رجال ينافسون النساء في العناية بالمظهر

هناك شبه تنافس بين الرجل والمرأة على اقتحام مجالات كانت حتى عهد قريب حكرا على جنس دون الآخر، ولا تقتصر هذه المنافسة على مجالات العمل والأعمال، بل أيضا على صالونات وعيادات التجميل. في تونس مثلا، وفي قاعة تجميل بضاحية المنزه السادس الراقي بالعاصمة، يستلقي الشاب مهدي على أريكة ينتظر دوره للخضوع إلى عملية تجميل، مثله مثل شريحة لا يستهان بها من الرجال أنعشت هذه الصالونات بشكل لافت، بحثا عن الوسامة وتجديدا للشباب، إذ أصبحت هناك مجالات عمل تتطلب ان يكون الرجل هو الآخر مقبولا شكلا ومضمونا.


ويؤكد خبراء تجميل، حسبما أوردته وكالة «رويترز» للأنباء، أن نسبة إقبال الرجال على هذه القاعات المنتشرة في العاصمة وضواحيها الراقية مثل المنار والمنزه وحي النصر وباردو والمرسى، قد تصل إلى 30 بالمائة من مجموع الزبائن بعد أن كانت ضئيلة وتكاد لا تكون محسوسة منذ خمسة أعوام خلت.

ويقول وحيد، الذي يدير صالونا للحلاقة بالمنزه، إن الرجال الذين يستقبلهم في قاعته يطلبون منه «التركيز على مظهر خاص لتغيير شخصيتهم والبروز بمظهر شبابي يبرز مكانتهم الاجتماعية الراقية».

ويتحدث مهدي وهو شاب عمره 29 عاما، لـ «رويترز»: «جئت إلى هذه القاعة عملا بنصيحة صديقة يتردد زوجها على هذه القاعة».

ويضيف بنبرة فيها شيء من عدم الاكتراث: «المظهر مهم في حياتنا اليوم ولا حرج في ذلك بالنسبة لي ما دام هدفي أن أكون أكثر إشراقا وأكثر جاذبية في نظر بنات حواء».

وعادة ما تتراوح أعمار الزبائن المتدفقين على قاعات التجميل التي كانت في يوم ما للنساء فقط، بين 20 و50 عاما بهدف إخفاء تجاعيدهم وتجميل وجوههم والبحث عن مظهر يخفي التقدم في العمر.

ويوضح مزين بقاعة بمنطقة باردو، أن أكثر ما يبحث عنه زبائنه من الرجال هو صباغة الشعر والعناية بأيديهم وأظافرهم والعناية ببشرتهم.

في المقابل يرفض كثير من الرجال مجرد فكرة دخول هذه الصالونات، معتبرين أن الجمال المادي صفة أنثوية، وأن جمال الرجل في دماثة أخلاقه وطيب سلوكه وأفعاله.

وعن هذا الأمر يقول مكرم، وهو مدرس: «أين هي الرجولة إذا تجرأ رجل على اقتحام صالون تجميل للنساء بداعي البحث عن الوسامة أو غير ذلك من التعديلات التي لا اقبلها بأي شكل». ولا تلقى هذه الظاهرة استهجانا من الرجال فحسب، بل حتى من بعض النساء اللاتي تعتبرن هذا الأمر مهينا لمكانة الرجل ويفقده هيبته ووقاره.

تقول لمياء، وهي امرأة متزوجة تقيم بمنطقة المنزه، إنها قررت أن تخاصم هذه الصالونات منذ أن تفاجأت العام الماضي بوجود رجال في قاعة تجميل نسائية. ويشير تدفق رجال على فضاءات من المفروض أنها حِكر على النساء إلى تغيير عدد من المفاهيم في المجتمع التونسي، وهو ما فسره المهدي مبروك، باحث علم الاجتماع التونسي، لـ «رويترز»، بقوله «إن هذه الظاهرة ليست حالة تونسية فحسب، بل أصبحت منتشرة في العديد من المجتمعات الغربية والعربية على حد سواء».

وأضاف: «إذا فهمنا أن البنطلون مثلا كان لباسا رجاليا في يوم ما، وأصبح الآن قطعة مفصلة على مقاس المرأة ولا تغيب عن خزانتها، فيمكن أن نفسر الأمر عكسيا الآن، حيث إن بعض الرجال يريدون ولوج عالم النساء من باب التجميل والعناية بالمظهر.