة من خريف وشتاء 2015، فيقول: «سيغلب عليها الجلد، خاصة في الجاكيتات، أما الألوان فستختلف ما بين الذهبي والكحلي والأسود والبرتقالي. وسأركز على الزي المكون من قطعتين لأنه أكثر عملية، حيث يمكن أن ترتديه المرأة في كل المناسبات، سواء كان حفل زفاف أو دعوة عشاء. فأنا أحرص على أن تستفيد منه المرأة أكثر، بحيث يتيح لصاحبته الكثير من الاستعمالات، عوض أن تستعمله في مناسبة واحدة ثم تركنه في خزانتها لسنوات أو للأبد».
 
يعترف بأن تصميم الأزياء لنجمات الغناء في العالم العربي لا يستهويه ولا يدخل ضمن أولوياته، موضحا: «لا أدري لماذا، لكني أشعر بأن تصاميمي لا تناسب اللون الغنائي الذي تؤديه معظمهن، ربما يكون الاستثناء كلا من ماجدة الرومي وجوليا». أما عن نجمات الغرب اللاتي يتمنى أن يراهن في تصاميمهن، فيرد من دون تردد: «إن شاءت الصدف فهما كاتي بلانشيت وتيلدا سوينتون».
 
أما حلمه الأكبر، فهو أن يخرج فيلما سينمائيا يتولى تنفيذه من البداية إلى النهاية، ويكون مصمم أزياء كل الممثلين فيه إضافة إلى الديكورات الداخلية، «لكني أعرف جيدا أن هذا الحلم لن يتحقق إلا بصعوبة، ربما بعد خمسين سنة، من يدري؟».