حرب "الأوسكار".. تبدأ مبكرا !!

مع بدء العد التنازلي لإعلان جوائز أوسكار في 24 فبراير/شباط الجاري، اشتعلت المعارك بين النقاد والمحللين والجهات الفنية المختلفة التي تقدم ترشيحاتها لجوائز هذا العام، أو تكون اختياراتها مؤشرا لاتجاه الريح في مسابقة هذا العام، التي يُتوقع لها أن تتضمن الكثير من المفاجآت.


ففي الوقت الذي كان فيه سوء الحظ الحليف الأهم لعدد من الأفلام التي عول عليها صناعها لنيل التقدير الكافي من "أوسكار"؛ ما زال بعض المخرجين لا يصدقون أن أفلامهم قد تمكنت من المنافسة، أو أنها على بعد خطوات من الفوز والحسم.

في البداية يأتي فيلم Juno – الذي تكلف 7 ملايين دولار أمريكي - وتدور أحداثه في إطار كوميدي، قد فوجئ مخرجه جايسون ريتمان بتمكنه من اختطاف أربعة ترشيحات، أهمها ترشيحه لجائزة أحسن مخرج!.

ومن ناحية أخرى تمكن فيلم Lust, Caution للمخرج أنج لي من أن يلحق بأوسكار هذا العام، على الرغم من النجاح الذي حققه الفيلم في إطار فاعليات مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي في دورته الأخيرة.

وفي الإطار نفسه فإن فيلم In the Valley of Elah من إنتاج وارنر، نال ترشيحا واحدا لأوسكار لبطله الممثل تومي لي جونز، بينما خرج مخرجه بول هاجي خالي الوفاض، على الرغم من نجاحه عام 2006 من اقتناص جائزة أوسكار عن فيلمه crash.

ولم يختلف الحال كثيرا فيما يتعلق بالأفلام التي حققت نجاحا جماهيريا ونقديا كبيرا خلال فترة عرضها مثل فيلم American Gangster من إنتاج يونيفرسال للمخرج الكبير ريدلي سكوت، وكذا مع فيلم The Kite Runner من إنتاج باراماونت كلاسيك ودريم ووركس، وإخراج مارك فورستر.

وما يثير الدهشة إزاء جوائز هذا العام، هو أن الأفلام أخذت وقتا طويلا حتى تصل إلى مرحلة أوسكار، كما حدث مع فيلم No Country for Old Men للإخوان كوين من إنتاج ميراماكس، الذي بدأت رحلته، في مايو/آيار الماضي، وبالتحديد في ماراثون مهرجان كان السينمائي الدولي المنعقد في فرنسا.

فقد تنافس عدد من الأفلام الأمريكية الصنع على الفوز بسعفة كان الذهبية، إلا أن لجنة التحكيم قررت منحها للفيلم الروماني "أربعة أشهر، ثلاثة أيام، ويومان".. ليزيح بذلك " No Country for Old Me" من الطريق.

صعود وهبوط .. تقدم وتأخر
لم ينته الهدوء الذي تبع كان إلا في أغسطس/آب الماضي حينما تصاعدت الأنباء عن جودة فيلمي Atonement من إنتاج فوكس، و Michael Clayton من إنتاج وارنر، وذلك أثناء انعقاد مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي في إيطاليا.

وبعدها بشهر، وتحديدا في سبتمبر/أيلول كان الموعد مع مهرجان تورونتو السينمائي الدولي الذي يعد – تاريخيا - منطلقا مهما لفائزي أوسكار، عاودت أفلام Atonement، وMichael Clayton، و No Country for Old Men لفت أنظار النقاد والجمهور مجددا.

كما وطد مهرجان تورونتو من الظهور الملفت لفيلم Juno، من إنتاج سيرش لايت، فبعد أن كان مقررا للفيلم أن يطرح بدور العرض في الربيع القادم، أعادت الشركة التفكير في استراتجيتها بخصوص تلك الفكرة لطرحه مبكرا في خريف 2007.

ومع ذلك فإن الأسابيع التي تلت مهرجان تورونتو السينمائي الدولي، بدت باهتة فيما يتصل بالأوسكار، ولم تكن الصورة واضحة بما يكفي بخصوص الأفلام الأقرب للوصول إلى أوسكار، سواء من ناحية الأفلام ذات الصدى بالمهرجانات، أو الأفلام ذات الإيرادات الكبيرة بشباك التذاكر.

فقد اختفت أربعة أفلام من أصل خمسة كانت تعول عليها شركة فوكس للمنافسة، وهي أفلام Eastern Promises لدافيد كرونينبرج، Reservation Road لتيري جورج، و Talk to Me لكاسي ليمون، وحتى Lust, Caution لأنج لي!.

كما خرجت أفلام بارامونت الثلاثة Into the Wild، Margot at the Wedding، و A Mighty Heart من المنافسة بعد فشلها في تحقيق إيرادات عالية، فعلى الرغم من عدد المعجبين الكبير بالفيلم الأول، فإن فشل الفيلمين الآخرين قد أصاب النقاد بإحباط كبير ودهشة حقيقية.

وكذلك خابت الآمال المعقودة على فيلم توم كروز مع روبرت ريدفورد Lions for Lambs، من إنتاج مترو جولدن ماير والفنانين المتحدين؛ إذ كان عرضه الجماهيري بمثابة صدمة أصابت الجميع بالخرس!.

وبحلول منتصف الخريف لعام 2007 كانت الجوائز السينمائية تتسم بالفوضى، إذ بدا فيلم Michael Clayton الوحيد الذي أعجب الجميع.

فيما أثار فيلم No Country for Old Men ضجة كبيرة في مهرجان نيويورك السينمائي كما نجح في تحقيق إيرادات كبيرة لدى افتتاحه في التاسع من نوفمبر/تشرين الثاني.. إلا أن عددا من النقاد رأى أن نهاية الفيلم، والعنف الذي تضمنته الأحداث يبعدانه عن الفوز بأوسكار، خاصة أن عددا كبيرا ممن شاهدوا الفيلم أُصيبوا بخيبة أمل من النهاية غير المتوقعة.

الكرة الذهبية تتأرجح
تعود أهم الهيئات الحليفة لأوسكار -المجلس الوطني للنقد- لتعطي الفيلم أهم جوائزها لهذا العام، وسرعان ما تلتها جمعية نقاد نيويورك بجائزة جديدة للفيلم، بينما يقدم نقاد لوس أنجلوس جائزتهم لفيلم There Will Be Blood؛ لتعطي تلك الجائزة حافزا كبيرا للمخرج بول توماس أندرسون.

ومع تزايد الاهتمام المنصب على أفلام There Will Be Blood، No Country for Old Men، وAtonement، و Michael Claytonانتظر النقاد الثالث عشر من ديسمبر/كانون الأول حيث تعلن ترشيحات الكرة الذهبية، لاقتناعهم بأنها تجعل الصورة بالتأكيد أكثر وضوحا واستقرارا.

إلا أن ما حدث هو أن الكرة الذهبية زادت الأمور تعقيدا باختيارها سبعة أفلام في فئة أفضل فيلم درامي.

ثم ما لبثت أن تحولت الشكوك إلى ارتباك كبير في منتصف يناير/كانون الثاني، عندما اختير Atonement كأفضل فيلم درامي، بينما كانت جائزة أفضل فيلم كوميدي أو موسيقي من نصيب Sweeney Todd، وكذلك بسبب عدم حصول أي فيلم من الترشيحات على أكثر من جائزتين.

وبذلك ذهب بعض النقاد إلى أن الكرة الذهبية نجحت في إنقاذ Atonement في اللحظة الأخيرة بعدما كان يبدو أنه تعثر في طريقه إلى أوسكار، فيما نجح صناع الفيلم في تصميم حملة دعائية ملفتة تقنع المشاهدين بأن الفيلم قد نال أوسكار بالفعل!.

وبالرغم من أن الكرة الذهبية قد خيبت آمال No Country for Old Men؛ إلا أن النقاد بدءوا في تغيير نظرتهم للفيلم، فالنهاية التي استاء منها الجميع بدت مقلقة بشكل أقل، والعنف الذي اشتمله الفيلم بات أقل حدة وخاصة لدى مقارنة الفيلم بـ Sweeney Todd أو There Will Be Blood.

وحينما تم الإعلان عن ترشيحات أوسكار في الثاني والعشرين من يناير/كانون الثاني، لم تصب الدهشة المطلعين والنقاد لحصول فيلمي No Country for Old Men، وThere Will Be Blood على ثمانية ترشيحات لكل منهما.

وفيما يقترب الفيلمان من الحصول على الجائزة السينمائية الأهم والأكثر شهرة عالميا فإن تاريخ أوسكار يؤكد أنه لا شيء يضمن ذلك، الوقت وحده يقدم الإجابة.