إنتاج بشرة صناعية تتلون كالحرباء

توصل علماء أميركيون الى تقنية تمكن الجلد من تغيير لونه تمام كما تفعل الحرباء عندما تتعرض للخطر بهدف الدفاع عن النفس، ويتوقع ان تستخدم الابتكار عند الانتهاء منه على الجنود المشاركين في المعارك حال المواجهة مع العدو.
 
يمكن لمادة جلدية صناعية أن تحقق حلم الحصول على"طاقية إخفاء"، كما في حكايات ألف ليلة وليلة، لأنها تلون نفسها بلون محيطها خلال ثانية واحدة، يراقب جلد ذكي، من ابتكار جامعة هيوستن الأميركية، لون محيطه ويتلون بنفس لونه، والمعروف عن سمكة التنتن انها تستطيع تغيير لونها كاجراء دفاعي، خلال أجزاء من الثانية. والمهم في هذه العملية الحربائية الصناعية انها تجري تلقائيًا من دون مؤثر خارجي فيزيائي أو كهربائي. 
 
محاكاة سمكة التنتن:
تساعد الامكانية التمويهية لهذا الجلد الصناعي الجنود في التخفي عن عيون الأعداء، ويمكن أن تستخدم في تغطية بعض الأجهزة ككاميرات المراقبة، أو في تغيير الديكورات وألوان الأشياء والأجهزة بحسب رغبة الإنسان، ويمكن لمثل هذه الطاقة اللونية المتغيرة أن تحدث ثورة في عالم الفن بالطبع.
 
وكتب الباحث كونجيانغ يو وزملاؤه من جامعة هيوستن في مجلة Proceedings of the National Academy of Sciences انهم حاكوا في اختراعهم هذا طريقة تخفي سمكة التنتن في قاع البحر. 
 
وأثبتت التجارب المخبرية أن سرعة جلد التخفي في التلون تمكنه من الانسجام مع ألوان جسم متحرك، وهكذا، لم يكن الجلد الصناعي يقل سرعة بكثير عن سمكة التنتن في تغيير لونه. 
 
وتمكن الجلد الخفي من اتخاذ شكل أرضية متغيرة الدرجات اللونية، من المربعات بالأبيض والأسود، فكان يغير درجته اللونية كل مرة بسرعة، وكان من الصعب تمييزه على شبكة المربعات. 
 
خلايا ضوئية:
تستخدم سمكة التنتن في التخفي بشرتها التي تتألف من ثلاث طبقات رقيقة، وقلّد العلماء هذه الطبقات تمامًا عند إنتاجهم الجلد الصناعي، فهناك في التنتن طبقة عليا من العضلات الرقيقة، تحتوي على خلايا لونية قادرة على تغيير لونها خلال أجزاء من الثانية، تليها طبقة ثانية من الخلايا القزحية المتحركة، تذكر بقزحة العين، مهمتها رصد تغيير الألوان وتحديد درجة اللون المطلوب. 
 
اما الطبقة الثالثة فتتألف من خلال بيضاء، تعنى بتدرجات اللون ودرجات الأبيض والأسود، وهناك في جلد التنتن خلايا حساسة جدًا للضوء، على صلة مباشرة بعيني السمكة ودماغها، تستلم الايعازات من الدماغ حول ألوان البيئة المحيطة بها، ويصبح التناغم بين الخلايا والعضلات والأعصاب، بحسب الباحث كونجيانغ يو، أهم العوامل التي تؤلف قدرة سمكة التنتن على تغيير لونها. 
 
وأنتج العلماء جلد التخفي من ثلاث طبقات مماثلة، فهناك طبقة خارجية تتألف من كبسولات منمنمة تحتوي على صبغات حساسة جدًا للضوء، تتغير ألوانها بحسب درجة حرارة البيئة المحيطة، وتتألف الطبقة الثانية من عضلات اصطناعية تحتوي على أجهزة استشعار صغيرة حساسة للضوء، وهناك طبقة ثالثة داخلية تحتوى على كبسولات من اللون الأبيض. 
 
فعالية عالية:
زود العلماء الطبقة الخارجية بصمامات ضوئية ثنائية تقيس حرارة المحيط وتتولى تسخين الكبسولات المحتوية على الألوان، إلى درجة الحرارة المناسبة للون المطلوب. 
 
وتتم بهذه الطريقة نسخ ألوان البيئة المحيطة تمامًا بكامل تدرجاتها اللونية، ليتخذ الجد الصناعي لون الخلفية التي يوضع عليها، يعود الفضل في سمك الطبقة الجلدية الخفية الضئيل إلى الصمامات الثنائية والكبسولات الصغيرة التي أدمجت في طبقاتها الثلاث.
 
كما منحتها مادة بوليمرماتريكس المرونة المطلوبة من الجلد، التي تتيح تغليف كافة الأجسام بها، وتمكن الإنسان من تفصيله بحسب القياسات المطلوبة، وضع العلماء قطعة جلد التخفي على المنضدة، وعملوا على تغيير لون وبيئة خلفية المنضدة مرات عدة، فتلونت القطعة كل مرة باللون المطلوب خلال ثانية أو ثانيتين. 
 
زجاج من نشاء البطاطا:
يمكن لزجاج ذكي جديد أن يحل مستقبلًا بسهولة محل ستائر الإظلام الخشبية، كي يجلب الهدوء والأمان والظلام للنائم، عدا عن ذلك، فإنه رخيص الثمن لأن سر تلونه بأشعة الشمس كالحرباء هو النشاء النباتي المستمد من البطاطا. 
 
وذكر البروفيسور توماس هاينتزة، أستاذ الكيمياء في جامعة ينا شرق ألمانيا، أن الزجاج الجديد شفاف، لكنه يتلون بالأزرق عندما تقع عليه أشعة الشمس، ويعود إلى لونه الشفاف حال ابتعاد الشمس عنه، وتزداد قدرة الزجاج على التلون كلما زادت قوة أشعة الشمس، ويمكن أن يتحول إلى الأسود، ويفرض الظلام على الغرف في أيام الصيف الشديدة التي تصبح فيها الأشعة فوق البنفسجية لا تطاق، وخطرة على الصحة. 
 
اكتشاف مفاجئ:
قطاع البناء يعرف الزجاج الملون منذ زمن بعيد، لكن كلفة هذا الزجاج عالية وتقنية تشغيله معقدة، أما الزجاج الذي يطرحه علماء جامعة ينا فيستخدم نشاء البطاطا للتلون بتأثير أشعة الشمس فوق البنفسجية، فأنظمة الزجاج العاكس لنور الشمس والمتلون السائدة في السوق معقدة وغالية، ويرتفع سعر المتر المربع من بعض أنواعها الجيدة إلى 2000 يورو، في حين أن سعر زجاج البطاطا سيكون ربع هذا السعر تقريبًا. 
 
واستخدم هاينتزة وفريق عمله نشاء البطاطا الاعتيادية كمادة رابطة في صنع الزجاج، وخلطوه قبل ذلك بمادة شفافة شديد الحساسية للضوء بهدف الوصول إلى الزجاج الحرباء، وقال الباحث إن إضافة بعض الأحماض الدهنية الخاصة، والمادة الملوِّنة، حول النشاء إلى مادة لاصقة عجيبة للزجاج والمواد الأخرى، وهو اكتشاف مفاجئ لم يكن في الحسبان.