الألم .. إشارة تحذير من مخاطر تهدد صحة الجسم

عقاقير لعلاجها تختلف في معامل أمانها:
يعد الألم من أكثر مسببات المعاناة والإزعاج للإنسان، ومن أكثر دواعي التردد على عيادات الأطباء لطلب الاستشارة، وهو السبب الأكثر شيوعا لاقتناء الأدوية المسكنة التي تصرف من دون وصفة طبية.
 
تتعدد صور الألم وتختلف أنواعه باختلاف مكان الألم ومسبباته، فمن المغص (مثل الكلوي والمعوي والمراري) والتشنج (مثل تشنج العضلات) والحرقة والشعور بالوخز (مثل حالات داء السكري)، إلى التنميل (كتنميل الأطراف بسبب الضغط على الأعصاب كما يحدث في حالات الانزلاق الغضروفي)، ومهما تعددت الأنواع والمسميات، تظل وظيفة الألم هي التنبيه بوجود مرض معين أو خلل في الجسم، والإشارة بالتحذير من خطر يهدد سلامة عضو أو جهاز بكامله.
 
أنواع الألم:
قد يشعر الشخص بألم فترة قصيرة عقب تعرضه لحادثة أو إصابة كالسقوط أو الجروح ويستجيب للعلاج المسكن وقد يختفي نهائيا بعد استعماله، فيطلق عليه وصف "الألم الحاد"، وقد يستمر الشعور بالألم رغم تناول المسكنات المعروفة، أو تزداد شدته مع مرور الوقت أو يختفي ويعود، كألم الصداع المزمن أو التهاب المفاصل، فيطلق عليه "الألم المزمن".
 
ووجدت إحدى الدراسات أن من أكثر أسباب انتشار المعاناة من الألم بين المرضى ما يحدث بسبب ارتفاع معدلات الإصابة بمرض السكري وعدم تمكن كثير من المرضى من التحكم في سكر الدم، وحمل الأثقال بطريقة غير صحيحة، وزيادة وزن الجسم والسمنة، والجلوس بوضعية غير صحيحة ساعات طويلة، لا سيما أثناء مشاهدة التلفزيون أو الجلوس أمام أجهزة الكومبيوتر وغيرها.
 
المسكنات وعامل الأمان:
وهناك الكثير من التعريفات التي تحدد وصف الألم بنوعيه الحاد والمزمن، ومدى فاعلية ومعامل أمان استخدام مضادات الالتهاب التقليدية الخالية من الأستيرويد (NSAIDs) ومضادات الالتهاب الانتقائية - COX)-2)، وأجمع الخبراء على فعالية كلا الخيارين العلاجيين في التعامل مع الآلام الحادة، غير أن الفرق يكمن في تمتع مضادات الالتهاب الانتقائية بمعامل أمان أعلى لا سيما على الجهاز الهضمي والمحافظة على وظائف الصفائح الدموية بدرجة أكثر من مضادات الالتهاب التقليدية الخالية من الأستيرويد (NSAIDs). 
 
ووجد أن كل مضادات الالتهاب والمسكنات تتساوى في الفاعلية، وذلك عند استعمالها بالجرعات الموصى بها، إلا أنها تتفاوت فيما بينها من حيث درجة الأمان وقلة الأعراض الجانبية.
 
وكانت دراسة حديثة نشرت في مجلة لانست "Lancet" الطبية الشهيرة قد كشفت عن أن مرضى آلام والتهاب المفاصل الذين يعالجون باستخدام مضادات الالتهاب غير الانتقائية الخالية من الأسترويد مثل (Diclofenac)، مع إضافة مثبطات أحماض (ppi) proton pump inhibitors مثل omeprazole هم عرضة لمشكلات الجهاز الهضمي العلوي والسفلي كأهم الآثار الجانبية لهذا الاختيار العلاجي بمعدل أربعة أضعاف أكثر من أولئك الذين يتلقون علاجا بواسطة مضادات الالتهابات الانتقائية – 2 - (cox) أو (CELECOXIB)، وذلك بناء على نتائج سريرية مثبتة. 
 
وقد جرى عرض هذه الدراسة التي أطلق عليها (Condor) وأجراها كل من البروفسور فرانسيس شان من قسم الطب والتداوي من مستشفى الأمير ويلز، منطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة بالصين، والبروفسور جاي غولدشتاين من جامعة إلينوي شيكاغو الولايات المتحدة الأميركية وبمشاركة عدد آخر من زملائهما الأطباء أمام المؤتمر السنوي للجمعية الأوروبية لمكافحة الروماتيزم بروما.
 
ومعلوم أن دراسات أخرى مشابهة قد أظهرت أن العلاج بواسطة مضادات الالتهاب الانتقائية (2 cox) منفردة أو باستخدام مضادات الالتهاب غير الانتقائية مضافا إليها مثبطات أحماض المعدة (ppi) يقللان من فرص حدوث الآثار الجانبية على الجهاز الهضمي العلوي فقط، إلا أن الآثار الجانبية الضارة على الجهاز الهضمي بأكمله (العلوي والسفلي) تكون أقل حدوثا مع استخدام مضادات الالتهاب الانتقائية (2 cox) منفردة مقارنة بالفئة الأخرى من مضادات الالتهاب غير الانتقائية مضافا إليها مثبطات أحماض المعدة (ppi)، ويرجع السبب في ذلك إلى أن كبح مفعول الأحماض المعوية بواسطة مثبطات أحماض المعدة لا يمنع الأضرار التي تصيب الجهاز الهضمي السفلي، ومن ثم فإن استخدام مضادات الالتهاب الانتقائية (cox 2) منفردة يقلل فرص المخاطر على الجهاز الهضمي بأكمله.
 
ويتفق كثير من الأطباء المتخصصين في مجال طب الألم واستشاريو التخدير على أن استخدام العقاقير الانتقائية يعد إضافة قوية للتحكم في الألم قبل وبعد العمليات الجراحية، حيث تساهم في التقليل من استعمال أدوية التخدير (مشتقات المورفين) وتجنب مضاعفاتها، كما تتميز هذه الفئة من مضادات الالتهاب بأنها تقلل من فرص حدوث النزيف بعد العمليات، وذلك عند استخدامها للتحكم في الألم مقارنة بمضادات الالتهاب غير الانتقائية.