فوائد الفاكهة للحامل تبدأ من مرحلة الجنين

تؤدي الفاكهة إلى نمو قدرات الإدراك وازدياد نمو المواليد
تؤدي الفاكهة إلى نمو قدرات الإدراك وازدياد نمو المواليد

يُعتبر تناول الفاكهة بشكل يومي من الأمور المعتادة عند قطاع كثير من البشر حول العالم، لما لها من مذاق طيب ومحبب، فضلاً عن المعلومات المتواترة عبر الأجيال عن فوائدها الطبية المختلفة لتنوع الفيتامينات والأملاح والمعادن في معظم الفواكه.


وقد أكد كثير من الدراسات العلمية هذه الفوائد التي تصل إلى حد الوقاية من الأمراض مثل أمراض القلب والسكتة الدماغية، بل وبعض الأورام الخبيثة، إذا تم تناول الكمية المناسبة وبشكل متوازن مع بقية العناصر الغذائية الأخرى.

وهذا ما جعل العلماء يطلقون على بعض أنواع الفواكه لفظ الفواكه «الفائقة» (super fruit). ولكن وبطبيعة الحال فإن الإفراط في تناول أنواع معينة من الفواكه لبعض الأشخاص يمكن أن يؤدي إلى تزايد احتمالية الإصابة ببعض الأمراض مثل مرض السكري أو ارتفاع نسبة الأملاح التي يمكن أن تسبب حصوات بالكلى مثل المانجو.

الفاكهة والذكاء
وقد أشارت أحدث دراسة نشرت في نهاية شهر أبريل من عام 2016، إلى أن فوائد تناول الفاكهة يمكن أن تبدأ حتى قبل ولادة الرضيع، أي من مرحلة الجنين.

وأوضحت الدراسة أن الأمهات اللاتي يكثرن من تناول الفاكهة بانتظام أثناء مرحلة الحمل يتمتع أولادهن بقدرات إدراكية أكثر من غيرهم، كما أن معدل نموهم يفوق نمو أقرانهم في عمر العام.
وأُجريت هذه الدراسة الطولية على الأطفال الكنديين وأطلق عليها اسم «النمو الطولي للطفل الكندي السليم صحيًا» Canadian Healthy Infant Longitudinal Development أو اختصار كلمة CHILD التي تعني كلمة طفل.

قام الباحثون بدراسة 3500 طفل كندي مع عائلتهم للوقوف على حالات الأطفال الصحية، بطرح كثير من الأسئلة التي تتناول الأمور الصحية على الآباء لمعرفة العوامل الأكثر تأثيرًا على النمو سواء الجسدي أو الإدراكي للطفل. والمثير أنه تبين أن من أهم العوامل التي أثرت في النمو الإدراكي لهؤلاء الأطفال كانت تناول الأم للفاكهة باستمرار أثناء فترة الحمل. وكلما زادت كمية الفواكه التي تناولتها الأم زاد ذكاء الطفل ونموه الإدراكي.

وحينما قام الباحثون بتحليل بيانات الأطفال وأسرهم قاموا بتثبيت جميع العوامل الأخرى التي يمكن أن تؤثر على النتيجة مثل مستوى العائلة الاجتماعي ودخلها المادي، وأن يكون الأمهات والآباء جميعًا على الدرجة نفسها من التعليم والذكاء حتى لا يتدخل العامل الجيني في الحسبان، كما أن الأطفال جميعا تمت ولادتهم مكتملي النمو ولا يعانون من أمراض مزمنة.

وقد تم اختبار قدرات الأطفال الإدراكية من خلال اختبار تقليدي لقياس الذكاء traditional IQ ومن المعروف أن النسبة المتوسطة للذكاء تكون في حدود 100 مع 15 درجة بالزيادة أو النقصان (بمعنى أن معظم الناس يكونون في حدود من 85 وحتى 115 ويُعتبر الأقل من 85 شخصًا محدود الذكاء، بينما الأكثر من 115 شخص يتمتع بنسبة ذكاء كبيرة. ويعتبر الأشخاص الذين يتمتعون بنسب تزيد عن 135 أشخاص شديدي الذكاء).

ووجد الباحثون أن الأطفال الذين تناولت أمهاتهم الفاكهة أثناء الحمل كانوا من أصحاب السجلات الأعلى في مقياس الذكاء وأيضًا كلما زادت الكمية كان معدل الزيادة في الدرجات طرديًا. وعلى سبيل المثال في حالة تناول الأم لعدد 6 أو 7 ثمرات من الفاكهة أو تناول شراب من عصير الفاكهة الطبيعي يوميًا فإن معدلات الذكاء لدى الطفل تزيد بمقدار 6 أو 7 درجات في اختبار قياس الذكاء. وتوصلت الدراسة إلى أنه في حالة ولادة الطفل قبل ميعاد الولادة بأسبوع يكون بمعدل نمو أقرانه مكتملي النمو إذا تناولت الأم الفاكهة بانتظام يوميًا.

أسس جينية
وقام الباحثون بالتعاون مع أطباء مختصين في دراسة الأسس الجينية للذكاء والنمو الإدراكي ومقارنته بين الإنسان وذباب الفاكهة fruit flies الحشرات الصغيرة التي تكون موجودة على ثمار الفاكهة، ويطلق عليها باللغة العربية لفظ الذباب نظرا لصغر حجمها.

وعلى الرغم من العلاقة بين ذباب الفاكهة والإنسان تبدو غير ذات صلة، فإن المثير للدهشة أن ذبابة الفاكهة لديها نحو 85 من الجينات المسؤولة عن الذكاء والإدراك المشابهة للإنسان، وهو الأمر الذي يجعلها منها نموذجًا مثاليًا لدراسة الجينات المسؤولة عن الذاكرة على سبيل المثال، وكيفية استدعاء معلومة معينة والاستفادة من الخبرات السابقة المتراكمة.

وأوضح الباحثون أنه من خلال التحكم في الجينات والسيطرة عليها يمكن تحسين الذاكرة لشخص يعاني من ضعف الذاكرة. والجدير بالذكر أن ذباب الفاكهة تم الاعتماد عليه في السابق لدراسة كيفية التعلم وقوة الذاكرة.

وقد بدأت التقنيات الحديثة بالفعل في الاستفادة من تشابه جينات ذباب الفاكهة والإنسان. وعلى سبيل المثال فإن كثيرًا من الجينات المسؤولة عن الذاكرة، مسؤولة بشكل كبير عن أمراض القصور الإدراكي مثل مرض التوحد Autism وهو الأمر الذي يعطى الأمل في إمكانية تحسين تلك القدرات الإدراكية بالتحكم في هذه الجينات.

وفى تجربة سابقة اتضح أن ذباب الفاكهة الذي تمت تغذيته من خلال عصير الفاكهة قبل الولادة تمتع بذاكرة قوية بعد الولادة، وهو ما يتفق مع النتائج التي توصلت إليها الدراسة الحالية على الأطفال وهو ما يعنى أن المخ يستفيد من تناول الفاكهة حتى قبل الولادة.