عنف الأطفال .. لماذا يؤدي إلى مشاكل نفسية أثناء البلوغ؟

نوبات الغضب الشديد المصحوبة بكسر الأدوات وإتلاف الألعاب تتطلب استشارة الطبيب
نوبات الغضب الشديد المصحوبة بكسر الأدوات وإتلاف الألعاب تتطلب استشارة الطبيب

رغم أن معظم الأطفال تنتابهم نوبات من الغضب الشديد والحاد من حين لآخر نتيجة لفقدانهم شيئا محببا إليهم مثل لعبة مفضلة أو زي معين يفضلونه، فإن دراسة حديثة حذرت من أن نوبات الغضب الشديدة والتي يعقبها سلوك سيئ من الأطفال مثل تدمير لعبة أخرى أو إتلاف الألعاب الخاصة بزميلهم في الدراسة أو إتلاف أجهزة في المنزل أو الإيذاء البدني لإخوته في المنزل، يمكن أن تكون مؤشرا لمشاكل نفسية واجتماعية لاحقة أثناء البلوغ، خاصة إذا كان هذا السلوك متكررا ويستمر لفترات طويلة، وكذلك يكون من القوة والعنف المبالغ فيه مثل الركل بشدة أو كسر بعض الأدوات أو غيرها، وأن هذا السلوك يجب ألا يعتبر حدثا عابرا ويجب عرضه على طبيب نفسي لتقييمه.

اضطراب السلوك
هذه النتائج هي ما توصل إليه الباحثون من جامعة واشنطن بالولايات المتحدة في الدراسة الحديثة التي نشرت في مجلة طب الأطفال The Journal of Pediatrics في مطلع العام الحالي وتناولت اضطراب السلوك في الأطفال في مرحلة ما قبل الدراسة ثم الالتحاق بالمدرسة.
 
وتشير كلمة اضطراب السلوك إلى مساحة كبيرة من تصرفات الأطفال التي تشمل المشكلات السلوكية والعاطفية في مرحلة الطفولة والمراهقة والتي تؤدي بالطفل إلى عدم احترام القواعد المجتمعية والالتزام بنظام معين سواء في المدرسة أو خارجها مثل النادي أو المنزل.
 
وهؤلاء الأطفال الذين يعانون من نوبات الغضب الشديدة التي تستمر فترات طويلة في الأغلب يصابون بمشكلات سلوكية يمكن أن تتطور لاحقا إلى كسر القواعد.
 
وأشار الباحثون إلى أنه في السابق لم يكن من المعروف إذا كان عنف الأطفال يعتبر اضطرابا في السلوك من عدمه خاصة في مرحلة ما قبل المدرسة، حيث إن معظم الأطفال يمرون بمرحلة الغضب. 
 
وفي الأغلب لا يعطي طبيب الأطفال الاهتمام الكافي لشكوى الأم من أن طفلها البالغ من العمر 3 سنوات حاد الطباع أو تنتابه نوبات من الغضب وبطبيعة الحال لا ينصحها بالتوجه إلى طبيب نفسي.
 
علامات العنف
وشملت الدراسة الحالية 273 طفلا في مرحلة ما قبل الدراسة ثم عند بداية الدراسة ثم لاحقا في سنوات الدراسة، وأيضا تم عمل مقابلات مع الأمهات أو المربيات اللاتي مع الأطفال لمعرفة حالة الأطفال العقلية والنفسية وإذا كان الطفل يتمتع بالذكاء الكافي أو يعاني من مشكلة عقلية وكذلك إذا كان حاد الطباع ودائم الغضب.

وكانت الأعراض التالية الأكثر احتمالا للحدوث في مرحلة ما قبل المدرسة للذين يعانون من اضطراب السلوك هي:
- العدوانية تجاه الآخرين.
 
- الخداع والتحايل بشدة على الآخرين بما في ذلك إمكانية أن يقوم هؤلاء الأطفال بالسرقة.
 
- السلوك شديد العنف بما يتعلق بالأثاث أو الأدوات.
 
- مشاكل وشجار دائم مع أقرانه.
 
وحدد الباحثون شدة الغضب، بشدة صراخ الطفل وارتفاع صوته وكذلك فترة الغضب وأيضا تكرار حدوثها في الكثير من المناسبات حتى لو كانت المناسبة لا تستدعي غضب الطفل الشديد.
 
وأشار الباحثون إلى أن هؤلاء الأطفال في الأغلب لا يمكنهم التعامل مع الآخرين وينتهجون سلوكا انطوائيا antisocial behavior بعيدا عن المجموعة ولذلك لا يتواءمون بسهولة مع مرحلة دخول المدرسة الابتدائية.
 
ومن المثير أن نسبة هؤلاء الأطفال تبلغ طفلا واحدا من كل عشرين، وعلى وجه التقريب طالبا من كل صف دراسي. 
 
وأيضا لاحظ الباحثون عدة أشياء تميز هؤلاء الأطفال عن أقرانهم الذين لا يمارسون العنف في بداية سن الدراسة وهو سن الخامسة تقريبا، فنسبة تقرب من 50 في المائة من هؤلاء الأطفال انحدروا من عائلات ذات دخل منخفض أو تقريبا اسر فقيرة كما أن 57 في المائة منهم كانوا إما يتناوبون العيش مع أحد الأبوين فقط نتيجة للانفصال بين الزوجين أو عاشوا مع أحد الأبوين فقط من دون الطرف الآخر. 
 
وأيضا كانت هناك نسبة تقترب من النصف من هؤلاء الأطفال تعرضوا للعنف الجسدي أو الإهمال وأيضا نفس النسبة تقريبا من هؤلاء الأطفال تم تشخيصهم بأنهم مصابون بالاكتئاب من قبل طبيب نفسي.
 
علاج نفسي
وقد أوصت الأكاديمية الأميركية للطب النفسي للأطفال والمراهقين The American Academy of Child & Adolescent Psychiatry بضرورة أن يتم التعامل مع هؤلاء الأطفال بالأهمية الكافية وأنهم يجب أن يتلقوا علاجا بالشكل الأكاديمي بمعنى ألا يتم التعامل مع هؤلاء الأطفال من خلال الإخصائي الاجتماعي في المدارس ولكن من خلال الأطباء النفسيين بوصفها مشكلة نفسية يمكن أن تتفاقم لاحقا.
 
وأوضحت أنه من دون علاج فإن كثيرا من هؤلاء المراهقين الذين يعانون من اضطراب السلوك يصبحون غير قادرين على التكيف مع متطلبات مرحلة البلوغ وما تستلزمه من التزامات عدة بالقواعد والقوانين المختلفة سواء في العمل أو الالتزام بالقانون بشكل عام والتصرف بشكل عدائي للمجتمع والميل إلى ارتكاب المخالفات مثل السرقة أو الاحتيال أو التعامل مع المواد المخدرة.
 
والنتائج التي توصلت إليها هذه الدراسة يجب أن تستخدم كمرشد للأطباء في تشخيص هؤلاء الأطفال في مرحلة ما قبل الدراسة وتحويلهم إلى الطبيب النفسي حيث يعتبر السلوك العدواني والمفرط في العنف في الأطفال علامة إنذار مبكرة يمكن من خلال الالتفات الواعي لها أن تساهم في حماية هؤلاء الأطفال من السلوك العنيف لاحقا في بلوغهم أو إصابتهم بالأمراض النفسية المختلفة.