ارتفاع ضغط الدم لدى الأطفال .. تشخيصه وعلاجه

أظهرت دراسة حديثة نشرت في منتصف شهر يوليو من العام الحالي ارتفاع عدد الأطفال المصابين بارتفاع ضغط الدم في الولايات المتحدة إلى ما يقرب من 800 ألف طفل، وهو بالطبع رقم كبير ويستدعي الاهتمام وبذل مزيد من الجهود للحد منه والوقاية من تبعاته. وعلى الرغم من أن الأعداد الكلية للأطفال المصابين بارتفاع ضغط الدم قد ارتفعت بالفعل، فإن نسبة الأطفال المصابين تناقصت بشكل واضح من 7.7 في المائة في عام 2001 إلى 4.2 في المائة فقط في عام 2016 في الأطفال من عمر 12 وحتى 19 عاماً.


تشخيص مبكر
أشارت الدراسة التي نشرت في التقرير الأسبوعي للحالة المرضية ونسبة الوفيات الخاص بكل مرض والتابع لمراكز مراقبة الأمراض والوقاية منها (CDC›s Morbidity and Mortality Weekly Report) في الولايات المتحدة، إلى أن سبب الزيادة في الأعداد على الرغم من انخفاض النسبة الكلية هو تغير التوصيات الخاصة بتشخيص ارتفاع ضغط الدم في الأطفال من قبل الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال (AAP)، التي قامت فيها بخفض تشخيص الإصابة بالمرض، بحيث يصبح الطفل الذي يتراوح عمره بين 12 و18 عاماً وقياس الضغط لديه 130/ 80 ملم زئبق، مصاباً بارتفاع الضغط بالفعل. وكانت هذه القراءات تعتبر طبيعية في السابق. والحال نفسها تنطبق على الفئة العمرية من 18 وحتى 19 عاماً.

ويتصف مرض ارتفاع ضغط الدم بخطورة بالغة لتأثيره بالغ الضرر على المدى الطويل على صحة القلب بشكل خاص وجميع أجهزة الجسم بشكل عام، وهو الأمر الذي تسبب في إطلاق اسم القاتل الصامت عليه، لأنه في الأغلب لا يسبب أعراضاً تلفت النظر إلى وجوده ولا يبدأ المريض في تناول العلاج إلا بعد فترات طويلة من حدوثه. وكلما كانت السيطرة عليه مبكرة زاد ذلك من صحة القلب ووقايته.

وأشارت الدراسة إلى أن التحسن الذي طرأ على نسبة الإصابة بارتفاع ضغط الدم في الأغلب يرجع إلى الالتزام بالنظم الغذائية الحديثة والصحية في الوقت ذاته، التي تعتمد بشكل أساسي على كميات أقل من الدهون التي تحتوي على كميات كبيرة من الكولسترول وأيضاً الإقلال من ملح الطعام (كلوريد الصوديوم) الذي يعتبر من العوامل الأساسية في رفع ضغط الدم. وفي المقابل أشارت الدراسة إلى أن البدانة من أهم العوامل التي لعبت دوراً في زيادة الأعداد المصابة من الأطفال، حيث زادت نسبة البدانة من 18 في المائة في عام 2001 إلى 22 في المائة في عام 2016.

عقاقير طبية
أوضحت الدراسة أن تناول الأدوية التي تقوم بخفض ضغط الدم أسهم إلى حد كبير في تقليل نسبة المرضى، وذلك خلافاً لتصور الآباء الذين يعتقدون أن أضرار تناول العقار الخافض للضغط في عمر مبكر والأعراض الجانبية للعلاج قد تتفوق على فوائده، وأن الطفل يختلف عن الشخص البالغ .

وكلما أمكن تجنب العلاج والاكتفاء باتباع نظام غذائي كانت النتيجة أفضل حتى يصل إلى العمر المناسب لتناول أدوية خفض الضغط. وهذه المعلومة على الرغم من تواترها بشكل كبير، فإنها غير علمية تماماً، وتكون السبب في تأخر عملية العلاج، وكلما بدأ العلاج مبكراً أمكن تجنب المضاعفات الخطيرة التي يمكن حدوثها جراء ارتفاع ضغط الدم مثل الأزمات القلبية والسكتة الدماغية وأمراض الكلى.

وحذرت الدراسة من أن الأعداد الكبيرة للأطفال الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم في بلد مثل الولايات المتحدة قد تكون مؤشراً لزيادة الأعداد في العالم بشكل عام، وأوصت بالحد من استهلاك ملح الطعام كلما أمكن، وهو الأمر الذي تم تنفيذه بالفعل في كثير من مطاعم المدارس. كما نصحت الدراسة بضرورة قياس ضغط الدم للأطفال بشكل دوري عند زيارة الطبيب، إذ إن ارتفاع الضغط في الأطفال في الأغلب لا يسبب أي أعراض.

وهذه النصيحة مهمة جداً للأطفال الذين لديهم معدل خطورة أكبر للإصابة مثل هؤلاء الذين لديهم تاريخ عائلي أو الذين يعانون من البدانة، وكذلك الأطفال مرضى السكري من النوع الثاني، وأيضاً الذين يعانون من ارتفاع نسبة الكولسترول بالدم، كما يجب أن يتم علاج الأمراض التي يمكن أن تتسبب على المدى الطويل في الإصابة بالضغط وبشكل خاص أمراض الكلى المزمنة، وأيضاً زيادة نشاط الغدة الدرقية وبعض الأدوية مثل الكورتيزون.

ويجب أن يطمئن الآباء بخصوص تناول العقاقير، خصوصاً أنها يمكن أن تكون لفترة مؤقتة فقط، وذلك في ارتفاع ضغط الدم الناتج عن أمراض أخرى secondary hypertension ويمكن بعدها الامتناع عن تناول العلاج بعد مراقبة جيدة لمستوى ضغط الدم، كما أن الأدوية الخافضة للضغط في الأغلب لا تسبب أعراضاً جانبية مزعجة للطفل، إذ إن هذه الأدوية يتناولها المريض بشكل دائم.

وفى حالة حدوث أعراض جانبية من العقار مثل تورم الساقين أو السعال باستمرار، خصوصاً أثناء الليل أو الصداع، يجب إبلاغ الطبيب حتى يتم تغيير نوع العلاج، إذ إن هناك كثيراً من عائلات العلاج الخاص بخفض الضغط. وفي النهاية، يمكن تجنب الإصابة قدر الإمكان باتباع الأساليب الصحية في الغذاء وخفض كميات الملح في طعام الأطفال على وجه التحديد، بحيث لا يزيد المتوسط اليومي على 1500 ملليغرام.

 ويجب أيضاً الابتعاد عن الأطعمة المحفوظة، لأنها تحتوي على كميات كبيرة من الصوديوم، كذلك لا بد من زيادة النشاط البدني باستمرار، وحث الأطفال على ممارسة الرياضة لمدة تتراوح بين 30 و60 دقيقة يومياً، وترك الألعاب الإلكترونية على أجهزة الكومبيوتر والهواتف الجوالة.