«صور عارية للمجندات».. أرقام صادمة عن العنف الجنسي في أمريكا وجيشها

طالت فضيحة تبادل صور عارية لمجندات «جميع » أفرع الجيش الأمريكي، لتضاف إلى تاريخ من العنف الجنسي داخل الجيش الأمريكي، الذي يحمي بلدًا يقع فيه اعتداء جنسي كل 98 ثانية، لا يسلم منه الطلبة والطالبات داخل «الحرم» الجامعي.


الجنود الأمريكيين يتبادلون مئات الصور العارية لزميلاتهم

بدأت القصة مطلع الأسبوع الماضي، تحديدًا يوم السبت الموافق الرابع من مارس (آذار) الجاري، عندما كشف الصحافي توماس جيمس برينان، في تقرير له على صحيفة «ريفيل نيوز» عن بدء وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاجون» التحقيق مع مئات الجنود الحاليين والسابقين، في مشاة البحرية الأمريكية «المارينز»، في واقعة تبادلهم لمئات الصور العارية لزميلاتهم الإناث، بشكل واسع على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك».

تبادل الصور كان عبر مجموعة على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك تحمل اسم «مارينز يونيتد»، وتضم نحو 30 ألف عضو بها، يتناقلون فيما بينهم الصور العارية لزميلاتهم بالمارينز، وتصاحب بعض الصور أسماء للمجندت، ومعلومات أخرى عنهن، من بينها مواقع تمركزهن، كما صاحب الصور عدد من التعليقات الجنسية البذيئة، وبعد انكشاف أمر المجموعة أغلق فيسبوك المجموعة، فيما تبقى مالا يقل عن ست مجموعات أو مواقع مشابهة تمارس نفس النشاط بحسب مسؤلين في سلاح المارينز.

وتمثل تلك الواقعة «مصدر إحراج» للجيش الأمريكي، على حد تعبير الجنرال روبرت نيلر، قائد سلاح المارينز، الذي قال: إنه لا يعتقد «أن مثل هذا السلوك قد يصدر بالفعل من محاربين حقيقيين أو مقاتلي حروب»، فيما اعتبرت إريكا 23 عامًا، والتي عملت في سلاح المارينز لمدة أربع سنوات انتهت في منتصف العام الماضي، أن هذا السلوك يؤدي إلى اعتبار العنف الجنسي، وحتى التحرش الجنسي «أمرًا طبيعيًا».

ولم تقتصر تلك الفضيحة على سلاح المارينز فقط، وإنما تبين مع نهاية الأسبوع الماضي أن تلك الممارسات طالت «جميع أفرع » الجيش الأمريكي، من خلال منصة إلكترونية لتبادل الصور العارية، وجرى تداول الصور ونشرها دون إذن أصحابها، واعتبر البنتاجون أن تلك الواقعة تتنافى مع قيمهم، وقال المتحدث باسمه، في تصريحات صحافية: إن الوزارة تعد سياسة «شاملة» لمنع التحرش الجنسي في أماكن عمل الجنود.

مسلسل العنف الجنسي في الجيش الأمريكي

وتأتي هذه الواقعة لاستكمال مسلسل من العنف الجنسي والاعتداءات الجنسية في الجيش الأمريكي خلال السنوات الماضية، والتي طالت النساء والرجال، ولجأ كثير من الضحايا لعدم الإبلاغ عنها.

وذكر تقرير لصحيفة «ذا ديلي بيست» يعود لعام 2011، أن المجندات في الجيش الأمريكي أكثر عرضة للاغتصاب من زملائهم أكثر من الموت في المعركة، واستدل التقرير بتسجيل وقوع 3.158 اعتداء جنسي تم التبليغ عنها عام 2010، بحسب وزارة الدفاع الأمريكية التي أقرت بأن ذلك الرقم يمثل 13.6% فقط من أصل 19 ألف حالة اعتداء جنسي وقعت بالفعل في عام 2010.

وكشف واحد من أكبر استطلاعات الرأي الشاملة للجيش الأمريكي، خرج للنور في مارس (آذار) 2011، تعرض19% من المجندات في الجيش الأمريكي لاعتداءات جنسية، فيما تعرض 2% من الجنود الذكور لاعتداءات جنسية، ولكن نادرًا ما يبلغ الضحايا رسميًا عن تلك الوقائع. ففي سلاح الجوية، على سبيل المثال: هناك أقل من امرأة واحدة تُبلغ رسميًا من بين كل خمس ضحايا، وهناك أقل من رجل واحد يبلغ رسميًا من بين كل 15 ضحية.

وقالت أكثر من نصف الإناث اللاتي تعرضن للاغتصاب في سلاح الجو الأمريكية: إنهن مِلن لعدم الإبلاغ رسميًا «خوفًا من أن يعاملن بشكل سيئ» أو «لأنهن لا يردن أن يتسبب في مشلكة بوحداتهن» ، فيما أفاد الثلث بأنهن لا يثقن في عملية الإبلاغ الرسمي.

وفي عام 2012، أفاد البنتاجون، بوقوع 26 ألف حالة تواصل جنسي غير مرغوب فيه، ولفت التقرير أن عدد الضحايا الرجال لتلك الحالات تفوقت على الضحايا النساء، موضحًا أن معظمم الضحايا لتلك الحالات كانوا من الرجال، وتعرضوا لتلك الاعتداءات من زملائهم الرجال.

وكشف تقرير يعود لمارس (آذار) لعام 2013، بأن مالا يقل عن ربع إناث الجيش الأمريكي تعرضن لاعتداءات جنسية، وأن 80% من إناث الجيش الأمريكي تعرضن للتحرش الجنسي.

اعتداء جنسي كل 98 ثانية!
تعد الاعتداءات الجنسية في الجيش الأمريكي، على حساسيتها في هذا القطاع الشائك، جزء صغيرًا من صورة كلية لمجتمع أمريكي يعج بالاعتداءات الجنسية لدرجة كبيرة، تصل لوقوع اعتداء جنسي كل 98 ثانية، بالرغم من الحرية الجنسية التي تتمتع بها أمريكا بالسماح للعلاقات الجنسية خارج نطاق الزواج.

فبحسب أرقام الشبكة الوطنية لمكافحة الاغتصاب في أمريكا، فإن 321.500 شخص في أمريكا، تتراوح أعمارهم من 12 سنة فأكثر، يقعون ضحايا للاغتصاب أو الاعتداء الجنسي في المتوسط سنويًا، وبذلك تقع بحسب الشبكة حالة اعتداء جنسي كل 98 ثانية في المتوسط في الولايات المتحدة الأمريكية.

وتتراوح أعمار أغلبية ضحايا العنف الجنسي في أمريكا ، من 18 عام حتى 34 عام ، بنسبة 54% من الضحايا، وتبلغ نسبة الضحايا الذين تتراوح أعمارهم من 18 عام وحتى 64 ، 92% من إجمالي ضحايا العنف الجنسي.

وتتعرض نساء أمريكا وفتياتها لى معدلات عالية من الاعتداءات الجنسية، فسيدة من كل ست نساء في أمريكا قد تعرضت لمحاولة اغتصاب، أو واقعة اغتصاب كاملة في حياتها ، واعتبارًا من عام 1998، فقد وقعت17.7 مليون امرأة ضحية لمحاولة اغتصاب، أو واقعة اغتصاب كاملة، وكان 90%
من ضحايا الاغتصاب الكامل من الإناث، مقابل 10% للذكور.

وحول الآثار النفسية للاغتصاب على ضحاياه الإناث، فقد عانى 94% من النساء اللاتي تعرضن للاغتصاب من اضطرابات ما بعد الصدمة لمدة أسبوعين، فيما فكّرت 33% من النساء اللاتي تعرضن للاغتصاب في الانتحار، فيما حاول 13% بالفعل الانتحار.

ولم يسلم ذكور أمريكا أيضًا، وبالأخص الطلبة منهم، من الاعتداءات الجنسية، إذ تعرّض 3% من رجال أمريكا لمحاولة اغتصاب، أو واقعت اغتصاب كاملة، واعتبارًا من عام 1998، فقد وقعت2.78 مليون ذكر ضحية لمحاولة اغتصاب، أو واقعة اغتصاب كاملة.

ويعد طلاب الجامعة الذين تتراوح أعمارهم من 18 لـ24 عام، أكثر عرضة للاعتداءات الجنسية من نظرائهم من نفس العمر والذين لم يلتحقوا بالجامعة؛ إذ تعادل نسبة الضحايا الطلاب المعرضين للاعتداء الجنسي أو الاغتصاب، خمس مرات من نظرائهم الذين لم يلتحقوا بالجامعة.

ربع طالبات الجامعات الأمريكية تعرضن لجرائم جنسية

«لو اعترفت جامعة هارفارد بكم جرائم الاغتصابات التي تجري في أروقتها؛ لأغلقت أبوابها وانتحر عمداؤها»

هذه كانت عبارة خلُص إليها فيلم وثائقي يحمل اسم «أرض الصيد»، الذي يتناول ظاهرة الاغتصاب والجرائم في الجامعات  الأمريكية. كأحد أبرز القطاعات حساسية، وكشف الفيلم، الذي أخرجه المخرج الأمريكي كيربي ديك، أن نحو ربع طالبات الجامعات الأمريكية تعرضن للاغتصاب أو التحرش الجنسي داخل الجامعات من طلاب داخل تلك الجامعات، وليسوا من خارج أسوارها.

وأفاد الفيلم الذي يعود لعام 2015، بأن أكثر من 80% من حالات الاغتصاب لا تصل إلى الإدارات العليا في الجامعات، وبرّر الفيلم ذلك إلى مصلحة عمداء الجامعات والكليات بالحفاظ على سمعة الجامعة، والمراكز والامتيازات التي حققوها.

وأشار الفيلم إلى أن الضحايا لا يلجأن للشرطة؛ لأن النظام الداخلي للجامعة يُحتّم حسم الأمر داخل الجامعة أولًا قبل تحويله للشرطة، وذكر الفيلم أن 45% من الشكاوى التي تصل إلى الشرطة لا تسلك طريقها في القضاء، وغالبًا ما تسجل ضد مجهول.

ولفت الفيلم أن نسبة المطرودين من الجامعة بسبب الاغتصاب لا تصل إلى 10%، في حين أن أكثرمن 90% من مجموعالشكاوى المقدمة لإدارة الجامعة بهذا الشأن، تتجاهلها الجامعة بحجة «الادعاء الكاذب»، وهو ما يراه الفيلم أنه يحقق مصلحة مشتركة للعمداء الذين يرغبون في نفي تلك الشكاوى حفاظًا على سمعة الجامعة، وللجناة الذين يفلتون من العقاب المناسب، في حين يعاني الضحايا من الآثار النفسية لتلك الجرائم، لدرجة دفعت معظمهم إلى ترك الدراسة، ووصل الأمر عند بعض الضحايا للإقدام على الانتحار.