العمليات الحيوية لأكتمال مرحلة البلوغ لدي الذكور والأناث

من الناحية الهورمونية، تبدأ مرحلة البلوغ ببدء منطقة «ما تحت المهاد» Hypothalmus ، الواقعة في وسط الدماغ، بإفراز هورمون يُدعى الهورمون المُطلق للجونادوتروبين Gonadotropin Releasing Hormone GnRH)).


ويعمل هذا الهورمون على تنشيط الغدة النخامية Pituitary Gland، الموجودة في قاع الدماغ، كي تُفرز نوعين من الهورمونات، هما الهورمون المحفز للحويصلة وهورمون اللوتنة. وتعمل الهورمونات النخامية هذه على كل من الرحم والمبيضين لزيادة إنتاج هورمون استروجين الأنثوي لدى البنات، وأيضاً لتتابع عمليات نمو البويضات وبدء عمليات الدورة الشهرية.

كما أن نفس الهورمونات النخامية تعمل على الخصيتين لإنتاج هورمون تستوستيرون الذكري لدى الأولاد، وأيضاً على نمو الأعضاء التناسلية لديهم ونضج عملها. وبالتالي فإن مراحل عملية تطور النمو الجنسي تبدأ وتستمر بطريقة مختلفة في جسم كل من الذكور والإناث. لكن يبقى الأساس، وهو أن مراحل البلوغ المتسلسلة تنشأ من الأنشطة الأولية التي تنطلق من الدماغ لإفراز الهورمونات.

وثمة ترتيب لمراحل تطورات البلوغ لدى الإناث، الحاصلة نتيجة لبدء التغيرات الهورمونية. وهي أولاً بدء نمو حجم الثدي، وبعد ذلك بدء نمو الشعر في ما تحت الإبطين والعانة، وظهور حب الشباب، ليحصل بعد هذا كله بدء الدورة الشهرية. أما لدى الذكور، فيبدأ البلوغ بنمو حجم الخصيتين وحجم العضو، ثم بدء ظهور الشعر على مناطق الجسم. وبعد ذلك تنمو العضلات ويتغير الصوت وتظهر حبوب الشباب ويبدأ شعر الوجه بالظهور.

لكن من المهم تذكر أن هذه العمليات وإن كانت كما تقدم في ترتيب الحصول، إلا أنها تتطور في النمو مع بعضها بعضا، إذْ إن المقصود في الترتيب هو «بدء نمو» أمر ما، ثم «بدء نمو» أمر تال. وليس المقصود بدء نمو شيء ما إلى اكتمال ذلك، ثم بدء نمو أمر آخر واكتماله، إذْ ليس صحيحاً أن لدى الإناث يبدأ نمو شعر ما تحت الإبطين أو العانة بعد اكتمال تطور نمو حجم الثدي، بل إنه بمجرد بدء عملية نمو حجم الثدي فإن عملية نمو وظهور شعر الجسم قد تبدأ، وهكذا لدى الإناث والذكور في الترتيب حسب خصائص كل منهم.

ومع ذلك فقد لا تتبع مراحل البلوغ هذه الوتيرة لدى بعض الأولاد أو البنات.

وإضافة إلى الفرق بين متوسط بدء مرحلة البلوغ، حيث إنها تحصل في وقت أبكر لدى الإناث، أي حوالي سنتين، عما هو الحال لدى الذكور، فإن مدة اكتمال مراحل عمليات البلوغ أيضاً هي أقصر نسبياً لدى الإناث، أي حوالي أربع سنوات، بالمقارنة مع مدة ذلك لدى الذكور، والتي قد تصل إلى ست سنوات حتى تكتمل لديهم مرحلة البلوغ.

ولذا فإن أحد مظاهر هذه السرعة في إنهاء مرحلة البلوغ لدى الإناث وبطء إنهائها لدى الذكور، هو ذلك الاختلاف في متوسط طول الرجال عن متوسط طول النساء. إذْ يبلغ متوسط فرق الطول بين الجنسين حوالي 13 سم لصالح الذكور. لكن من المهم تذكر أن سرعة تتابع مراحل عمليات البلوغ قد تتأثر سلبياً بسوء التغذية أو الهزال العصبي نتيجة عدم الأكل. أي أن من الممكن أن تُصبح عملية البلوغ بطيئة جداً تحت تأثير هذين العاملين.

وقد لا تسير الأمور بشكل طبيعي من ناحية البدء في مراحل البلوغ، لدى كل من الذكور أو الإناث. ذلك أن هناك حالات يحصل البلوغ فيها في مرحلة مبكرة من العمر، وتُسمى حالة البلوغ المبكر Precocious Puberty. بمعنى أن البلوغ يبدأ لدى البنت قبل سن الثامنة من العمر، أو لدى الولد قبل التاسعة منه. وعلامات هذه الحالة ببساطة هي بدء تسلسل مراحل البلوغ في تلك الأعمار الصغيرة، وصولاً إلى نمو الثدي وظهور شعر الجسم وبدء الدورة الشهرية لدى البنت، وكذلك بدء ظهور علامات البلوغ المرادفة لدى الولد.

وقد تكون ثمة، في قليل من الحالات، أسباب عضوية غير طبيعية لحصول هذا الأمر. لكن الغالب هو أنه لا يوجد أي اضطرابات في جسم الطفل أو الطفلة. ولذا يجب عرض الأمر على الطبيب ليتمكن من معرفة السبب ومعالجته، أو نفي وجود أي اضطرابات غير طبيعية.

وكذلك الأمر مع تأخر البلوغ Delayed Puberty عن المعدلات الطبيعية له لدى الذكور أو الإناث، إذْ ثمة في بعض الأحيان اضطرابات عضوية تُؤدي إلى التأخير، وفي غالب الأحيان لا يُوجد ما هو غير طبيعي في الجسم. وعلامات تأخر البلوغ لدى الإناث هي عدم بدء نمو الثدي مع بلوغ سن 14 سنة، أو عدم بدء الدورة الشهرية بعد 5 سنوات من بدء نمو الثدي. وعلامات تأخر البلوغ لدى الذكور هي عدم تطور نمو الخصيتين مع بلوغ سن 14 سنة، أو عدم اكتمال نمو الأعضاء التناسلية لديه مع مرور 5 سنوات على بدء مرحلة البلوغ.