الفتاة المحجبة .. موضة بدأت تغزو السينما المصرية

ما بين خائف من طغيان التيار المتشدد على السينما المصرية، ومقتنع بأن الأمر أصبح جزءا من الواقع الاجتماعي.. أثارت كثرة ظهور شخصية الفتاة المحجبة جدلا كبيرا، خاصة أن بعض النجمات وآخرهن نيللي كريم التي تلعب الآن دور فتاة ترتدي "خمارا" في فيلم "واحد صفر"، ومنة فضالي في فيلم "أزمة شرف" الجاري تصويرهما.


وسبق النجمتين، قيام ممثلات أخريات بأداء الفتاة المحجبة؛ مثل مي كساب في فيلم "كباريه"، ومن قبله حلا شيحة في "كامل الأوصاف"، وراندا البحيري في "أوقات فراغ"، كما ظهرت روجينا في فيلم "على جنب يا أسطى" بالحجاب.

ويقول السيناريست وحيد حامد إن السينما لابد أن تعبر عن طبيعة المرحلة التي نعيشها الآن؛ لأن السينما يجب أن ترتدي ملابس المجتمع الذي تحاكيه، ونحن الآن نعيش زمن الحجاب.

وأضاف أن الشخصية المحجبة لابد أن تظهر بطبيعتها بإيجابياتها وسلبياتها؛ لأن الحجاب لا يعطي حصانة لأحد، وهو ليس إعلانا عن التقوى والإيمان؛ لأنه لابد ألا ننظر إلى الملابس ونرصد أفعال الشخصيات؛ لأن الحجاب الآن أصبح زيا اجتماعيا وليس زيا دينيا، وهناك العديد من المحجبات يرتكبن جرائم مختلفة.

وأضاف لصحيفة "المصري اليوم" الأحد 10 أغسطس/آب 2008 أنه لا يجوز أن نقدمهن كملائكة خوفا من التيار الديني. 

السينما تعيش حالة خاصة؛ لأن مصر بأكملها تتعرض لحملة دينية متشددة بدأت في غزو السينما بشكل غير مباشر، وهذا ما يجعلني غير متفائل في المرحلة المقبلة وأرى أن السينما "رايحة في داهية" ولا أعرف الحل.

قدسية الحجاب أم الحشمة
المخرج يسري نصر الله حذر من إعطاء قدسية لزي الحجاب خاصة على الشخصيات؛ لأن هذا الزي لا يعبر إلا عن هوية الشخص وليس أفعاله.

وقال: ليس لدي مانع أن أقدم شخصية محجبة، وفي الوقت نفسه زانية؛ لأنني لن أقدم عملا إلا إذا كنت مقتنعا به، وبالشكل الذي سأفهمه، ولن أضع في رأسي أية عواقب أو تهديدات من أحد؛ لأنني إذا رضخت للفكر المتشدد فعلي أن أجلس في بيتي أفضل من أن أشارك في ذلك حتى لا ألغي الفن.

وتابع: الحجاب ليست له علاقة بالمرجعية الدينية، بل شاركت في ظهوره عوامل اجتماعية عديدة، وتصورات عن «الحشمة»؛ لأن هناك مسيحيات يضعن «إيشاربات» على رؤوسهن، والسينما الإيرانية ترتدي الحجاب ومع ذلك نجحت في رصد حالة المجتمع بصدق.

وقال: هناك الفيلم الإيراني «الدائرة» الذي قدم سيدة محجبة باعتبارها «مومس» وتدخن السجائر، وعلى السينما المصرية أن تفتح أبوابها لكل الآراء دون خوف لأن مصر ليست جماعة طالبان، ويجب أن نتجاهل الأصوليين لأننا نعطيهم أهمية وحجما أكبر عندما نتحدث عنهم، والحجاب لا يحرمنا من ممارسة حياتنا العاطفية والجنسية، وصراعي مع الجماعات صراع سياسي.

الحجاب فرض نفسه
من جانبه، يقول المنتج والسيناريست ممدوح الليثي لصحيفة "المصري اليوم" إن واقع الحياة الآن فرض نفسه بقوة على الواقع الإعلامي والفني وليس السينما فقط، بعد أن كان وزير الإعلام السابق يرفض وبشدة ظهور المحجبات في التلفزيون خوفا من تحكم التيار الديني في الإعلام.

ولكن أصبحت القنوات -بحسب الليثي- الآن مليئة بالمحجبات لأن 90% من المجتمع الشعبي و30% من المجتمع الراقي محجبات، والسينما عليها أن ترصد ذلك، وتقدم رسالة توجيهية للمجتمع دون قلق أو خوف.

والحجاب يحتاج إلى عمل فني جريء يظهر جميع المتناقضات التي تظهر في الشخصيات الموجودة بالمجتمع.

أما علي أبو شادي رئيس الرقابة على المصنفات الفنية فقد وضع ضوابط لظهور الشخصيات المحجبة في الأعمال السينمائية، وقال من حق السينمائيين عدم إهانة ما هو مقدس وإدانة غير المقدس، والرقابة تتعامل مع الحجاب باعتباره زيا اجتماعيا ليس له أية قداسة، وارتداء الحجاب لا يعصم أحدا من الخطأ.

90% محجبات
سمية الخشاب التي سبق أن ارتدت الحجاب خلال أحداث فيلم «عمارة يعقوبيان» قالت طبيعي أن تقدم السينما نماذج متعددة للشخصية المحجبة؛ لأن 90% من الفتيات في مصر محجبات، والسينما تأخرت كثيرا في هذه الخطوة، واللوم يقع علي المؤلفين وليس الممثلين، وإن كانت هذه الخطوة جيدة الآن لأن السينما مرآة المجتمع.