رغم الإنكار .. أناقة نواعم السياسة أكثر تأثيرا من البرامج الانتخابية

قد يكون الاقتصاد هو الحدث الأهم في حملة الانتخابات الاميركية الحالية، لكن بالنسبة لمحبي الموضة والأزياء، فإن المعركة الانتخابية تحوّلت إلى عرض مثير تؤدي فيه أدوار العارضات .. كل من سارة بالين المرشحة الجمهورية لمنصب نائب الرئيس، وسيندي ماكين زوجة المرشح الرئاسي الجمهوري السناتور جون ماكين، وميشيل أوباما زوجة المرشح الرئاسي الديمقراطي السناتور باراك أوباما، وجيل بايدن زوجة المرشح الديمقراطي لمنصب نائب الرئيس السناتور جو بايدن.


سارة بنظاراتها، ميشيل بفساتينها وعقدها، وسيندي بتايوراتها ومجوهراتها الثمينة، وجيل بتنسيقها القطع المنفصلة وحقائب يدها، ولذا ما عاد غريباً أن يشحذ الفضوليون طاقتهم للبحث عن هوية كل مصمم مفضل عند «نواعم» السباق إلى البيت الأبيض وتقصي تفاصيله والتعليق عليه، في كل مرة تظهر الواحدة منهن بمظهر جديد.

في البداية كانت ميشيل أوباما هي النجمة الألمع، من خلال فساتينها الناعمة والمستقيمة التي صممتها ماريا بينتو، ربما، لأنها كانت تبدو أكثر أنوثة ـ طبعاً ـ وشباباً من هيلاري كلينتون التي قلما تخلت عن البنطلون والجاكيت.

ثم سرعان ما أثارت التعليقات بانتعالها أحذية من دون كعب، بلا مبرر منطقي علماً بأن طول زوجها 6.1 قدم بينما طولها هي 5.11 قدم. وغني عن القول ان اسم المصممة ماريا بينتو، الذي كان مجهولاً للأغلبية منا من قبل، رغم انها مصممة مشهورة في شيكاغو، مدينة آل أوباما، بتصميمها فساتين من دون أكمام وبياقة مفتوحة على شكل رقم سبعة V، اصبح معروفاً في كل انحاء العالم.

وبمجرد إطلالة سارة بالين على الساحة، خلال المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري، انتزعت النجومية من ميشيل واشعلت حمى من نوع آخر. حمى تتعلق بنظاراتها الطبية من دون إطارات التي ازدادت مبيعاتها بشكل كبير فضلا عن حذائها الأحمر اللافت.

وحتى تسريحة شعرها، رغم أنها «دقة قديمة» من الثمانينات، أي الفترة التي تحب كل انيقة مواكبة للموضة ان تنساها وتتنصل منها، خصوصاً، إذا كانت قد عاشتها حقاً ووقعت أسيرة لها في تلك الفترة.

وغيّرت سارة موازين اللعبة، إذ لم يكد يمر اسبوع حتى تسابقت النساء على شراء نفس ماركة النظارات اليابانية الصنع، من كازيو كاواساكي، متخليات عن العدسات اللاصقة، وهذا بالرغم من أن سعر هذه النظارات يقدر بـ375 دولارا.

أما بالنسبة لتسريحة شعرها، فقد اثارت الحماسة نفسها التي أثارتها تسريحة «رايتشل» وهو اسم بطلة المسلسلة التلفزيونية «فريندز» أو أصدقاء، التي جسدتها الممثلة جينفر آنيستون عندما بدأت المسلسلة في التسعينات.

وكي لا تفوت هذه الصرعة صاحبات الشعر القصير، تسابقت شركات صنع الشعر المستعار على طرح «باروكات» مشابهة أطلقت عليها اسم «سارة بالين» طبعاً، ويتوقع ان تحقق مبيعات كبيرة هي الأخرى .. في أوساط الناخبات الجمهوريات.

أزياء سارة واكسسواراتها ايضا تثير الاهتمام بالقدر نفسه منذ ظهرت لأول مرة على المنبر الوطني وهي ترتدي جاكيت من حرير الشانتونغ بتوقيع الإيطالي المخضرم فالنتينو، مع تنورة مستقيمة باللون الاسود وحذاء بكعب عال مفتوح عند الأصابع.

الحذاء كان من مجموعة «نوتي مونكي»، وهو خط موجّه للفتيات المتفانيات في حب الموضة وصرعاتها من مثيلات باريس هيلتون، التي تعد من بين الزبونات المخلصات لهذه الماركة.

أما بالنسبة للماكياج، ومنذ نطقت بمقولتها المأثورة «ما يفرق بين الأم التقليدية (مثلها) والكلب الشرس هو أحمر الشفاه»، يتساءل كثيرون عن ماركة أحمر شفاهها، بينما يتساءل البعض عما إذا كانت شفاهها مرسومة بشكل دائم، أي بطريقة الوشم «التاتواج». بدورهما، تحظى «الخمسينيتان» الجذابتان سيندي ماكين وجيل بايدن بنصيب لا يستهان به من الاهتمام.

فالأولى معروفة بأناقتها الوقورة وبتايوراتها المفصلة في دور أزياء عالمية مثل شانيل وأوسكار دي لارونتا، وبميلها للألوان الواضحة والأحذية الثمينة، إلى جانب «بروشات» ومجوهرات براقة وتسريحة شعر لا تتغير مهما تبدّل الطقس وتحرك الهواء.

وفي عدد مجلة «فانيتي فير» الصادر في شهر سبتمبر (أيلول) نشرت المجلة تفصيلاً عما كانت تلبسه ماكين في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الوطني للحزب الجمهوري.

فقد كانت تلبس فستاناً من أوسكار دي لارونتا سعره 3000 دولار، وساعة من طراز «J12» من شانيل سعرها 4.500 دولار، واقراطاً من الألماس يقدر سعرها بـ280.000 دولار، وعقداً من اللؤلؤ من أربعة صفوف يتراوح ثمنه ما بين 11.000 و25.000 دولار، وحذاءً يعتقد انه من صنع ستيوارت وايزمن، بـ600 دولار.

وأشارت المجلة أن العملية الحسابية التي قدّمتها مبنية على أساس أن مجوهراتها اصلية، وهو الأرجح، لأنها كرّرت الظهور بالمجوهرات ذاتها في عدة مناسبات. وصحيح ان أناقة سيندي ماكين الزائدة كادت في البداية ان تُحسب سلاحاً ضدها، لكنها مع الوقت اكدت ان هذا هو اسلوبها الخاص، فهي لم تعتمده فجأة من أجل الحملة الانتخابية، وبالتالي كان من الظلم مطالبتها بتغييره بسببها.

ونظرا لعمرها (54 سنة) فإن مظهرها الذي يستحضر شخصيات مسلسل «ديناستي» في عقد الثمانينات، جرى تقبله بالرضى نوعاً ما.

في المقابل فإن جيل بايدن (57 سنة)، التي تكبر سيندي بثلاث سنوات تتميز بأسلوب أكثر شبابية.

فهو راق لكن أكثر هدوءاً بكلاسيكيته، كونها تميل بدورها إلى التايورات إلا أنها ايضاً تميل إلى تنسيق القطع المنفصلة بعضها مع بعض، وارتداء لفاحات (شالات) الباشمينا والإيشاربات مع ترك شعرها منسدلاً بحرية اكبر.

وفي بعض الأحيان تستعيض عن لفاع الباشمينا بكنزة ترميها بلامبالاة على ظهرها وتعقدها من الامام، وبهذا تحصل على الدفء وعلى مظهر «سبور»، خصوصاً، في فترة الإجازات عندما تلبس بنطلون جينز، في الغالب من ماركة «سيفن».

هذا الاهتمام بـ«نواعم» السياسة يذكرنا بالاهتمام الذي حظيت به سيغولين روايال، المرشحة الاشتراكية، خلال حملتها الانتخابية الرئاسية الفرنسية الني انتهت بخسارتها وفوز منافسها اليميني نيكولا ساركوزي ودخوله قصر الشانزيليزيه.

فروايال أيضاً تعرّضت من رأسها إلى أخمص قدميها إلى التمحيص المفرط والتعليقات اللجوجة، الأمر الذي لم يتعرض له غريمها. والسبب الواضح هو أنها امرأة في عالم الرجال، أي أنه كان من السهل التعليق على ظلال عيونها إذا كانت باللون الأزرق مقارنةً بالتعليق على ربطة عنقه إذا كانت باللون نفسه.

وتفسر هيذر لوب، أستاذة علم الاجتماع المتخصصة في الدراسات الجندرية وشؤون المرأة بجامعة ميشيغان ـ فلينت هذا الواقع بالقول إن عالم السياسة عالم مختلف تماماً عن عالم المرأة من حيث «إنه يتمحور حول القوة ويسيطر عليه الرجل ومفهوم الذكورة».

فمع أن جون ماكين، المرشح الرئاسي الجمهوري، كاد ان يبدأ ظاهرة جديدة في الصيف الماضي عندما انتشر خبر أنه كان يلبس حذاءً من صنع دار «سلفاتوري فيراغامو» المشهورة بصنع الأحذية الجلدية الفاخرة الغالية الثمن، يقدّر ثمنه بـ520 دولارا، إلا ان الاهتمام سرعان ما خفت لتتوجه الأنظار من جديد إلى الجنس اللطيف، وبالذات، إلى نائبته سارة بالين، مما يجعل التحدي أمام هذه الأخيرة أكبر واصعب.

فمن جهة عليها ان تقنع الناخبين بأجندتها السياسية وبأخذها كسياسية على محمل الجد.

ومن جهة ثانية، عليها ان تولي مظهرها اهتماماً موازياً لأنها تعرف مسبقاً ان كل صغيرة وكبيرة ستكون تحت المجهر، بدءاً من تسريحتها ونظاراتها وماكياجها إلى طول تنورتها ولون حذائها وعلو كعبه.

وبالنتيجة، فإن تجارب سيغولين روايال، وهيلاري كلينتون، وسارة بالين والباقيات، تؤكد ان قوة المرأة السياسية، حتى الآن، لا علاقة لها بذكائها أو بحنكتها بقدر ما لها علاقة بمظهرها.

فالسياسي، الرجل، لا يصاب بالحيرة كل صباح قبل ان يخرج لمواجهة العالم. وأقصى ما يُطالب به هو ان يختار بذلة زرقاء أو رمادية داكنة وربطة عنق كلاسيكية.

لكن العملية أكثر تعقيداً بالنسبة للمرأة، فهي إذا ارتدت بنطلوناً أو حتى تايوراً ستتهم بأنها خشنة ومسترجلة، وبالتالي، تنكرت لبنات جنسها وأنوثتها.

وإذا ارتدت فستاناً ناعماً، سينظر إليها على انها طرية وضعيفة وعاجزة عن الحسم والقيادة. وعليه، مهما أنكر الناس ان المظهر الخارجي لا يهم  .. الحقيقة انه يؤثر على الطريقة التي يقيّمون بها الآخرين، ولو بطريقة لا شعورية.