سارة جيسيكا باركر ومحلات «ستيف آند باريز» وأرخص فستان في العالم

كان عشاق موسيقى الروك قد أصابهم الحزن الشهر الماضي بسبب ورود أنباء عن افتتاح محل لتصميم الملابس بموقع كان يضم في يوم من الأيام «سي. بي. جي. بي»، الملهى الليلي الشهير، فمن الصعب تخيل رد فعلهم عندما يعلمون أن الموقع الخاص بملهى «تاور ريكوردس»، القريب للرقص، قد تم تأجيره لـ«ستيف آند باريز»، وهي سلسلة محال لبيع الملابس تبلغ تكلفة أي من منتجاتها أقل من 10 دولارات.


ومن المتوقع أن يصبح «ستيف آند باريز» في عالم الملابس على غرار ما كان يمثله «تاور ريكوردس» من قبل في عالم الموسيقى، باعتباره متجرًا يبيع ملابس تساير أحدث خطوط الموضة بأسعار زهيدة للغاية، مع العلم ان هذا المحل بمنطقة «برودواي»، هو الفرع الـ300 في سلسلة محال «ستيف آند باريز»، مما يجعلها الأكبر من نوعها داخل نيويورك. وفي كل متاجرها البالغ إجمالي عددها 264، تطرح سلسلة «ستيف آند باريز» مجموعة من فساتين الصباح المنقوشة بالزهور من تصميم «سارة جيسيكا باركر» (مقابل 8.98 دولار)، وقبعات من تصميم «نيكلديون الومنا اماندا باينس» (بسعر 8.98 دولار)، إلى جانب أحذية رياضية من تصميم «ستيفن مربري» (مقابل 8.98 دولار).

والتساؤل الذي يطرحه الجميع: كيف يمكنهم صناعة فستان مناسب أو سترة بأكمام، أو زوج من الأحذية مقابل 8.98 دولار فقط؟
في الواقع ان تحول ملهى «تاور ريكوردس» إلى محل لبيع الملابس الحديثة، يتناسب مع التطور الثقافي القائم حاليًا في أوساط الشباب.

لقد أصبحت الموضة في متناول جيل من الشباب فاق افتتانه بمحاكاة نسق ملابس المشاهير ونجوم المجتمع ولعه بالموسيقى، كما أصبحت الملابس الحديثة رخيصة التكلفة تحظى بقدر أكبر من الاحترام، بل والإعجاب، بالنظر إلى الظروف الاقتصادية الراهنة.

وتتساءل النجمة سارة جيسيكا باركر، التي ارتدت فستانا أزرق مزخرفا اشترته منذ عام من محلات «ستيف آند باريز» مقابل 8.98 دولار أثناء ارتيادها حفل افتتاح فيلم بإحدى دور السينما:«هناك بعض العدل في هذا، أليس كذلك؟

هناك رغبة من قبل الكثير من الناس ـ من نساء شابات وسيدات في منتصف العمر ـ في اقتناء ملابس الموضة بأسعار في متناول أيديهم». ولا شك أن كلا من «ستيف شور» و«باري بريفور» يدركان جيدًا أهمية افتتاح فرع لهما قرب شارع «برودواي» الشهير.

يذكر أن «شور» و«بريفور» أصدقاء منذ الطفولة وقاما بإنشاء شركتهما عام 1985. وفي إطار لقاء عقد معه الشهر الماضي بمقر رئاسة الشركة في منطقة «بورت واشنطن» بنيويورك، قال «بريفور»، البالغ من العمر 44 عامًا: إن موقع المحل شكل اختيارًا منطقيًا، نظرًا لقربه من «جامعة نيويورك» والفئة السكانية التي تستهدفها الشركة.

علاوة على ذلك، استهدف اختيار الموقع إرسال رسالة إلى صناعة الموضة، التي عمدت في الجزء الأكبر منها إلى التقليل من قيمة سلسلة محال «ستيف آند باريز» رغم المبيعات الكبيرة التي حققتها العام الماضي البالغة 1.1 مليار دولار، طبقًا للأرقام الصادرة عن شركة «هوفرز» المعنية بالأبحاث التجارية.

من جانبه، علق «شور» على هذا الأمر قائلاً:«لقد حدثت ثورة، ثورة كاملة، لكننا لم نخبر أحدًا بعد. لو قام متجر «جاب» أو «ابركرومبي آند فتش» أو «جيه. كرو» بإعلان أنهم سيبيعون كل شيء في متاجرهم مقابل 8.98 دولار أو أقل، لكان هذا الخبر يحتل الصفحات الأولى من الصحف. إلا أنه في الوقت الذي لم يلحظنا أحد، قمنا بافتتاح متاجر بمختلف أنحاء البلاد تبيع ملابس متطابقة (مع الملابس التي تعرضها تلك المحال) مقابل أسعار أقل بكثير».

والتساؤل الذي يطرح نفسه الآن مجددًا كيف حقق «ستيف آند باريز» ذلك؟
والجواب انه في عام 1985، افتتحت شركة «ستيف آند باريز» محلاً بجامعة بنسلفانيا بهدف بيع ملابس تتناسب مع أذواق طلاب الجامعة بأسعار أقل بكثير عن المحلات الواقعة داخل الحرم الجامعي.

وفي التسعينات، وبعد أن توسعت الشركة بافتتاح محلات بالقرب من مناطق الحرم الجامعي الخاصة بالجامعات الكبرى، بدأت الشركة في بيع ملابس رياضية مصممة لاجتذاب الشباب من الرجال. وعام 2003، بدأ «ستيف آند باريز» في طرح تصميمات أكثر تناغمًا مع توجهات الموضة بالتعاون مع «ماربري» و«باركر» وغيرهما من المصممين، ما أدى إلى إحداث تغيير في شكل وهدف المتاجر التابعة للشركة، لكن ليس في النموذج التجاري الذي تتبعه الشركة والذي يولي اهتمامًا بالغًا إلى التكاليف.

الممثلة أماندا باينز في أزياء من تصميمها للمحلاتكثيرًا ما يصف كل من «شور» و«بريفور» شركتهما بأنها «غوغل عالم الموضة» ويتناولان العديد من السبل التي تفتق عنها ذهناهما لتقديم منتجات عالية الجودة ومنخفضة السعر. ويبدو الكثير من الملابس التي تنتجها الشركة على مستوى جيد من الصناعة.

من بين سبل تخفيض النفقات قيام «ستيف آند باريز» بافتتاح محلات لها داخل مراكز تجارية ليست على مستوى جيد من الأداء، مما يزيد احتمالات قبول أصحاب المراكز التفاوض بشأن الإيجارات وعرض حوافز لاجتذاب المحلات، وكذلك البساطة الشديدة في تجهيزات المحلات، والإبقاء على مكتب صغير فقط للعلاقات العامة في حي «مانهاتن» بينما يكون التصنيع في دول، مثل الصين والهند ومدغشقر وما يزيد على 20 دولة أخرى بينها الولايات المتحدة.

ومع أن أسعار المنتجات تثير الشكوك تجاه إمكانية أن يكون إنتاجها قد تم داخل مصانع لا تعطي العمال أجورًا مناسبة أو تستغلهم بأي صورة أخرى، ينفي «شور» و«بريفور» ذلك بشدة. من ناحيته، شدد «هوارد سشاكتر»، أحد كبار مسؤولي «ستيف آند باريز»، ان الشركة تراقب الجهات التي تتعامل معها بحرص وتطالبها بالالتزام بممارسات تجارية أخلاقية. أما السر وراء انخفاض أسعار منتجاتها، فيتمثل، حسبما يوضح «سشاكتر»، في قبول الشركة بهامش ربح بالغ الضآلة.

علاوة على ذلك، لا تعلن «ستيف آند باريز» عن منتجاتها. أيضًا توفر الشركة نفقاتها من خلال، استخدام فنادق منخفضة التكلفة عند سفر موظفيها في مهام عملهم، وتوفير آلة طباعة واحدة لـ50 موظفا والكثير من السبل الأخرى المشابهة. وفي إطار جولة داخل المكاتب الخاصة بالشركة، حيث يعمل المصممون بحجرات كئيبة، في بعض الأحيان تخلو من وجود نوافذ، أشار «شور» و«بريفور» إلى الأثاث المتهالك الذي عثر عليه «بريفور» في قبو منزل والديه.

ومع ذلك، يملأ المكاتب شعورا بالنشاط، وتعج بعاملين معظمهم حديثو التخرج في الجامعات. جدير بالذكر أن مدير المحلات خريج جامعة «هارفارد» وتخصص في دراسة الموسيقى، ومن العوامل التي جذبته للعمل بالشركة نيله فرصة تحمل مسؤوليات كبرى عندما كان في بداية حياته المهنية، علاوة على احتمالات أن تحظى محلات «ستيف آند باريز» في نهاية الأمر بشهرة واسعة.

من ناحيته، أكد «شور»:«كي تصبح عظيمًا، يجب أن تعرض مثل هذه الأسعار السخيفة والمجنونة، مع عدم التضحية بالجودة».

والسؤال الذي نطرحه على أنفسنا دومًا كيف يمكننا الوصول إلى مستوى من الأسعار لم تصل إليه حتى شركة «وول ـ مارت»؟.

أما «بريفور»، فقد أوضح أن الأسعار في «ستيف آند باريز» آخذة في الانخفاض فعليًا، حيث تم إقرار حد الـ 8.98 دولار من أجل الترويج في موسم الإجازات العام الماضي، وما زال ساريًا من دون تحديد موعد زمني نهائي للعمل به.

وأضاف «بريفور» أن مبيعات الشركة داخل المنافذ التي تم افتتاحها منذ عام على الأقل ارتفعت بنسبة تتجاوز 20% شهريًا منذ يناير (كانون الثاني)، ما يعد مؤشرًا جوهريًا على صحة نشاط البيع بالتجزئة. وخارج محل «ستيف آند باريز» الموجود بمركز «مانهاتن» التجاري، أبدى الكثير من العملاء إعجابهم بمستوى جودة وتصميم الملابس المعروضة، إلا أنهم عادوا وأكدوا على أنها بأسعار يصعب تصديقها، خصوصا ان الخامات جيدة للغاية بدرجة تفوق هذا السعر.

بيد أن جميع ما سبق لا يفسر بشكل كاف كيف تمكنت سلسلة محلات «ستيف آند باريز» من اجتذاب أسماء لامعة لتصميم الملابس، مثل بطلة «سيكس اند دي سيتي» سارة جيسيكا باركر، التي كان بإمكانها انتقاء أفضل الأماكن للتعامل معها؟، لكنها، على ما يبدو، تتمتع بحس تجاري، استشعرت من خلاله إمكانات التعامل مع محلات «ستيف آند باريز» ودورها في المساعدة على تغيير وجهة النظر العامة تجاه موضة الأسعار زهيدة السعر.

وقد علقت باركز: «لم أسمع قط عن محلات «ستيف آند باريز»، ولا أعرف أحدًا سمع عنها. لذا، راودني الشك تجاههم في البداية، إلا أنني أعجبت بالبيان الرسمي الخاص بها وفكرة تسويق الموضة». بعد عام من التعاون مع «ستيف آند باريز»، انضمت إلى «باركر» الممثلة اماندا باينس التي تستهدف تصميماتها شريحة المراهقين، ولاعبة التنس «فينيس ويليامز» التي تستهدف الرياضيين.

وبالنسبة للرجال، تتوافر تصميمات إضافية تشبه ملابس لاعبي الكرة الطائرة تحمل اسم «بن والاس»، وملابس جولف من تصميم «بوبا واتسون»، ومجموعة ملابس للتزحلق على الأمواج من تصميم «ليرد هاميلتون».

وحققت أحذية «ستاربري» من تصميم «ماربري»، وهو أول تصميم شهير يقدمه المحل عام 2006، نجاحا كبيرا، ولم يتعد سعره حينذاك 14.98 دولار، وتم الترحيب بهذا النجاح باعتباره ردة فعل قوية في مواجهة التصميمات التي يتجاوز ثمنها 100 دولار، مثل «نايك إير جوردان».

وتشير التقديرات إلى أن محلات «ستيف آند باريز» باعت أكثر من 10 ملايين زوج من الأحذية من هذا التصميم. وترى سارة جيـــسيكا باركر ان «التــــغيير الحاصل يتمثل في الناس الذين أصبحوا أكثر شجاعة في الإفصاح عن السعر. في إحدى الحفلات، أبديت إعجابي ببنطلون ترتديه إحدى السيدات فردت عليّ بعفوية قائلة:«ثمنه أربعة عشر دولارا وهو من محلات إم آند إتش».

بدوره علق «بريفور» على التغيير الحاصل بالثورة، مؤكدا أنك «عنصدما تنظر إلى الملابس حاليا، لم يعد السعر هو الفيصل في تحديد ما هو جيد، وإنما الملابس ذاتها».