إرشادات للحوامل والأطفال عند تناول الأسماك

أصدرت إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA) قبل بضعة أيام تحديثها للإرشادات المتعلقة بتناول الأطفال والحوامل والمُرضعات للأسماك والحيوانات البحرية الأخرى، وذلك في توجه أكثر جدية نحو إيجاد نوع من التوازن بين الجهود الطبية الرامية إلى تقليل المخاطر الصحية الناجمة عن تراكم معدن الزئبق في الجسم من جانب، ولرفع مستوى تناول الأسماك الغنية بالبروتينات ودهون أوميغا - 3 Omega - 3 Fatty Acids ذات الجدوى والفوائد الصحية العالية من جانب آخر.


ومع ارتفاع الإصابات بأمراض القلب وارتفاع ضغط الدم والسمنة وغيره، تبقى لحوم الأسماك أحد أفضل الاختيارات الصحية في تزويد الجسم بالبروتينات والمعادن والفيتامينات وأنواع عالية الجودة من الدهون.

إرشادات جديدة
وأفادت الوكالة في إرشاداتها الحكومية الجديدة الصادرة في 18 يناير (كانون الثاني) الحالي أن جميع أنواع الأسماك والحيوانات البحرية في الولايات المتحدة تم تقسيمها من ناحية مدى سلامتها للحوامل والأطفال والمُرضعات إلى ثلاث فئات، كما أفادت أن فئة «الاختيارات الأفضل» Best Choices ضمت 62 نوعًا من الأسماك والحيوانات البحرية، وهو ما يُمثّل تقريبًا 90 في المائة من أنواع الأسماك والحيوانات البحرية التي يتم تناولها عادة في الولايات المتحدة، وفق ما أفادت به إدارة الغذاء والدواء الأميركية ووكالة حماية البيئة الأميركية EPA.

وأضافت الإدارة أن إرشاداتها تضمنت على وجه الخصوص حث الناس بالعموم على تناول حصتين أو ثلاث حصص غذائية من الأسماك والحيوانات البحرية من فئة «الاختيارات الأفضل» في كل أسبوع، وحثهم على تناول حصة غذائية واحدة من أنواع الأسماك التي تضمنتها فئة «الاختيارات الجيدة» Good Choices، وحثهم على عدم تناول أسماك فئة أسماك يجب تجنبها.

وقالت وكالة الغذاء والدواء الأميركية إن خمسين في المائة من النساء الحوامل يتناولن حاليًا أقل من أونصتين (الأونصة 29 غرامًا) من السمك أسبوعيًا، وهي كمية أقل بكثير من الكمية التي يُنصحون طبيًا بتناولها، على الرغم من أن لحوم الأسماك تُوفر فوائد غذائية جمّة لضمان سلامة النمو والتطور خلال فترة الحمل للأجنة وللأطفال في بدايات مراحل الطفولة.

وتتضمن «إرشادات التغذية للأميركيين 2015 - 2020» 2015 - 2020 Dietary Guidelines for Americans، الحث على تناول حصتين أو ثلاث حصص غذائية أسبوعيًا من الأسماك والحيوانات البحرية الأخرى المحتوية على مستويات متدنية من الزئبق، أي ما يُعادل تقريبًا ما بين 8 إلى 12 أونصة. وكمية 12 أونصة هو أعلى حد مسموح للحوامل بتناوله من الأسماك، أي نحو 340 غرامًا من لحم السمك. وللتوضيح فإن «حصة غذائية» من الأسماك تُعادل أربع أونصات، أي نحو 115 غرامًا، من لحوم الأسماك النيئة قبل الطهي.

فئات الأسماك
وتتضمن قائمة أنواع الأسماك من فئة «الاختيارات الأفضل»، ذات المحتوى المتدني من معدن الزئبق، بعض الأنواع الشائعة مثل الجمبري وسمك السلمون والتونا الخفيفة المُعلبّة وأسماك القد وسمك البلطي وسمك السلور. وتتضمن قائمة الأسماك من «الاختيارات الجيدة» التي يُنصح الحوامل بتناول حصة غذائية واحدة منها في الأسبوع السمك الأزرق والهامور وسمك الهلبوت المفلطح وسمك الباكور للتونا البيضاء.

وأفادت الإرشادات الجديدة أن الحصة الغذائية للشخص البالغ هي أربع أونصات من لحم السمك النيئ، والحصة الغذائية للطفل تكون أصغر من وزن الحصة الغذائية للشخص البالغ وفق مقدار عمره واحتياج جسمه اليومي من السعرات الحرارية، ومع هذا ذكرت الإرشادات أن الأطفال يُمكنهم تناول أنواع شتى من الأسماك مرة أو مرتين أسبوعيًا.

وعلّق الدكتور ستيفن أوستروف، نائب مفوض إدارة الأغذية والعقاقير للأغذية والطب البيطري في إدارة الغذاء والدواء الأميركية، بالقول «الأسماك مصدر غذائي مهم للبروتينات وغيرها من المواد الغذائية، وهي مهمة للأطفال وللشباب والنساء المُقبلات على الحمل، والإرشادات الجديدة بتفاصيلها توضح أن هناك تنوعًا واسعًا في الأسماك التي يُمكن تناولها بشكل آمن وتوفر أداة ممتازة للاختيار عند شراء الأسماك». وأضاف أن جميع أنواع الأسماك تحتوي على معدن الزئبق بنسب متفاوتة، والزئبق يضر بالدماغ والجهاز العصبي إذا استهلك بكميات كبيرة ولفترة طويلة. ويجب على النساء تجنب تناول أنواع معينة من الأسماك، مثل سمك القرش وسمك أبوسيف وسمك الماكريل، كما يجدر تجنب تناول جلد السمك. هذا وتحتاج كثير من مناطق العالم إلى دراسات مماثلة في تصنيف أنواع الأسماك المحلية في البحار المختلفة وفق مدى احتوائها على معدن الزئبق كي يسهل على الحوامل والوالدين انتقاء أنواع الأسماك الصحية.

فوائد للقلب
وكانت رابطة القلب الأميركية AHA قد أصدرت في أكتوبر (تشرين الأول) 2016 نشرتها الخاصة بالأسماك ودون «أوميغا - 3»، وقالت أن الأسماك هي مصدر غذائي جيد للبروتينات، وبخلاف اللحوم الأخرى، لا تحتوي لحوم الأسماك على كميات عالية من الدهون المشبعة Saturated Fat. والأسماك أيضًا مصدر جيد لدهون «أوميغا - 3»، وهي الدهون المفيدة للقلب لدى الناس الأصحاء وأيضًا لدى الناس الأعلى عُرضة للإصابة بأمراض القلب.

واضطرت البحوث والدراسات الطبية أن دهون «أوميغا - 3» تُقلل من احتمالات الإصابة بالأنواع عالية الخطورة من اضطرابات إيقاع نبض القلب Arrhythmias، وهي نوعية الاضطرابات التي قد تُؤدي إلى الوفاة المفاجئة.

ودهون «أوميغا - 3» تُقلل من نسبة الدهون الثلاثية Triglyceride الضار ارتفاع نسبتها في الدم، وتقلل أيضًا دهون «أوميغا - 3» من تراكم الشحوم والكولسترول في تضييقات الشرايين Atherosclerotic Plaque التي تنشأ في حالات تصلب الشرايين، كما أن لدهون «أوميغا - 3» تأثيرًا إيجابيًا في خفض ارتفاع ضغط الدم.

وتحت عنوان «توجه للسمك»، قالت رابطة القلب الأميركية إنها تنصح بتناول أنواع الأسماك، وخصوصًا الأسماك الدهنية الغنية بدهون «أوميغا - 3»، مرتين على أقل تقدير في كل أسبوع. وفي كل وجبة يجدر تناول حصتين غذائيتين، والحصة الغذائية من السمك المطهو تُعادل نحو ثلاثة أونصات ونصف الأونصة، ومن أنواع الأسماك الدهنية سمك السلمون والسردين والبلطي وغيره.

وهذا يُقدم للجسم كمية جيدة من دهون أوميغا - 3، ولكن في حالات طبية معينة، مثل ارتفاع نسبة الدهون الثلاثية في الدم، قد يتطلب الأمر تناول كميات أعلى منها، ربما من خلال الكبسولات الدوائية لدهون «أوميغا - 3»، بكمية تكون أقل من 3 غرامات في اليوم.

وقالت الرابطة إن الزئبق يتراكم بشكل أعلى في أنواع الأسماك الكبيرة في العمر، والكبيرة في الحجم، وفي منطقة جلد السمكة، ولدى الأنواع الثديية من الأسماك. وهناك إرشادات طبية حول تناول الأطفال والحوامل والمرضعات للأسماك، كما تقدم، وذلك لوقايتهم من احتمالات الإصابة بتراكم الزئبق في الجسم، وأضافت أن متوسطي العمر من الرجال أو الرجال الأكبر سنًا أو النساء اللواتي بلغن سن اليأس من المحيض، فإن فوائد تناول الأسماك تفوق احتمالات الضرر لمخاطر ذلك وفق ما تتضمنه إرشادات التغذية الصحية، وتناول تشكيلة متنوعة من أنواع الأسماك المختلفة يُقلل من احتمالات الإصابة بتراكم المواد الضارة التي قد يتلوث بها لحم الأسماك، والتي منها الزئبق.