لندن تحن إلى «أيام زمان» وتنشر في أحيائها «أسواق الفلاحين»

الإقبال عليها تحت راية إغراء الأسعار والمنتجات الطازجة
الإقبال عليها تحت راية إغراء الأسعار والمنتجات الطازجة

تعد أسواق الفلاحين أو ما يعرف بالإنجليزية بـ «Farmer's Market» من أفضل مصادر الغذاء الصحي ووسيلة تواصل اجتماعي بين أهل المدن وأهل الريف. 


وتوفر هذه الأسواق المنتجات الطازجة في موسمها بأسعار رخيصة. وهي تقام في الحدائق العامة وفي أحياء المدن على نحو أسبوعي أو شهري، وتوفر لأهل المدن فرصة الشراء المباشر ضمن مناخ اجتماعي تتوفر فيه الوجبات والمشروبات لأفراد العائلة.

وهو مناخ مختلف تماما للشراء من محلات السوبر ماركت.

وتتكون أسواق الفلاحين من طاولات أو منصات للبيع وتشمل كل المنتجات الزراعية وأحيانا الأطعمة المعدة سلفا واللحوم.

وهي تختلف عن الأسواق الشعبية العامة التي تقام في مناطق مخصصة لها وتقوم بنشاطها بصفة دائمة من المواقع نفسها.

ولا تقتصر هذه الظاهرة على بريطانيا وحدها، فهي موجودة بصورة أو بأخرى في الكثير من الدول، وتختلف باختلاف الثقافات. وفي بعض الدول تباع الحيوانات الحية ضمن أنشطة أسواق الفلاحين.

ولعل كل المتاجر الحديثة تطورت عبر الزمن من أسواق الفلاحين التي كانت هي النمط السائد في أوروبا قبل عصر الثورة الصناعية.

وتطور النشاط من فلاحين يبيعون ما ينتجونه مباشرة إلى المستهلك إلى تجار وسطاء يبيعون منتجات متعددة لا ينتجونها، وإنما يشترونها من مصادرها.

وساهم في بيع المنتجات بهذا الأسلوب تحسن وسائل المواصلات والإنتاج الزراعي على نطاق واسع.

ولكن توجه المستهلك الحديث إلى الرغبة في الحصول على أطعمة طازجة منتجة محليا ساهم في إحياء فكرة أسواق الفلاحين كبديل فعال للمتاجر العادية.

وتوفر هذه الأسواق هوامش أرباح أعلى للفلاحين بدلا من البيع المباشر إلى تجار الجملة.

وتستبعد هذه الأسواق الوسطاء من التجار، كما أنها توفر في تكاليف الشحن والتبريد والتخزين.

ولا يتحمل البائع أي تكاليف لإيجار الأرض أو تكاليف الكهرباء للإضاءة أو التبريد أو تكييف الهواء، لأن أسواق الفلاحين تقام صباحا في الهواء الطلق. 

ويفضل الفلاحون سهولة البيع المباشر للمستهلك الذي يتيح لهم معرفة زبائنهم وخدمتهم دوريًا، بدلا من التعامل مع شركات جملة بتعاقدات مقيدة لهم في الأسعار والشروط.

وبالنسبة للمدن والقرى تكون هذه الأسواق بمثابة وسيلة روابط اجتماعية واحتكاك تجاري مفيد لكل الأطراف، ويسفر عن تجمع الزبائن في مكان واحد توليد نشاط تجاري للكثير من المتاجر الأخرى.

كما يتم الاعتناء بالأماكن العامة التي تجري فيها السوق دوريا. وتشجع أسواق الفلاحين على زيارة أهالي المدن والأحياء المجاورة إلى موقع السوق فيزداد ازدهار الحي الذي تقام فيه السوق. 

وتوفر هذه الأسواق لأحياء المدن والقرى حاجاتها الغذائية من دون الحاجة إلى التخزين والتبريد المصاحب لبيع هذه المنتجات من محلات سوبر ماركت كبيرة.

ويقول منظمو هذه الأسواق إن نسبة 90 في المائة من الأموال التي تنفق في أسواق الفلاحين تنفق محليا وتفيد المجتمع المحلي، ولا تذهب لشركات كبرى.

أما بالنسبة للمستهلك فهو يخفض من تكاليف قيادة السيارة لمسافات بعيدة وصفها من أجل التسوق. 

كما أنه يحصل على المنتجات طازجة بعد وصولها من الحقول مباشرة. ويحصل المستهلك على نوعية أفضل من المنتجات العضوية الصحية.

وهو يجد في هذه الأسواق فرصة للقاء المعارف والجيران والأصدقاء، بالإضافة إلى المشي في مناطق خضراء مفتوحة، وهو نشاط صحي له ولعائلته.

ويقول رواد هذه الأسواق إن العوامل الأساسية في تفضيلهم الشراء منها هي الحصول على المنتجات الطازجة بأسعار رخيصة في مناخ اجتماعي مريح.

وتشير أسعار أسواق الفلاحين في معظم الأحوال إلى أسعار أرخص من تلك المعروضة في السوبر ماركت، لأن تكاليف الإنتاج والتوزيع تقلّ عند العرض المحلي للمنتجات.

ويوجد في بريطانيا حاليا نحو 550 سوق فلاحين معتمدة. 

وساهم في ارتفاع أعداد هذه الأسواق وانتشار شعبيتها الكثير من العوامل منها زيادة وعي المستهلك البريطاني بمعاناة الفلاحين في التعامل مع الشركات الكبرى بالجملة، والرغبة في الحصول على نوعية أفضل من الطعام بعد مخاوف التلوث ووسائل الإنتاج بالجملة التي لا تراعي النوعية. 

كما تنتشر الآن برامج وكتب الطهي التي تزيد التوعية بأهمية الحصول على منتجات محلية طازجة وعضوية من أجل أفضل النتائج في الطهي.

وهناك الكثير من أسواق الفلاحين في لندن وضواحيها، ولكل سوق منها موعدها المحدد ومكان انعقادها.

ويمكن للسائح إلى لندن التسوق من هذه الأسواق ومعايشة التجربة الفريدة.

وهناك سوق واحدة على الأقل تقام يوميا في أنحاء لندن، كما أن الوصول إليها سهل بوسائل المواصلات العامة وأهمها مترو الأنفاق.

مجموعة من أهم أسواق الفلاحين التي تقام في قلب لندن:
- سوق ساوث كنزنجتون: وهي تقام كل يوم سبت من التاسعة صباحا وحتى الثانية ظهرا، وذلك في شارع بيوت ستريت. وهناك سوق أخرى تقام كل يوم ثلاثاء في حديقة كوينز لون ضمن إمبريال كوليدج أيضًا من التاسعة صباحا وحتى الثانية ظهرًا.

- سوق سويس كوتيج: وهي تقام كل يوم أربعاء من العاشرة صباحا وحتى الثالثة ظهرا في «ايتون أفينيو».

- سوق نوتينج هيل: وتقام كل يوم سبت من التاسعة صباحا وحتى الواحدة ظهرا، وهي تقام في مرأب للسيارات خلف محلات وترستونز في شارع كنسنتغون تشرش ستريت.

- سوق مارلبون: وتقام كل يوم أحد من العاشرة صباحا وحتى الثانية ظهرا، وذلك في مرأب شارع كريمر ستريت.

- سوق ايزلنجتون: وتقام كل يوم أحد من العاشرة صباحا وحتى الثانية ظهرا، وذلك في منطقة تشابيل ماركت.

- سوق ايلينج: وتقام كل يوم سبت من التاسعة صباحا وحتى الواحدة ظهرا، في شارع ليلاند رود.

- سوق لندن بريدج: وتقام كل يوم ثلاثاء من التاسعة صباحا وحتى الثانية ظهرا، ويتم تنظيمها في حدائق كلية كينجز كوليدج.

- سوق ويمبلدون: وتقام كل يوم سبت من التاسعة صباحا وحتى الواحدة ظهرا، وذلك في فناء مدرسة ويمبلدون بارك الابتدائية.