فاكهة الجريب فروت والفياجرا .. علاقة خطرة

الجريب فروت مصدر ممتاز لفيتامين سي، وجيد للألياف وفيتامين إيه
الجريب فروت مصدر ممتاز لفيتامين سي، وجيد للألياف وفيتامين إيه

الارتباط الوثيق بين الطبيب من جهة، وبين ما يتناوله المريض من أطعمة وغذاء أوسع من أن توضحه عبارات بسيطة.


لكن، وكما يُقال، يُمكن دوماً للغة أن تخدم في توضيح المقصود، ولعل استخدام كلمة “حيوية” هو أقل ما يُمكن به اختصار أهمية كامل تلك العلاقة بين طبيبك وغذائك.

ومنذ ستينيات القرن الماضي، وارتباط إرشادات الأطباء، وإشرافهم المباشر، في جانبي الوقاية والعلاج، على نوعية غذاء المرضى في ازدياد مطرد.

ومع ظهور دور الفيتامينات والمعادن في الحفاظ على صحة الإنسان، انفتح الباب وبدأ صدور الإرشادات الصحية في شأن الغذاء.

ومع دخول عوامل كالكولسترول والسكري والملح وزيادة الوزن في شأن أمراض القلب والدماغ وغيرهما، انفتح الباب أكثر.

ومع الإقبال العالمي على الأعشاب وأنواع من المنتجات النباتية الطبيعية، كوسيلة للوقاية من الأمراض أو لمعالجة ما أصاب الناس منها، انفتح الباب أكثر وأكثر.

لكن ما جعله مفتوحاً على أوسع مدى لمصراعيه هو دخول الدواء اليومي، كأساس في علاج الأمراض.

ولذا، أصبح جزءاً أساسياً، أو كما يجب أن يكون، بدء وتواصل ذلك الحوار بين المريض المراجع في العيادة وبين الطبيب حول الغذاء وهموم الطعام.

ولم يعد ذلك الحديث المتشعب والمهم يدور فقط في حجرات أطباء الأمراض الجهاز الهضمي، ولا أطباء السكري، ولا أطباء معالجة الحساسية والربو، بل مع أطباء القلب بشكل رئيسي.

وأصبحت رابطة القلب الأميركية، وغيرها من الهيئات المعنية بصحة القلب، تفرد أجزاء خاصة في نشراتها العلمية وإرشاداتها التطبيقية العلاجية على كيفية استفادة طبيب القلب من الغذاء في معالجة مرضاه والاطمئنان على فاعلية الأدوية التي يصفها لهم.

والفياجرا، وأخواتها، طيبات الذكر، أحد ما قدمه أطباء القلب وشرايينه من أدوية لمعالجة واحدة من أعقد المشكلات الصحية لدى الرجال، وأكثرها حساسية.

وكان أن تم اكتشاف هذه المجموعة من أدوية معالجة ضعف الانتصاب مبكراً، وتم في البدايات استخدامها لتوسيع شرايين القلب.

ولكن لاعتبارات وظروف تاريخية، أمكن استخدام أدوية أخرى في توفير تلك الخدمة لمنْ يشكون من تضييق الشرايين وتداعياتها على قدرات بذل المجهود البدني وتخفيف آلام الذبحة الصدرية.

وعادت الأمور إلى أطباء القلب في معالجة ضعف الانتصاب لاعتبار بالغ الأهمية.

وهو أن ضعف الانتصاب، في غالبية أحواله، ناجم عن مشكلة في الشرايين، ما يُعيق توفر تدفق الدم إلى العضو، وإتمام المحافظة على احتباس كميات من الدم فيه، إلى حين الفراغ من أداء العملية الجنسية.

ثم دخلت إشكالية أخرى أملت لزاماً على البعض مراجعة طبيب القلب عند وجود شكوى غير مبررة في الانتصاب.

ذلك أن الدراسات الطبية بدأت تتحدث عن حالة ضعف الانتصاب كمؤشر مبكر لاحتمال وجود مشكلة مستترة في الشرايين القلبية.

 ثم دخلنا على عوامل تأثير بعض من أدوية القلب على قدرات الانتصاب.

وبعد دخول الفياغرا، والسيالس والليفيترا، على خط الخدمة الطبية العلاجية، بدأ الحديث عن ضرورة الاطمئنان إلى سلامة تناول المرضى لها، وخاصة منهم من يتناولون أدوية قلبية أو لديهم أحد أمراض القلب، سواءً في الشرايين أو الصمامات أو العضلة.

وبين الغذاء والفياجرا، تظهر في الصورة فاكهة الجريب فروت.

والأمر لا علاقة باحتمال أن تُنافس الجريب فروت، الفياغرا في عملها كبديل لتحقيق غاية تنشيط الإنتصاب. لكن هو جانب مدى تعارض غذاء معين مع تأثير الدواء.

والجريب فروت أحد الفواكه، المحببة للبعض، والمفيد تناولها في تزويد الجسم بالعديد من العناصر الغذائية الفيتامينات والمعادن ومضادات الأكسدة، إضافة إلى كمية معتدلة من طاقة السعرات الحرارية (كالورى).

وهي مصدر ممتاز لفيتامين سي، وجيد للألياف وفيتامين إيه والبوتاسيم والفوليت فيتامين بي- 5. وهي غنية بالمواد المضادة للأكسدة من نوع لايكوبين، وبمواد بيكتين الخافضة للكولسترول، وبالأملاح المساهمة في تقليل نشوء حصوات الكلى، وغيرها من الفوائد الصحية المُرغبّة في تناولها.

إلا أن مصادر على الغذاء تعقب بعد سرد الفوائد الصحية لها والدراسات الدالة على ذلك، بضرورة استشارة الطبيب قبل البدء بتناولها.

والسبب الرئيسي هو احتمالات حصول تفاعلات سلبية ما بين المواد الموجودة في الغريب فروت وبين الأدوية التي قد يكون المرء يتناولها بشكل منتظم.

ومصدر تلك التفاعلات السلبية هو وجود مادة نارينغنين naringenin في فاكهة الجريب فروت.

وهي مادة تعمل على إبطاء عملية تخلص الكبد من بعض الأدوية، أي إتلافها لإخراجها من الجسم.

ولئن كانت تلك المجموعة من الأدوية تشمل أدوية خفض المناعة التي يتناولها منْ تمت لهم زراعة أحد الأعضاء، أو مرضى الأعصاب ممن يتناولون عقار تيغريتول أو زولوفت أو الفاليوم ومشتقاته، إلا أنه فيما يختص القلب منها فالعدد أكبر والنوعية أهم.

ومنها محاصرات الكالسيوم، مثل نيفيدبين لعلاج ارتفاع ضغط الدم، و فيراباميل لعلاج اضطرابات إيقاع نبض القلب، وعقار أميدرون لضبط إيقاع النبض، ومجموعة أدوية ستاتين، مثل زوكور وليبتور، لعلاج ارتفاع الكولسترول.

ما يزيد تناول الجريب فروت، من احتمالات حصول مضاعفات وجود نسبة عالية من هذه الأدوية في الدم وما يزيد أيضاً من احتمالات حصول تفاعلاتها العكسية.

الفياغرا، أحد الأدوية التي يتأثر تفاعل الجسم معها سلباً بالمواد الموجودة في الجريب فروت. ما يزيد من احتمالات حصول مضاعفات له في الجسم.

والنصيحة الطبية هي بتجنب تناول هذه الفاكهة من قبل منْ يتناولون تلك الأدوية العلاجية أو الترفيهية.

ولو تناول الإنسان عصيرها أو قطعها، فعليه الانتظار لمدة لا تقل عن 24 ساعة قبل تناول أحد الأدوية تلك.