«الجلباب» المغربي موضة تتطور بدون حدود

شد انتباه المتجولين داخل شوارع المغرب تلك الفوضى والحمى السارية في اللباس المتنوع المتناقض وغير الموحد، فمن غريب ومغر الى راق ومحتشم ومن قصير وفاتن الى طويل ومحترم... ومن سراويل الجينز الى جلابيب مختلفة الالوان والصنعة والتصاميم.. و الجلابة، كما يسمى في المغرب، لا يعني ما يقصد به في دول المشرق من لباس طويل تقليدي محتشم يرتدى داخل البيوت، بل يشير لذلك الزي الرسمي الاصيل، الذي قاوم أمواج الموضات الغربية محافظا على أصالته وخط تطوره، ويلبسه الرجال والنساء المغاربة خارج المنازل، ويحرصون على ارتدائه اكثر في الاعياد والافراح والمناسبات الخاصة. وهو لباس طويل فضفاض يتنوع حسب الجهات الجغرافية للمغرب والمجموعات المتمثلة في جبال الريف وسلسلة الاندلس والجنوب الصحراوي. فلكل منطقة طابعها الخاص، فنساء منطقة ازمور مثلا يمكن تمييزهن عن نساء منطقة زيان وسيدات البربر، وإن كن جميعهن لا يختلفن في ارتداء الجلباب.


وأوضحت سمية بنيس (صاحبة محل للملابس التقليدية) حقيقة ارتفاع اسعار الجلاليب، وعزت السبب لـ«الجودة والأصالة»، وقالت ان الحملة الاعلانية لعروض هذا الزي تكلف مبالغ باهظة ناهيك بتكاليف الخياطة التي قد تستغرق شهورا، فيصل سعر بعض الجلاليب التي تتميز بالجودة من حيث التصميم والصنعة (التطريز وشغل اليد) الى ما يقارب 6000 درهم (600 دولار).

غير انه في السنوات الاخيرة، ازدادت الحاجة الى ازياء انيقة وعملية واقتصادية، فبدأ الخياطون من الجلاليب الجاهزة التي خيطت بالآلة بأثمان معقولة. وتقول فرح بن شقرون مصممة ازياء: «اقبل القرن الحالي بمفهوم جديد للحياة اكثر ديناميكية وعملية، فامرأة العصر تريد ازياء قابلة للارتداء وباسعار مناسبة، قد ترتفع قليلا عن ثمن الملابس الجاهزة ولكنها لا ترقى الى الاسعار الجنونية للخياطة الراقية، فكان لا بد من مراعاة الامر لمجاراة الظروف الاقتصادية الجديدة التي تحيط بالعالم».

من جهة اخرى، لم تسلم الجلاليب المغربية من مراعاة الموضة، اذ برزت بتقليعات غريبة غير مألوفة فهي لا تغدو الزي التقليدي المحتشم (جلباب بقطعة واحدة او مع قفطان او سلهام) بل اصبحت لباسا قصيرا احيانا وضيقا احيانا ومع سراويل البات اليفانت (PATTE D"EL PHANT)، حيث ادخلت عليها ابتكارات جديدة تساير الموضة، وعمل المصممون العالميون على اقتباس نموذجها وعلى استيحاء تصاميمهم من اشكالها.

ومايزال الجلباب المغربي يتطور في قفزات نوعية ايجابا وسلبا، فبدأ زيا رسميا محتشما ترتديه المحافظات، ثم تدرج الى رداء يلبس في الاعياد والمناسبات، الى لباس عملي ترتديه الفتيات في نهاية الاسبوع، الى زي راق بتشكيلات وتصاميم متباينة باهظة الثمن تتباهى به سيدات المجتمع، الى أن استقر حاليا كتقليعة في عالم الموضة ترتديه المراهقات في عصر الـ«اسبايس جيرلز» مع سراويل الجينز واحذية الرياضة.