سعوديون يقبلون على الزواج سرا وجدل حول "شرعيته"

يقبل بعض الشباب والشابات في السعودية على الزواج سرا دون عقود شرعية ودون علم الأهل،الأمر الذي قد يخلف مشكلات للزوجة خاصة اذا ارادت من زوجها الاعتراف بهذا الزواج. ويكشف خبير مجمع الفقه الإسلامي الدولي بجدة الدكتور حسن بن محمد سفر عن زواجات سرية نسبتها 9% تتم في السر دون عقود شرعية بين شباب وفتيات وموظفات ومعلمات سعوديات دون علم الأهل, مشيرا إلى أن هذا الزواج آخذ في الازدياد في المملكة.


 وأكد الدكتور سفر الذي يشغل أيضا أستاذ نظم الحكم والقضاء والمرافعات الشرعية بجامعة الملك عبدالعزيز أن عدوى الزواج سرا الذي وصفه "بالزواج الفندقي" سرت إلى طلبة جامعات يبيتون نية الطلاق عند الزواج بفتاة، أو يتزوجون من سيدات عاملات للانتفاع منهن، وينتهي الأمر بفك الارتباط عند تخرج الشاب من الجامعة أو بقضاء الرغبة, مشيرا إلى أن ذلك بدأ يصبح ظاهرة، وخلاله يفتقد الأهل ابنهم أو ابنتهم ليلا بعذر الدراسة أو الخروج مع أصدقاء، بينما يخرجان لقضاء بعض الوقت برفقة بعضهما سرا ، بحسب صحيفة الوطن السعودية السبت 10-6-2006

 وأشار الدكتور سفر إلى أن 3% من هؤلاء الفتيات اللاتي تزوجن سرا يرغبن برفع دعاوى اعتراف قضائية في المحاكم، بعد تنصل الشباب من الاعتراف بالزواج، وسعيهم لفك الارتباط, بينما تتخوف البقية من اللجوء للمحاكم خوفا من الفضيحة أمام الأهل والمجتمع, لافتا إلى وجود أساليب لتلاعب المتزوجين بالسر دون ولي وبغير علم الأهل ودون عقود مثبتة, حيث يتم تحرير ورقة زواج أو طلاق بين الزوجين لا يتم إشهارها بالمحكمة إلا بعد الطلاق بفترة،وبعد مضي وقت طويل على وقوع الطلاق بينهما يذهبان إلى المحكمة لاستخراج صك طلاق.

 واتهم الدكتور سفر بعض المأذونين باستغلال تصاريحهم الصادرة من وزارة العدل لعقد الأنكحة وتقاضي أجور عالية مقابل إجراء زواجات غير شرعية يغفلون فيها القواعد الشرعية والشروط الأساسية لعقد الزواج والتي تنص على وجود الولي والشهود والإشهار، في حين ينص نظام مأذوني الأنكحة على عدم تقاضي المأذون مبالغ مالية لقاء عقود الزواج.

 وكشف عن زواج عشر فتيات بجدة سرا بنية "إني زوجتك نفسي"، مشيرا إلى أنهن اعترفن بزواجهن بعيدا عن الأعين، ودون علم أسرهن، منبها إلى تلاعب مأذوني أنكحة، إذ أكدت بعضهن أن مأذونين قاموا بتزويجهن سرا دون وجود أوليائهن أو شهود لقاء مبلغ مالي يتراوح بين 2 ـ 4 آلاف ريال، مستغلين رغبتهن في إجراء عقد زواج سري.

 وأضاف أنه تم إعلان زواج اثنتين من الفتيات بعد فضح أمرهما لدى أسرتيهما بسبب ظهور علامات الحمل عليهما, فيما لجأت أخريات إلى الإجهاض المتكرر هربا من الفضيحة، وحتى لا يكتشف أمرهن, وبررن لجوءهن إلى الزواج السري بالهرب من الضرب والتعذيب والطرد من بيوت ذويهن وعضلهن عن الزواج، فيما أرجع غيرهن الأسباب إلى الحب والرغبة بالزواج ممن يردن، بعد رفض أوليائهن تزويجهن منهم.

 جدل حول شرعيته
أبو خلف (مأذون شرعي بجدة) يؤكد صحة هذا الزواج وشرعيته، طالما توافرت الشروط دون أن يذكر "وجود الولي", مشيرا إلى أن هناك من يستغل هذه النوعية من الزيجات للحصول على أغراضه، ومؤكدا في الوقت نفسه أهمية توثيق الزواج في المحكمة, فيما شدد مأذون آخر على عدم صحة هذا الزواج، لأن هذه النوعية من الزيجات تبرر الحصول على رغبات ومغامرات غرامية مؤقتة.

 وأكد الدكتور حسن بن محمد سفر على أن هذا النوع من النكاح باطل, أما إذا عضلها وليها عن الزواج بكفء، فتنتقل الولاية إلى القاضي الشرعي، لقول النبي صلى الله عليه وسلم "السلطان ولي من لا ولي له"، والواجب علينا سد الذرائع، وعدم إحداث تلاعب فيما نص عليه كتاب الله وسنة نبيه، وذلك بإعلان الزواج متضمنا شروط النكاح من ولي وشاهدين ورضاء المرأة وذكر المهر وعدم تبييت نية الطلاق, كما أن نية تحصين الإنسان لنفسه أمر يجب أن يؤخذ في الاعتبار، لما جاء في التوجيهات في هذا الباب.

 وأرجع أسباب انتشار الزواج بالسر إلى انعدام الوعي بالمسؤولية وفقدان الثقافة الدينية والتفكك الأسري بين الفتاة والشاب وأسرتيهما, فيما يستغل بعضهم هذا الزواج للانتفاع من الزوجة بالمتعة وقضاء الوطر، أو الحصول على أموال بالزواج من معلمة أو موظفة, وأكد أن غلاء المهور والطبقية والمستوى الاجتماعي وعضل الفتاة عن الزواج ورفض تزويجها دون أسباب مبررة له أثر في انتشار هذا الزواج.

 الزوج ينكر الزواج
الفتاة " ل. ل " مثال لمن تزوجن سرا، ولجأت إلى القضاء للاعتراف بزواجها السري بعد أن أنكر زوجها " خ" زواجهما الذي عقده مأذون أنكحة مقيم مقابل ألفي ريال, تقول "جعلت نفسي طرفا في زواج غير شرعي، نتيجة رغبتي في التخلص بسرعة من مشاكلي التي كنت غارقة فيها، ولم أجد حلا سوى هذه الطريقة التي تعلقت بها كحبل نجاة، لقد وثقت بزوجي، وحين طلبت منه أن نثبت زواجنا خذلني، مصرا على إبقائه سرا، رافضا إعلان زواجنا بالمحكمة".

 وتضيف "أنا الآن مهددة بالفضيحة، ولا أستطيع رفع دعوى ضده إلا بحضور والدي أو شقيقي اللذين لا يعرفان شيئا عن زواجي، ولا أعرف كيف أتخلص من مشكلتي بعد أن تزوجت سرا لمدة ثلاثة أشهر، على أمل إعلان الزواج ثم نيل رضا أهلي". 

 وأشارت إلى أن بعض المأذونين أكد صحة زواجها، وإن لم يوثق بعقد، طالما توافرت الشروط, لكن البعض الآخر شكك بشرعيته، وتقول إن مشكلتها تكمن في أنها لا تملك ما يثبت زواجها، فليس لديها نسخة من عقد الزواج السري، لأن زوجها رفض تسليمها نسخة منه، خوفا من إشهار زواجهما، وهددها بإيذائها إن كشفت زواجهما.