الجمرة الخبيثة .. اخطر الامراض التي تواجه البشرية

خلال الحرب الاميركية على العراق تحولت قضية الرسائل الملوثة بميكروب الجمرة الخبيثة الى كابوس اوقع الرعب في قلوب الغربيين بعد وصول بعضها الى مواطنين قيل ان اذى كبير لحق بهم لانه من الامراض التي يصعب علاجها بسهولة.


يقول طبيب الامراض الميكروبية والبكتيرية  كلاوس فرايتاغ في ميونيخ عن خلفية هذا المرض ومدى خطورته "من اخطر الامراض التي قد يتعرض لها البشر هي  الجمرة الخبيثة، وهي مرض تسببه عصيات الجمرة، وهو من الامراض القديمة جدا لذا اطلق عليه اسم ANTHRAKIS والكلمة متقبسة عن اليونانية وتعني الفحم، وذلك لان المرض يتسبب في ظهور تقرحات جلدية سوداء عند اصابة الجلد".

ولا يصيب هذا المرض  البشر بل الحيوانات الظلفية والماشية عند تناولها جراثيم المرض الموجودة بكثرة في التربة، لكن اكثر الناس المتعرضين للاصابة به هم الذين لهم اتصال مباشر مع الحيوانات او العاملين في الصناعات المتعلقة بمنتجات الحيوانات من اللحم والصوف.

ويشكل الاستنشاق الطريقة الاساسية للاصابة بمرض الجمرة الخبيثة، لذا يستخدم في الحروب القذرة كسلاح جرثومي بسبب سهولة انتشار الجراثيم ووصلها الى القنوات التنفسية كي تطلق العناصر المرضية.

كما يصاب الانسان بجراثيم الجمرة الخبيثة من خلال جرح او عن طريق تناول اللحوم الملوثة بالمرض او باستنشاق الجراثيم.

 وحسب قول الطبيب الالماني فالمرض يصنف  حسب طريقة الاصابة به، لذا يعرف من خلال ثلاثة اشكال:
 
الجمرة التنفسية الخبيثة
مرض الجمرة التنفسية الخبيثة هي الاقل حدوثا، واعراضه تبدأ بشكوى المريض من السعال والعطس واعراض اخرى تشابه اعراض الاصابة بالزكام، وخلال 36 ساعة يصاب المريض بالام في الصدر وصعوبة شديدة في التنفس  قد تؤدي في النهاية الى الاصابة بصدمة وانهيار.

ويؤدي هذا النوع من المرض  الى الوفاة بعد يومين تقريبا. اذ يمتص الجهاز الليمفاوي الجراثيم عبر الحويصلات الرئوية. وعندما تبدأ في انتاج الجراثيم تأخذ في افراز السموم التي تؤدي سريعا الى نزيف.

ويؤدي اي تأخير في تناول المضادات الحيوية الى تقليل فرص الشفاء من المرض، لذا تبلغ نسبة الوفاة من هذا المرض حوالي 89 في المائة ويعالج حاليا بعقار سيبروفلوكساسين.
 
الجمرة المعوية الخبيثة
يحدث هذا النوع من المرض النادر عندما يأكل المرء لحوما ملوثة بجراثيم الجمرة الخبيثة ، وتبدأ اعراضه بحدوث التهاب حاد في المعدة مع غثيان وفقدان الشهية وحمى وقيء ، يتبعه الم في البطن وتقيوء مصحوب بالدم واسهال حاد.

وفي حال عدم علاج المرض فان الوضع سيؤدي الى وفاته لذا فان نسبة الوفيات بسببه تصل الى  حوالي 50 في المائة، ويمكن علاجه بالمضادات الحيوية.
 
جمرة الجلد الخبيثة
هذا النوع من المرض الاكثر انتشارا وتحدث معظم الاصابات عبر جرح او قطع في الجلد، ويتم الابلاغ سنويا عن الالاف من هذا النوع من الاصابات.

تبدأ عوارض هذا المرض بالتهابات جلدية تظهر على شكل ورم يصاحبه حكة ويتطور خلال ستة ايام تقريبا ليصبح دملا ثم يسود ويتخذ شكل غائرا.

وتبدأ الجراثيم  عندما يطلق الميكروب مواد سامة تضر الانسجة الجلدية ، وينتشر المرض في الجسم كله ولكن نادرا ما يؤدي الى الوفاة .

ومن اجل العلاج من هذا المرض يستخدم الاطباء عادة المضادات الحيوية من اهمها السيبروفلوكساسين.

وذكر الدكتور فريتاغ بان دولا عديد تخشى مرض الجمرة الخبيثة مثل خشيتها من الاسلحة الكيمائية البيولوجية لان لها نفس المسببات حيث يقضى على اعداد هائلة من البشر في حالة اذا ما استخدمه ارهابيون.

أصل المرض
الجمرة الخبيثة مرض تسببه عصيات جرثومية تسمى عصيات الجمرة. واسم المرض باللغة الإنجليزية آنثراكس وهي كلمة مقتبسة من الكلمة اليونانية أنثراكيس anthrakis، وتعني الفحم. وذلك لأن المرض يتسبب في ظهور تقرحات جلدية سوداء عند إصابة الجلد.

- نادرا ما يصيب هذا المرض البشر، حيث أنه في الغالب يصيب الحيوانات الظلفية والماشية عند تناولها جراثيم المرض الموجودة بكثرة في التربة.

 وتحوصل الجراثيم يتيح لبكتريا المرض العيش لفترات طويلة في ظروف غير مؤاتية، حيث تتميز هذه الجراثيم المتحوصلة والتي تعرف أحيانا باسم الاسبورات أو الأبواغ، بغلاف سميك يحمي البكتريا من تأثيرات الجفاف وغيرها. ويمكن أن تبقى الجراثيم في ألتربة في طور السبات لسنوات عديدة.

- المرض نادر الحدوث في أوروبا الغربية والولايات المتحدة الأمريكية، ولكنه يظهر بشكل أكبر في أمريكا الجنوبية والوسطى وجنوب وشرق أوروبا وآسيا وأفريقيا.

- أكثر الناس المعرضين للإصابة بالمرض هم الأشخاص الذين يتعاملون مع الحيوانات أو الذين يعملون في الصناعات المتعلقة بمنتجات الحيوانات من لحم وصوف.

- الجمرة الخبيثة مرض غير معدي. والطريقة الوحيدة للإصابة به تكون عن طريق التعرض لأعداد كبيرة من الجراثيم.

أعراض وأثار
يصاب الإنسان بجراثيم الجمرة الخبيثة من خلال جرح أو قطع في الجلد او عن طريق تناول اللحوم الملوثة بالمرض أو بإستنشاق الجراثيم. ويصنف المرض حسب طريقة الإصابة به. لذا يعرف من خلال ثلاثة أشكال: الجمرة الجلدية والجمرة المعوية والجمرة الرئوية.

- وتشير الدلائل إلى أن لدى الإنسان مقاومة جيدة للمرض. ففي دراسة أجريت في أوائل الستينات تبين أن عمال الصوامع الذين يستنشقون ما يصل إلى 1300 جرثومة خلال 8 ساعات لا يعانون من أي آثار للمرض.

وتشير التقديرات أنه يلزم استنشاق أكثر من 10000 جرثومة ليصاب الإنسان بالمرض. ولا تحدث الإصابة إلا إذا تفتحت أعداد كافية من الجراثيم، وبدأت البكتريا في التكاثر وإطلاق السموم المضرة.

- تظهر أعراض المرض عادة خلال ثلاثة أيام لكنها قد تستغرق مدة طويلة في بعض الحالات تصل إلى شهرين. ويتوفر لقاح ضد الجمرة للأشخاص الذين يعملون في مهن يكون فيها خطر التعرض كبيرا أو لأفراد القوات المسلحة الذين قد يتعرضون لخطر الحرب البيولوجية.

أنتشار المرض
خشت الولايات المتحدة منذ امد بعيد من احتمال استخدام الارهابيين طائرات رش المبيدات لنشر السموم البيولوجية. وقد قدرت دراسة تحليلية قامت بها الحكومة الامريكية ان هجوما واحدا قد يؤدي الى مقتل مايصل إلى ثلاثة ملايين شخص.

- تميل جراثيم الجمرة الخبيثة في حالة الكمون للالتصاق ببعضها البعض وتشكيل ترسبات سائلة.

ولكي يمكن استخدام الجمرة الخبيثة كسلاح لابد من تحويلها الى مسحوق يمكن استنشاقه. ويجب ان تكون حبيبات الجراثيم صغيرة جدا بحيث يتراوح قطرها بين 1 الى 5 ميكرونات وأن تنتشر في الهواء بحيث تمتصها الرئة.

وتعد عملية زرع وتحضير جراثيم بهذه المواصفات من الأمور الصعبة والمكلفة.

- تنتمي الجمرة الخبيثة التي ظهرت في الهجمات على الولايات المتحدة الى سلالة -ايمز- وهو نوع معروف في شمال غرب امريكا. بدأ عزله في الثلاثينيات واستخدم بشكل واسع في عينات المختبرات.

الحروب البيولوجية
وضعت الولايات المتحدة في عام 1995 قائمة تضم 17 بلدا لديها برامج للاسلحة البيولوجية وهي: ايران والعراق وليبيا وسوريا وكوريا الشمالية وتايوان واسرائيل ومصر وفييتنام ولاوس وكوبا وبلغاريا والهند وكوريا الجنوبية والصين وروسيا. ويصر القادة الروس على انهم اوقفوا برنامجهم الخاص بالاسلحة البيولوجية منذ سنوات مضت.

- وكان لدى بعض الدول الاخرى بما فيها الولايات المتحدة الامريكية والمملكة المتحدة برامج للاسلحة البيولوجية في الماضي ولكنها انهيت في عام 1972 عندما ادى القلق العالمي إلى توقيع معاهدة تحظر انتاج وتخزين هذه الاسلحة.

- وقد قامت بريطانيا خلال الحرب العالمية الثانية بتجربة استخدمت فيها الجمرة الخبيثة كسلاح على جزيرة جرونارد الاسكتلندية. ولم تطهر تلك الجزيرة من آثار المرض حتى عام 1987.

- وقد قامت الجماعة اليابانية المعروفة باسم: اوم شينريكيو باطلاق غاز سارين السام في محطة قطار الانفاق في طوكيو عام 1995، كما حاولت ايضا نشر جراثيم الجمرة الخبيثة، ولكن أحدا لم يصب بالمرض جراء ذلك.

- وقد وقع اكبر حادث استنشاق بشري لجراثيم الجمرة الخبيثة في عام 1979 في المركز البيولوجي العسكري في سفيردلوفيسك في روسيا. حيث اطلقت جراثيم الجمرة الخبيثة بطريق الخطأ مما أدى الى حدوث 79 حالة اصابة بالمرض، توفي من بينها 68 شخصا.