شراء الشقق في بنايات بلا مصاعد .. صفقات تستحق العناء

أصبحت الشقق الموجودة في الطوابق العليا بالعمارات التي لا تحتوي على مصاعد من الصفقات الجيدة في سوق العقارات
أصبحت الشقق الموجودة في الطوابق العليا بالعمارات التي لا تحتوي على مصاعد من الصفقات الجيدة في سوق العقارات

بعد أن أصبحت محط أنظار مقتنصي العقارات الأميركية
يجمع العيش في شقة بالطابق العلوي بإحدى عمارات نيويورك التي لا توجد بها مصاعد العديد من المميزات والعيوب. هناك، بالتأكيد، الكثير من الدرجات على المرء أن يصعدها، والرعب عندما تنظر من أعلى وتتأمل الأطفال والأمتعة وقطع الاثاث على مرمى بصرك.


ولكن لا يقتصر الأمر على ذلك، فقد أصبحت الشقق الموجودة في الطوابق العليا بالعمارات التي لا تحتوي على مصاعد من الصفقات الجيدة في سوق العقارات في الوقت الحالي، فهي شقق هادئة يغمرها الضوء ومن خلالها يمكن النظر إلى المدينة، لا سيما إذا كانت ترتفع عن البنايات المجاورة. وفي بعض الأحيان، تكون هناك ردهة يمكن أن تصبح غرفة معيشة ترى منها السماء مباشرة.

يقول جوناثان ميلر، وهو رئيس شركة ميلر صامويل للتقييم العقاري: «عندما تكون هناك منافسة كبيرة بسبب كثرة العرض، تكون هناك مشكلة في تحديد سعر أي شقة بها عيب – كأن تكون في الطابق الخامس أو ستحتاج إلى تكلفة صيانة باهظة - ويعني هذا أن المشتري قد يحصل على صفقة جيدة».

ويضيف ميلر أن أسعار الشقق الموجودة في الطوابق العليا بعمارات بلا مصاعد متقلبة، فهي تقل في السوق الضعيف وترتفع بنسبة كبيرة عندما يكون من الصعب الحصول على شقة من هذا النوع. ويقول ميلر: «وقد تقضي وقتا طويلا حتى تتمكن من بيع شقة من هذا النوع».

وبصورة عامة، كلما كانت الشقة ببناية بلا مصعد موجودة في طابق أعلى، كان سعرها أرخص. وخلال العام الماضي كان متوسط أسعار الشقق في الطابق الأول بعمارات بلا مصاعد يبلغ 680.940 دولارا مقابل 515.723 دولارا للوحدة في الطابق الخامس، أي أقل بمقدار نحو 24 في المائة. ولكن بالنسبة للشقق الموجودة في الطوابق العليا ولا توجد مساحة خارج الشقة كان السعر يبلغ في المتوسط 381.329 دولارا، أي أقل بمقدار 44 في المائة عن شقق الدور الأول.

(وقد يكون الطابق الرابع صفقة ممتازة في البنايات التي تحتوي على مساحة خارج الشقة في الدور الخامس، ويبلغ سعر الشقة في الطابق الرابع 481.276 دولارا في المتوسط). وعادة يكون قاطنو الشقق في الطوابق العليا شبابا.

ويقول بعض السماسرة إن الشقق في الطوابق العليا والتي لا يوجد شيء فوقها تجذب العائلات التي تضم أطفالا صغارا وبعض المتقاعدين الذين ما زالوا يتمتعون ببنية جيدة ويحبون المحافظة على لياقتهم.

وبصورة عامة فهناك فئتان من المشترين: من يشتري شقة لأول مرة وإمكاناته المالية محدودة وهذا يريد أي شقة بغض النظر عن مواصفاتها، ومن يريد أن يعيش في شقة ذات مواصفات معينة. يقول ماريغو غرينر، وهو نائب رئيس شركة « باراك ريالتي»: « تتعامل الفئة الأولى مع هذه الشقق كمرحلة مؤقتة حتى يمكنهم الانتقال إلى أخرى أكبر في بناية بها مصعد، بينما من المحتمل أن يبقى من هم ضمن الفئة الثانية في الشقة لمدة أطول».

وفي الواقع، على الرغم من أن الشقق الموجودة في الطابق الخامس تمثل 20 في المائة من شقق العمارات التي لا تحتوي على مصاعد، فهي تمثل 11 في المائة من حجم المبيعات التي سجلت خلال العام الماضي.

ويعود ميلر للقول: «الإقبال على هذه الشقق أقل مقارنة بوتيرة المبيعات بشكل إجمالي. ولذا لا يميل من يشتري هذه الشقق إلى البيع ويحبون أن يظلوا هناك». فعلى سبيل المثال، ظل أحد الفنانين يعيش في شقته التي كانت في الطابق العلوي بإحدى العمارات في إيست فيلدج لمدة 25 عاما. ويقول ستيفين برون، وهو عميل بشركة «هالستيد بروبرتي»: ظل الرجل وزوجته في الشقة ولا يريدان الرحيل مطلقا، وكان السبب الوحيد وراء رحليها هو انتقالهما للعيش في كوستاريكا».

ولا يعرف كاتي نيكس وفينسنت نجويان إذا ما كان العيش في الطابق الخامس من بناية بلا مصعد قد بات جزءا من تركيبتهما الجينية، ولكن يشعرن بالسعادة بهذه الشقة التي انتقلا لها العام الماضي في أنوود، حيث يمكنهما النظر إلى حديقة «فورت تريون».

كان الاثنان يبحثان عن شقة في الطابق العلوي لأنهما لا يحبان العيش تحت سكن أي شخص، حيث تقول نيكس، وهي رسَّامة تبلغ من العمر 30 عاما: إن مَن كانوا يقطنون أعلى منهم في البناية السابقة كانوا يقيمون حفلات بصورة مستمرة تظل حتى السادسة صباحا، وكانا يسمعان صوت الطبل والغناء والرقص.

ويشعر الاثنان بالسعادة في الوقت الحالي بسبب الهدوء الذي ينعمان به في الطابق الخامس، خاصة ان حجرة النوم لا تلاصق حائط أي شقة أخرى. وتقول نيكس: « يمكننا مشاهدة الأشجار والطيور في الحديقة ولا يوجد من يمشي فوق رؤوسنا».

ولا تمثل السلالم مشكلة للاثنين، ولكن تقول نيكس إنه عندما يأتي والداها من لويزيانا لزيارتها لا يستطيعان الصعود إلى الشقة مباشرة ويضطران إلى التوقف في الطابق الثالث لبعض الراحة ثم يستأنفان صعودهما.

وتضيف: «المشكلة هي أنهما لم يتعودا على هذا، وسيكون الأمر مختلفا عندما تمشي لمسافات طويلة كما نقوم في مدينة نيويورك، فنحن نصعد ونهبط على العديد من درجات الدرج في محطات المترو. لم يعد هناك اختلاف كبير بالنسبة لنا».

وتقول هاتيشا سيمث، وهي السمسارة التي اشترت لهما الشقة وهي تعمل في شركة «كولدويل بانكر برفيوز، كان غريبا أن يطلب الاثنان (نيكس ونجويان) شقة بالطابق العلوي في بناية لا يوجد بها مصعد».

ولكن كان هذا الأمر مفيدا لهما، فعادة ما يمكن التفاوض بشأن سعر هذه الشقق، فالبائعون يعلمون أن سعر مثل هذه الشقق يجب أن يكون في إطار معين بسبب الدرج». وقد دفع نيكس ونجويان 385.000 دولار مقابل هذه الشقة.

وتتكلف المساحة المماثلة في بناية بها مصعد أكثر من ذلك بمقدار 10- 20 في المائة. ويقول بعض السماسرة إنه قد تكون التكلفة القليلة للشقق الموجودة في الطابق الخامس بالعمارات التي لا توجد بها مصاعد مقارنة بالشقق الموجودة في الطوابق الأولى هي السبب الذي يدفع الملاك إلى إنفاق المال على عمليات التجديد.

وتقول جرينر من شركة باراك ريالتي: «يعلم الملاك أنه عند بيع هذه الشقق يجب أن يقوموا بتجديد وترميم هذه الشقق، لأنه في وجود السلالم كعيب يجب أن يكون كل شيء آخر كاملا وتاما». وعندما اشترت لورا سترن شقتها التي تحتوي على غرفة نوم واحدة والموجودة في الطابق الخامس منذ ثلاث سنوات، كانت تعرف أنها ستحتاج إلى تغيير الحوائط.

وتقول سترن، وهي حاصلة على شهادة علمية في مجال العمارة: « كان بعض أصدقائي يرون أني لم أوفَّق في هذه الشقة، ولكني قمت بتجديد الشقة بحيث تكون بها منافذ للضوء». ويقول جون فرنزر، وهو سمسار بـ« هالستيد» ابتاع لها الشقة، إن سترن قد أضفت عليها «مسحة فنية تجعلك تشعر بأنها شقة في وسط المدينة وليس مجرد شقة في «آبر ويست سيد».

وبتردد تخطط سترن لبيع الشقة بعد تجديد الحمام بها لأن عليها أن تنتقل بسبب عملها لصالح إحدى المنظمات الخيرية. وتقول: «من الصعب أن أترك هذا المكان، وهذا شيء مدهش لكونها في الطابق الخامس».

وتعود معظم البنايات التي لا تحتوي على مصاعد إلى نهايات القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، وهي في الأغلب تتكون من أربعة أو خمسة طوابق. ومنذ عام 1968، طلب مجلس المدينة أن تحتوي البنايات التي تتكون من خمسة طوابق فأكثر على مصاعد. ولكن وفق بعض اللوائح، يمكن بناء بناية تحتوي على خمسة طوابق دون أن يكون بها مصعد.

ويقول بعض السماسرة إن بعض المقاولين في ويليامبرغ، بحي بروكلين في مدينة نيويورك، قد حصلوا على موافقة ببناء عمارات تتكون من خمسة طوابق ولا توجد بها مصاعد شرط أن يكون ارتفاع السقف لا يتجاوز ثمانية أقدام.

ويقول روبرتو جونزالز، وهو سمسار في «بوند نيويورك» إن وجود مصاعد في العمارات المكونة من خمسة طوابق يعني «تكلفة أعلى». وأضاف: «يقوم المقاولون ببناء عمارات لا تحتوي على مصاعد لأنهم يريدون ضمان القدرة على المنافسة والاستفادة من المساحة التي سيشغلها مكان المصعد».

ويقول ديفيد كازيمي، وهو نائب رئيس «بوند نيويورك» إن العمارات التي لا تحتوي على مصاعد لا تضايق الكثيرين من الشباب المهنيين الذين يودّون العيش في ويليامبرغ. ويضيف كازيمي: «يفضل الكثيرون هذه العمارات لأنهم لا يريدون عمارات فخمة ذات سعر أعلى».

وقد انتقل ويسلي بوليسيك ومعه صديقته تاتيانا ترسيك لشقة في الطابق العلوي بإحدى البنايات التي لا توجد بها مصاعد لأنهما يريدان العيش في الجو الدافئ الذي تتسم به البنايات الصغيرة. ويقول بوليسيك: «لا أريد أن أعيش في بناية ضخمة توجد بها المئات من الوحدات الأخرى.

يقبل الكثيرون على العمارات الفخمة التي يوجد بها بوّاب ومصعد، ولكني أريد أن تذهب نقودي إلى الشقة التي أعيش فيها مباشرة وليس هذه الأمور الأخرى، التي لا تعد من الضروريات في رأيي».

وقد اختار الاثنان شقة مكونة من طابقين مقابل 600 الف دولار وتوجد بها شرفة داخلية في غرفة المعيشة، كما تطل الشقة على العديد من المناظر الرائعة في ميد تاون مانهاتن ومانهاتن السفلى. ويقول بوليسيك انهما ظلا يبحثان عن شقة في المدينة لمدة عام تقريبا ويعرفان أن هناك شققا مشابهة في مانهاتن قد تكلفهم ضعف هذه المبلغ. ويشعر بوليسيك بالسعادة «لأنه يستطيع الآن أن يرى السماء الزرقاء وهو في غرفة النوم» ويقول: «أشعر وكأنني في نزهة».

ويقول من يعيشون في الطابق العلوي بالعمارات التي لا توجد بها مصاعد أنهم يقومون ببعض الأمور حتى يتكيفوا مع صعود الدرج بشكل يومي. وتقول سترن إنها تعلمت ألا تركز على عدد درجات الدرج التي تصعد عليها، «ما هو أفضل هو أنني كنت أركز على ما أسعى إليه وأركز على العودة إلى شقتي».

ويتخلى من يعيشون في هذه الطوابق عن شراء كميات من الأشياء مرة واحدة ويشترون كميات أقل ولكن بصورة متكررة، وعند شراء أشياء كبيرة يلجأون إلى خدمة التوصيل إلى المنازل.

من جانبه يعود جونزالز، الذي يعمل سمسارا في « بوند»، للقول إنه اشترى شقة لنفسه في الطابق الخامس ببناية دون مصعد في ويليامبرج ويرى أن هذا الأمر قد علمه كيف يكون أكثر نظاما حتى لا يكون عليه أن يصعد ويهبط مرات كثيرة بسبب نسيانه بعض الأشياء. ويقول جونزالز: «قبل أن أغادر الشقة أردد: المال – المفاتيح – التليفون، لأنني لا أريد نسيان أي منها».

ويضيف: إن الشيء الذي يوليه اهتماما هو القمامة. ويقول: «اتأكد من أنها جاهزة قبل النزول، فلا أريد العودة إلى الشقة بعد مغادرتها». وبعد قضاء أسبوع في تجديد مطبخ الشقة مع صديق له، يقول نجويان: «لو كنت أعرف كل ما علينا القيام به، لطلبت من أحد الفنيين القيام به مقابل أجر».

ويقول جونزالز: إن أفضل شيء في الإقامة في بناية بلا مصعد هو الوصول إلى البيت بعد يوم طويل. «عندما تفتح الباب وتكون هناك مساحة رائعة ذات تهوية جيدة ويمكنك منها رؤية الأشجار، تشعر بالإنجاز، وتشعر بالسعادة لأنك وصلت إلى مقصدك».