من نتائج أسبوع باريس 2008 .. الوداع الأخير لإيفانا أوماجيك مع «سيلين»

كانت الألوان التي تبناها معظم المصممون في باريس هي ألوان قوس قزح، وكأنهم بهذه الألوان المتوهجة بالحياة، سيتغلبون على الأزمة الاقتصادية ويذيبون حالة التشاؤم السائدة في الاسواق العالمية، باستثناء مصمم دار جيفنشي، ريكاردو تيشي، الذي ظل وفيا لاسلوبه وللونين الاسود والأبيض مع قليل من لون «البيج» (الأشهب).


غير أن نغمة الألوان تغيّرت حين قدمت المصممة باربرا بوي تشكيلة قائمة على الأسود والابيض بتصاميم انيقة لكن لا جديد فيها، وبدت عادية جدا، لاسيما أن ماكياج العارضات وتسريحات شعرهن كانت أقرب إلى البؤس، مما يشعرك ببعض الإحباط وأنت تتابعها. بل، حتى الحقائب التي طرحتها المصممة في المواسم الأخيرة وكانت أكثر من رائعة غابت عن العرض، باستثناء عدد محدود لم يحرك الوجدان.

مما لا شك فيه انها تشكيلة تريد ان تتحدى الأوضاع الاقتصادية بتفصيلها المتقن، وبمخاطبتها اسواق جديدة، مثل روسيا، ومن هنا كانت التطريزات والترصيعات الكثيرة، التي كادت في بعض الأحيان ان تغطي على جمال التصميم، لكنها ستجد بعض الصعوبة في اقتحام خزانات الشابات.

وهذا، عدا ان تأثير عقد الثمانينات من القرن الماضي، كان واضحاً في هذه التطريزات البراقة وفي الاكتاف المحددة مثلا، مما قد يجعلها مناسبة للمرأة الناضجة أو الشابة التي تعرف كيف تنسق بين الكلاسيكي والحداثي بأسلوب خاص.

وإذا كانت باربرا بوي تحاول مخاطبة السوق الروسي، فإن المصمم درايز فان نوتن استوحى تشكيلته من معرض للفن المعاصر بعنوان «من روسيا» تشهده قاعات الأكاديمية الملكية بلندن، مما يفسر استعاضته عن المطبوعات الوردية التي عودنا عليها في المواسم الأخيرة بالخطوط والنقوشات الهندسية، التي غلب على بعضها الاسود، مع محافظته على أسلوبها «السبور» ودفئها.

والأهم من هذا على عمليتها وواقعيتها. وعلى ذكر الأزياء السبور، لا بد من ذكر المصممة ستيلا ماكارتني، التي ارتبط اسمها بهذا الأسلوب منذ البداية، وازداد التصاقاً بعدما ارتبطت بشركة «أديداس» التي تقدم لها تشكيلة خاصة في اسبوع لندن.

هذه المرة، كان الاسلوب أنثوياً، فيه بعض الإغراء، من حيث الألوان الهادئة أو التي تقارب لون البشرة.

ومن حيث الياقات المفتوحة بشكل كبير، والتايورات القصيرة والـ«شورتات» المصنوعة من الساتان، فضلا عن قطع مستوحاة من القفطان بقلنسوات مطرزة ومنقوشة.

وطبعا لا يمكن ان تنسى ستيلا «ماركتها المسجلة» .. التي هي التايور المستلهم من التفصيل الرجالي بكتافيات واحجام واسعة بعض الشيء.

كان العرض مثيراً، لكن يبدو ان والدها السير بول ماكارتني، نجم «البيتلز» السابق، من أكبر المعجبين بها، لأنه قال بعض العرض وعيناه دامعتان «إنه عرض مؤثر ورائع .. إنها رائعة».

مع هذا، ورغم كل الإبداع والجمال، فإننا، خلال اسبوع طويل ومتعب، نحتاج إلى بعض الرومانسية والحلم، وهذا ما قدمته دار «ليونارد» الفرنسية، من خلال تشكيلة غلبت عليها الفساتين الطويلة والمنسابة على أقمشة الموسلين والجيرسيه والحرير واللاميه والساتان، وطبعاً طابع الدار المألوف ألا وهو النقوش المميزة، التي حوّلت بعض هذه الفساتين إلى لوحات والبعض الآخر إلى حدائق متفتحة.

وجرى تقسيم العرض إلى مجموعات، حسب درجات الألوان، ورغم انها كلها رائعة ومشهية، فإن تلك التي جمع فيها بين الرمادي والبنفسجي كانت اكثر من رائعة ومعبرة حتى في هدوئها.

ولم يضاهها روعة إلا تشكيلة المصمم جيامباتيستا فالي، الذي كانت هناك شائعات قوية انه سيكون خليفة فالنتينو، قبل ان يرسو القرار على اليساندرا فاتشينيتي، وتكرّرت الشائعات بقوة خلال «اسبوع ميلانو» الأخير.

جيامباتيستا أنكر هذا الأمر بشكل قاطع على أساس انه يريد التركيز على خطه الخاص، لكن ـ كما يقال ـ «لا رماد بلا نار». وإذا كان ما عرضه يوم الخميس هو المقياس، فإنه قد يكون أفضل خلف لافضل سلف، وإن تساءل البعض: لم العمل تحت اسم آخر في حين انه يمكن ان يحقق كل النجاح لوحده؟

جيامباتيستا فالي استوحى تشكيلته من العاصمة الإيطالية روما «المدينة الخالدة» واجوائها الفنية والمعمارية.

ومن هنا جاءت الاحجام الغريبة والكبيرة التي، رغم غرابتها، أعطاها نفحات عصرية واضحة، ستجعل معجباته المخلصات من مثيلات نجمات هوليوود بينلوبي كروز وغوينيث بالترو وهيلاري سوانك وكاميرون دياز وغيرهن يقبلن عليها إقبال الطفل على قطع الحلوى.

ولقد غلبت على هذه التصاميم «المعمارية» ـ إن صح القول ـ والبيضاوية الشكل، الوان الاصفر والبيج والاسود. لكن «ضربة المعلم» كانت النهاية، التي أرسل فيها عارضات بفساتين زفاف كل واحد بقصة واسلوب.

بالمناسبة، إذا كنت مهتمة، فإن سعرها يقدر بحوالي 70.000 جنيه استرليني أو اكثر. على صعيد ثانٍ، إذا كان مستقبل اليساندرا فاتشينيتي غير مؤكد .. وعلى كفة عفريت، كما تشير الإشاعات، فإن مستقبل المصممة الأوكرانية إيفانا أوماجيك، قد حسم بالاستعاضة عنها بشابة أخرى هي فيبي فيلو في دار «سيلين».

ولهذا لم يكن مستغرباً أن يكون عرض «سيلين» من العروض التي ترقبها متابعو الموضة يوم الخميس بفارغ الصبر والفضول.

فهذه كانت آخر تشكيلة تقدمها أوماجيك، بعد ثلاث سنوات فقط، حاولت فيها ان تحقن الدار الفرنسية العريقة بجرعة عصرية و«سبور».

خلال عرضها الأخير، اجتاح الحضور شعور بأن أوماجيك حاولت ان تكون تشكيلتها راقصة على إيقاعات الطبول، على أمل ان تخلف صدى يتردد بقوة في موسمي الربيع والصيف القادمين، لكن المهمة كانت صعبة.

ورغم أنها، كالعديد من المصممين في هذا الموسم، صوّبت أنظارها باتجاه افريقيا، لتستوحي من بدوها الرحل ألوانها وتصاميمها واكسسواراتها، فإن النتيجة نطقت بالفشل في الإمساك بزمام ثقافة افريقيا أو فهمها، فجاء العرض خليطا عجيبا من الأفكار المشتتة.

ولكن ما يشفع لها انها بشر من لحم ودم، ومن الصعب على من في مكانها التركيز على عملها بشكل جيد، بعدما فوجئت بخبر خسارتها موقعها لصالح البريطانية فيبي فيلو، 34 سنة، التي حققت العجب لدار «كلوي» عندما كانت مصممتها الفنية.

وما زاد من الطين بلة، هو أن الخبر استقبل بترحاب كبير من قبل وسائل الإعلام، التي هللت له واعتبرت فيلو المصممة الوحيدة التي يمكن ان تعوّض الخسارة التي تعرضت لها دار «سيلين» عندما تركها الاميركي مايكل كورس قبل بضع سنوات .. وهذا بحد ذاته يمكن ان يصيب أي واحد بالإحباط.

بيار إيف روسيل، الرئيس التنفيذي لمجموعة «إل.في.أم.آش»، مالكة دار «سيلين»، صرح لوكالة «اسوشييتد برس» بأنه بدأ المفاوضات مع فيلو منذ حوالي السنة، وكانت الفكرة إطلاق ماركة جديدة تماماً، «لكن اي ماركة جديدة تحتاج إلى ميزانية عالية والكثير من الجهد، عدا عن ان الأوضاع الاقتصادية الحالية غير مشجعة، ومن هنا أبدلت فكرة إطلاق ماركة جديدة في ثلاثة محلات فقط، وخلال السنوات الثلاث المقبلة، بفكرة أن تتولى التصميم تحت اسم «سيلين» التي تتوفر على 100 محل كلها على أتم الاستعداد لاستقبال تصميماتها العصرية وتسويقها للمعجبات بأسلوبها الرومانسي والمنطلق.

وتجدر الإشارة إلى أن فيبي فيلو استقالت من دار «كلوي» وهي في عز مجدها في عام 2006، بعدما وضعت اسم الدار في دائرة الموضة العالمية، وسبب استقالتها كان أنها لم تعد تطيق السفر ما بين باريس ولندن، خصوصاً، بعدما رزقت بطفلتها التي تبلغ من العمر حالياً 18 شهراً، لهذا كان اهم شرط من شروطها ان تعمل من لندن.

والجواب كان «غالٍ، والطلب رخيص .. فأهلا بفيبي في دار «سيلين».