وداعا للمبالغة والأستعراض .. مرحبا بالأناقة الراقية

هل تصدقين ان الخبيرات بخبايا الموضة، بمعنى اللواتي لهن باع طويل في مضمار الأناقة، بدأن يفكرن جديا في أرشفة حقائبهن من ماركة «بيركين»؟.


فهذه الحقيبة بكل ما تحمله من معاني الارستقراطية والنخبوية، إلى حد أنه لم يكن من الممكن لأية واحدة منا الحصول عليها إلا بمشقة النفس وانتظار طويل، فقدت مكانتها بسبب النجمات وحديثات النعمة.

فقد اصبحت كل من لها مبلغ محترم وتريد ان تدخل نادي النخبة تتباهى بها، مما زعزع مكانتها وجعلها استعراضية اكثر منها راقية. ففكتوريا بيكهام، عضو فريق «سبايس غيرلز» مثلا، تملك اكثر من ثمانية حقائب منها بألوان مختلفة، ولائحة زوجات لاعبي الكرة من مالكات هذه الحقيبة الأيقونية لا تعد أو تحصى.

لكن الجميل في هؤلاء الخبيرات المخضرمات، انهن لا يتخلصن من شيء إلا بعد ان يجدن له بديلا. والبديل في هذه الحالة، ماركة «بوتيغا فينيتا»، التي تضاهي «هيرميس» في رقيها وترفها وحرفيتها، وفي الوقت ذاته هادئة وخالية من أي «لوغو» أو علامة مسجلة تجعلها استعراضية.

ولا شك ان هذا يحسب لهذه الدار الإيطالية، التي بدأت متواضعة في مدينة البندقية عام 1966 لتصبح واحدة من أهم دور الأزياء الراقية حاليا رغم كل المنافسة، ورغم انها تنضوي تحت راية مجموعة غوتشي، التي ترتبط في الذهن بالإثارة اللافتة واحيانا بالعلامات الواضحة التي تجعل كل من يحمل حقيبة منها وكأنه دعاية متحركة لها.

في التسعينات عرفت بوتيغا فينيتا تراجعا في الإقبال على منتجاتها بسبب سيادة ثقافة الاستعراض وعدم قدرتها على ركوب الموجة، لكنها في عام 2000 عادت إلى خارطة الموضة بعد التحاق المصمم البريطاني جايلز ديكون بها، الذي اعطاها تصميمات قوية رسخت مكانتها. لكن شهر العسل بين الدار وديكون لم يطل كثيرا، إذ بعد ان اشترتها مجموعة غوتشي تم استبدال هذا الاخير بتوماس ماير، تحت إلحاح المصمم الفني لدار غوتشي آنذاك، توم فورد.

ولا شك ان اختيار هذا الأخير لتوماس مثير للاستغراب، لأن اسلوب كل منهما يختلف تماما عن أسلوب الآخر. فبينما يميل الأول إلى الإثارة واستعمال علامات الدار بسخاء، يميل الثاني إلى الهدوء وعدم استعمال أي «لوغو» يشير إلى اسم الدار، ويقتصر في هذا على علامة الدار التي تتمثل في الجلد المجدول على شكل ضفائر فيما يخص المنتجات الجلدية، والألوان والتصميمات البسيطة غير المعقدة ذات الألوان الحيادية فيما يخص الأزياء.

ومع السنين أكد أسلوبه انه الأرقى، بدليل انه اصبح وجهة هؤلاء المخضرمات الواثقات من أسلوبهن ومن مكانتهن بحيث لا يحتجن إلى حمل «لوغو» ليعرف الآخر ان ما يحملنه أو يلبسنه من دار عالمية وبثمن خيالي.

والدليل هو أن هذه الدار التي كانت على شفى الإفلاس في عام 2001، توسعت من 21 إلى 114 محلا متراميا في كل انحاء العالم، وارتفعت ارباحها من 165 مليون يورو في عام 2005 إلى 262 مليون يورو في عام 2007 .

ويؤكد روبير بولي، الرئيس التنفيذي لمجموعة «غوتشي» أن الفضل يعود إلى أن حب التباهي ولفت الأنظار التي تميزت بها حقبة التسعينات بدأت تتراجع لصالح الاسلوب الهادئ، وإن كان تأثير الثقافة البيزنطية لا يزال قويا في بعض المناطق، مثل روسيا التي لا تزال تجهل مفهوم «القليل كثير» أو بالأحرى لا تريد ان تعترف به.

وحتى في مناطق الخليج العربي حيث الاعتقاد السائد بأن أغلب النساء يفضلن الاكسسوارات والأزياء المترفة الواضحة المعالم، تعرف ماركة «بوتيغا فينيتا» ازدهارا. الطريف أيضا، حسب ما نشرته جريدة «الإنترناشيونال هيرالد تريبيون» ان محلات المصمم روبرتو كافالي في موسكو شبه فارغة، لأن الزبونات اصبحن يتخوفن من إيحاءاتها الاستعراضية التي لا توحي بالأناقة الراقية ولا تخول لهن دخول نادي الأناقة الراقية.

طبعا كان هذا في السنوات الماضية، لأن روبرتو كافالي غير جلده مؤخرا ليواكب الموجة الحالية، فيما تعرف «هيرميس» «بوتيغا فينيتا» و«جيل ساندر» نشاطا غير معهود في بلد تعود منذ الانفتاح على البذخ والمبالغة في كل شيء. فالتوجه الجديد هو الأناقة الهادئة، أو الترف المبطن، بمعنى ان تكون القطع غالية جدا لكن لا يعرف ماركتها إلا العارفات من نفس المحيط.

لكن طبعا هذا لا يعني ان هؤلاء هم الشريحة الغالبة، فلا يزال هناك من يرى ان الموضة تعبير عن المركز والجاه، حسب ما صرحت به أولغا ميكيالوفسكا، مديرة الموضة بمجلة «إيل» الروسية: «الترف لا يزال يرمز للجاه والمركز في روسيا، وإن كان هناك تغير تدريجي في هذه النظرة».

وهو ما توافقها عليه أليونا دوليتسكايا، رئيسة تحرير مجلة «فوغ» الروسية بقولها ان الجيل الجديد اكثر شجاعة وميلا إلى تجربة الجديد وغير المبالغ فيه، وإن اوضحت «انهن لا يزلن يردن أزياءهن وحقائبهن تبدو غالية، لكن المهم ان تكون غالية» وهذا مؤشر إيجابي لأن ليس كل ما هو غال يصرخ بأنه كذلك أو مبالغ فيه.

ولا يختلف أي مراقب للموضة على ان هناك تطورا كبيرا في الأذواق وتحولا ملموسا في الميول، ونظرة سريعة لما يجري في شوارع الموضة سيؤكد انه يمكن تصنيف الأذواق حسب دور الأزياء وما تمثله: - المنتجات المترفة اللافتة، بمعنى التي تروق للصغيرات أو حديثات النعمة اللواتي يرفعن شعار «إذا كنت تمتلك ثروة فاستعرضها بفخر». الماركة المفضلة: «غوتشي»، «ديور» و«دولتشي أند غابانا».

- المنتجات المترفة التي تريد المرأة من ورائها إظهار انها تفهم الموضة وتحترمها. الماركة المفضلة: «برادا» و«جيل ساندر» - المنتجات المترفة، التي تريد من ورائها إظهار انها واثقة من ذوقها وتفهم توجهات الموضة جديا. الماركة المفضلة: «بوتيغا فينيتا» و«هيرميس» - المنتجات المترفة التي تريد من خلالها المرأة ان تقول بأنها كلاسيكية لكن تتمتع بنظرة عصرية. الماركة المفضلة «شانيل» و«فندي».

- المنتجات المترفة التي تريد من خلال المرأة ان تقول انها مستقبلية وجريئة. الماركة المفضلة «كوم دي غارسون».